استذكاراً لجواد سليم.. مساءٌ عراقي يتحدى الإرهاب
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 29-01-2012
 
   
المدى/  بغداد / محمود النمـر

في مساء بغدادي بارد ولكن بطعم الربيع، وتحت نصب الحرية الخالد في ساحة التحرير، أقيم مساء أمس الأول الجمعة حفلٌ لمناسبة مرور نصف قرن  على رحيل فنان الشعب جواد سليم،  حيث تجمعت نخبة من المثقفين والسياسيين والفنانين تحت نصب الحرية الذي نحته جواد سليم بين العامين 1959 و1961،

الاحتفال الذي أقامته مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون بالتعاون مع أمانة بغداد، حضرته نخبة من الشخصيات الثقافية والسياسية والفنية.. تضمن عزفاً للفرقة السيمفونية العراقية الوطنية، بقيادة المايسترو محمد أمين عزت، وإلقاء كلمة رئيس مؤسسة المدى فخري كريم والتي ألقتها نيابة عنة الإعلامية ابتسام عبدالله، ثم كلمة أمانة بغداد وإلقاء قصيدة شعرية في استذكار جواد سليم كانت قد كتبت من قبل الشاعر الراحل عبد الأمير الحصيري، قام بإلقائها الفنانان سامي قفطان وعواطف نعيم.
مؤسسة المدى قدمت بشخص مديرها العام غادة العاملي باقة زهور الى قائد الاوركسترا السيمفونية تعبيرا عن الاعتزاز بالفرقة وبكل المساهمين بالاحتفالية.
الاحتفال جاء في ظروف عراقية استثنائية.. تمثلت بعودة مظاهر العنف والعمليات الإرهابية.. والاحتجاج الشعبي ضد بعض التوجهات الرسمية غير المباشرة نحو التضييق على الحريات، وكان آخرها نشر نسخة من توجيه لوزيرة المرأة العراقية ابتهال كاصد تحث فيه لجان المرأة بالوزارات الحكومية على إجبار الموظفات للالتزام بالزي المحتشم.. مما اعتبره البعض تحدياً لقيم المدنية.
بالتالي يرى العديد من العراقيين الطامحين لتكريس الديمقراطية والمدنية في بلدهم ضرورة الاحتفاء برموز الثقافة والمدنية واستلهام تجاربهم.. تأكيداً على الصبغة الحضارية المدنية للحياة في العراق.. ومما لاشك فيه فأن جواد سليم يمثل احد الشواخص الثقافية المدنية في العراق.
كما اعتبر الاحتفال وسط بغداد وبهذه الأجواء الباردة.. والتي تشهد من جانب آخر حرارة العنف الإرهابي، رداً صارخاً تجاه الإرهاب، مفاده أننا نحب الحياة ولن نرضى بظلمة العقل التي ينتهجونها بقتلهم الوحشي الدائم.. وان احتفال العراقيين برموز الثقافة والفن تعبير عن رفض مناهج العنف والتكفير التي ينتهجها الإرهاب.
ولا ريب أن رمزية نصب الحرية للراحل جواد سليم والذي جرى الاحتفال تحته، تمثل الكثير.. للمواطن العراقي والبغدادي خاصة.. فهذا النصب هو الأكبر والأشهر في جميع عواصم الشرق الأوسط.. ويمثل النصب بصوره المنحوتة بالبرونز مسيرة حياة الشعب العراقي.. وقد وضعه سليم على رخام ابيض صقيل بدلالة الختم الاسطواني الذي صنع لأول مرة في التاريخ الإنساني في العراق.
ولعل رمزية نصب الحرية تضاعفت لدى الشباب في العام المنصرم.. عندما أصبح عنواناً أسبوعياً للتظاهرات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والداعية لتكريس الحياة المدنية والديمقراطية ومكافحة الفساد.
تجسيد للحضارة وتكريس للهوية
شخصيات سياسية وثقافية وفنية حضرت الاحتفال وأشادت بالفعالية التي عدها البعض بمثابة باقة ورد من الوفاء  يقدمها العراقيون إلى رمزهم الفنان جواد سليم، حيث أشار الأستاذ جلال الماشطة المستشار السياسي لرئيس الجمهورية إلى أن جواد سليم هو ظاهرة ليست فنية فقط بل ظاهرة وطنية عامة، وهذه الظاهرة تجسدت في هذا النصب بالدرجة الأولى ولكن لجواد سليم أثرا في الثقافة العراقية اعتقد انه لم يمنح مكانته، هذا الرجل الذي فقدناه مبكرا، ربما جسّد في هذا النصب الهوية العراقية، إنها ليست عملا فنيا حسب، إنها تعبير وتجسيد للحضارة العراقية من ستة آلاف سنة وحتى اليوم، وربما هي استشراف للمستقبل، هذه أهمية جواد سليم، باعتقادي انه ليس مجرد فنان فقط، وانما كرس الهوية الجمعية العراقية وبالتالي فأننا نعتبر انطلاقته وتحرره من أغلال الزمن الذي يحيا فيه واستقراءه للماضي نحو المستقبل في الوقت ذاته، هو الأمر الذي نحتاج إليه أمس الحاجة إضافة إلى حاجته الفنية الهائلة التي اعتقد أنها ستبقى على مرّ العصور.
لكي لا ننسى مبدعينا
من جانبه، قال حكيم عبد الزهرة المتحدث الإعلامي لأمانة بغداد "النحات جواد سليم احد أعلام الفن العراقي وأعماله الخالدة موضع تقدير لكل العراقيين في مشارق الأرض ومغاربها، وبالتالي هذا الموضع والمكان، يذكرنا دائما بهذا الفنان الذي رحل بعمر مبكر ولكن ترك أعمالا لا تنسى، وإحياء هذه الذكرى من المؤسسات الثقافية والفنية كمؤسسة المدى وأمانة بغداد هي التفاتة وفكرة جيدة".
الاحتفالية رسالة حب وسلام
فيما أكد الأستاذ تحسين الشيخلي نائب الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية أن هذا الاحتفال هو كبير جدا وهو رسالة حب ورسالة سلام ورسالة لكل من يحاول أن يجعل مدينة بغداد في لحظة معينة مسرحا للدم، نحن الآن من خلال احتفالية مؤسسة المدى وأمانة بغداد نقول ما زالت بغداد المحبة تنبض بالحياة وهي تحتفي بفنانيها، وتحتفل أيضا بكل انجازاتها وتكرمهم في هذا الوقت بالذات.
أجيال تتوالد تحت نصب الحرية
الناشطة النسوية هناد أدور،  قالت: جواد سليم لا يزال خالدا وهو يمنحنا قيمة اكبر من اجل النضال ومن اجل الحرية، وهذا أفق كبير وأمل كبير، فأن شعبنا لا بد أن يتحرر وينال الحرية وهو يستحق الحرية، وهناك شباب يدافعون من اجل ذلك وهذه الأجيال التي جاءت من بعد جواد سليم متوالدة ودافعها الأول هي الحرية، هذا النصب هو رمز من رموز بغداد الساحرة ليس نضاليا فقط، وإنما جمالي وتاريخي وهي تمثل الأمل لشعبنا والبلد المليئة بالحزن والعذاب.
خطوة إلى الأمام
وقالت الإعلامية المغتربة اعتقال الطائي: أنا دائما اردد عندما اسأل وأتحدث عن النحت، من الناس ممّن يتعسّر عليّ هضم غيابهم وأنهم ليسوا موجودين بيننا ومنهم النحات جواد سليم، هكذا كان جواد سليم بالنسبة لي حتى وإن حضرت احتفالية بمناسبة مرور خمسين سنة على ذكرى وفاته، وهذا اعتبره شيئا عظيما جدا وفي الوقت نفسه وجود هؤلاء الناس وهذا العدد الكبير هو تحدٍ لكل شيء وهو أهم شيء.
تاريخ الثقافة العراقية
كما تحدث الناقد شجاع العاني قائلا: إن هذه الاحتفالية تعني الكثير خصوصا في مثل هذا الظرف، وقد فرحت جدا وأنا أرى هذا الجمهور الكبير من المثقفين الذين يحتفون بتاريخ الثقافة العراقية. 
مرور اليوبيل الذهبي
صلاح عباس رئيس تحرير مجلة تشكيل الذي حضر الحفل قادما من محافظة بابل كان فرحا جدا وقال: لقد دأبت مؤسسة المدى على متابعة الشأن الثقافي في العراق وقدمت الكثير من الفعاليات في مدن العراق المختلفة، وهذا النشاط تحت جدارية نصب الحرية يعني الكثير بالنسبة لذاكرة الثقافة العراقية المحروقة، هذه الثقافة التي تأتي بنقل الوضع الثقافي المهدد الآن، انها تعيد ذكرى جواد سليم ومرور اليوبيل الذهبي ذكرى مرور خمسين عاما، الجميع يلتقي هنا تحت جدارية نصب الحرية، العازفون المثقفون، الشعراء، الأدباء والفنانون، كلهم جاؤوا للاحتفاء بجواد سليم.. هذه الذكرى التي لا تتكرر إلا في مسافات زمنية متباعدة. 
جدارية روح الشرق
الروائي العائد من السويد علي عبد العال عبر عن شعوره قائلا: إن هذه الاحتفالية هي من أجمل المناسبات الرائعة التي تعيدني ليس للعراق فقط وإنما إلى بغداد وروحها المبدعة، روح الشرق العظيم، تلك الروح التي جسدها الفنان الكبير جواد سليم عبر هذه الجدارية.
الرمز هو نصب الحرية
الإعلامي عماد الخفاجي أبدى إعجابه بالاحتفالية ومكانها معتقدا أن احتفالية من هذا النوع مهمة جدا وان تكون في هذه الساحة، ورمزية الساحة كونها تحت جدارية نصب الحرية.
أعظم نصب في تاريخ الفن الحديث
وعبر الناقد السينمائي صباح محسن عن أن هذه الفعالية ليس من السهل  إعدادها إلا أن مؤسسة المدى اعتادت على مثل هذه المهمات الثقافية، واليوم إذ نحتفي تحت أعظم نصب في تاريخ الفن الحديث العراقي وبنحات كبير مثل جواد سليم فهذه هي الأمثولة الكبرى للثقافة العراقية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced