العراق في غمرة حربه الطاحنة والنواب في غمرة اطلاق الطائرات الورقية
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يمر العراقيون في ادق واخطر ظرف من تاريخهم الحديث وهم يتصدون لأصعب المحن التي تتوالد من المآزق الداخلية ومن سياقات الأجندات المخبوءة وراء سياسات ومرامي الدول إن كانت من الجوار أومن الغرب . إذ لكل من هذه الدول مراهنتها في استغلال وضع العراق المتداعي ماديا وسياسياً ، والمستهدف اقليمياً ليس في السر وإنما حتى في العلن .

مر ستَ عشرة سنة على قيام الوضع الجديد . والعراق في ( حيص بيص ) تأتيه النائبات من الداخل والخارج . حتى أودت به الى الحالة التي نراها اليوم بسبب فشل عمليته السياسية المحزبة والمسيرة طائفياً وعشائرياً . اسندت الدولة العراقية بعد سقوط النظام السابق على دستور، كان منتظر اصلاحه حسب ما اشيع عن ذلك بعد فترة قصيرة من صدوره ، ولكن الفرقاء القابضين على زمام الحكم حالوا دون ذلك وجعلوا المطلوبَ منسياً.

سارع فرقاء العملية السياسية الى تشكيل الحكومة بانتخابات ديموقراطية وإقامة  البرلمان الذي سرعان ما اصبح حدوثه القاصي والداني منذ قيامه والى يومنا هذا . حيث تمييز بتفريط معظم نوابه بواجباتهم من  كثرة التسيب المفضوح ، عن طريق التغيّب والسفر المتواصل الى خارج العراق بزعم الذهاب الى الحج . واسفرت النتيجة بتحول اكثرية البرلمانيين الى حجاج . أما الرواتب التي خصصت للنواب غدت ظاهرة طار لها صواب العراقيين ، بعد  تفشي عملية امتياز النواب القائمة على صرف المبالغ الطائلة لهم من رواتب ومخصصات ، ومنها الراتب التقاعدي الذي يضرب العراقيون به المثل في الإدانة والتسخير .

لم تكن للبرلمان طيلة فترة وجوده أية مزية في حل القضايا الملحة والمهمة في المسيرة العراقية . حيث كان ولا زال رهينة ذوي الأنساب والأحزاب . وشاهدنا جميعاً الفوضى التي عمت في مقره من الهرج والإعتصام واخيراً التراشق بالكلام الرخيص والتضارب بالأيدي . وفي اعقابها الفضائح التي نتجت عن استنطاق وزير الدفاع الذي وجه تهمة السرقة الى العديد من النواب وعمت الفوضى بينهم جميعاً.

واليوم يخوض العراقيون حرب طاحنة منذ اجتياح داعش للعراق وتمكنه من احتلال ثلث اراضي البلاد . وإذا سألنا انفسنا كيف ياترى تمكن هذا العدو من اختراق القوى الحربية العراقية بهذه السهولة. الجواب نجده في التحلل والغش والمراءاة والخيانات في اجهزة الدولة ، مدنية كانت ام عسكرية.!!

العراق اليوم في مخاض صعب جداً ، امامه ليس عدو واحد وإنما اعداء . هذا داعش وحواضنه في الداخل وهذه دول عربية ساخطة تتحين الفرص لتنتقم من العراق وهذه تركيا التي تجابه العراق بوقاحة وتوعد بنبرة (العثمنة ) وبكل صفاقة تتجرؤ المطالبة بمدن عراقية وتشير اليها بالخارطة ، وتحشر نفسها لخوض الحرب في محافظة نينوى حيث قواتها الرابضة هناك قسراً . وفي ابعاد هذه الحالة تساءلات .. ترى من هو مع العراق ومن هو ضده في هذه الحالة ، والتحركات منها مفتعلة ومنها مشبوهة ، مأداها من اجندات الدول منها مساقة وفق مصالحها ومنها وفق ماتطلبه انتقامها .

نعود الى البرلمان العراقي الذي صحا بعدما  شابه الترهل وضاعت عنه المقاييس . وفي قفزة لإثبات وجوده ، اتى بوثبة ، ضحك منها القاصي والداني . اراد بهذه القفزة أن يشعر العراقيين بأن في عاتق البرلمان امانات لخدمة المجتمع المنكود . لذا بشرهم بإنهاء ( السكر والعربدة )  وهذه الخطوة لم تخطر ببال احد  حيث اعلن بجرأة عن غلق كل محلات ومراكز بيع الخمور بأنواعها في جميع انحاء العراق ووضع قيود شديدة في الإلتزام والتنفيذ .

وبهذه الخطوة ،  يكون رئيس البرلمان قد  بشر اولئك الذين سبق لهم فعل ذلك في الشوارع تحت  حماية ودعم من المليشيات والمتسيبين الذين لم يقتصرعملهم في الإنتقام من محلات بيع الخمور فحسب ، بل هجموا على مدارس الفنون الجميلة جميعها وحطموا ما لهم من نتاج فني من التماثيل والتصاوير والآلات الموسيقية . ولم يكتفوا بذلك ، بل داهموا  إتحاد الأدباء واعتدوا على كل من كان حاضراً فيه وحطموا مقاعدهم وطبلاتهم وكل ما يمت  يشرب الخمر من الأواني . كما داهموا جميعة آشور بانيبال الثقافية وعملوا بها التلف والخراب .

ليس في هذا القرار ما يبيض الوجه يا برلمان العراق ... أنتم في عاتقكم الكثير مما يفيد العراقيين . واول شيء هو مراجعة الدستور حسب ما كان مطلوب منذ صدوره . وعدم ابقائه كسيحاً ليسهل التلاعب بمفهوم بنوده . لا بل فتح الآفاق من خلاله لبعث التمدن والتطور والتحضر بين ابناء الشعب واعلاء شأن الثقافة والتعليم في المداس والجامعات .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 25-10-2016     عدد القراء :  2580       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced