في العراق شبان وكهلة حمّالون يكافحون لتحصل لقمة العيش
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 07-04-2013
 
   
يلفت الانتباه منظر الحمّالين في العراق، لا سيما الصغار منهم وكبار السن بأجسامهم النحيلة، يعملون في الاسواق التجارية المكتظة، ويبذلون من الجهد ما يصيبهم بالإعياء. ففي المراكز التجارية في المدن، يتشابه اولئك الحمالون في سيمائهم وعرباتهم ومهامهم، مثلما يتشابهون في الصعوبات التي يواجهونها.
في منطقة حافظ القاضي في بغداد، ينشغل الفتى عصام حميد ( 14 سنة) بدفع عربته الخشبية التي حمّلها البضائع، ينقلها من الدكان إلى سيارات النقل، تى يكاد يعجز عن جرها. لكنه بدا متيقنًا من قدراته الجسمية، فيقول: "هذه الحالة تتكرر في اليوم مرات عدة، وفي نهاية النهار يصيبني الإعياء، لكن ليس من حل آخر، فهذه المهنة هي كل ما أعرفه وأجيده".
ترك حميد المدرسة من اربع سنوات، ليمتهن العتالة في اسواق الشورجة، وحافظ القاضي، وشارع الجمهورية. ويؤكد: "لا بد لي من توفير لقمة العيش لأسرتي، وينتابني اليأس حين أعود إلى البيت خاوي اليدين".
يرى الباحث الاجتماعي توفيق مهدي أن الحل بالنسبة لهؤلاء الحمّالين الصغار والكبار يكمن في إتاحة فرصة عمل كريم لهم، وفر لهم ضمانًا اجتماعيًا وصحيًا، كي لا يقعوا فريسة المستقبل المجهول، "توفر لهم دخلًا شهريًا ثابتًا وتضمّهم إلى نقابات وجمعيات توفر لهم الضمانات في حالة عدم قدرتهم على الاستمرار في مهنتهم الشاقة هذه".
أطفال مضطرون
تشكّل ممارسة الاطفال، بحسب طبيبة الاطفال كوثر نعمان، خطرًا يهدد نموهم السليم. ويقول تقرير منظمة يونيسف التابعة للأمم المتحدة إن حجم عمالة الأطفال في العراق يقارب المليون طفل. في جانب آخر من سوق الشورجة وسط بغداد، يقف عمار جبار ( 12 سنة) بجانب عربته الخشبية التي يبلغ طولها ثلاثة امتار، ينتظر زبونًا يحمل له البضاعة من المنطقة المكتظة إلى ساحة النقليات.
يقول عمار بلغة الواثق: "لا يستطيعون العمل من دوننا، اذ يتعذر نقل البضاعة من المنطقة التجارية إلى السيارات الا بواسطة عرباتنا". ويحصل عمار جراء عمله الشاق بين السادسة صباحًا والثالثة ظهرًا نحو 20 دولارا كمعدل وسطي يومي.
يضيف: "حين أمرض فيها او ينتابني التعب، تقع اسرتي المكونة من اربعة افراد في ضائقة مالية"، وهو الذي اضطر لترك الدراسة ةالعمل ليعيلهم بعد وفاة والده قبل خمسة أعوام. تقول عبير مهدي من هيئة رعاية الطفولة بوزارة العمل العراقية إن الاعانات للعوائل الفقيرة من دوائر الرعاية الاجتماعية قليلة جدًا، ما يضطرها إلى دفع أبنائها للعمل في المهن الشاقة.
تضيف: "في الحقيقة، ممارسة الأطفال هذه الاعمال الشاقة جريمة يحاسب عليها القانون في كثير من الدول".
وفي عطلة الصيف، حين تغلق المدارس أبوابها، تزداد أعداد الحمّالين الصغار، يلتصقون بعرباتهم الصغيرة والكبيرة ويتسابقون لحمل ما ثقل حمله. وبفضل هذه المهنة، يدّخر علي كاظم (13 سنة) مبلغًا مهمًا كل يوم، على امل الاستفادة منه في أوقات المدرسة لشراء ما يحتاجه من ملابس ولوازم دراسية.
كهلة متعبون
ومثلما يعاني الصغار من صعوبة جر هذه العربات فإن الحمّالين من الكبار في السن يجدون انفسهم غير قادرين على متابعة المشوار طوال النهار، فيضطرون إلى الاستراحة بين الفينة والأخرى.
يقول أبو عمر الذي جلس إلى جانب عربته، يدخن سيجارته إنه لا يستطيع تأجير عربته أكثر من اربع الى خمس مرات، ليحصل على دخل يومي يتراوح بين 20 إلى 30 دولارًا تكفيه لسد رمق عيشه اليومي. وفي الحالات التي يجد فيها ابو عمر نفسه منهكًا، يضطر إلى بيع اكياس النايلون للمارة.
التاجر أمين سعد، الذي ينفق على احد الحمّالين الكبار في السن ويمنحه كل يوم ثلاثين دولارًا، يقول إن هؤلاء الحمّالين هم شريان الحياة، لأن الطرق الضيّقة والحواجز الامنية تحول دون دخول مركبات النقل إلى المخازن.
ويتابع: "هذا الحمّال الطاعن في السن يعمل في هذه السوق منذ عشرين عامًا، لكنه اليوم خائر القوى يأتي صباحًا إلى الدكان ويركن عربته بعيدًا، لأكلفه بانجاز بعض الاعمال البسيطة، وحتى لو غاب أصرف له المبلغ نفسه.
شظف العيش
يقول الباحث الاجتماعي سعيد اللامي، الذي عايش الكثير من هؤلاء الحمالين عن كثب وكتب عنهم في الصحف المحلية، انهم يكافحون من أجل لقمة العيش. ويتابع: "اغلبهم يعانون الفقر المدقع، وتوقفهم عن العمل يعني جوعهم".
ويؤكد اللامي أن الكثير منهم كانوا ضحيّة التفجيرات وأعمال العنف بحكم تواجدهم في المراكز التجارية والأماكن المكتظة والتي تكون في الكثير من الاحيان هدفا للتفجيرات بالعبوات الناسفة والقنابل الموقوتة. وفي العام 2007 قُتل حمّال، مع مواطنين كانوا بقرب المكان بحسب اللامي، بعد أن وُضعت عبوات ناسفة في عربته انفجرت في وسط سوق الشورجة المكتظ.
لكن ثمة حمّالون كانوا في يوم الايام اصحاب دخل مرتفع وحالة مادية جيدة، وجعلتهم تقلبات الزمن يلجأون إلى ممارسة هذه المهنة الشاقة التي يعتبرها البعض عيبًا وفق أعراف وقيم إجتماعية معينة. فعبد السلام الكاظمي اضطر إلى بيع حُلي زوجته والاقتراض من أقربائه لتسديد ديونه بعد خسارته في التجارة، ثم اضطر إلى العمل حمّالًا لتأمين لقمة عيشه.
يقول الكاظمي: "بالرغم من المتاعب الجسدية وصعوبة العمل الشاق فأنا مرتاح من كابوس الديون، بعدما ادرك الدائنون اني لا استطيع تسديد ما بذمتي من الاموال". والكاظمي اليوم واحد من حمّالين يعيشون سعادة حقيقية لا يعرفها الكثير من الأغنياء وأصحاب المال، فما يحصلون عليه من المال يكفي لسد الحاجة اليومية، وينامون نومًا رغيدًا من فرط التعب، ليصبحوا في نشاط متجدّد.


وسيم باسم

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced