رحيل الفنانة ناثرة آل كتاب سيدة الطين والازهار
بقلم : حميد مشهداني
العودة الى صفحة المقالات

فوجئت بخبر وفاتها رغم علمي، ان قلبها كان يزامن خفقانه بفترات متباعدة ممزوجة بالالم. لم يكن امامي اي حل الا ان اقود سيارتي من برشلونة الى مقبرة صغيرة جنوب مدريد.. وبسرعة كي اصل مراسيم الدفن والتأبين. وصلت في الساعة الخامسة، حيث غامت الدنيا، وتذكرت الساعة المشؤمة، ساعة رثاء "لوركا" الصديقه “سانجيث ميخياس” في الخامسة بدأ الثلج احتفال تناثره قليلا، ليزيد بشكل غريب حينما هبط نعش “ناثرة” في عشها الطيني الابدي، وأنتثرت قشور الثلج الابيض كما زهور الياسمين الدي كانت تعشقه الفنانة، وقبل ان نضع التراب على نعشها كان هدا قد امتلاء ورد الياسمين، وصار مسكنها الاخير ناصع البياض كما كانت روحها، بين عدد من الفنانين العراقيين الدين وصلنا على وقت. جودت حسيب. عبد الحسن البصري. وجودت حبيب. ومنير حنون. حيث ارتجلنا قصائد ونثرا لرثائها.
دفنت في الغربة فنانة عراقية اصيلة، رغم كونها من جيل الرواد التشكيليين العراقيين في منتصف الخمسينات، اعتقد ان الكثير من مؤرخي الفن العراقي الحديث. لم ينصفوا دور الفنانة ”ناثرة ال كتاب” سوا ء بسهو او بعمد، لاادري فهي عاصرت كل الحركات الفنية وارتبطت بالعديد من التجمعات الفنية. التي تأسست بين “جواد سليم “و “فايق حسن” وأخرون: وهي كانت شاهدة ومساهمة في أهم أحداث الفن والثقافة العراقية مند منتصف الخمسينات. الى حد هجرتها الاخيرة من “بغداد” في نهاية السبعينات، حيث لم يعد هناك مكانا “لتنور” طينها وخزفها. كما العشرات من مثقفي “عراق” انذاك، اختارت الهجرة تاركة فرنا للفخار، وبضعة اشجار، وأزهار حيث جف وتيبس طين “الدجلة” الذي كان مادتها الاولية في محاكاة المفردات الخزفية الاولى عند “العباسيين”ونمنمات “قاشانية” بزرقة غرابة الغروب في بغداد، اقصد زرقة قبة “المحطة العالمية”التي على ارصفة قطاراتها كنا نبتعد المسافات. بعضنا شمالا. والاخرون غربا. وبعضهم شرقا. .
كانت ذات حيوية عجيبة، رغم سنوات الغربة وعذاب البعد ولم تترك ابدا شرطها كفنانة خزافة. وتشكيلية. ورغم صعوبة شروط عملها الفني كانت نموذجا للنشاط والبحث الدؤوب اينما كان. فهي لم تترك المساهمة في اي معرض للخزف والسيراميك، تقود سيارتها القديمة محملة طين الخزف، وموضوعها الابدي. “العراق”اقصد هنا عراق الطفولة والالوان ، و”بغداد” الحنين” والطين لتثبت حضورا ذاتيا في غربة زمان ومكان معا.
احزننى موتها ربما يجعلني متحيز الرثاء، فهي التي حورت اسماء اطفالي الى اجمل، والى الان نسمي ابني “سامي” سمسم. وهي كانت تزرع حديقتي و تغير اماكن الاشجار الصغيرة وتزرع بدورا جديدة دائما مع “عيسى” ومن يعرف عيسى يعرف الطيب والود. .
الان هو حزني الشخصي اولا، وبعده حزن فقد فنانة ومربية لم تترك ولا لحظة شرطها كدالك. فخلال ربع قرن حينما كانت تزورنا كانت تأتي الزهور. وتأخذ ورودا من الغابة المجاورة لبيتي لتزرعها في حديقتي. . بأسماء لاتينية بالطبع.
وهدا كان همها اليومي “خلود” الالوان فمن الطين كانت تخلق الوانا عجيبة، التي هي افضل الوانها. أتذكر كثيرا كيف كانت تقف امام أحدهم في الاسواق الحرفية في برشلونة، للتمعن في لون اقراط وقلادات رخيصة، فقط بسبب شدرية الوانها وغرابتها. . والزرقة الابدية وانا كنت اشكو تبديرها البسبط هذا. متأخرا عرفت حبها لتلك الالوان.
هي كانت تبحث طين وغريان دجلة والفرات ، كانت تذهب حذر الانهر المنسية، الضائعة في عمق اسبانيا، وحين تسمع أحدهم يتحدث عن طيبنا نظيفا قليل الملح في جانب نهر ما ، كانت ناثرة لا تضيع فرصة بحثها الطين. ”طين الطيب”حيث صعوبة اللقاء.
في مقالتي الاخيرة فى “ايلاف” كنت قد تحدثت عن تأسيس “جمعية الفنانبن التشكيليين العراقيين “ وذكرت ان لهذا فصلا اخر ، كنت قد كتبته ، ولكن رحيل “ناثرة” يجعلني اسرع في كتابة بعض التفاصيل التي لم اذكرها في مقالتي الاولى، وأهمها هو كونها كانت استاذة المادة الفنية في كلية “الملكة عالية” التقت الملك الشاب الذي افتتح معرضا فنيا في “نادي المنصور “1957، وطلبت منه وجها لوجه. ان يعين هده الجمعية التي تأسست قبل سنة وليس لها مقر ولابناية. . الفنانة “ناثرة ال كتاب” لم تقل ابدا ان تبرع الملك بقطعة الارض تلك امام مدينة المنصور لبناء مركز “الجمعية” كان بسبب الحاحها على عاهل العراق الشاب حينداك. . ولانني على يقين من تواضعها الحديث عن تلك الايام، متأكد ان لكلماتها كان له اثر عليه ، حيث لو عدنا كل تلك التواريخ سنجد ان الملك الصغير استمع

  كتب بتأريخ :  الأحد 07-02-2010     عدد القراء :  2479       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced