التدخين موت بطيء ..عدم تطبيق القانون يسهم في انتشاره-الأخبار

التدخين موت بطيء ..عدم تطبيق القانون يسهم في انتشاره

	نشر بواسطة: Adminstrator
	الثلاثاء 30-07-2013

التدخين من العادات السيئة الشائعة في المجتمعات بكافة أرجاء العالم ، تتسبب للمدخن بإضرار صحية وأمراض خطرة وهدر للمال وبرائحة كريهة بملابسه والأماكن التي يدخن بها ويمتد ضررها الى من يحيط به من الأهل والأصدقاء، نتيجة ما يسمى بالتدخين السلبي بسبب استنشاق الدخان المنتشر في الجو، والتدخين ظاهرة تفرض نفسها على ارض الواقع لا يمكن تجاهلها ولابد من وضعها على بساط النقاش والبحث . ومعرفة واقع التدخين بصورة عامة ،وفي العراق خاصة وحقيقة المستورد منه ،وكم تبلغ نسبة فئة المدخنين ، والأمراض التي تنشأ عنه وغيرها من الأمور التي تتعلق بهذه الظاهرة التي راحت تتفاقم في بلدنا مؤخرا من الأمور التي تهمنا ونسعى الى تسليط الضوء عليها عبر هذا التحقيق .

اكتشاف التبغ وبداية التدخين
بدأ التدخين أولا بين أهل أمريكا الأصليين
( الهنود الحمر )، وبالتحديد في جزيرة " كوبا " . فعندما نزل كريستوفر كولومبس خلال رحلته الشهيرة الى العالم الجديد عام 1492 شاهد قرية صغيرة ، ووجد أهلها فقراء وبين أيديهم لفافات بنية وبجوارهم نار بها جمرات ، توضع الجمرة على احد طرفي اللفافة ويوضع الطرف الآخر في إحدى فتحتي الأنف ومنه يحدث الشهيق ويخرج الزفير على هيئة حلقات من الدخان. هذا ويستنشق الشخص مرتين أو ثلاثة من اللفافة قبل أن يناولها لمن يليه. تعجب البحارة لما رأوه وبدافع الفضول عرفوا سر هذه اللفافات فهي مصنوعة من أوراق نبات بري ينمو بكثرة هناك . وتوهم الهنود الحمر والكوبيون إن دخان هذا النبات مهدئ وملطف ويزيل الملل والضجر. أخذ كولومبس بذور هذا النبات الى أوروبا حيث بدأ الفلاحون بزراعته واستخدام أوراقه كعشب طبي للاسترخاء.
النيكوتين نسبة لمكتشفه الفرنسي(نيكوت)
في عام 1560 كان السفير الفرنسي ( جين نيكوت ) في زيارة لسجون البرتغال فإذا بحارس السجن يتقدم إليه بهدية غريبة عبارة عن عشب وبذور استوردت حديثا من فلوريدا التي استعمرها البيض. وبعد تجربته بعث منها الى ملكة فرنسا التي جربته ثم أعلنته لشعبها على انه نبات يشفي من الصداع. بعد زمن انتقل هذا النبات إلى بقية أوروبا. وسمي " نيكوتين " نسبة الى جين نيكوت . وفي عام 1612 بدأ انتشار التبغ تجاريا الى أمريكا الشمالية بواسطة الكولون ( جون رولف ).. الذي نقل البذور من أمريكا الجنوبية الى فيرجينيا التي كانت تتمتع بتربة ومناخ مناسبين جدا لزراعة هذا النبات وكان معظمه يصدر الى بريطانيا . الى أن بدأت الحروب التحريرية عام 1775 حين بدأت المصانع الأمريكية في إنتاجه على هيئة سجائر ومضغ ونشوق وذلك من أجل الاستخدام المحلي. أما السيجار فلم يتم تصنيعه حتى أوائل العام1800 للميلاد.
السجائر العراقية
كانت سيجارة (اللف ) أول متداولا بين العراقيين وسجائر (المزبن ) .أما أول معمل للسجائر في العراق انشأ عام 1926 باسم معمل دخان وسجائر وأول إنتاج له علبة سجائر (غزالة ) تبعه افتتاح أكثر من معمل أهلي وظهرت سجائر (تركية ) و( غازي ) ثم سجائر (الجمهورية). في عام 1964 دمجت هذه المعامل وسميت الشركة العامة للدخان العراقي وفي العام 1968 أسست وزارة الصناعة الشركة العامة للتبوغ والسجائر وأدخلت المكائن الحديثة إليها وأخذت تغطي 75 بالمئة من الاحتياج المحلي وذلك لجودتها ومطابقتها للمواصفات القياسية وفرضت الرسوم الكمركية على المستورد مما مكن المنتج المحلي منافسة المنتج الأجنبي وتوالى الانتاج حيث قامت الشركة بإنتاج أكثر من نوع من السجائر منها ، بغداد وسومر والقيثارة اريدو وغيرها من الأنواع الجيدة .
المنتج العراقي الحالي
تحدث مدير عام الشركة هشام جعفر صادق في تصريح اعلامي قائلا:بعد العام (2003) والانفتاح الذي حصل في السوق العراقية وإغراقها بالمستورد الأجنبي ازدادت حدة المنافسة وانخفضت مبيعات الشركة الى أقل من 10% من حجم السوق ولرخص المنتجات الأجنبية المستوردة وعدم فرض الرسوم الكمركية وخضوعها الى المواصفات العراقية والسيطرة النوعية، إضافة الى أن أغلب مكائن الشركة قديمة ومستهلكة يعود تاريخ أحدثها الى سنة 1984 لذلك أصبح المردود الإنتاجي من هذه المكائن منخفض في النوعية والكمية وغير قادر على منافسة المنتج الأجنبي من حيث التعبئة والتغليف. وأضاف صادق : إن الشركة تهدف الى رفع مستوى أدائها من خلال تطوير معاملها وذلك بإدخال التكنولوجيا الحديثة إليها عن طريق مبدأ الشراكة مع المستثمرين المتخصصين في صناعة السجائر والعمل على إنتاج سجائر عالية الجودة وبنكهات متنوعة مع الأخذ بنظر الاعتبار الجوانب الصحية قدر الإمكان لحماية المواطن، وبمظهر خارجي كامل المواصفات من حيث التعبئة والتغليف يجعلها قادرة على الدخول في السوق والمنافسة مع المستورد والحصول على شهادة الجودة الشاملة (الآيزو).
خط إنتاجي للمعسل
مشيرا بأنه تم العمل على صيانة وإعادة بناء البنية التحتية للشركة ، من صيانة شبكة الماء والطاقة الكهربائية باستيراد مولدات لسد النقص الحاصل بها وإعادة تأهيل البنايات والخدمات المختلفة فقد بوشر بالعمل فيها وانجاز نسب متقدمة جدا من ذلك وبجهود ذاتية من قبل كوادر الشركة بعد استحصال التمويل الكافي. إن الخطط المستقبلية لشركة التبوغ هي إنشاء خط إنتاجي للمعسل نتيجة للطلب المتزايد في السوق المحلية لهذا المنتج فقد تم إعداد الدراسات والجدوى الاقتصادية لهذا المشروع لغرض تهيئته لأعمال التأهيل، كذلك فان الشركة اتجهت ضمن خططها بتنمية الموارد البشرية الإنتاجية كونها العنصر الحاسم لتحقيق الكفاءة الإنتاجية للشركة وهي من أهم عوامل النهوض بالمؤسسة وخيارا لرفع التحدي ومسايرة التقدم التكنلوجي ومساهمته في نجاح العاملين في إجراء الأعمال الموكلة إليهم بإعداد دورات متخصصة في مجال صناعة السجائر داخل وخارج القطر.
تجارة السجائر في العراق
تجارة السجائر تعد من الأعمال الرابحة في جميع دول العالم، ويقدر الربح اليومي لبائع (البسيطة) في بلدنا ما بين 15-25 الف دينار، ويقدر الربح اليومي لتجار التجزئة عشرات الإضعاف أما أرباح التجار الرئيسيين فدون شك لا تقارن بأرباح بائع البسطية وتاجر التجزئة . بعض التجار أكدوا إن السجائر التي تباع في العراق اغلبها مقلدة وغير أصلية وتدخل بطرق غير شرعية وبعضها يتسبب بالعقم وإنها تنتج في معامل محمولة على بواخر للتملص من التبعات القانونية للماركات الأصلية.
تبوغ تسبب العقم
يبين الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية العراقية :تتوفر في الأسواق المحلية العراقية (126)نوعا من السجائر حاليا، تنتج جميعها من باخرة واحدة متوقفة قرب ميناء العقبة بالأردن، وان جميع أنواع هذه السجائر تنتج من ثلاثة أنواع فقط من التبغ حيث تتم طباعة العلبة والاسم الذي يثبت عليه والذي يرغب به التاجر ومن ثم تدخل الى البلد بعد فحصها في المختبرات الخاصة بجهاز التقييس والسيطرة النوعية ووزارة الصحة ، ويبين الأمين العام إن خلطة السجائر هذه لا يمكن كشفها من خلال الأجهزة الموجودة سواء في الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية أو مختبرات الصحة المركزية، لافتاً الى إن بعض هذه الخلطات أظهرت إنها تسبب العقم . وأوضح إن علب السجائر تباع بسعر رخيص في العراق، موضحا إن أي واحد من أنواع هذه السجائر يباع في العراق بنصف دولار بينما يباع في لندن بسبعة دولارات.
سجائر منتهية الصلاحية
التاجر حيدر هادي متخصص في السجائر: إن أكثر السجائر الموجودة حاليا تباع في الأسواق العراقية بسعر اقل مما هو عليه في باقي الدول لان العراق لا يفرض ضرائب على السلع المستوردة غير رسم والاعمار البالغ خمسة بالمئة من قيمة البضاعة، أما باقي الدول فإنها تفرض الضرائب الخاصة بالتجارة والبيئة والصحة ورسوماً إضافية ما يضاعف سعرها قياسا بالعراق فدول الخليج مثلا تفرض ضرائب على السجائر بنسبة 100 بالمئة .وان هناك سببا آخر لانخفاض أسعار السجائر في البلاد وهو إن اغلبها(اكسباير) أي منتهي الصلاحية، فضلا عن كون إنتاجها خارج بلد المنشأ وتصنع في دول شرق أوروبا لرخص الأيدي العاملة.
وبين إن هناك معامل جديدة تم استحداثها لإنتاج السجائر في الأردن ودبي. إحصائيات مرعبة
مسؤول في وزارة الصحة يقول : في مسح اجري في العام 2006 لوزارة الصحة وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة التخطيط اظهر إن عدد المدخنين في المجتمع العراقي للفئة العمرية المحصورة بين 25 ـ 65 سنة ظهرت نسبته 21.9 بالمئة ،مشيراً الى إن نسبة الرجال من المدخنين في المجتمع بلغت آنذاك 41.5 بالمئة بينما كانت لدى النساء بنسبة 6.9 بالمئة. وإن هذه النسب ليست دقيقة لأن وزارة الصحة لو أرادت أن تجري مسحاً خاصا بالتدخين فانه يكون على فئة عمرية اقل من ذلك لأن هنالك الكثير من الشباب يدخنون وهم بأعمار اقل من 25 سنة، معرباً عن اعتقاده بأن النسبة الآن هي أكثر من هذه الأرقام لأننا نرى إن ظاهرة التدخين تتسع وتتزايد بصورة وصفها بـ(المخيفة) خصوصاً في غياب القوانين والتشريعات بالرغم من المحاولات الكثيرة لوزارة الصحة إلا إن عملها يبقى غير محمي ومغطى بتلك القوانين والتشريعات.
قانون مكافحة التدخين
وفي ملخص لقانون مكافحة التدخين الذي اقره مجلس النواب وصادق عليه مجلس الرئاسة واستنادا الى أحكام البند (اولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور. القانون برقم (19( لسنة 2012 يقضى بمنع التدخين داخل كافة مباني دوائر الدولة ، والأماكن العامة كالمسارح والمطاعم وقاعات المناسبات وغيرها ويمنع الترويج للتدخين كما أشار الى تخصيص أماكن خاصة للتدخين في المواقع التي منع بها ومنع الترويج له ووضع شروطا ومواصفات للسجائر التي تستورد وغيرها من البنود. والقانون يحوي تعليمات بحيث لا تكون مكافحة التدخين من واجب وزارة الصحة فقط، وإنما وزارات ساندة أخرى كالنقل والداخلية ويتضمن منع التدخين في الأماكن العامة ويقصد بها كل مكان يحوي سقفاً ويرتاده المواطنون كالمكاتب والدوائر وسيارات النقل، فضلاً عن تركيزه على مسألة مهمة هي منع الترويج لمنتجات التدخين وتقنين عملية الاستيراد والتصدير وحتى صناعة التبغ يجب أن تكون وفق مواصفات معينة كتقليل النيكوتين والقطران ضمن الحد الأدنى المطلوب.
الإقلاع عن التدخين
وينخفض معدل الإصابة بدرجة ملحوظة عندما يقلع المدخن عن التدخين ، فلقد دلت الدراسات على أن احتمال حدوث السكتة الدماغية الناجمة عن نزيف المخ يزداد بزيادة عدد سنوات التدخين ، وينخفض بمقدار 50% في الأفراد الذين أقلعوا عن التدخين . ولعل من أهم الأسباب التي تؤثر على لياقة المدخن البدنية وتحد من حركته انسداد شرايين الساق ، الذي يؤدي في بادئ الأمر إلى صعوبة في المشي مع حدوث آلام مبرحة في الساق . وقد يتطور المرض بعد ذلك في حالة الاستمرار في التدخين ، حيث يحدث انسداد كامل في شرايين الساق ، وهذا يسبب مرض الغنغرينا الذي يعالج ببتر الجزء المصاب . وإذا كان المدخن يشكو من ارتفاع ضغط الدم ، فإن التدخين قد يؤدي إلى حدوث إصابات سريعة في الشرايين ، وقد تكون هذه الإصابات في شرايين المخ ، حيث ينجم عنها حدوث نزيف قد يكون سبباً آخر من أسباب السكتة الدماغية . وقد يسبب التدخين الإصابة بجلطة وريدية قد تصل إلى الوريد الرئوي حيث تستقر في الرئة وتسبب حدوث الوفاة .
الرياضة وكفاءة الرئة
تزداد خطورة التدخين على القلب والشرايين في المدخنين المصابين بمرض السكر أو البدانة ، والرياضة البدنية والتدخين متضادان ، فالرياضة تساعد في علاج مرض السكر والبدانة ، والتدخين يسهل حدوث مضاعفاتهما على القلب والشرايين . ولذلك فإن للتمرينات الرياضية دوراً كبيراً في تحسين صحة المدخن بعد الإقلاع عن التدخين ، حيث تقلل ممارسة الرياضة من احتمال حدوث إصابات في القلب والشرايين ، كما يساعد تنشيط الدورة الدموية على تخليص أنسجة الجسم من المواد الكيميائية التي تراكمت في هذه الأنسجة على أثر التدخين . وتساعد التمرينات الرياضية أيضاً في رفع مستوى كفاءة الرئة بعد الإقلاع عن التدخين ، وهذا يؤدي إلى سهولة إمداد الأنسجة بالأكسجين اللازم لحيوية الجسم وتجديد خلاياه .

المدى