الفنانة الفلسطينية ايناس مصالحة تخترق دُور الأوبرا العالمية
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 17-08-2009
 
   
ايلاف - الناصرة - غادة أسعد
  أحبّت الفنّ عمومًا وعالم الأوبرا تحديدًا، فكان عليها أن تسير طريقًا صعبًا، صحيح أنّ دربها بمعظمه فرش بالورود، لكنّه كان عليها أن تقطف الثمار بنفسها، وكان عليها أن تسقي عالمها وتصقله بالإصرار... فصارت من أبرز الشخصيات الفلسطينية على مستوى العالم بأسره...
إنها ايناس مصالحة (30 عامًا)، رفيق دربها الذي أحبّته منذ كان عمرها ثلاث سنوات هو "البيانو"، فصارَ جزءًا من حياتها بعدما وصلت الى سنّ الخامسة، وظلّ هذا العشق يكبرُ ويكبر حتى صارَ عمقه في الأرض وارتفاعه يلامس النجوم، أمّا صوتها فهو نشيد الروح الذي يرافقها منذ الصغر... صوتٌ قوي جبّار وراقٍ في إبداعاته الأوبرالية ولطيفٌ داعبته نسماتُ قلبٍ نابض...
إيناس مصالحة، تفتح قلبها لـ"إيلاف"، تتحّدث بصراحة متناهية وبصدقٍ وإحساسٍ مرهف عمّا عاشته وتعايشه اليوم من تجارب مثيرة في الفن تسمّيها أنّها بداية النّجاح، وترنو بأحلامها إلى البعيد، إلى ميلانو كما كانت في برلين، وإلى واشنطن ونيويورك فوق مسرح أعظم بيوت الأوبرا  العالمية...

* كيف كانت البداية؟
"غنيتُ في صغري بتشجيع من الأهل، فعائلتي حضنٌ موسيقي: والدتي ووالدي وخالتي وابنة خالتي وأشقّائي لهم في الموسيقى آذان مشنّفة ولهم في الصوت إحساسٌ عميق، فقادني هذا التشجيع الى عالم الفن الذي يجمع بين الغناء والعزف على البيانو، وفي التاسعة عشرة من عمري انضممت الى كونسيرفتوار في (عيمق يزراعيل) مرج ابن عامر، حيث أردت تطوير صوتي بهدف تحسينه والتحكّم به، وفي هذا المكان كان عليّ أن أغنّي الأغاني الكلاسيكية الغربية، وإذا بي أدخل إلى عالمٍ غريب، عالم "الأوبرا" الذي أذهلني تمامًا وحرّك مشاعري بصورة لا يمكنني وصفها، وفي غضونٍ شهرٍ أو أكثر بقليل وجّهتني المعلّمة وهي أميركية الأصل، كي أجري إمتحان قبول في المعهد الموسيقي في القدس، فقدّمته ونجحت، وانجرفت إلى أعماق هذا العالم".
* هل احتضنتك العائلة؟
"والدي هو المحامي أحمد مصالحة من قرية دبورية في الجليل، داخل الخط الأخضر، ووالدتي إنسانة مثقّفة تعمل في مجال الإرشاد التربوي، وشقيقاي يستهويهما عالم الفنّ. في عائلتي هذه شعرتُ بأنّنا طاقم متفاهم ومهتمّ، فقد كُنّا طلاب فنّ منذ كنّا في الثالثة من العمر. باختصار، إنّ كلّ من في البيت وجد دعمًا لا محدودًا من والدي إضافةً إلى احتضان يصعب وصفه".
* إخترتِ طريقًا غير مألوف في مجتمعنا، فكيف استُقبلتِ؟
"وصلتني عدّة ردود أفعال مشجّعة وحميمة جدًّا، وهنا لا بدّ لي من أن أشير إلى أنّ جزءًا من نجاح الإنسان يكمن في حصوله على دعمِ عائلته ومجتمعه، والحمد لله فإنّ الأمرين متوافران بكثافة فاقت حدّ القدرة على الامتنان...
صحيح أنّي اخترتُ موضوعًا غريبًا، لكنّ أهلي كانوا على رأس المشجّعين على الرغم من عدم معرفتهم بتفاصيل كثيرة عن عالم الأوبرا، فكان عليّ وعليهم أن ندخل معًا هذا العالم، ففي الأوبرا ثمّة الكثير من الأسئلة التي لن تتقن الإجابة عليها إلاّ إذا عشتها عن قرب ولمستها... هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ دراسة الأوبرا مكلفة جدًّا، وحياة الّذي يسالك هذا الدرب صعبة إذ تكلفه الكثير من سني حياته حيث سيعيش في أجواء السفر والغربة والوحدة والمفاجآت والامتحانات المستمرّة والطموحات الكبيرة لتحصيل أفضل ما يمكن تحصيله من هذا العالم الغني بالإبداع.
هذا العالم بدا غير مفهوم ضمنًا لعائلتي فكان علينا أن نسير بين النّقاط فاعلين أقصى ما في وسعنا... وكان عليّ بشكلٍ خاص أن اخترق السؤال الملّح: ماذا يعني أنّني عربية فلسطينية داخل إسرائيل؟ وكيف سيساعدني هذا في اختراق كافة الأطر: إسرائيليًّا وفلسطينيًّا وعربيًّا لأبحث عن الشهرة في العالم؟ وهل سيكتب لي النجاح؟"
* ماذا منحتكِ تجربة السنتين في "شتاتس أوبرا" في برلين؟
"مَن يرنو إلى النجوم عليه أن يحسب حساب التعب، ومَن يسعى إلى الكمال فعليه أن ينهل أكثر من بحر الثقافة، ووجودي في أكبر المسارح العالمية منحني قوّة ودربًا، لا بل وأفقًا لم أكن أحلم به لولا حظّي السعيد... تجربتي هذه صقلت شخصيّتي، ومنحتني إصرارًا أكبر على التقدّم في عالمي الذي أحبّه، وهو في الوقت ذاته أبرز شخصيتي الإنسانية فصرت أقرب من النّاس...  ولأنّني بطبيعتي أسعى إلى الاقتراب من الكمال، فإنّني أهتمّ دائمًا بالتّفاصيل... وفوق كلّ ذلك فإنّ التجربة صقلتني فنيًّا، وربطتني باللغة والتاريخ والموسيقى والفن الغربي وحضارة العالم الآخر... فعندما دخلت هذا العالم لم تكن لي معرفة كافية بحياة المضيفين، لكن بعد التعرّف على حضارتهم شعرتُ بأنّي، كعربيّة، لديّ خاصيّة أن أضيف الكثير إلى عالم الفنّ الأوبرالي، كوننا شعبًا يضع الإحساس في رأس سلّم اهتماماته، بل إنّني أشعر بحريّة أحيانًا أكثر من المغنّي الألماني نفسه، فهو يؤدي فنّه بكثير من الإبداع المصحوب بالروتينية، بينما أنا أشعر بأنّي أتحدّث لغتهم، لكن بإحساس الآتي من الشرق بنفسيّة منفتحة على العالم الغربي وبحبّ العطاء".
* كيف استقبلك الألمان بينهم؟
"ليس من السهل الوصول إلى بيت أوبرا بحجم "شتاتس أوبرا" في برلين، لقد كان الموضوع ضربًا من الحظ الذي قادني إلى الوقوف على  أهمّ مسارح العالم. لقد احتضنني الأساتذة، وهم موسيقيّون معروفون على المستوى العالمي، فكسبت منهم تجربة مهمّة. وبما أنّ البرنامج الذي شاركت فيه في دار الأوبرا مخصّص لستّة مغنّين صغار السنّ من جميع أنحاء العالم، فكنت الممثلة العربية الفلسطينية الوحيدة التي اختيرَت للأداء على مسرح دار الأوبرا الألماني، وبعد فترة من التدريبات اخترت لأكون الأولى التي تقف على المسرح، الأمر الذي أثّر فيَّ جدًّا دافعًا إيّاي إلى البكاء، لكنّني قمت بالدور المطلوب بكلّ فخر، وسرعان ما امتزجت مشاعر الرّهبة والقلق بالمسؤوليّة الملقاة، فقد تحوّلت من مغنّية إلى سفيرة للوطن.
أمّا أقسى ما عشته من مواقف فهو أيّام حرب غزّة، فقد اضطررت على الوقوف على المسرح والغناء، وبين تردّدٍ وتأثّرٍ بما يحدث في الوطن قرّرتُ أنّه يجب عليّ أن أقدّم رسالتي كما يجب على المسرح وأن أقول لنفسي وللآخرين "إنّنا اخترنا أن نعيش" و"إنّنا شعبٌ يقدّر الفنّ والحياة ويحمل رسالة الفنّ والحضارة والإنسانيّة ليعرضها أمام العالم أجمع".
* هل تساءلوا عن هويتك العربية الفلسطينية داخل إسرائيل؟
"سافرتُ إلى ألمانيا و معي حقيبة سفري ومجموعة من القضايا التي عليّ أن أحملها دفعةً واحدة؛ القضايا المهمّة كوني عربية من قرية فلسطينية صغيرة داخل البلاد، وكوني امرأة مسلمة أيضًا... ووسط هذه الأحمال الكثيرة خرجتُ إلى العالم وكان عليّ أن أثبت للغرب والشرق معًا أنّ الإسلام لا يعني تطرّفًا وكراهية بل يمكن أن يكون حبًّا وكرمًا وطيبة، وأنّ العروبة هي حضارة وثقافة وتاريخ مشرّف، وليست حفنة من السّلبيات، وأنّني إنسانة وامرأة ومتحرّرة لديّ الكثير لأقدّمه ولأكسبه أيضًا. كنتُ مهتمّة جدًّا بأن يفهموا ما تعنيه شهادتي كعربيّة فلسطينية، لكنّني تصرّفتُ على طبيعتي من دون أن أنمّق الأشياء وأصطنع شخصيّة مُدافِعة عن العروبة... لقد نجحت بنقل رسالة الفلسطينيين حيثُ كنت. ثمّ إنّهم اهتمّوا أكثر بمعرفة عاداتنا وتقاليدنا ونمط حياتنا، وكنتُ مضطرّة أن أدخل غصبًا عنّي في السياسة، إذ لا أستطيع ألاّ أكون إنسانيّة وليس باستطاعتي أن أتجاهل مشاعري وأتخلّى عن هويتي، وأنا أغنّي بإحساسي ومن أعماقي، لا أستطيع ألاّ أكون "أنا"، بل شعرت بأنّي أحمل مسؤولية مضاعفة كوني فلسطينية وعربية ومسلمة وامرأة وعليّ أن أكون إنسانة أوّلاً وأخيرًا".

* أين أوصلك شغفك بالأوبرا وما هي خططك المقبلة؟
"درست في الكلية الأكاديميّة في القدس، ثمّ تدرّبت في دار الأوبرا الإسرائيلية في تل أبيب، ثمّ سافرت إلى برلين لفترةٍ طويلة حيثُ كنتُ أتدرّب مع معلّمتي على تطوير الصوت، ثم كانت المنحة من دار الأوبرا "شتاتس أوبرا" في برلين، ثمّ شاركت المايسترو دانييل بارنبويم في عروض فنية في دار أوبرا "لا سكالا" في ميلانو، أهمّ دور الأوبرا الإيطالية، وتضمنّ العرض ثماني حفلات متتالية في شهر تموز الماضي،
وأنا عائدة قريبًا إلى برلين حيث سأجري امتحان قبول لدور أوبرا أخرى، كما سأجري مجموعة مسابقات غنائية للتعرّف على دور أوبرا أخرى حيث أنّي أصبحت أعمل كمستقلة، أو كما يُقال باللّغة الموسيقية (فري لانسر)، وأنا بانتظار الكثير من العروض في أميركا وإيطاليا".
* حدّثيني باختصار عن العروض التي شاركتِ بها في رام الله.
"كانت تجربتي في رام الله ساحرة وقد أثّرت فيَّ بشدة، فأن يكون هناك "أوبرا فلسطينيّة" للمرّة الأولى هي فكرة رائعة مشتركة بين المعهد الموسيقي التابع لإدوارد سعيد في رام الله والموسيقار العالمي دانييل بارنبويم وإخراج فرنسوا أبو سالم. حملت القصّة عنوان "الأميرة وبائع السمك"  وشارك فيها 120 عازفًا ومؤدّيًا ومغنّيًا فلسطينيًّا غالبيّتهم من الأطفال الفلسطينيين، حيث تمّ العرض على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي. أمّا الموسيقى الأساس فكانت لفنّان عايش عصر موزار وهو "أرياغا" الذي كان ملحنًا موسيقيًا كتب مجموعة من المقطوعات. إستطاعت صاحبة الفكرة أن تحّولها إلى عمل أوبرالي رائع، هذا ما أكّده الحضور الذي فاق الـ 1400 متفرّج، الأمر الذي يعني أنّ المجتمع الفلسطيني متعطّش لهذا النوع من الفنّ، وأنّه مثقّف ويبحث عن الأجمل، وأنّه فوق أحزانه ومآسيه قويٌّ وشامخ، كما يؤكّد العرض أنّ حضارتنا قادرة على احتضان كلّ ما هو فنّي وثقافي، وأنّ اللغة العربية قويّة وقادرة على أخذ أيّ شكل داخل أيّ إطار، حتّى إطار الموسيقى الكلاسيكية".

  * كنتِ في حيفا أخيرًا، فكيف استقبلك فلسطينيّو الداخل؟
"لم يكن عرض حيفا في الحسبان. إنّه اللّقاء الأوّل مع الجمهور العربي في البلاد، فكانت هذه الفكرة مخاطرة بالنسبة إليّ. لقد تركت البلاد منذ سنتين ولا أعرف ما الذي يحبّه هذا الجمهور! وهل سيقبلني بين صفوفه!، فجاء الاحتضان وغمرة الحبّ والاحتواء لتذيب خوفي. إكتشفتُ أنّ لي مكاني في البلاد، وأنّني عائدة حتمًا إلى هذا الجمهور الذي يقدّرني ويمنحني مكانةً راقية بينهم، وجدت نفسي بين أهلي ومجتمعي في غمرة سعادتي، وحُمِّلت مسؤولية أكبر وحافزًا وطموحًا لمواصلة الدّرب على أمل التّواصل المستمر".
* هل ستعودين إلى الغناء العربي؟
"إنّني لم أترك الغناء العربي أبدًا، حيث أختم كلّ عرضٍ موسيقي أوبرالي باللّغة العربيّة، وأعتبر هذه الخاتمة عبارة عن بطاقتي للحضور، أريده أن يعرف مدى اعتزازي وافتخاري بلغتي العربية وحقيقتي وأصلي... تخيّلي الجمالية في أن تغنّي لوقتٍ طويل بلغاتٍ عالمية ثم أن تعودي في النّهاية الى لغتك الأم؛ أيّ إحساسٍ جميل يعيدك الى عالمك، فتحسّين بأنّك في بيتك".
* وهل ستفتحين باب التعاون مع شعراء وملحنين عرب؟
"نعم، إنّ الفكرة مطروحة، وآمل أن أتعاون مع شعراء وملحنين عرب على اختلاف جنسيّاتهم. إنّها دعوة مفتوحة لكلّ من يتّجه إلى الموسيقى الكلاسيكيّة الغربيّة كي يقدّم عرض عمل وسأكون سعيدة جدًّا بالتعاون".
* تجمعين في الغناء بين الصوت الأوبرالي القوي والإحساس العربي العميق، فهل يستهويك الغناء الشرقي؟
"معلمتي تلحّ عليّ قائلةً باستمرار: "إيناس، لا نريد صوتك الأوبرالي، نريد صوتك العربي بقالب أوبرالي. لدينا ما يكفينا من الأصوات الأوبراليّة الرائعة، نريد الصّوت الرائع مصحوبًا بالإحساس، وإذا كنتِ تغنّين العربية بصورة رائعة فإنّك تبدعين بذلك في عالم الأوبرا". إنّها نصيحة ثمينة لمعلّمة مقتدرة، وأجمل ما سمعته أن تكون لغتي العربية هي سرّ نجاحي، من هنا كانت أهميّة جذوري الشرقيّة وأسلوبي في الغناء وإحساسي به. "إذا غنّيتي الأوبرا مثلما تغنّين العربيّة فستصلين إلى البعيد". يريدون صوتي بلونه العربي، بإحساسي الدّفين، بحزني وفرحي وتفاعلي، بالعِرَب المصحوبة بالغناء، فكلّ هذا التكامل هو إيناس مصالحة، الذي تطمح معلّمتي أن تراني فيه، وأحلم أنا أن أتجاوز حدود الموجود وآتي بكلّ ما هو أجمل.
وما يثلج صدري أنّ للغناء الشرقي مكانته الخاصة كونه مدرسة خاصة ليست بسيطة بل هو عالم غنيّ جدًّا. ومن غير الممكن أن أجمع بين العالمين الغربي والشرقي في عملٍ واحدٍ فيبدو الشّرخ واضحًا بين المدرستين الرائعتين".
* هل سيأتي يومٌ نرى فيه مجتمعنا العربي في البلاد مدارس لتعليم الأوبرا؟
"لِمَ لا؟! فهل كان يتوقع العالم احتضان موسيقى البوب التي لم تكن تدخل عقل الناس؟ هل كان يتوقع موزار من رافضيه أن يعتبروه فيما بعد معجزة موسيقية في العالم؟ هناك قصص كثيرة كانت بدايتها آلام وجراح تطال الموسيقيّين الذين يتحوّلون فيما بعد إلى عظماء ومبدعين في نظر النّاس. عندما كتب بيزيه مقطوعات كارمن سخر منه الجميع، لكنّ هذه الموسيقى تحوّلت إلى معلم ثقافي رائع. كذلك الحال مع فنّاني العالم العربي مثل عبد الوهاب وعبد الحليم وليلى مراد وغيرهم... في مجتمعنا سيتحقّق حلم الثقافة الموسيقيّة وإن حصل ذلك بعد 100 عام فهذا أمرٌ ممتاز، لكنّه إن تحوّل إلى معجزة بعد 20 سنة، فهذا قمة الروعة".
* صفي لي مسيرة الفنّان نحو النجاح.
"برأيي، إنّ الفنّان يعتمد على عدّة أمور تجعل منه فنانًا ناجحًا. فعليه أن يحمل موهبة تصل إلى 20 في المئة، مع نسبة عالية من العلاقات العامّة، إذ إنّ علاقاتك الجيّدة هي بوّابتك نحو النجاح، ثم هناك الحظ الذي هو ضروري، وبعده الاجتهاد الذي يشكل 40 في المئة من نجاح الفنان الذي إن لم يجاذف ويتحدّى فلن ينجح. هذه الصيغة المتكاملة تؤكّدها حقيقة مفادها أنّ الموهبة وحدها لا تطعم خبزًا، فهناك الملايين من الموهوبين الذين لا يجدون قوتهم اليومي، ولا يجدون من يصغي إليهم، وفي هذا العالم ثمّة الكثير من الصعوبات والحواجز والعراقيل التي قد تكسرها لتكمل مشوارك وإلاّ فستكسرك هي، ويضيع منك الطريق".
* علاقة إيناس بالآخر اليهودي؟
"من تجربتي الشخصية كانت علاقتي مع الإسرائيليين جيّدة. لقد حصلت على منح أوصلتني الى العالمية لكنّ هذا الدّعم جاء لأنّني مغنية أوبرا وليس لأنّي عربية. فأنا لم أكن لأتخلّى عن هويّتي من أجل الحصول على المساعدة، بل أذكّرهم دائمًا بهويّتي وواقعي الفلسطيني، ومن أجل هذا أذكّرهم بأنّي لا أغنّي في عرض يغنَّى فيه نشيد "هتكفا" (نشيد الدولة). أنا أستطيع أن أكون إنسانة ومثقفة وحضارية في تعاملي معهم مخبرةً إيّاهم بما يضايقني منهم في وجوههم. من جهة ثانية يهمّني جدًّا أن يروا فيَّ وجهًا منافسًا لهم، وأن نوازيهم بثقافتنا العربية، وبأنّنا نستطيع أن نكون مغنّي أوبرا مثل الّذين عندهم، وبما أنّ اليهود ينظرون إلى الأوبرا على أنّها أرقى أنواع الفنّ، فأن يكون لدينا فنانون أوبراليّون معناه أنّنا نوازيهم، وهذا ما يجب أن يلمسوه. لقد آن للعرب أن يعرفوا أنّ السلاح الثقافي أشدّ وطأة من السّلاح العنيف، فلغتنا وثقافتنا تحاربان أعتى صواريخ العالم، وهذا ما يجب أن نتعلّمه من اليهود للأسف، فهم في كلّ موقعٍ فنّي في العالم: مغنّون وملحّنون وممثّلون، ونحنُ ما زلنا ننتظر فرصتنا المتاحة".
* هل تشغل العاطفة حيّزًا من حياتك؟
"إنّ عالم الفنّ جرفني حتى أنّي لم ألتفت نحو الاستقرار النّفسي والعاطفي. فالإحساس بالغربة يصعّب عليّ بناء علاقة، لكنّ حلمي الموازي للفنّ أن أكون أمًّا ويكون لي شريك حياة يبادلني الحب ويفهمني ويساندني. الإستقرار أحد أهمّ مشاريع حياتي ولست مستعدّة لتخلّي عنه لأنّني في النهاية إنسانة تحتاج الحبّ وممارسة الطقوس العائليّة أسوة بباقي البشر. أنا في المقابل أعيش مع إحساسٍ كبير بالاكتفاء والشكر والتقدير لكلّ ما حصل في حياتي، لا أندم على ما فات وأشكر الآخرين على مساندتهم ودعمهم وصولي إلى الموقع الذي لم أكن أتوقّع الوصول إليه، ويريحني جدًّا أنّني حين أخلد إلى النوم أفكّر في أنّي كنتُ صادقة مع نفسي ومع الآخرين. هذا أكثر ما يريحني في مسيرة حياتي ويقلقني أيضًا الإقدام على خطوات أكثر عمليّة فيها عطاء، وأنا بانتظار الخطوة القريبة لتقديم مشاريع موسيقيّة تثقيفيّة للأطفال، كما لديّ أفكار أخرى لن أبوح بها الآن".

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced