الفساد يلوث مياه دجلة
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 28-08-2013
 
   
مياه صافية نقية، هذا هو وصف حال مياه دجلة قبل أن تدخل مدينة بغداد، لكنها ما ان تخرج منها حتى يتغير لونها الى الأخضر الداكن بفعل الملوثات الخطيرة التي تصب فيها على امتداد ساحل النهر في بغداد!.
دجلة الخير اصبحت الان مكبا للنفايات ومجرى لمياه الصرف الصحي اصبح الان مهملا و مكبا للنفايات المسمومة والثقيلة ،دجلة يناشد الماضي، ومن تغنى به حيث قال الجواهري فيه:
حيّيتُ سفحَكِ عن بُعــــدٍ فحيـِّيني
يا دجلةَ الخيرِ يا امَّ البســــــاتينِ
حييَّتُ سفحكِ ظمآنا ألــــــوذُ به
لـــــوذَ الحمائمِ بين الماء والطين
يا دجلةَ الخيرِ يا نبعاً افـــــارقُهُ
على الكـــــراهةِ بين الحينِ والحين
إنِّي وردتُ عيونَ الــــماء صافيةً
نبْعا فنبْعا فما كــــــانت لترْويني
وانتَ يا قاربا تلْوي الريــــاحُ به
لَيَّ النســــــــائمِ اطرافَ الافانين
ودِدتُ ذاك الشِراعَ الـرخص لو كفني
يُحاكُ منه غداةَ البين يطــــــويني
يا دجلةَ الخيرِ قد هانت مطـــامحُنا
حتى لأدنى طمـــــاحٍ غيرُ مضمون
اتظْمنينَ مَقيلاً لي سواســـــيةً
بين الحشائشِ او بين الريــــــاحين؟
السياسيون يصفونه بالكارثة
انها كارثة بحسب وصف المسؤولين والمراقبين تلقي بأثارها وتداعياتها المباشرة على حياة الناس وعلى مستقبل النهر والمدينة ، التحذيرات من هول الكارثة تزايدت وطرقت بقوة على ابواب مراكز القرار والجهات ذات العلاقة، واعلن مجلس الوزراء العراقي اخيرا عن تشكيل لجنة لمكافحة التلوث، لكن ذوي العلاقة لايعولون على تشكيل لجان، انهم يعتقدون ان القضية تحتاج الى استنفار طاقات الدولة.
كل شيء اصبح الان لا يعقل تصريف المياه الثقيلة ترمى في نهر دجلة يوميا، فضلا عن نفايات خطيرة للمصانع والمستشفيات وانابيب نقل المياه الثقيلة المرتبطة مباشرة بالنهر، التأخر وحتى التماهل في البدء بتنفيذ خطة فاعلة لمواجهة تلوث دجلة سيؤدي الى أزمة حقيقية تضع مصير تسعة ملايين مواطن هم سكان العاصمة في مهب الريح، كوارث سياسية واقتصادية وثقافية وإنسانية و صحية ودينية، وزاد البلاء بسياسيين كانوا ومازال بعضهم يعتاشون على رواتب الإعانة الاجتماعية لكثير من البلدان الأوروبية ،التي ما زالوا فيها مواطنين من الدرجة الثانية ،فساد مالي واداري استشرى بمؤسسات الدولة ونخر دوائرها كدود الارضة، وذهب ضحيته عشرات الآلاف من العراقيين نتيجة تلوث المياه الذي ولَّد لديهم الاصابة بالعديد من الامراض وكانت الحصة الرئيسة هي مرض السرطان ،ومع كل هذا البلاء والابتلاء كان الضحية المواطن العراقي الذي لم يعد يرجو ممن ينعتون انفسهم بسياسيي العراق أي شيء فلماذا تتلكأ الجهات المسؤولة في حل معضلة خطيرة يمتد عمرها لاكثر من عشرين عاما؟..
وزارة الموارد المائية
وزارة الموارد المائـيـة استمرت بكري النهر ورفع اﻷنقاض وستقوم بإنشاء شبكات مجاري ومحطات معالجة مـيـاه الصرف الصحي وزيادة الطاقة التصميمية بالمقابل تعلن وزارة البيئة عن ارتفاع نسبة التلوث في نهر دجلة بصورة كبيرة عند دخول مياهه العاصمة بغداد .
وقال وكيل وزارة البيئة للشؤون الفنية كمال لطيف ان «42 الف لتر في الثانية من مياه الصرف غير الصحي تُرمى في نهر دجلة يـسبب كل لتر فيها تلوث 4 لترات نظيفة، اي ان لدينا 172 الف لتر في الثانية غير مطابق للمحددات البيئية وملوث»، عازيا سبب ذلك التلوث إلى «عدم اكتمال مشاريع وزارة البلديات وامانة بغداد ووزارة الصحة التي تمنع رمي مخلفاتها في النهر.
بينما وزارة البلديات والأشغال العامة قالت إن لديها مشاريع لنصب محطات معالجة في كل المحافظات.
موكدة ان هناك مشكلة المعامل والمستشفيات التي ﻻ يمكن السيطرة عليها كونها ﻻ تخضع لوزارة البلديات.
أما وزارة الصحة، فقد أكدت أنها تمتلك محارق خاصة لمعالجة النفايات، تتولى مهمة جمع النفايات من المستشفيات وحرقها بمحارق خاصة.
المنطقة الخضراء
مشهد المياه الثقيلة التي تصب في نهر دجلة في منطقة الكاظمية يثير الذعر فحجم المياه الثقيلة يصل الى نحو15م3 في الثانية اي مقدار التلوث لايعني شيئا بالقياس الى حجم التلوث بسبب المياه الثقيلة التي تلقى في النهر من جهة منطقة الرستمية.
والواقع انه على امتداد ساحل النهر من صوبي الكرخ والرصافة يمكنك ان تشاهد تدفق المياه الثقيلة الى النهر، فالعديد من مناطق بغداد ومستشفياتها جرى ربط شبكات انابيب تصريف مياهها الثقيلة مباشرة بالنهر الحال هذا ينطبق على اهم فنادق العاصمة التي انشئت مطلع الثمانينات وكذا مدينة الطب كبرى المراكز الطبية في البلاد والعديد من المناطق الصناعية التي ربطت انابيب تصريف نفاياتها مباشرة بالنهر، وحتى المنطقة الخضراء اشهر مناطق بغداد لم تربط انابيب تصريف مياهها الثقيلة بالشبكة الرئيسة بل تلقى ايضا في نهر دجلة وبعضها الاخر ينقل بواسطة السيارات الحوضية.
بقعة داكنة
على مدى أربع وعشرين ساعة ومنذ اواسط الثمانينات من القرن الفائت تصب مياه تصريف المجاري لمنطقة حافظ القاضي في دجلة عبر انبوب لنقل المياه الثقيلة، كما يؤكد عدد من اصحاب المحال في شارع النهر وحول السواحل القريبة من جسر الاحرار يمكن ان نرى مياه دجلة وقد مال لونها الى الاسود كدليل واضح على مدى تلوث المياه في نهر بدأت تشح مياهه ويقل جريانها ما ينعكس بالتالي على تفاقم مشكلة تلوثه.
التحليل الكيمائي يؤكد ان الماء الصالح للشرب يجب ان يمر بسلسلة من التفاعلات الكيميائية وبكل صراحة العراق تعرض الى قصف باسلحة تحتوي على نسب من اليورانيوم المنضب في اغلب الحروب التي شُنت عليه وهذا باعتراف منظمات دولية وانسانية وحتى الدول ذاتها التي استخدمت تلك الاسلحة ،وآخر البحوث الطبية التي أجريت في العراق على ان معظم الامراض السرطانية لها علاقة مباشرة بتناول المياه الملوثة يضاف الى ان المياه مصدرها نهري دجلة والفرات خصوصا نهر دجلة حيث تُرمى فيه مئات الاطنان من مخلفات المعامل الصناعية والمستشفيات!
والواقع انه على امتداد ساحل النهر من صوبي الكرخ والرصافة يمكنك ان تشاهد تدفق المياه الثقيلة الى النهر، فالعديد من مناطق بغداد ومستشفياتها جرى ربط شبكات انابيب تصريف مياهها الثقيلة مباشرة بالنهر وينطبق هذا الكلام كذلك على فنادق العاصمة التي أنشئت مطلع الثمانينات.
أمراض انتقالية
تلوث مياه دجلة ينعكس وبلا شك على المياه الصالحة للشرب والاستعمال، ويشير الدكتور حيدر حسن طارش الطبيب في وزارة الصحة الى ان المستشفيات الحكومية سجلت وبشكل ملحوظ تزايد عدد المصابين بالامراض الانتقالية بواسطة مياه الشرب، لاسيما مرض التهاب الكبد الفايروسي وكذلك الامراض المعوية التي تسبب الاسهال وارتفاع درجة حرارة الجسم، والتي تأتي عن طريق تناول المياه الملوثة او السباحة والاستحمام بها.
طارش لفت الى تقارير سجلت ارتفاع حالات العقم لدى الرجال خصوصا، وارجع الباحثون اسبابها الى تلوث المياه.
الخوف من الامراض دفع المواطنين الى اقتناء المياه المعبأة، وتؤكد اسماء نعيم ان عائلتها تنفق اكثر من خمسين الف دينار شهريا لشراء المياه المعدنية المعبأة، تستدرك موضحة انه بعملية حساب بسيطة فان العائلة ترى ان الكفة لصالحها فهي بدلا من ان تدفع اضعاف هذا المبلغ الى الاطباء والادوية لقناعتها الكاملة بتلوث مياه الاسالة التي ما ان توضع في اناء أو قدح حتى يمكن مشاهدة الاوساخ تتراكم اسفل القدح، لذا فان عائلة اسماء تدفع المال برضى لشراء مياه صحية.
علامة استفهام
على امتداد النهر يمكنك رؤية الملوثات على اشكالها ترمى فيه، في مشاهد تضع الف علامة تعجب واستفهام عما يجري ومتى يتوقف التلويث الغريب لمياه النهر، ويطرح عشرات الاسئلة عن غياب الرقابة والجهات المعنية بحماية البيئة.
يتساءل باسم حسين احد مواطني منطقة الكاظمية عن الاموال التي انفقتها امانة بغداد على مدى السنوات الثماني الفائتة وبلغت عشرات المليارات من الدولارات ولماذا لم تخصص منها مبالغ لمواجهة كارثة حقيقية تواجه بغداد؟!
ويرى حسين انه من المؤسف ان يسمع المواطن ويقرأ عن المليارات التي تنفقها امانة بغداد على مشاريع ليست ذي جدوى وعلى اخرى يعاد العمل فيها بين عام واخر من قبيل رصف الشوارع، وتساءل ايضا عن الاموال التي تنفقها الامانة ومحافظة بغداد ومجلس المحافظة على اصدار صحف ومطبوعات لا يقرأها حتى موظفيها واذاعات لايستمع اليها حتى منتسبيها، هدفها تلميع صورة المسؤولين وما اذا كان من الاجدر ان يحسنوا صورهم امام المواطن من خلال جهد وعمل يلمسان على ارض الواقع.
نظام رقابي
الحكومة تنبهت لحجم المشكلة ان التوصيات تضمنت تفعيل المادة (14/أولاً) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 الخاصة بمنع تصريف أية مخلفات سائلة منزلية أو صناعية أو خدمية أو زراعية إلى الموارد المائية الداخلية السطحية والجوفية أو المجالات البحرية العراقية إلا بعد إجراء المعالجات المطلوبة عليها بما يضمن مطابقتها للمواصفات المحددة في التشريعات البيئية الوطنية والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة الملزمة لجمهورية العراق وخلاف ذلك ستنفذ عقوبات قانونية على الجهات التي تخالف نص المادة.
وأشار الى أنه سيجري إنشاء نظام رقابي للملوثات على طول نهر دجلة وروافده يتضمن مختبرات وأجهزة قياس الملوثات (تحسس نائي) مع دعم دوائر حماية وتحسين البيئة في المحافظات كافة بأكثر من 200 درجة وظيفية كملاكات رقابية والتعاقد مع مكتب استشاري لغرض تقويم واقع التلوث من البيانات المستحصلة من النظام الرقابي وبشكل دوري وبكلفة إجمالية تخمينية للمشروع مقدارها (110) مليارات و 685 مليون دينار.ومشروع الكرخ الجنوبي ومشروع الحسينية ومشاريع اخرى يجري الاعداد لوضع التصاميم الاساسية لها.
كارثة حقيقية
ويشير اخر تقرير لدائرة بيئة بغداد الى ان سرعة مياه نهر دجلة منعت الى حد كبير تراكم المواد الخطرة المترسبة وهو ما ابعد بغداد عن مواجهة كارثة حقيقية لتلوث النهر خاصة مع الانخفاض الشديد لتدفق المياه الذي يتحكم بها الجانب التركي، في حين ان المياه الثقيلة في بغداد تبلغ نحو مليون و200 الف م3 وهذه المياه تلقى بنهر دجلة فضلا عن مخلفات شبكات المياه الثقيلة المربوطة مباشرة الى النهر والمصانع والمستشفيات.

المدى

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced