رسائل جاسم المطير (47) مظاهرات ساحة التحرير جدارة واستحقاق..
بقلم : جاسم المطير
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

منذ اربعة اشهر تتواصل المظاهرات، في ساحة التحرير ببغداد، وفي مختلف شوارع المدن العراقية الاخرى، كاشفة القبح السياسي والفساد المالي والبؤس الاجتماعي والفقر وشقاء الأطفال والنساء وانعدام الشروط الإنسانية المناسبة للمعيشة الكريمة. لكن الواضح أن الحكام العراقيين والمسئولين وضعوا المزيد من الحديد والاسلاك الشائكة والمصدات الاسمنتية  لكي لا يروا المتظاهرين، ولا يسمعوا اصواتهم ، كأنهم مصرون على البقاء في مكان موحش وعدائي اسمه (المنطقة الخضراء).

علّمنا التاريخ العراقي الحديث  أن الحكّام لا يرون في  مظاهرات صوت الشعب وعلو صوته  غير (شر مطلق) سواء كان الصوت يقال سراً، كما كان  حال الناس  يتهامسون تحت حراب صدام حسين، أو كما هي نداءات المتظاهرين ،في هذه الايام،  بنبرةٍ عالية،  مطالبين بأبسط حقوق العيش الإنساني في زمن تظل  فيه عيون الحكام مترعة بالدهشة وبالغدر وبمحاولات اعادة العراق الى نظام الغابة تلطخ نفسها من جديد بجرائم الاعتقال، وضرب المتظاهرين المعتقلين، وتعذيبهم، كما جرى في مظاهرة يوم الجمعة  13 – 11 – 2015 حين رفضت أصوات المتظاهرين المتصاعدة أمام أحد أبواب (المنطقة الخضراء) التي لا شجاعة سياسية فيها ولا أخلاق في ذاكرتها.

ملء حشود المتظاهرين  يمتد كمياً و يتطور نوعياً (جمعة بعد جمعة).  كانت مظاهرات العراقيين ،طيلة مائة عام سابقة،  ترفل بالطلبة والكادحين من العمال والفلاحين والعاطلين عن العمل، لكنهم ليسوا بعيدين عن حقوقهم الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والتعبير عن وعيٍ سياسيٍ عالٍ، ابتداء من مظاهرة عام 1929 مروراً بمظاهرات وثبة كانون في الأربعينات ووثبات تشرين في الخمسينات وليس انتهاء بمظاهرات عام 1991 وثورة الجنود والفلاحين فيها.

أما مظاهرات هذه الأيام فقد تجلى فيها اشتراك شفيف السنا  في شعاراتها واناشيدها وفي هتافاتها .

إلى جانب العمال والطلاب والفلاحين، المتظاهرين والعاطلين عن العمل، فأنهم لم ولن يظلوا وحيدين.  يشترك معهم بالحراك، مثقفون متواضعون ،مهندسون لطفاء ،اطباء يشعرون بأمراض الانسان والدولة، رجال سياسة حقيقيون يعتبرون المواطن ظهيراً للدولة والدولة الديمقراطية الحقيقية ظهيراً للمواطن. كما تشترك المرأة بصوتٍ عالٍ ضد اخفاق الدولة الجديدة في توفير حقوقها الانسانية الوجدانية.

أنا مسرور ،مثل غيري من ابناء الشعب، حين نشاهد الشاعر (إبراهيم الخياط) يتفوّق في ساحة التحرير على الأحاسيس الباردة للوزراء والنواب، الذين اثبتوا خلال 12 عاماً أنهم لا يريدون تغيير ما بأنفسهم.  

أنا مسرور، مثل غيري من المواطنين، حين نرى المناضلة (خيال محمد مهدي الجواهري) تهتف بشعورها الإنساني عن ضياع حقوق الانسان العراقي، الذي أصبح منطوياً على آلامه.

أنا مسرور جداً ،مثل غيري، حين نرى المناضل (رائد فهمي) يعبّر عن أصالة النضال في وقوفه متظاهراً تحت نصب جواد سليم لمواجهة أزمات الدولة مع المتظاهرين في ساحة التحرير، وليس في مكاتب الوزارة العراقية.

أنا مسرور، مثل غيري من العراقيين، حين نرى المناضل (جاسم الحلفي) رافعاً صوته من على منصة ساحة التحرير ،مساهماً في صياغة نظرة الجماهير الشعبية لمستقبلهم.

أنا مسرور جداً حين أرى الفنانة الممثلة (اسيا كمال) تصوّر تجربةً إنسانيةً جديدةً بساحة التحرير، بالتعبير عن مطالب وحقوق جيل كامل من المواطنين العراقيين.

أنا مسرور جداً حين أرى المخرج السينمائي (محمد الدراجي) يضع نفسه وصوته وفنونه أساساً لإقامة مجتمع مدني إنساني، جديد وحر،  في بلاد الرافدين.

لا استغرب  سروري حين أرى الشاعر (احمد عبد الحسين) واضعاً نفسه في البيئة النضالية للشعب العراقي المحتاج إلى أصوات الشعراء ولوحات الفنانين  جميعهم.

يستمر سروري أكثر وأكثر حين أرى أو اسمع أو أقرأ ما يقوله في المظاهرات أو عنها قمم وطنية شامخة ،حول القدرة الوطنية السلمية للمتظاهرين، من أمثال ضياء الشكرجي، وحسين درويش العادلي، وغالب الشابندر ،فأنهم يستنزلون اللعنات على كل من آذى شعبنا وجعل وطننا يعاني من سوء المصير.

موضوع التظاهر لن يتوقف حتماً طالما صار جزءاً من نشاط وفعاليات الكتـّاب والصحفيين والفنانين والشعراء والموسيقيين والمغنين والرسامين والنحاتين ، يشاركون العمال والفلاحين والكادحين ،من الرجال والنساء العراقيين، من الذين تمتلأ  نفوسهم يقيناً واقتناعاً أن حال العراق سيتغير حتماً إلى حال الدولة المدنية الديمقراطية.  كما أن أصوات المتظاهرين المطالبين بالإصلاح وانقاذ البلاد من المفسدين ومن جرائم الدواعش ستكون قادرة على تطهير بلادنا من كل نموذج اخلاقي شرير.

مظاهرات ساحة التحرير ، بقوتها وتناميها، قادرة على نزع اللثام عن وجوه اصطلى شعبنا بنيرانها ،منذ اكثر من 12 عاما، وهي لا تريد الحرية،  ،لا تريد الجمال أن يشع في بلادنا . لكن النصر سيحققه شعبنا  على كل شرير، ومهرب، وفاسد، وسارق للمال العام وثرواته النفطية  .

لا بد أن يستعيد شعبنا كرامته ويقظته واعتزازه بتاريخه كلما مضى قطار المظاهرات على سكة العدل والسلم إلى أمام.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-11-2015     عدد القراء :  1830       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced