رسائل جاسم المطير (21) إلى السيد مدرب الملاكمة في نادي البرلمان العراقي..
بقلم : جاسم المطير
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يشير الفحص الموضوعي الدقيق لنظامكم البرلماني العراقي الديمقراطي إلى عدم استقرار العطاء السياسي  في زمان  مشحون بشجار دائم ناتج عن خلاف كتلوي – طائفي دائم.  شجار وخلاف يجعلان غالبية النواب  بحالة من التعب النفسي والجسدي ، أي في  حالة تطور مستمر من الاضطراب في العلاقات السياسية،  والتشنج المذهبي والمخاوف الأثنية،  بديلا عن التسامح والتنازلات السياسية المتبادلة.  

جالسون في (المنطقة الخضراء)  ظانين أنهم متحصنين في (جنة عدن) التي انزل الله النبي آدم فيها ، أو يظنون  انها المنطقة، التي رست فيها سفينة نوح بعد الطوفان .. كل واحد منهم يريد البقاء فيها الى الابد حتى صار مشاهدو التلفزيون الفضائي، يومياً، استخدام الشتائم المتبادلة بين النواب والنائبات..  كل واحد منهم أو منهن  يخطب ضد الثاني بلغةٍ عربيةٍ متلعثمةٍ ومكسرة وخاطئة في النصب والجر والرفع. كثير منهم ينفعل بألفاظ (اللهجة العامية) بزعيق عالي النبرة وهو لا يجد في ذلك عيبا ً كأنما الانسان العراقي يعيش الان في زمن اللاحب واللا احترام،  صار النائب لا يحب الا نفسه .  كل واحد لا يحب  شيئا اكثر من (الموبايل) ولا يريد الا الظهور، ليلا ونهاراً، على (الشاشة الفضائية).  الموبايل والفضائية بنظرهم هما علامات  (المستقبل الديمقراطي) و علامات (المظهر الارستقراطي).

لا ينتعش الحوار بين النواب والنائبات الا من خلال فضائح الفساد والفاسدين  ونشر الغسيل المتبادل على ( الحبال الفضائية) حتى صار اكثر النواب نموذجا مثالياً في الثرثرة والغرور. كثير من النائبات يعتقدن بأن الله خلقهن مختلفات عن بقية النساء العراقيات المعروفات بالطيبة .. وغيرهن يعتقدن انهن (اجمل)  من كل النساء في العالم كله.

من هنا كان (الشجار النيابي) و(الاختلاف النيابي) عاملاً رئيسياً في إدراك  بعض النواب العراقيين ان (الملاكمة البرلمانية) هي النموذج الامثل للتغيير السياسي والقانوني لتعزيز وجوده داخل البرلمان ، وهو الوجود  الذي يثمر مالاً وفيراً لا يستطيع الناخبون التعساء ولا النواب الآخرون ان يهزّوا عرشه..!

صار التوفيق بين وجهتي نظر نيابتين مختلفتين امراً مستحيلا  إلا بأسلوب ( الملاكمة)  حتى في أثناء مناقشة طرق وأساليب  تطويق الوجود الارهابي لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) على الارض العراقية،  بل ان  كثيراً من (الملاكمين البرلمانيين)  يعتقدون اعتقادا جازما ان  (الملاكمة النيابية)  ذات قيمة وفائدة اكبر واهم م من  قيمة وفوائد الطائرات والمقاتلات والحوامات والدبابات في الانتصار على مقدرة داعش التسليحية وعلى ملكيتها الوسائل الجرمية والارهابية..!

ان الملاكمة البرلمانية ، أيها السيد المدرب المحترم،  أصبحت، كما يبدو،  امراً وحيداً  لتسريع اداء  البرلمان العراقي وتطبيق برنامجه الديمقراطي بعد  تأخر تنفيذه ،بسبب انخفاض اسعار النفط وتكاليف الحرب  لعراقية على الارهاب ، خاصة بعد ان اثبت البرلمانيون العراقيون عن كفاءات سياسية متحققة بتقنيات ذات منظور المحاصصة الاستراتيجية في كل شيء ، وفي كل خطوة ، وفي كل مظهر، بما فيها اكتمال فرص المحاصصة في الملابس الشعبية الرمزية  حتى غدا البرلمان معرضاً مثالياً في تقديم اشكال متعددة من الموضات ابتداء من العمائم البيضاء والسوداء والجراوية والكوفية والعقال ،الكوفيات البيضاء والحمراء والزرقاء ،وانتهاء بأحدث موديلات الملابس والاربطة اللماعة واحدث موديلات العباية  الخليجية  وحجابات الرؤوس النسائية. مما يؤكد حتمية ظهور نجوم رياضيين يستطيعون اخراج البرلمان من الفوضى والتخلف ويضع (الملاكمة البرلمانية ) بمكانة مجيدة في العلاقات البرلمانية المستقبلية.

ليس هناك ،حتى الآن، دراسات علمية او قانونية عن اسباب استخدام (الملاكمة) في حل الخلافات بين بعض البرلمانيين العراقيين ، ولماذا يصر جنابكم يا مدير الملاكمة،  على  فرض (السلطة الذكورية) في مباريات (الملاكمة البرلمانية) وعدم تقبل النائبات كشريكات متساويات معهم في  استخدام (البوكسات)،  خاصة وان هناك الكثير من النائبات يحرصن كل الحرص على ممارسة الديمقراطية الشتائمية في تصريحاتهن التلفزيونية وانهن يتلقين التشجيع والدعم لمتابعة تدريبهن على استخدام ( البوابيج) في المستقبل القريب إنشاء الله..!

لا أدري هل ان التفاعل بين (الخطط التدريبية ) في رياضة (الملاكمة ) وبين نظام (المعايير البرلمانية)  يخدم (القيم الثقافية) وهل  ترفع من مستوى العطاء البرلماني العراقي..؟  هل يمكن القول انه نجاح كبير ان يتحول النواب الملاكمون من (اقلية ضئيلة) جدا الى ( مجموعة) من (نخبة برلمانية)  تؤثر، تدريجياً،  في تحويل السلوك البرلماني في بلادنا من اداء غير مقبول الى اداء انتاجي لتغيير مجتمعنا العراقي ووضعه في طريق التقدم والتنمية..!

ننتظر نتائج محاولاتكم، ايها السيد المدير، في الجولة الثانية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بصرة لاهاي في 1 – 6 – 2015

  كتب بتأريخ :  الخميس 04-06-2015     عدد القراء :  1887       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced