التشدد الإسلامي والتكفير لم يأتيا من فراغ
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

أن زوبعة  التشدد الإسلامي والتكفير لم تأتِ من فراغ ، وإنما من بطون الكتب ومن نصوص دينية مكتوبة تلزم المسلم المتديِّن لتقديسها والتمسك بها . وعلى ضوء هذه النصوص ، انطلقت الفرسان العربية في القرن السادس الميلادي من جزيرتها ، تحمل رسالة الإسلام ، لتنشر الدين الجديد بشفار السيوف . وفي ذلك المنحى ، وطئت سنابك خيولهم اراضي شاسعة وتدانت لهم الأوطان وشعوبها مستسلمة للحفاض على اعناقها.

وبمرور الزمن تشعب المسلمون الى نحل .  السنية  ( الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي  ) وفي الجانب الآخر ، شيعة علي ابن ابي طالب . تشبث احمد ابن حمبل بفكرة التشدد والتكفير واورثها الى ابن تيمية ومنه الى محمد بن عبد الوهاب الذي تحالف مع عشيرة آل سعود ، بعد قبولها بالفكر الوهابي لإنتزاع الحكم من الهاشميين في الجزيرة العربية .

وإن ضلوع دولة بني سعود في المفهوم الوهابي المرتكز على التشدد ، انعكس سلباً على  تمدن الشعب السعودي . مما جعله متمسكاً بقوة  في نشر الفكر الوهابي الداعي الى التشـدد والتكفيـر فـي الكثير من البلدان .. اسلامية كانت او حتى الأوربية منها . وصرفت الدولة السعودية في هذا المضمار آلاف المليارات من الدولار لبناء المدارس الدينية ، يتخرج منها تلاميذ مصابون بحمية الكراهية لكل من يخالفهم في الدين وحتى في المذهب . وبانت اعراض مرض التشدد والتكفير في منظمة القاعدة التي تمركزت في افغانسان ومنها استطاعت توجيه ضربة جوية مدمرة على مركز التجارة الدولية في نيويورك ومقر وزراة الدفاع الأمريكية . وبد ذلك القت بظلالها على العديد من الدول الإسلامية على صعيد الحكومات والشعوب . والتحق بها الكثير من الشباب المسلم ، وكذلك انبهرالعديد من زعماء العرب بطول باعها . وحتى صدام حسين دحض علمانيته ومزق ورقة القومية العربية وتشبث يتلابيب الحملة الإيمانية التي فرضها على الشعب العراقي . وفي هذا السياق فسح المجال للفكر الوهابي أن يكون ضمن هذا التنسيق . وكان مبتغاه من هذا التغيير ، ايجاد وسيلة ذات دوافع اسلامية سنية للوقوف بوجه إيران .

استطاعت القاعدة نشر وجودها في العراق تحت قيادة الزرقاوي وبعد مقتله ، اختارت لها موقعاً في مدينة الموصل ، لتتحد مع قوة اخرى هناك من المتشددين ( عراقيون وسوريون ) وتسمي نفسها الدولة الإسلامية التي توسعت بعد انضمامها الى منظمة سوريا . وانظمَّ في صفوفها الكثير من العسكريين الهاربين بعد سقوط نظام البعث في العراق . وتحولت هذه القوة الى منظومة قوية يرأسها إمام  وتستمد الدعم اللوجستي من دول عديدة في الجوار وغيره .

ولما استطاعت السعودية وقطر من تحريك الشارع السوري ضد نظامه ، سارع المتشددون من كل فج عميق ، وفي مقتمتهم ازلام القاعدة بحجة نصرة الشعب السوري في انتفاضته . ومع تصعيد الصراع في سوريا ، تعرض العراق لهجمة بربرية من هؤلاء ( المقاتليين الإسلامويين ) المطلوق عليهم اسم داعش الذين يقاتلهم اليوم شعب العراق بضراوة لمسح وجودهم من على ارض الوطن.

التشدد الإسلامي ، هو الذي اشعل نار الحرب في سوريا واليمن والعراق وامتد الى لبنان ومصر وليبيا . ونفسه ، اي التشدد ينشر الإرهاب في دول عديدة من العالم الغربي حتى جعلها تقترب من الإستنفار لمواجهة  الشراذم الذين يمارسون  مختلف انواع الإعتداء على اهاليها .

فالدول الغربية التي يستهدفها صعاليك التشدد ، يزداد الإحتقان في شوارعها ، مع ازدياد الضغوط على حكوماتها ، لتسرع في التصدي بقوة لهذه الظاهرة . ويتجسد هذا التحرك في ثقل كفة الأحزاب اليمينية في العديد من هذه الدول.

المنظمات الإرهابية المدعومة من دول عربية واسلامية ، لا تقوى بهذه العمليات الجبانة النيل من دول العالم الغربي رغم التقولات التي تشيع بأن الدول الغربية سيطالها الإرهاب بحملاته وسوف يتمكن من احتلالها ، إنها نظرة بعيدة عن الواقع . ولكن نستطيع التكهن بأن دوّامة  التخريب والتدمير ستبقى تدور في ارجاء الدول العربية كما نراه في العراق وسوريا واليمن وغيرها . لأن هذه المنطقة تتنازع على ارضها القيم الدينية والعنصرية والطائفية والسياسية والمصالح على اشكالها  بالإضافة الى اجندات من دول الجوار ومن الدول الكبرى التي تزج نفسها في ايجاد الحل لهذه الكوارث المروعة التي تشهدها المنطقة . ستتحمل هذه الدول العربية وشعوبها ، اعباءاً اثقل مما هــي عليه ، وليس من السهولة التصور بأن معالجة هذه المحنة آتية في وقت قريب .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 12-12-2016     عدد القراء :  2121       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced