بين حكومة المركز و الإستفتاء !
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يشهد العراقيون بكلّ مكوّناتهم الآن تساقط (دولة الخلافة) الإرهابية، بضربات سواعد ابناء و بنات العراق من الجيش و الحشد و البيشمركة، و كل الفصائل المتحالفة معها و بالدعم و الإسناد الفعّال  لقوات التحالف الدولي. و فيما يفترض ان يعيش الجميع في فرح غامر لسقوط القطب الأكبر المعلن للإرهاب في البلاد .  . طفت الى السطح انواع المشاكل التي تهدد كيان البلاد و تركيبتها و تهدد مصير ابنائها، و كأن ستار نيران و دخّان المعارك الضارية كان قد حجبها، رغم انواع المطالبات و التحذيرات المقدّمة الى الحكم المركزي الإتحادي، من كل المكونات الدينية و المذهبية و القومية، حتى صارت الحراكات الشعبية المتنوعة المطالبة و خاصة الدورية منها، صارت عُرفاً حياتياً شعبياً .  .

في وقت تدفع فيه الاقطاب الإقليمية لجعل العراق ساحة لتصفية حساباتها و تحقيق مصالحها و ارباحها الأنانية على حساب أمن و سلام البلاد و ازدهارها و هي من كبريات دول العالم ثراءً ، و لجعله ساحة تتدافع فيها الاقطاب الاميركية في صراعها على المصالح و الارباح بينها، و بينها و بين الاقطاب الدولية الكبرى المتنوعة الجنسيات .  . التي يتوقع مراقبون ان تستمر اطراف منها على دعمها لداعش بعد انهيار دولتها.  

و فيما يلاحظ مراقبون محايدون ان الصراعات تلك لم تعد خافية بل معلنة على اساس صراع الإرهاب و العنف للاطراف المعنية بلا مبالاة بمعاناة شعب العراق بمكوناته، و ان استتر قسم منها، فإنه اخذ يظهر للعلن كما يظهر التعاون القطري الإيراني الآن، الذي يحذّر خبراء من تحوّله الى محور جديد بين قطر المتهمة علناً و بالأدلة الصارخة بالإرهاب .  . و بين دوائر ايرانية متوافقة معها، تشير اليها اصابع الإتهام بالإرهاب. في تلاقي طائفي (سنيّ ـ شيعي) يثير العجب و يثير انواع الإتهامات بأعمال الإرهاب التي تدمّر البلاد، رغم حمله رايات الطوائف.      

و ينبّه خبراء الى ان البطولات التي سطّرتها القوات العراقية، لتحطيم دولة داعش الإرهابية.  .  . قد تُحسب و كأنها جرت لهدف عسكري فقط، حيث خلت من الجهد السياسي الإجتماعي الإنساني المطلوب للاصلاح ولإعادة التعايش بين ابناء البلاد .  .  لأنها و كأنها جرت من اجل تحقيق طريق آمن يربط طهران بالمتوسط و مسلك آمن لخط حديد شنغهاي ـ المتوسط ، مقابل عمولات مليارية بالعملات الصعبة و مقابل تثبيت رجال السلطة الإتحادية القائمة في انتخابات مقرر سلفاُ من سيفوز بها، و حكم يستمر على اساس المحاصصة، بدل المواطنة التي تزداد المطالبات الشعبية و من كل المكونات، بها.  بعد ان قامت سنوات حكم المالكي لأكثر من دورتين متواصلتين و المستمر حكمه الى الآن، قامت بالبدء و بتثبيت الصراع الطائفي و الديني و العرقي بإسم (الحكم التحاصصي الطائفي العرقي) !!  

و يرون ان مايجري من اسلوب حكم و استهانة بمعاناة الجماهير و مطالبها و استهانة بالمطالبات المتزايدة بالحكم المدني على اساس المواطنة، و عدم محاسبة كبار المقصرين و المتسببين بأنواع المذابح الوحشية، من سقوط الموصل الى سبايكر و مذبحة الأيزيدية و غيرها، وفي مقدمتهم السيد المالكي الذي اوصت لجنة التحقيق البرلمانية المركزية بمسائلته على تهم محددة يمكن ان تحيله الى القضاء، و واجهت نتائج تحقيقها الصمت و واصل المالكي حكمه من موقع نائب رئيس الجمهورية و موقع مسؤول كتلة التحالف الوطني الحاكم .  .

و ان ذلك و غيره هو الذي يعزز مخاوف مكونات البلاد التي لاتمتلك قوى مسلحة و لاميليشيات و لا امتدادات اقليمية فاعلة، في زمان تصول و تجول فيه ميليشيات مدعومة من ايران دون حسيب او رقيب، رغم البيانات الرسمية الصادرة بنزع سلاحها و تسليمه للدولة، بل اخذت تتستر بإسم الحشد الشعبي و شوّهت صورته البطولية و حوّلته الى حشود متعددة المراجع و الأهداف، تدير اقساماً هامة منها دوائر ايرانية علناً، بإسم الإجتهاد و تقليد المرجعية الإيرانية، في سعي لتكون هي البديل للجيش و للقوات المسلحة العراقية النظامية، بالخروج على فتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني الداعية الى الجهاد الكفائي بالإنتماء الى القوات المسلحة الحكومية و عودة ابنائها الى مواقعهم حيثما كانوا بعد انتهاء مهامهم بالدفاع عن البلاد، كما تتناقل وكالات الأنباء المحايدة و برلمانيون  .  .  

و رغم تواصل مطالبات الكتل الكردية و المدنية و اقسام هامة من الكتل الشيعية و السنيّة، بالإصلاح و التغيير على ضوء الدستور و التقيّد به، و مطالباتها بالحكم المدني على اساس المواطنة، من اجل الأمن و السلام و عدم الإنحياز الى صراعات القوة المذكورة اعلاه، بعد ان تركت الحروب جروحاً غائرة في البلاد و مكوناتها و وحدتها .  .

الاّ ان كل ذلك لايلاقي استجابة ما و انما يواجه بالصمت و الإصرار على طريق الخطأ، كما تبيّن مطالبات الشارع التي تتواصل، و كما تتناقله وسائل الإعلام الدولية و الإقليمية و مايطرحه برلمانيون من القنوات العراقية و العربية و الكردية، و معلقون دوليون من قنوات أخرى.

و فيما يرى قسم ان بقاء الاقليم في اطار الفدرالية و العمل على تطويرها، هو حماية للإقليم من كواسر الجوار و خاصة ايران و تركيا .  . و يؤكدون على أهمية وحدة شعب العراق بمكوناته وفق الأسس الدستورية في مواجهة الظروف الحالية، من اجل تحقيق الازدهار للجميع، ترى اقسام واسعة ان الإستفتاء جاء ردّاً على المسيرة السيئة للعملية السياسية التي تسببت بإفراغ الدستور من معانيه، بعد ان صاغته الكتل الحاكمة بما فيها الكردية .  .  

تلك المسيرة التي تسببت بسقوط ثلث البلاد بيد الإرهاب و سقوط مئات آلاف الضحايا بأعمال العنف و الإرهاب و الصدامات الطائفية و تسببت بالفساد و بضياع و خسارة البلاد لمئات المليارات من العملات الصعبة، تلك المسيرة التي كانت السبب  .  .  

في وقت حمت فيه حكومة اقليم كردستان ساحات الإقليم من الإرهاب رغم ثغرات و أخطاء، و آوت اكثر من مليون نازح من ابناء البلاد و هم في ازدياد، اضافة الى اعداد المهجرين و المهاجرين من سوريا و ايران، وحقق بيشمركة كردستان انتصارات متلاحقة على دولة داعش، و تحققت في تلك المعارك القاسية اخوة الكفاح و الدم بين القوات المسلحة العراقية و البيشمركة، التي طغت على صدامات جانبية اشعلتها وحدات غير منضبطة من الحشد المذكورة اعلاه، و التي تحمل اسمه و تتصرّف كميليشيات بإسم الطائفة، في المناطق المتنازع عليها.

و في الوقت الذي لا توافق على اجرائه الاطراف الدولية و الاقليمية المؤثرة في الواقع العراقي و على رأسها الادارة الأميركية لترامب و مرجعية السيد خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية و حكومة اردوغان التركية .  .  يراه قسم بكونه مخاطرة يمكن ان تؤدي الى نتائج ايجابية اذا حققت وحدة البيت الكردستاني(*) و قامت بإصلاح منظومة اجهزة الحكم و محاربة الفساد و ساعدت على حل المشاكل و المعاناة المالية لشعب كردستان و حققت خطوة بضغطها على طريق اقامة الحكم المدني في عموم البلاد، ليكون قائماً على المواطنة و الغاء المحاصصة سيئة الذكر، و الغاء حمل السلاح للحشود الخارجة عن الدولة و التي لاتعود للقوات المسلحة الحكومية .  .

مع تأكيدات قادة إقليم كردستان على كون الإستفتاء في الظروف الراهنة ليس انفصالاً و لا للتهدئة، و انما وسيلة دستورية لصياغة مطلب شرعي لشعب كردستان في شكل كيانه السياسي.  و تأكيدهم على المضي في طريق المحادثات السلمية مع الحكومة الإتحادية في بغداد لتطوير العلاقة معها ، بعيداً عن العنف  .  .  و يطالب كثيرون بضرورة توفير ضمانات دولية لسلامة و انجاح سير الإستفتاء و غاية نتائجه في الظروف القائمة الآن .  .  

25 / 6 / 2017 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) التي بدأت خطوات على طريقها بين الاحزاب الكردستانية و في تنشيط البرلمان .

  كتب بتأريخ :  الخميس 29-06-2017     عدد القراء :  2001       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced