قانون العشائر معول جديد لهدم الدولة
بقلم : مرتضى عبد الحميد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يتبارى سياسيو الدول الأخرى، في التقرب إلى شعوبهم، لضمان أصواتهم في الانتخابات القادمة، من خلال برامج ومقترحات تلبي مصالح هذه الشعوب، أو مصالح شرائح اجتماعية معينة. وفي حالة وصولهم إلى السلطة يحرصون على الإيفاء بها، أو بجزء منها على الأقل، إلا في عراقنا المبتلى بمتنفذين فقدوا كل شيء، عدا الدجل، والأنانية، والتفنن بالاستحواذ على السُحت الحرام. كما أنهم مغرمون بمراكمة خيبات الأمل، لدى المواطن العراقي، ودفعه عمداً إلى هاوية اليأس واللا أبالية والعدمية.

ولعل احدث ما أتحفوا به الشارع العراقي، هو قانون العشائر الجديد، الذي تقدمت به لجنة العشائر البرلمانية، بالاتفاق مع بقايا الإقطاعيين، بذريعة انه سيساهم في تنظيم الحياة العشائرية، ويحل الخلافات والمنازعات بين أبناء العشيرة الواحدة، أو مع العشائر الأخرى!! بل أن احد السياسيين الكبار، ممن تعاملت معه جماهير بعض المحافظات بما يستحق، صرح أن العشائر وقانونها الجديد، يشكلان ركناً اساسياً من أركان بناء الدولة المدنية!!

ليس غريباً أن يلوذ الفرد المستباح بعشيرته، ويستقوى بها، في زمن الاضطرابات والفوضى وغياب الدولة، فالعشيرة ظاهرة اجتماعية لا يمكن إنكارها، وتحتضن الكثير من القيم والتقاليد النبيلة، لكنها ومعها، الطائفية، والعصبية القومية، تنتمي إلى ما قبل عصر الدولة، ما يعني أن الدولة الحديثة لا تبنى على أساس هذه المكونات، أو التشكيلات الاجتماعية، وإنما على أساس المواطنة، وحكم القانون الذي لا يعلو عليه شيء آخر، والذي ينص على أن جميع أبناء الشعب متساوون بصرف النظر عن اديانهم وطوائفهم وقومياتهم.

لقد كان معظم العراقيين على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية، يشعرون بالزهو والكبرياء، لان ثورة (14) تموز المجيدة، ألغت قانون العشائر سيء الصيت، الذي أوجدته قوات الاحتلال البريطاني، وأرادت بموجبه تحويل شيوخ العشائر، إلى إقطاعيين، لربطهم بعجلته، وتوظيفهم للدفاع عنه، فهل يريد السادة النواب. العودة بالعراق إلى تلك الفترة المظلمة، وماقبلها؟ أم أنهم يسعون إلى بقاء العادات والتقاليد غير الإنسانية من قبيل (الفصلية، والنهوة، وكصة بكصة، والكوامة، والعطوة...الخ)؟ ليبنوا كيانا هجيناً يليق بهم، وينسجم مع أفكارهم الرثة.

لاشك ان المطالبين بتشريعه، يريدون نسف أخر ما تبقى من حكم القانون وتكريس بيئة سداها ولحمتها التخلف والجهل والخرافة. يحكي شاهد عيان، ومساهم في ذات الفصل العشائري، ان رجلاً كان قد تناول فطوراً دسماً لتوه، فمرت بالقرب منه امرأتان، أحداهما شابة في العشرين من عمرها، والثانية تجاوزت الأربعين، طلبتا منه أن يساعدهما في رفع قنينتي غاز إلى عربة حمل كانت معهما، فلم يتوان، ولكن لسوء حظه، أطلق ريحاً بصوت مسموع، فما كان منهما إلا الإغراق في الضحك، واستمرت الصغرى بضحك هستيري، أدى في النهاية إلى وفاتها. وهنا حصلت الطامة الكبرى، حيث طالبت عشيرتها بالفصل العشائري، ولم تنفع كل الحجج التي قدمها

الرجل، مما اضطر عشيرته وأقرباءه إلى دفع خمسة وعشرين مليون دينارا ! فكانت بحق أغلى «ضـ...» في التاريخ، ودخلت بجدارة إلى سجل «غينيس» للأرقام القياسية.

هذه هي الترجمة العملية والواقعية لقانون العشائر المزمع تشريعه في البرلمان العراقي، وليس غيرها.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 27-12-2016     عدد القراء :  1479       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced