في نفق التنافس الانتخابي
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

في ظل أجواء متوترة، تصاعدت في الأيام الأخيرة حمى الصراع بين الأطراف السياسية، متخذة تجليات مختلفة. ونشهد في مناخات مرشحة للمزيد من التعقيد انفلاتاً في المواقف المتناقضة المتقلبة واطلاق التصريحات وتوجيه الاتهامات والتسلكات المتجاوزة للقانون ولقواعد اللعبة الديمقراطية حد التهديدات المبطنة بل والسافرة، بينما يحذر سياسيون من احتمالات دخول الوضع نفقاً جديداً. وكل هذه التصريحات والتهديدات والتحذيرات تدخل في إطار التنافس الانتخابي.

وليس مجانباً للحقيقة القول إن التفجيرات المروعة ابتداء من تفجير الأربعاء الدامي أدت الى تفاقم التوتر الذي كان سمة علاقات الأطراف السياسية وإن بدا، في الغالب، مستتراً. وساهمت الانتكاسات الأمنية التالية لتفجيرات الأربعاء في خلق مزيد من التشنج في العلاقات السياسية.

ومن الجلي أنه ما من صراع أو موقف، في هذه الأيام، إلا ونراه محكوماً بالتنافس الانتخابي. فعلاقات القوى السياسية وتجاذباتها تدور في فلك السعي للتأثير في مسارات الحملة الانتخابية ونتائج الاقتراع. وحتى القوانين التي جرى التأكيد على أن هناك إجماعاً بشأنها تكشف عن أن هذا التأكيد لا يتسم بالمصداقية.

واذ يجري ربط صراع السلطة والامتيازات بالتنافس الانتخابي، فان المسألة الجوهرية هي، بالطبع، كيفية إدارة هذا الصراع والتنافس بين الأطراف الانتخابية.

وفي هذا السياق يتجلى اتجاهان أحدهما يتمثل في اللجوء الى التناحر والتهميش والتسقيط، بينما يتسم الثاني بتحقيق المنجزات ارتباطاً بالوعود والبرامج. ولا ريب أن النظرة الواقعية المنصفة هي تلك التي تميل الى الخيار الثاني.

أما الأمثلة على تجليات الصراع السياسي الراهن فيصعب حصرها. واذا ما دخلنا نفق السلبيات المرتبطة بالتنافس الانتخابي فمن غير المنظور أن نجد نهاية للنفق. ولكننا نذكّر، هنا، بغيض من فيض تدليلاً على ما تتركه منهجية التسييس من آثار مدمرة على العملية السياسية وآفاق واتجاهات تطورها.

فقد تجلى التنافس بأسوأ صيغه حينما جرت مناقشة تعديل قانون الانتخابات، حيث شهدنا المواقف المتعارضة من هذا القانون، وتوجيه القوى المتنفذة المناقشات بعيداً عن مسارها السليم الهادف الى بلورة قانون يعبر عن مصالح سائر القوى والمكونات الاجتماعية. وكانت الغاية، بالطبع، التغطية على قضايا معينة، وتمرير أخرى لتطمين مصالح القوى المتنفذة في البرلمان الحالي. وبات جلياً أن كل ما جرى التوافق عليه بين الكتل الكبيرة يهدف الى حرمان العديد من القوى والمكونات الصغيرة من فرصة الدخول الى البرلمان، وزيادة فرص القوى الأخرى في الحصول على الأغلبية البرلمانية. وبوسعنا الاشارة، على سبيل المثال، الى أنه خلال المناقشات اعتمدت القوى المتنفذة على قضية كركوك كمشجب علقت عليه المناورات التي كانت تجري خلف الكواليس، حيث جرى تمرير قانون الانتخابات باسم قضية كركوك.

وكانت المعركة حول قانون الانتخابات تدور حول المقاعد، أي حول السلطة والنفوذ. وبوسع المرء القول إن الساعين الى سرقة أصوات الشعب حاولوا تبرير فعلتهم من خلال الترويج لفكرة أن التعدد الواسع وكثرة القوائم يؤدي الى ارباك عمل مجلس النواب، وبالتالي لابد من تبلور كتل قليلة العدد كبيرة الحجم حتى لا تتشتت القوى، وحتى لا يصعب صنع القرارات في البرلمان.

وعندما أثير موضوع مشروع قانون السلوك الانتخابي أكد طرف على ضرورة إقرار القانون بكامل فصوله، وخلاصته تحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف أعمال، بينما انطلق طرف آخر من التعامل مع القانون باعتباره غير دستوري. وفي خضم الصراع حول القانون ربطت أطراف في البرلمان إقرار الميزانية بالمصادقة على قانون قواعد السلوك الانتخابي. وبينما ظلت الموازنة، لفترة غير قصيرة، ضحية ضيق الرؤية المسيسة، أضحى عدم اكتمال نصاب البرلمان مسألة مألوفة كلما جرى الحديث عن الموازنة. وهذا، في الواقع، تعبير آخر عن الصراع السياسي.

وبوسعنا، بالطبع، التذكير بقضايا أخرى في هذا السياق، بينها تداعيات قضية اجتثاث البعث والقرار ذو الطبيعة السياسية الذي اتخذته الهيئة التمييزية، وسوى ذلك من القضايا التي أثارت تفاعلات وتحركات وضغوطاً سياسية وسط أجواء مناورات لم تكن بعيدة عن التدخلات الخارجية.

غير أن المثال الآخر الجدير بالتذكير هو أن البرلمان ارتكب خطأ فادحاً بتأجيل 115 ألف درجة وظيفية وربطها بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي. وما من أحد يعرف متى سيتشكل هذا المجلس، وهل سيتم تشكيله على أسس بعيدة عن المحاصصات. وهكذا تسيَّس، مرة أخرى، حاجات الناس الأساسية، وتخضع مصادر الرزق للأجندات الانتخابية، بينما تواصل القوى المتنفذة زعمها بالسعي الى حل معضلة البطالة، مما يجسد موقفاً ازدواجياً صارخاً.

***

هكذا تكشف أطراف متنفذة عن سلوك تطويع الحقائق لخدمة غاياتها ومصالحها الضيقة، حتى باتت "الاستقلالية" المفترضة موضع تساؤل وارتياب ..

وهكذا تتم الصفقات السياسية المتجاوزة للقوانين خلف الكواليس بين من هم أكثر صخباً حول التمسك بالقوانين والدفاع عنها وعن القضاء المستقل ..

غير أنه وسط هذه اللوحة المعقدة ومكوناتها "الداكنة" ليس أمامنا سوى الكفاح وتنوير الناس بحقائق الواقع المريرة، وبمصداقية وعودنا وواقعية برامجنا نحن الوطنيين الحقيقيين، وبسط أيادينا البيضاء وهي ترفع راية "اتحاد الشعب"، راية الأمل والتغيير.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 15-02-2010     عدد القراء :  2204       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced