فرحة منظمات المجتمع المدني العراقي...كيف نترجمها واقعياً..؟؟؟؟؟
بقلم : انتصـــار الميــالي
العودة الى صفحة المقالات

رغم كل ما قيل ويقال عن البرلمان العراقي إلا إن الوجدان والضمير والعقل يدفعنا إن نقر ونعترف بأننا فرحين ومطمئنين بان لنا برلمان يناقش ويصوت ويشرع قرارات وباسم الشعب ليؤسس للعراق الجديد، والذي بالتأكيد باتت ملامحه تظهر أكثر للعيان وتبهر أكثر ما تستطيع ، فها هو قانون منظمات المجتمع المدني يحظى بالموافقة البرلمانية لنصبح نحن منظمات المجتمع المدني في العراق موضع فخر لكل المنظمات الأخرى في العالم العربي وربما الشرق أوسطي أيضا. شتان بين المسودة الأولى للقانون والشكل النهائي له فنحن إمام منجز كبير تحقق من خلال العمل الدؤوب والمنسق بين المنظمات المحلية ولجنة المجتمع المدني في مجلس النواب ومساعدة بعض المنظمات الدولية .

بعد مناقشات برلمانية مستفيضة استغرقت نحو عامين خرج قانون منظمات المجتمع المدني العراقية من قبة البرلمان ليرى النور أخيرا بعد أقراره من قبل مجلس النواب.
القانون الذي اقر يوم الاثنين 25 كانون الثاني 2010 يتكون من 32 مادة، يمنح المنظمات الحق في الحصول على المنح والهبات من منظمات عالمية مشابهة لها دون موافقة مسبقة من الحكومة، كذلك نص على حق المنظمات في التشبيك وإقامة علاقات وشراكات وتعاون مع المنظمات الدولية دون موافقة مسبقة من الحكومة، والنص على أحقية الأشخاص الأجانب الدخول في تشكيل منظمات محلية بحيث لا يتجاوز عددهم 25% من مجموع كادر المنظمة، وكذلك إن الإجازة التي تحصل عليها المنظمة في ضوء القانون تسري بدون تحديد مدة لها، إضافة إلى إلغاء العقوبات الصارمة والشديدة من القانون.

علما إن القانون لم يخلو من بعض النصوص التي تحتاج إلى تعديل مثل التدخل في رسم بعض ما ينص عليه النظام الداخلي للمنظمة، وربط دائرة المنظمات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء وكان الأولى إن تكون الدائرة مرتبطة بمجلس النواب. لكنه يحمل بعض المميزات التي تدفع نحو استقلالية المجتمع المدني وحرية التنظيم.

وبعد إن كانت مسودة القانون قد تضمنت الكثير من الثغرات والأخطاء والخروقات التي أثارت مخاوف المنظمات العراقية وأحدثت جدلا بين أوساطه ، سعت المنظمات خلالها إلى عقد الكثير من اللقاءات لتدارس المسودة وإبداء الملاحظات عليها واللقاء بالمسؤولين والاستشاريين الدوليين والكثير من الخبراء الأجانب والعرب. لقد بذل الكثيرون جهودهم لتغيير مسودة القانون، وكان من الذين لعبوا دورا كبيرا وفاعلا بهذا الصدد، رئيسة لجنة مؤسسات المجتمع المدني في البرلمان العراقي ئالا طالباني.

كثيرا ما خشيت المنظمات من إن يُشرّع القانون بعللّه الكثيرة والذي سيؤدي بالتالي إلى انكفاء المنظمات وتراجع دورها الأساسي وتتحول إلى أفكار وأيدلوجيات تقليدية تخدم أطراف سياسية ,كما أن تعدد الواجهات الرسمية لهذه المنظمات بدءا بوزارة الدولة لشؤون المرأة ودائرة المنظمات الغير الحكومية في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وهيئة النزاهة .......الخ، سيؤدي بالتأكيد إلى ضعف الدور الرقابي والمساعد مع الدولة كونها هي مساعدة وليس بديلا للدولة.

ذهب الأمس الذي كانت فيه منظمات المجتمع المدني في العراق تستمد شرعيتها القانونية من أحكام الدستور المادة (45) ومن القوانين الوضعية ومنها القانون المدني رقم 40 لسنه 1951 فان هذه المنظمات أرست أهدافها ورؤاها ومبادئها الإنسانية من خلال التأكيد على مبدأ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنوير ثقافة المجتمع بمعنى إن مهامها النهوض بالمجتمع من حالة الجمود إلى حالة التفاعل الميداني والسياسي والإعلامي والاجتماعي والتنموي والبيئي ....
منذ البداية كنا نتمنى إن تمتلك المنظمات العراقية رؤى ثابتة ومن منطلق ديمقراطي ودستوري وأن تؤسس لروابط وتحالفات قوية بينها لكي تكون أكثر اندماجا وعطاءا وتشجيعا لأصحاب الخبرات والكفاءات في نشر الأفكار الإنسانية بروح قوامها القيم الإنسانية والحضارية ،بعيدا عن التهميش والإقصاء وسماع الرأي والرأي الأخر .

هذا لايعني إن العراق ليست فيه منظمات فعالة ومحترمة ولها تأثير ودور لا بأس به في مجال تخصّصها، لكنها قد تفتقر للأموال اللازمة لديمومتها واستمراريتها، نحن نعرف عدداً منها قد أغلقت للأسف الشديد بسبب قلة الدعم (الموارد المالية) .. الأمر الثاني المؤسف في ذات الوقت، عدم تهيئة المجتمع العراقي بصورة صحيحة لقبول عمل هذه المنظمات .. ولا ادري إن كان القصور ينبع من ذات المجتمع نفسه الذي لازالت آثار الدكتاتورية تغطي خلايا تفكيره، أم إن المنظمات نفسها لم تستطع بخطابها إلى إحداث التغيير في معظم الأحيان، مما جعلها غير قادرة على ترويض المجتمع وتربيته على ثقافة جديدة .. على الأقل كي توازن بينها وبين ثقافة المجتمع السياسي الذي لم يسعى هو الأخر في ترسيخ المفاهيم السليمة.

واليوم وبعد ست سنوات من العمل والحياة السياسية لازالت تمر بمرحلة مليئة بالتوتر والتشتت والتجاذبات إن الأوان فيه إن تلعب المنظمات دورا مهما وبناءا، بعد إن تحرر نفسها من هيمنة الدولة، وان تقوم بتأدية مهامها المرئية والثابتة في المجتمع لتكتسب مواقع وصدقية وشرعية حقيقية تمكنها من إن تساهم في عملية بناء العراق الجديد وبناء أسس العلاقة الوطنية المبنية على ترسيخ الديمقراطية التي يتوق لها الجميع ليصلوا إلى الحرية والحياة الكريمة.
وهذا يتحقق عبر مقومات أهمها العمل على ترسيخ وتطوير ثقافة بناء المؤسسات، ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية، وقيم العدالة وتنمية الحوار، والتعاون في المجتمع المدني بالإضافة إلى أنشطة وفعاليات جديدة تستطيع من خلالها هذا المنظمات إن تفعل دورها وتوسيع نفوذها لتكون مؤثرة سياسيا.

أخيرا لدينا قانون ولدينا منظمات ومنظمات فعالة وممتازة ، لا أريد ذكر الأسماء، لئلا تُحسب وكأنها دعاية مجانية للبعض على حساب الآخر. وأقع في مأزق أخر كمأزق الترحيب والمباركة بإصدار القانون، حيث بارك ورحب الكثير إقرار قانون المنظمات غير الحكومية في العراق واعتبره الجميع نصرا وخطوة جيدة نحو التمكين لحرية التنظيم والمجتمع المدني في العراق.

وكان لرابطة المرأة العراقية مباركة بهذه المناسبة التي أبهجت الكثير بعد إن وردتها الكثير من رسائل التهنئة تبارك إقرار القانون ومن جهات عديدة ، كما كان للرابطة دور في الكثير من اللقاءات المباشرة والجلسات المشتركة التي ضمت الكثير من المنظمات والشخصيات الناشطة والفاعلة ومن ذوي الخبرة في عمل المنظمات. وقدمت ملاحظات تناقش  جوانب الضعف في القانون، ولان الرابطة كانت جزء مساهم في مناقشة مسودة القانون، ولأننا كرابطيات تحمسنا لفكرة إبراز الفرحة بالقانون كتبنا رسالة سريعة بالمناسبة ، تلك الرسالة التي تضمنت أهم ما حققه القرار وأسماء ابرز المشاركين في مناقشة مسودة القرار اعتمادا على سيل الرسائل التي تلقيناها ونحن نتبادل التهاني والتبريكات بصدور قانوننا الذي ناضلنا من اجله وغيرنا مسودته التي كانت ستقيد إن لم تقتل عمل منظمات المجتمع المدني في العراق. وليس في ذلك إي ضرر أو مشكلة وبالتأكيد لا يعد سرقة لجهود الآخرين، كما ادعى البعض واتهمونا بالسرقة ، فماهكذا تؤخذ الأمور ، فليس ذلك من شيم الرابطيات، وهم يعرفون ذلك جيدا، لقد حاولنا فقط إن نعبر عن فرحتنا ونبارك للجميع محاولين إن نشكر الجميع وان لاننسى من ساهم معنا وكان عونا لنا ، وأن نسينا حتى إن نشكر أنفسنا كما فعل البعض..؟ كمنظمة ساهمت ككل المنظمات العراقية بجزء بسيط من اجل إقرار القانون.

اليوم علينا إن نترجم فرحتنا بطريقة أفضل، وان لاتتحول فرحتنا إلى لوم وزعل واتهامات قد لاتتناسب مع مهماتنا اللاحقة ، فلا بأس إن نشترك ونتحد وان نعمل سوية كمنظمات حقيقية ونضيف مزايا أخرى على القانون في الأيام القادمة بعد إن يخضع القانون للتحليل والدراسة ويكون حيز التطبيق فعلا من قبل أناس يفهمون بالقانون وبعمل المجتمع المدني ولهم أخلاق عالية أمناء على إيصال رسالتهم بهدف بناء المجتمع.

  كتب بتأريخ :  السبت 13-02-2010     عدد القراء :  2388       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced