رحيل الابخازي الحالم ... فاضل اسكندر
بقلم : عبد الله حبه
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

فاضل اسكندر

توفي بموسكو في 31 يوليو الماضي عن عمر يناهز 87 عاما أحد الكتاب البارزين في العهد السوفيتي، وهو فاضل اسكندر ابن الشعب الابخازي الذي كان يعيش دوما في كنف ثقافة شعبه واساطيره بالرغم من وجوده بعيدا عنه. لقد ذاع صيته منذ ان نشر روايته الأولى " ساندرو من تشيغيم" ذات السمة الاسطورية التي جذبت اهتمام القراء وترجمت الى عشرات اللغات. وبسبب هذه الرواية يوصف بأنه "ماركيز الابخازي". وكانت أخر رواية له هي " الثعبان والارانب" التي انتقد فيها فترة البيريستروكا في ايام غورباتشوف والتي اعقبها انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد ترجمها الى العربية خيري الضامن ، ولكنها لم تنشر إلا في وقت لاحق في موسكو بمبادرة من كاتب هذه السطور.

نظم فاضل اسكندر مارس الشعر وكتابة الرواية والكتب التي ضمنها افكاره الفلسفية المستقاة من تراث شعب الابخاز ( الاباظيين) التاريخي ، وصوّر فيها عالمه الفلسفي الخاص. إنه كاتب- فيلسوف مثل تولستوي ودوستويفسكي وبولغاكوف ويضع رؤيته للحياة في قالب فني ابداعي. علما انه كتب جميع اعماله باللغة الروسية، كما فعل ذلك زميله في الابداع الكاتب القيرغيزي جنكيز ايتماتوف. إن تأثير الادباء الروس فيه يبدو واضحا في اسلوبه الساخر ووضوح افكاره والنزعة الانسانية القوية التي ترفض جميع اشكال العنف الجسدي والمعنوي. فكتب يقول حول وضع الانسان في هذه الأيام قائلا" ان الانسان المعاصر يشعر بعدم ثبات كل ما حوله. ولديه إحساس بأن كل شئ سينهار ، لكنه يصمد بالرغم من كل شئ ".

وقد أبدع في أعماله في وصف التقلبات الحادة التي شهدها المجتمع السوفيتي في الفترة الستالينية وما بعدها وتأثيرها في أخلاقيات البشر ونظرتهم الى الحياة.

ولد فاضل اسكندر في 6 مارس 1929 في مدينة سوخومي الابخازية، وكان والده ايرانيا وأمه ابخازية. وفي فترة القمع الستالينية ابعد والده في عام 1938 عن البلاد. ومنذ ذلك الوقت لم يعرف الكاتب مصير أبيه. وتولى تربيته اقارب أمه في قرية تشيغيم التي تشبع فيها بروح الاساطير والحكايات الابخازية. وبعد التخرج من المدرسة الثانوية في سوخومي، إلتحق في موسكو بمعهد المكتبات ثم انتقل بعد بروز مواهبه الادبية الى معهد غوركي للأدب. وتخرج منه في عام 1954. ثم عمل في الصحافة في كورسك وبريانسك. وفي عام 1950 تولى ادراة الشعبة الابخازية في دار النشر "غوس ايزدات"، وواصل العمل فيها حتى عام 1990.

أصدر مجموعته الشعرية الاولى بعنوان " الدروب الجبلية " في سوخومي في عام 1957 ، ومن ثم تحول الى كتابة النثر في عام 1962. فأصدر روايته "مجرة الجدي" التي نشرت في مجلة " نوفي مير " في عام 1966. لكن ابرز أعماله الروائية ذات السمة الملحمية والخيالية هي " ساندرو من تشيغيم " و" طفولة تشيك" و" الثعابين والارانب " . كما اكتسبت الشهرة رواياته " الانسان وما حواليه" و" الفالس المدرسي" و" الشاعر " و" صوفيتشكا" ومجموعاته القصصية " مأثرة هرقل الثالثة عشرة " و" البداية " و" الديك " و" قصة البحر" و" الجد " وغيرها. ويتميز نثر فاضل اسكندر بغزارة الخيال. وهو يفضل التحدث باسم المتكلم وكأنه يشارك في الاحداث. ولا تخلو جميع اعماله من المزح والتلميحات الساخرة.

يحب فاضل اسكندر كتابة اقواله الفلسفية الكثيرة التي تعتبر بمثابة حكم وأمثال ومنها: " ان الانسان لا يستطيع إحراق كل ما يعبده ، ولايمكن ان يتخلى عن ذاته ويصبح انسانا آخر. فهو لا يستطيع ان يصبح إنسانا آخر. أنه يفتقر الى القوة من اجل بناء الصرح الجديد لحياته . واذا ما تخلى عما يوجد لديه فمعناه فقدان كل شئ". وقال أيضا " ان روسيا بأسرها هي- هاملت يغني". اما " الروح الوطنية فهي المسرح الذي يدخله الجمهور بلا تذاكر. وتتوفر الفرصة لدى كل مشاهد لكي يصبح ممثلا. ولهذا بالذات يذهب بعض الناس الى هناك ، اما البعض الأخر فيستحي ويمضي بعيدا عنه ".

وقال " لقد تحول الصراع الطبقي اليوم الى صراع صناديق دفع النقود. وانتقلنا من لائحة حقوق الانسان الى ديكورات حقوق الانسان ". وان " السياسة والضمير لا يتفقان ". و" المجتمع المثالي مستحيل لأن الانسان بحد ذاتي غير مثالي". و"نحن ضللنا الطريق بعد ماركس باعتبار ان الاقتصاد هو الاساس، اما البقية الباقية فهي البنية الفوقية. ان خبرة البشرية خلال الآف السنين وجميع الاديان العالمية تؤكد العكس تماما : فالضمير بالذات هو الأساس ، اما الاقتصاد فهو احد العناصر الهامة للبنية الفوقية".

وقال حول الادب المعاصر " ان النساء يتولين المركز القيادي في النثر المعاصر، فهن يكتبن الروايات البوليسية. وهذا أمر غير جاد. انهن يتعاملن مع القراء كما يتعاملن مع ازواجهن: فالمهم ليس ان يفهم القارئ، بل ان يخلق المزاج له". وقال عن النساء " أن اثمن شئ يستحق التقدير لدى النساء هو الحياء. فهذا شئ جميل. وأساس الانوثة هو ليس المظهر الخارجي، بل مشاعر الخجل الانثوية والتعاطف مع الآخرين ".

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 03-08-2016     عدد القراء :  2124       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced