نساء «المساطر».. عراقيات يتوجّهن إلى العمل بأجر يومي
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 09-03-2009
 
   
أوان -  نقاش: منذ ساعات الفجر الأولى، تتوجه أم لمياء إلى مكان تجمع العاملات، في منطقة السدة شرق بغداد، الذي يطلق عليه العراقيون تسمية «المسطر»، مصطحبة معها ابنتها الوحيدة التي لم تتجاوز ربيعها السادس عشر، لتحصل على عمل بأجر يومي، تحمي به نفسها من نار الحاجة.
فالمرأة الأربعينية التي فقدت زوجها، واضطرت إلى العودة إلى منزل أهلها بعد أقل من عام على زواجها، وهي تحمل في أحشائها ثمرة ذلك الزواج، أدركت منذ اليوم الأول لولادة ابنتها الوحيدة لمياء، أن طريق حياتها سيكون مليئا بالهموم والمتاعب، وستضطر إلى العمل يوما لإعالة طفلتها.
وتروي أم لمياء، التي بدت عظام وجهها بارزة للعيان، كيف أنها تستيقظ في الصباح الباكر، وتقوم بإيقاظ ابنتها، ثم تقوم بإعداد الشاي وتتناولان معا بعضا من قطع الخبز والجبن، قبل توجههما إلى موقع تجمع النساء، الذي صار يسمى (مسطر النساء).
وتقول وهي تقلب يديها السمراوين، وقد بدت أصابعها أسمك بكثير من أصابع امرأة في مثل بنيتها «أنادي لمياء في أحيان كثيرة بعد إعداد الشاي، فأكتشف أنها ما زالت نائمة، وأعود لإيقاظها ثانية، وغالبا ما اضطر إلى رفع صوتي عليها، أو تحريكها حتى تستيقظ».
وتعترف أم لمياء أن العمل في تشييد المنازل يحتاج إلى قوة مضاعفة، وأن بنيتها الضعيفة لا تحتمل التعب، وتسقط في أحيان كثيرة بسبب الإجهاد وارتفاع درجات الحرارة في الصيف، ولاسيما أنها تتناول وجبة صغيرة وبسيطة من طعام الغداء، تأخذها معها من البيت.
وفي الوقت الذي اعتاد العراقيون أن يطلقوا كلمة (المسطر) على أماكن تجمع العمال الرجال الباحثين عن عمل بأجر يومي، فإنهم لم يعتادوا سماع كلمة (مساطر النساء) إلا في الآونة الأخيرة، عندما اضطرت شرائح فقيرة من النساء، تحت ظروف الفقر والحياة القاسية التي أفرزتها الحروب المتتالية والاحتلال والتهجير القسري، إلى العمل في مهن صعبة، وتحت ظروف عمل قاسية.
ولم يقتصر وجود (مساطر النساء) على منطقة السدة، بل امتد إلى مناطق أخرى فقيرة في بغداد وبعض المحافظات الأخرى، التي نشأت فيها ساحات في المناطق الفقيرة، تتجمع فيها النساء الراغبات في العمل بالأعمال اليدوية الصعبة.
وتتجمع عشرات النساء يوميا في المسطر؛ بين أرامل ومطلقات ومهجّرات وفتيات دون سن العشرين، يفترشن ساحة المسطر في ساعة مبكرة من صباح كل يوم، في انتظار من يأتي ليأخذهن إلى العمل ساعات النهار.
وتعمل بعض النساء مع متعهدين يقومون بإيقاف سياراتهم عند مسطر النساء، وانتقاء العاملات ونقلهن إلى مواقع العمل في سيارات مكشوفة (وانيت)، أغلبها تستخدم في نقل الحيوانات من القرى إلى مجازر اللحوم.
أم عبود؛ وهي واحدة من المتعهدات لجمع النساء، تقول إنها تجمع النساء وترسلهن إلى المعامل ومخازن التمور والمزارع، مقابل عمولة محددة من أصحاب العمل، مشيرة إلى أن لعمل النساء مواسم محددة، إذ غالبا ما تحصل جميع النساء في مساطر التشغيل على فرصة عمل، في مواسم جني التمور والذرة والحنطة والشعير.
أما في الأيام الباردة، فتضطر النساء إلى العمل في مخازن التمور، لتنظيفها وتغليفها، أو في التحميل وإزالة الأنقاض من البيوت المشيدة حديثا، فيما يفضل بعضهن الخدمة في البيوت، ممن هن بحاجة إلى مورد يومي للمعيشة، ولا يستطعن العمل في ظروف صعبة.
وتضيف «بعض النساء يخجلن من الخروج إلى المساطر، على الرغم من استعدادهن للعمل، فأتولى الاتصال بهن في البيوت، للخروج مباشرة إلى موقع العمل».
وتؤكد المرأة التي دلت قسوة ملامحها على تمكنها من هذه المهنة، إذ تمارسها منذ سنوات، أن بعض النساء يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل أرباب العمل، فيضطررن إلى ترك العمل، والبحث عن فرص جديدة قد ينتظرنها أياما قبل أن تأتي.
وتعترف المنظمات النسوية بانتشار هذه الظاهرة، وعجز الحكومة عن معالجتها بالشكل المطلوب، ولاسيما أن أغلب النساء العاملات في هذا المجال هن من الأميّات اللواتي لا يُجدن القراءة والكتابة، الأمر الذي يجعل توظيفهن أمرا صعبا.
وتؤكد سميحة عبد الواحد؛ رئيسة منظمة رعاية الأرامل، وهي من منظمات المجتمع المدني التي تهتم بشؤون المرأة الأرملة، أن أغلب النساء اللواتي يعملن في (مساطر) العمال، لا يجدن أية مهنة يمكن أن يستفدْن منها، ولم يدخلن المدارس أو تركن المدارس في سن مبكرة، بسبب الوضع الاقتصادي للعائلة.
وتوضح أن «هناك منظمات كثيرة تحاول إيجاد مشاريع لتعليم المهن للنساء العاملات في أعمال شاقة، وتقديم المعونات المالية لهن، للابتعاد عن العمل الشاق الذي يستنزف قواهن بشكل مبكر، لكن انتشار الظاهرة أوسع بكثير من قدرة منظمات المجتمع المدني».
وتضيف عبد الواحد أن أغلب النساء يعملن بين 8 - 9 ساعات، بأجور تتراوح بين (10 - 13) دولارا يوميا، وأن معظمهن يصطحبن أطفالهن الذين يعملون بنصف الأجر، ليحصلن على مبلغ إضافي، محذّرة من أن «مستقبلا داكنا ينتظر الأطفال أيضا، إن لم تلتفت الحكومة إلى المشكلة».

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced