دالارناس السويدي يحتفي بالعرض الاستعادي للفنان العراقي العالمي مظهر احمد
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 23-01-2012
 
   
علي النجار
يقيم متحف (دالارناس) السويدي معرضا استعاديا للفنان العراقي ـ السويدي(مظهر احمد). المعرض تحت عنوان(مظهر احمد استعادة خمس وثلاثين عاما). اعتقد ان هذا الحدث هو بالتأكيد حدث استثنائي بالنسبة لفنان عراقي اجتهد كثيرا ليستحقه.
هو في الوقت نفسه ايضا حدث استثنائي بالنسبة لتاريخ الفن التشكيلي الكرافيكي العراقي، لما تحمله اعمال الفنان الكرافيكية(وهي التي ابتنت عليها كل تنويعات الفنان التشكيلية بموادها المختلفة، وحتى الجاهزة منها) من سمات عالمية اهلتها لاحتلال المراكز الاولى في اكثر من عرض كرافيكي عالمي.
في كل نتاجه لم يغفل، لا، مزاج ولا احلام ذلك الطفل الذي نما وترعرع في محلة الفضل من بغداد. وان كان شغله الشاغل هو كيفية التوفيق مابين ارث مدني طفولي نأت أزمنته، وارث خطي تشكيلي خطي مشرقي، وحراك تشكيلي محلي ودولي لعقود ما بعد الحداثة السياسية المتصابية. وان وجد نفسه وسط كل ذلك بكامل اختياره. فقد جمع كامل الخطوط الايحائية التي ساعدت بحثه الفني الدؤوب على ربطها بإحكام، ولينتج لنا اعمالا بمثل ما تحمل من صرامة سطوحها وليونة وصرامة خطوطها ،عوالم تكشف المخبوء من ذواتنا تحت طبقات وعيها المزيف. اجسادا لم تجد سوى احيازها فعلا وجوديا تتصارعه كينونة دواخله وعوالم الخارج المتشظية. وليس سوى التشظي والتخفي والعلن المحكوم بخفائه من وسائل تحفظ لاعماله ميزتها الفريدة التي توازي كل هذا الصراع الخفي.
لقد عمل الفنان على حيازة استثنائيته بمجهود فردي صقله حس الاستكشاف التجريبي بأدوات مناسبة.
تجعل التجربة عملا ناجزا وفريدا. لقد اشتغل باستمرار على تطوير، أو تثقيف إمكاناته الذهنية التحويلية للحد الذي طاوعته كل المواد والأدوات التنفيذية الإجرائية، ولينتج لنا مشهدية تشكيلية متحركة، لكنها لا تفقد صلة وصل، سواء كانت خفية أم مباشرة، بمنجز هذا الفنان. ولم تفقد صلتها أيضا بالمنجز التشكيلي العالمي المعاصر في نفس الوقت. وحينما أراد ناقد الفن الويلزي(ريتشارد نوير) أن يؤلف كتابا عن الكرافك العالمي المعاصر، اختار مظهر احمد مع فنانين اخرين، ولم يكتف بذلك، بل اختار احد أعماله الكرافيكية ليزين به غلاف كتلوك ترينالي كراكوف لعام(2004). هذا الكتاب، أو كما اعتقده الوثيقة الفنية، اعتمدها مظهر حافزا لتحقيق انجاز فني عالمي. لذلك اشتغل بدأب على إقناع الجهات الثقافية السويدية المحلية لإقامة عرض ترينالي للكرافيك في المدينة التي يقطنها. وبعلاقاته بالوسط الفني العالمي والمحلي، استطاع تحقيق هذا العرض الذي توزعته عدة قاعات عروضا فنية، ومنها المتحف الذي سوف يحتضن عرض مظهر الاستعادي. وكان حدثا فنيا مهما.
استلم مظهر مسؤولية إدارة مشغل مدينة فالون السويدية للكرافيك في عام(1992)، وسعى لتوسيعه وتطويره باستمرار ليشمل في دوراته كل من الفنانين المحترفين من السويد ومن خارجه، إضافة للشباب والهواة. ولتشمل الدراسة او التدريب المهني فيه على الطباعة الكرافيكية التقليدية وتقنيات الفوتو والدجتال، مع ما ابتكره من تقنيات المواد غير السامة، التي استحق عليها الجائزة الكرافيكية السويدية  المحلية المهمة(نوبل). إضافة الى كل ذلك جهوده المثمرة لإقامة العروض الفنية العالمية في مدينته(فالون). لقد حقق بجهده وبمساعدة الجهات الثقافية أكثر من عرض فني دوري. وأنا بحوزتي ثلاثة كتالوكات لهذه العروض. فبالإضافة إلى عرض ترينالي الكرافك العالمي(2007)، كتلوك عرض ترينالي(طباعات من البلطيق)، وترينالي الملصق البولوني. كل هذه الكتلوكات من تصميميه وطباعته. بكل هذا النشاط الذي كرسه لمنجزه الشخصي وللآخرين، اعتقدني لا أجانب الصواب إذا اعتبرت مظهر فنان عضوي( مثلما ذهب كرامشي في مصطلحه عن المثقف العضوي).
لقد دعا  مدير ترينالي كراكوف البولوني(من الترينالات العالمية المهمة في الكرافيك) قبل عام لزيارة مدينة فالون حيث يعمل الفنان مظهر وبمبادرة منه، للتباحث مع المسؤولين، وتم عقد اتفاقية بربط السويد وكراكوف في الدنبورك الالمانية وفالون وفينا ومركز بينالي كراموف، وبهذا شمل العرض هذه المدن الأوروبية الاربعة. وهذا انجاز مهم يحسب للفنان مطهر ايضا. وان دل على شيء، فإنما يدل على ما يتمتع به من سمعة مهنية طيبة في الوسط الفني العالمي.
حصدت أعمال مظهر الكرافيكية العديد من الجوائز لعالمية المهمة، من خلال مشاركاته النوعية في العروض العالمية التي اقيمت في العواصم العالمية العريقة في هذا الفن التشكيلي. وهو بذلك حاز الاعتراف بأهمية قيمة منجزه الفني، ضمن الحاضن الفني العالمي الواسع. مع كل هذه الانجازات المهمة.  وبالرغم من انه بنى منجزه خارج العراق. إلا أن معظم مساهماته المهمة يفضلها باسم العراق. ولم يغب العراق عن ذهنه ووجدانه. وكأي عراقي تمزقه حيرة أسئلة المأزق العراقي الحالي، فانه صنع عدة بوسترات برقية تنتقد سوء الوضع والإدارة السياسية وما خلفته من انتهاكات لا يمكن السكوت عنها. بالرغم من ان خطاب مظهر الفني، هو خطاب عالمي. لكن هناك أوقات لا يستطيع الفنان فيها غض النظر عما يدور حوله.  وان فقدنا بوصلتنا الجغرافية الوطنية، إلا أن ثمة سهما يشك القلب ويشير إلى العراق.
أن تحتفي بك مؤسسة الدولة الأوربية التي احتضنتك بعد أن انعدمت لديك خيارات العيش تحت سماء او غيمة بلدك الأم. فهذا أمر يضاعف من أهمية الاحتفاء. وهو في نفس الوقت رسالة  ضمنية لمؤسسات العراق(الوطن الأم) للانتباه إلى أهمية منجز أبنائه الذين أصبحوا غرباء على وطنهم الأول. ربما يذهب صوتنا أدراج الرياح، واعتقده كذلك، وسط الفوضى الخلاقة، التي لم تخلف سوى فوضاها. فلا يعقل ان تقتنى أعمال خيرة فنانينا(كما هو مثل مظهر) من قبل المتاحف العالمية ومراكزها الفنية. ويعصي على الفنان أن يودع عمله متحفا في بغداد آو أية مدينة حضرية في العراق، فان تبخر متحف الفن الحديث بعد الغزو الأمريكي، فهل كانت بركة هذه المنحة، أم ماذا.
عرض مظهر الاستعادي التكريمي، ينفض الغبار عن أحلامنا، ويدخلنا واقعا عولمي(كما العولمية  الثقافية الايجابية الإنسانية، لا نقيضها) ويدخلنا واقعا ثقافيا جديدا، يكرس الجدة والمثابرة وصدق الاداء ومعرفة العالم كما هو للنفاذ لتحقيق أحلامنا، لا تأجيلها.
سوف يضم المعرض الاستعادي حوالي مئة عملا فنيا منتقاة من مسيرة الفنان، منذ الثمانينات من القرن الماضي حتى الآن. كما سوف يعرض أعمالا ورقية طباعية وملونة بمواد أخرى، وأعمالا على القماش،  وكتابا فنيا عن الشاعر السويدي الذي حاز جائزة نوبل الأخيرة(توماس ترانسترومر )، أنجزه مع توقيع الشاعر عام(2007)، وسوف تعرض في جناح خاص في المعرض، كذلك  بعض التجارب التجميعية الجديدة التي أنشأها من أدواة البناء(المجرفة والعصا) وغيرها. مستلهما الإرث البشري الأقدم، ومطوعها كعلامات إنسانية قابلة للمحاورة الفنية. واعتقدها لا تبتعد عن نهج الفنان بتكريس الجسد حقل تجارب فنية لا تخلو من دلالاتها. فإن كنا ولا نزال أجسادا، فالآلات وكما اخترعها الإنسان أجسادا أيضا لها وظائفها الحياتية الخاصة. لقد استثمر مظهر مواد جاهزة ومهملة ومستهلكة خلال مسيرته الفنية وحولها مشهدية مدهشة، كما في عمله المدينة مثلا. والذي أشرت إليه في مقالة سابقة. أو في طباعاته على صفائح الزنك ألطباعي المستهلك، وتشكيلاته التجميعية.
يبقى مظهر فنانا متفردا في رؤيته وانجازه، ويستحق كل تكريم، سواء من المؤسسات الرسمية، أم ممن أفاد من خبراته المباشرة من الفنانين التشكيليين، سواء العرب  منهم او الاوربيين. ويبقى مثالا نادرا وسط  تدريسي الفنون، كزنه لا يخفي من خبرته شيئا، هو يبيحها لكل طالب. وهنا تكمن إنسانيته أو مثاليته التي أتمنى ان يحذو حذوها الآخرون.
بعد كل ذلك. هل يستحق مظهر احمد تكريمه هذا. اعتقد بان مؤسسة ثقافية(كالمؤسسة السويدية) هي من أصعب المؤسسات الأوروبية وأدقها في منح مواطن(لاجئ) تكريمها. هي بهذا التكريم اعترفت بأهمية منجز مظهر الفائقة. بعد أن اعترف بها الآخرون وبجدارة.
نحن بانتظار أن نشاهد ثلاثة عقود ونصف العقد من مسيرة هذا الفنان في الحادي والعشرين من هذا الشهر، على قاعات متحف(دالاراناس) في مدينة(فالون) السويدية، التي تعتقد المؤسسة الراعية بأنه سوف توفر إمكانية استقصاء جهد هذا الفنان عبر رحلته الفنية، منذ أن كان طالبا في عراق السبعينات ومن ثم بولونيا في الثمانينات وحتى احترافه منذ التسعينات في السويد. وسوف يكون درس الخبرة واضحا بالتأكيد.
ولد مظهر في(14) مارس من عام(1956)  في بغداد. أقام معرضه الشخصي الأول في وارشو، ثم استمرت معارضه الشخصية ومشاركاته الجماعية الدولية بعد ذلك في العديد من دول العالم. وهو الان مدير ورشة كرافيك فالون في السويد.
المدى

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced