كانت من الجرائم المخلة بالشرف..الرشوة صارت سلوكاً مألوفاً تتنافس على إدامته دوائر الدولة
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 24-09-2013
 
   
الرشوة هي ما يعطيه الشخص من مال أو غيره لحاكم  ليحكم له أو لموظف يحمله على منحه ما يريد من حقوق تكون مشروعة أو غير مشروعة في بعض الحالات ، تنقسم التشريعات الحديثة في نظرتها للرشوة إلى اتجاهين الاتجاه الأول يرى أن الرشوة تتكون من جريمتين مستقلتين أحدهما يرتكبها الراشي والأخرى يرتكبها المرتشي، وهذا يعني أن كل جريمة يصبح فيها العقاب مستقلا ومنفصلا عن الأخرى، فكل منهما تعد جريمة تامة بكل عناصرها وأوصافها وعقوبتها، وعليه فان فعل الراشي لا يعد اشتراكا في جريمة المرتشي بل هو فعل مستقل يعاقب عليه القانون منفردا، ويصطلح على تسمية جريمة الراشي " جريمة الرشوة الإيجابية " وجريمة المرتشي "الرشوة السلبية".
هدية أو إكرامية
الاتجاه الثاني يرى هذا الاتجاه ، أن جريمة الرشوة هي جريمة واحدة، جريمة موظف يتاجر بوظيفته، فالفاعل الأصلي هو الموظف أو القاضي المرتشي، أما الراشي فهو شريك له يستعير منه إجرامه ، والرشوة قد تعطى بطريقة مباشرة في صورة مال، وقد تعطى بطريقة غير مباشرة في صورة هدية أو إكرامية ، وفي كل الحالات هي محرمة لأنها سرقة أو اختلاس يستحق عليه صاحبه العقاب، فالموظف العام الذي أوكلت إليه الدولة تصريف مصالح الناس، مقابل أجر يتقاضاه، لا يجوز له أن يقبل الرشوة أو يتعاطى معها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من استعملناه على عمل، فرزقناه (أي أعطيناه أجراً أو مرتباً) فما أخذه بعد ذلك فهو غلول.
جريمة مخلة بالشرف
كانت الرشوة فيما مضى في بلدنا تعد من الجرائم المخلة بالشرف عقوبتها تتراوح بين ثلاث سنوات فما فوق مع الغرامة أما الآن فقد تفشت بشكل خطير حتى قدر البعض إن 60 بالمئة من الموظفين يتعاطونها لغياب الرقابة أو لتواطؤ المسؤول وغض النظر وعدم اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق الموظف المرتشي ، وقد بالغ البعض في اخذ الرشوة بالمطالبة بها وأخذها علنا وأمام المراجعين .وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على جانب من حالات الرشوة التي تعرض لها مواطنون أثناء مراجعاتهم ومعرفة آرائهم حولها .
التسليف من البنوك برشوة
س. فاضل موظفة 44سنة تقول : الرشوة متفشية في جميع المعاملات التي يروجها المواطن العراقي مهما كانت صفتها سواء كان يسعى لنيل وظيفة أو يحصل على قرض أو يراجع دائرة العقاري أو تسيير معاملة عادية لحصوله على وثيقة رسمية وغيرها وهناك أشخاص يكونون وسطاء بين المواطن والدوائر ،والجميع يعرف إن الحكومة أعطت للموظف الحق في الحصول على قرض بخمسة ملايين ، هذا القرض تخلل منحه كثير من الإرباك وذلك بإطلاقه حينا وحجبه لفترة ، ثم إطلاقه بشكل جزئي هذا التذبذب اوجد وسطاء موظفين وغير موظفين بعلاقاتهم المتشعبة تمكنوا من ترويج معاملات للحصول على القرض للمواطن ، دون غيرهم مقابل عمولة ، مبلغ لا يستهان به من المال . وهناك الموظف المحتاج وقبوله بالعرض مضطرا. وما حصل معي إن موظفة زميلتي حصلت لي على القرض مع مجموعة من الزملاء مقابل عمولة قدرها مليون دينار لكل واحد منا .!! . ولو إن الحكومة كانت واضحة بتعاملها في منح القرض والإشراف التام على عملية منحه لما استغل هؤلاء الطفيليون، الآخرين وقاموا بمصادرة جزء مهم من مال نسدده على شكل أقساط فهو استلاف بفوائد وليس هبة من الحكومة ولكن يبدو إن هناك جهات مستفيدة أرادت أن تمشي الأمور على هذه الصورة لتحقيق مآربها الدنيئة . وما يدفع بلا شك للوسيط يتسبب بآلام نفسية للمستلف لان ما يؤخذ منه يعد باطلا ودون وجه حق.
لا تعيين بلا رشوة
ه. نوري 25 سنة يقول : احد معارفي يعمل بالمرور وحين أردت التعيين بوظيفة نصحني بالعمل في مهنته وافقت فاخبرني انه مقابل 8 أوراق أي ثمانمائة دولار يستطيع تعييني ووضعي في مكان مريح مثل قلم الدائرة أو في دائرة الإجازات وغيرها من دوائر المرور التي لا يتطلب العمل فيها جهدا بدنيا ،ولأنني لا املك المبلغ فقد استلفته من هنا وهناك وذقت القهر والمذلة من اجل جمعه وأعطيته إياه وبرغم مرور ستة أشهر على وعده لم يقم بتعييني ولما أدركت انه محتال أخذت أطالبه بالمبلغ وهو يتهرب ، وسؤالي هو لماذا لا تكون التعيينات واضحة ومعلنة كي تقطع الحكومة الطريق أمام هؤلاء الذين يبتزون المواطن علما إن الوظائف باتت من نصيب الذي يدفع أكثر ولأقارب المسؤولين ومعارفهم بينما هناك خريجون منذ سنوات ومن ذوي الاختصاص وحالتهم المادية معدمة يعانون بطالة بائسة ويتحسرون على الفلس ولا شك إن فعل الرشوة سببه دناءة الأخلاق وقلة المروءة واستهتار بحق المواطن وبالقوانين .
ادفع تنفع وتستنفع
قاسم حاتم موظف 34 سنة هذا شعار دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومن لا يؤمن به ويؤدي الدية فليضرب رأسه بالحائط . فأنت بالرشوة  تستطيع أن تحصل على كل شيء حتى الإجازة المرضية وكسب صداقة مسؤول دائرتك وإرضاء عامل النفايات فلا يهمل التوقف عند باب بيتك ورفعها . وأتعجب من هذا الصمت المطبق من الدولة وتشريعاتها والحكومة (وتغليسها )عن الموضوع فلم نسمع يوما إن موظفا أدين بالرشوة وتعرض للنقل من دائرته أو وجهت له عقوبة أو أدى به تعاطي الرشوة الى السجن ولذا أصبحت شائعة بين كل تعاملات الحكومة مع المواطن ولا احد يدري السبب في تجاهل هذه الظاهرة الخطيرة التي تسببت باستشراء الفساد في الجهاز الحكومي وجعلته غير مجد في مفاصل منه وسببا في معاناة المواطن خاصة الذي لا يرضخ لدفع الرشوة وذلك بإطالة مراجعاته ودورانه في أروقة الدوائر .
غشيم مصلحة
جاسم حسن 56 سنة دلال : في بداية عملي أردت متابعة معاملة زبون اشترى أرضا من مكتبي وراجعت دائرة التسجيل العقاري فكنت اذهب كل يوم والعراقيل يضعها أمامي الموظف المختص حتى كدت اترك المعاملة ولما رويت لأحد زملاء المهنة ما يحصل معي انفجر ضاحكا واتهمني بأنني (غشيم مصلحة ) وأشار علي أن أضع مئة الف دينار للموظف بين أوراق المعاملة وسأرى كيف أن معاملتي تنجز بدقائق ففعلت ما ذكره زميلي ورأيت مفعول الرشوة المدهش .ومن يومها وأنا أعرف كيفية انجاز معاملاتي .ومما استغرب له أن هذا الموظف ذائع الصيت بتعاطيه الرشوة يعرفه القاصي والداني لدى كل من يتعامل مع بيع وشراء الأراضي والعقارات من الدلالين والمواطنين العاديين ولم اسمع يوما انه تعرض للعقوبة أو نقل من مكانه ولاشك إن هناك من يسانده ويحميه أو هناك سر ما في استمراره بأفعاله هذه التي تشيع الشعور بالظلم والحقد والكراهية وعدم فاعلية القانون والتشكيك بنوايا موظف الحكومة ونزاهته.
الرشوة أضرت بالاستثمار
سالم حمدان 48 موظف يقول للأسف إن هناك جهات حكومية مسؤولة وجهات حزبية تقف للمستثمر بالمرصاد تطالبه بحصة في الأرباح التي سيجنيها لاحقا أو إنها تطلب منه دفع الملايين لتسهل له عمل مشروعه في المنطقة التي تعد تابعة لسطوتها أو إن هناك موظفين بتعقيدهم سبل انجاز معاملات المستثمر طمعا بالرشوة اضطرت الكثيرين الى الانسحاب والعودة الى بلادهم. بينما نجد دولا نعرفها تستقبل المستثمرين وتكمل معاملاتهم من ساعة هبوطهم الى المطار. وهذه الحكاية رواها لي رجل كان يجلس الى جانبي في سيارة (الكيا ) يقول انه كان من المفترض أن يعمل في مشروع استثمار لأحد الأخوة العرب وبعدما أنجز المستثمر الإجراءات الرسمية اللازمة وذهبنا الى الجهة التي يقام عليها المشروع ظهر له جماعة وطالبوه بحصة من ربح المشروع ولما رفض طلبوا أن يدفع لهم شهريا ما يعادل رواتب ثلاثين عاملا ليس لهم وجود ولما رفض منعوه من إقامة المشروع فاضطر صرف النظر عنه والرجوع الى بلده .

رأي الخبير الاقتصادي

الخبير الاقتصادي محمد جبار بين للمدى ان: تفشي الرشوة والفساد الإداري في مؤسسات الدولة ظاهرة شائعة في بعض النظم ، ولا يعود السبب لتدني الأجور وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية لأن راتب الموظف في بلدنا مجز لمعظم موظفي الدولة وإنما الجشع الذي يدفع البعض لنيل المزيد ولسياسة مدروسة ومحكمة يعتمدها النظام لتكون بديلة عن إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية تفيد الصالح العام. ويحقق النظام من خلالها المصالح الخاصة للأفراد والجماعات الداعمة لنظامه، ويهدف لتخفيض حدة الصراع المحتمل على السلطة السياسية بينه وبين تلك الجماعات من خلال منحها منافع مالية كبيرة وخلق حالة من تشابك المصالح لتشكل الأساس العملي لعلاقة الدفاع المشترك بين الطرفين، يوفر الفساد الإداري عوائد مباشرة ومحدودة وملموسة لجماعات تشعر بالعزلة على المستوى الاجتماعي، وقد تكون فاعلية الفساد طريقة لاستقرار نظام سياسي من دون اللجوء لعملية الإصلاح، وبهذا فأن الفساد الإداري ذاته يعد بديلاً عن الإصلاح السياسي، ولربما يكون الفساد والإصلاح معا بديلان عن إسقاط النظام، حيث يُسهم الفساد في تشتيت جهود قوى الضغط للمطالبة بالإصلاح السياسي وإدخال تغيرات جوهرية على بنية النظام.
و تمهد النظم السياسية (الفساد والرشوة) في أجهزة الدولة، من خلال إبدال العناصر الوطنية والشريفة الرافضة لتلك السياسية بعناصر انتهازية وضيعة تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، وتكون أدوات لفرض تلك السياسة على جميع مرافق ومؤسسات الدولة.
إحصائيات هيئة النزاهة
  هيئة النزاهة أظهرت خلال استبياناتها في الأشهر الستة الماضية إن معدلات تعاطي الرشوة في دوائر الدولة ‏استقرت على مدى النصف الأول من العام الحالي دون (3) بالمئة، وبينت جداول تصنيف الاستبيانات إن من بين (129449) مواطنا شملتهم الاستطلاعات قدم (3770) فقط ‏رشا الى الموظفين بهدف ترويج معاملاتهم ، أي بنسبة (2,9) بالمئة.
وأفاد المصدر إن (124103) مراجعين  لم يقدموا رشا من اجل ترويج معاملاتهم فيما لم يذكر (1576) آخرين  ‏اذا كانوا قدموا رشا أم امتنعوا، ومن بين (2247) دائرة شملتها الاستطلاعات في عموم محافظات العراق عدا إقليم كردستان تصدرت ‏مديرية كمرك أم قصر في البصرة الدوائر الأكثر شيوعا بتعاطي الرشوة خلال أشهر شباط وآذار ونيسان ‏وحزيران فيما جاء مستشفى اليرموك للولادة ببغداد في صدر القائمة لشهر كانون الثاني ومديرية بلدية ‏الموصل لشهر مايس، وأبانت مخرجات الاستطلاع إن الذكور شكلوا الغالبية بين المراجعين بعدد (96648) مقابل (31937) أنثى ‏عدا (864) لم يحددوا جنسهم، وأظهرت كذلك إن (2986) من الذكور قدموا رشا مقابل (713) أنثى.
وكشف تحليل مفردات الاستبانة على أساس التحصيل الدراسي إن حملة الشهادة الابتدائية تصدروا جداول ‏الممتنعين عن دفع الرشوة بعدد (29875) أعقبهم حملة المتوسطة (27588) ثم الإعدادية (18466) ‏تلاهم (16922) ممن لا يقرؤون أو يكتبون وجاء خامسا حملة البكالوريوس بعدد (15907) ثم الدبلوم ‏‏(11458) والماجستير (1473) وأخيرا الدكتوراه (451). وتقدم (1043) من حملة البكالوريوس قوائم دافعي الرشا وبعدهم (663) من حملة المتوسطة والإعدادية ‏‏(590) والابتدائية (529) ثم الدبلوم (492) إضافة الى (210) ممن لا يقرؤون أو يكتبون و(101) من ‏حملة الماجستير وأخيرا الدكتوراه (27).

المدى/بغداد/عصام القدسي

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced