الأعمال الكاملة لكافافيس بالعربية
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 07-01-2012
 
   
لطفية الدليمي
قبل  نهاية عام 2011 وفي شهر تشرين الثاني – أكتوبر  صدرت عن الهيئة العامة  لقصور الثقافة في مصر  الأعمال الكاملة للشاعر قسطنطين كافافيس الذي عاش ومات ودفن في الإسكندرية  والكتاب من ترجمة وتقديم الشاعر رفعت سلام



  ويضم خمس مجموعات شعرية ( هي كل ما أنجزه كافافيس) ولم يترجم منها للعربية  من قبل سوى المجموعة الأولى – كما ضم الكتاب الكبير الذي جاء بـ ( 67 صفحة-  مقدمة مهمة  وكاشفة لجوانب خفية من حياة كافافيس  كتبها الشاعر رفعت سلام  الحائز على جائزة (كافافيس الدولية للشعر سنة 1993)  مع ثلاث دراسات نقدية أو مقدمات  الأولى للروائي البريطاني إ.م. فورستر  وللشاعر البريطاني و.ه. أ ودن ودراسة عن الأعمال غير المكتملة لكافافيس بقلم ج.باورسوك  كما يضم الكتاب  قصائد كافافيس  غير المنشورة  وفصلا بعنوان –قصائد أولى – ويليه فصل – قصائد غير مكتملة ثم قصائد نثر وترجمة لتأملات وكتابات أخرى مع اضاءات للمترجم  وملحقا بالصور والوثائق وبعض مسودات بخط الشاعر..
وفي ما يأتي أقدم قراءة أولية لبعض العلامات  المهمة في الكتاب على أن أقدم موضوعا آخر استكمالا لعرض هذا العمل الكبير ..
  قصائد أولى هذا مقطع من قصيدة (صوت أثينا)
  حين يخلو العدل من الحلّ
حين يكون حكم البشر محل شك
ويحتاج إلى عون وإضاءة أسمى
يصبح القضاة صامتين مرضاً وتافهين
ورحمة الآلهة هي التي تصدر القرار
بعد أن نشر كافافيس  مجموعة من قصائده الأولى من عام 1886 حتى عام 1904في الصحف  – استبعد هذه القصائد وقال انه لا يريد نشرها في أية مجموعة له ولهذا لم تتضمنها الطبعة الأصلية لـ( قصائد) التي نشرت 1935 في الإسكندرية  لكن الوصي  على ارث الشاعر العظيم صديقه ( سافيدس) رأى أن من حق الأجيال التالية الاطلاع عليها  ، أما القصائد غير المكتملة التي ضمت الى الكتاب فهي حصيلة بحث بين أوراق الشاعر الأخيرة التي كانت في حوزة الوصي  واعتبرتها أستاذة فقه اللغة اليونانية ( ريناتا لافيتي) القطرات الأخيرة من إبداع كفافيس الشعري وقد قام رفعت سلام بالترجمة الأولى في العالم  لقصائد لم تنشر ..
يذكر الشاعر المترجم رفعت سلام في مقدمته  أن كافافيس كان يكتب حوالي سبعين قصيدة كل عام ، ولم يكن يحتفظ منها إلا بأربع أو خمس قصائد  ويتخلص من القصائد الباقية –، وكانت لديه طريقة  لاختبار قيمة قصائده تكمن في إرساله نسخا منها الى أصدقائه وبعد إطراء الأصدقاء الذي يؤكد له قيمة القصيدة يبادر الى نشرها وعندما نشر مجموعته الاولى سنة 1904 وهو في الثانية  والأربعين لم تضم المجموعة إلا أربع عشرة قصيدة من بين مئات القصائد التي كتبها ، ويمثل هذا الكتاب الوثيقة معظم أعمال كافافيس، ففي المقدمة الوافية لرفعت سلام  ثمة اضاءات أساسية عن حياة وأعمال كافافيس وتاريخ أسرته  اليونانية وحياته في الإسكندرية،  كما يمثل في أحد وجوهه - حسب تعبير  سلام- ( درسا مقارنا مفيدا للمعنيين بالشعر الغربي ، عبر التوثيق الدقيق لكل شاردة وواردة متعلقة بالقصائد أو شاعرها (... ) وما أكثر الدروس الشعرية والنقدية والثقافية وحتى الأخلاقية التي تنطوي عليها  هذه الأعمال الشعرية والنقدية )
عرف كفافيس بحساسيته التاريخية الحيوية الرفيعة والتزامه بالروح الهيلينية المقترنة بنزعة رواقية ماكرة  إزاء الشأن السياسي ونزوعه إلى الكمال الجمالي وإبداعه لعالم أسطوري  ثري خلال سنوات نضجه وهي - سمات لم تكن رائجة في الأدب حينئذ  وربما منع  - رفضه  لدخول السوق من اجل الوجاهة - من تحقيق ما تستحقه عبقريته الشعرية خلال حياته .
  تعد مقالة  الروائي البريطاني  فورستر صاحب رواية (الطريق الى الهند) ذات أهمية تاريخية ونقدية في آن معا  ، ففيها يقوم الروائي فورستر بتقديم الشاعر اليوناني العظيم  المقيم في الإسكندرية  الى الأوساط الثقافية الغربية التي كانت تجل الشاعر المنعزل الغريب والمستوحد  في مدينة مصرية  وتعد دراسته من الدراسات النقدية الرائدة حول شعر كافافيس ويطلعنا فورستر  على  معضلة اللغة التي واجهت الجهد الشعري لكافافيس (...هناك هوة فاغرة بين لغته المنطوقة ولغته المكتوبة  (...) فقد كانت  في الصحافة والأدب رطانة أدبية مصطنعة تحاول  إحياء التراث الكلاسيكي  وهناك كلام الناس المتنوع  باختلاف الأمكنة والمتخم بتركيبات غير إغريقية ، فهل يمكن استخدام هذا الكلام في الشعر والنثر المثقف ؟؟)

اثبت كافافيس وجماعة (الحياة الجديدة) الأدبية  (Nea  Zoe) أن ذلك امر ممكن ، فقد تبنت الجماعة  (الديموطيقية اليونانية ) أي الفولكلور الهيليني واصدرت مجلة ( الحياة الجديدة ) وكان كافافيس  من اكبر المساهمين في المجلة،  وكان يعد نفسه من الديموطيقيين المعنيين بالتراث لكنه كان يحترم جمال اللغة الادبية التقليدية فالفصحى اليونانية جزء من تراثه ولم يتنكر قط  للغة طبقته واستخدم الفصحى والديموطيقية في مزج مرهف ورفيع  يمثل احد ميزاته الأساسية  وأحدثت  هذه الجماعة صدمة في الاوساط المحافظة ليس بكتاباتها حسب – بل باستخدامها لتعابير شعبية لا يجدها المرء إلا في السوق .. 
وعرف كافافيس بطبيعته الانتقائية وكان يرى أن أية نظرية جديدة محكومة بالعقم شأنها شأن النظريات القديمة ، وقد كتب قصائده باللغة– ( الشعبية ) ، إنما الشعبية المعتدلة ،ويصف فورستر شعر كافافيس بأنه ( ناءٍ عن اللحظة –  ولخوفه من العالم فإنه يقف عند زاوية طفيفة  ويختار حياته الشجاعة بعيدا عن العالم..
ويورد فورستر قصائد تمثل هذا الاتجاه ، ففي قصيدة ( المدينة ) يرسم الشاعر مأساة  شخص أخطأ الاتجاه ويأمل الرحيل عن الفوضى ليعثر على مدينة أحلامه ولكن دون جدوى:
( فالمدينة تتبعك
وستمشي في الشوارع ذاتها وفي نفس الأماكن تشيخ
وستنتهي دائما  إلى هذه المدينة
فلا تتطلع إلى شيء في مكان آخر
لا سفينة لك ولا طريق
فطالما خربت حياتك هنا ، في  هذا الركن الصغير
فقد دمرتها في كل مكان من العالم
ويشتغل فورستر على قصيدة كافافيس الشهيرة ( إيثاكا) التي يرسم فيها الشاعر معاناة إنسان يبحث عن هدف ولكنه يكتشف في آخر المطاف أن الهدف لم يكن يستحق العناء  لكنه يكتسب الحكمة من الرحلة ذاتها ..

بينما يعترف الشاعر البريطاني الكبير (اودن)  في دراسته النقدية عن كافافيس ( إن كافافيس ظل مؤثرا  في كتابتي  وهو ما يعني أنني يمكنني التفكير في قصائد كان بإمكاني كتابتها بشكل مختلف لو لم أتعرف إلى كافافيس أو لعلني لم اكتبها أصلا  مع انني لا اعرف كلمة يونانية واحدة وكان سبيلي إليه الترجمات الفرنسية والانجليزية )
ويكشف لنا اودن أن لكافافيس ثلاثة اهتمامات أساسية هي : الحب والفن والسياسة  بالمفهوم اليوناني الأصلي.
ويكتب كافافيس في فصل ( تأملات حول الشعر والأخلاق )  مقاطع وشذرات وآراءّ تجمل فلسفته في الحياة والحب والأدب ، فعن مدينته الاسكندرية يكتب بشيء من الحسرة او العجز ( نشاـ معتادا على الإسكندرية ،ومن المحتمل تماما أنني حتى لو كنت ثريا فسأبقى هنا ، لكنها رغم ذلك كم تحــد مني سالها من إعاقة وياله من عبء هي المدينة الصغيرة – وأي غياب للحرية  ،وفي سنة 1902 يكتب عن الحب ( خطر ببالي الليلة الماضية أن اكتب عن حبي ،مع ذلك لم افعل ، فكم كان الانحياز سيكون قويا ، لقد تحررت منه ، لكني أفكر في هؤلاء المستعبدين له ، الذين قد تتصادف قصاصة الورق هذه وتلتقي بعيونهم وأتوقف ، يالي من جبان ، لكن فلأرصد حرف (ت)  تذكارا لتلك اللحظة) ويمضي في تدوين تأملاته فيكتب في السنة  ذاتها (لست أدري ما إذا كان الانحراف يمنح القوة ، أحيانا اعتقد ذلك ، لكن المؤكد أنه مصدر للعظمة).

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced