لا تتأملوا التخلّص من الكتب
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 06-12-2009
 
   
تأليف: امبرتو ايكو، جان كلود كارييرجان فيليب دوتوناك

  «لا تتأملوا التخلص من الكتب»، عنوان «غريب» لكتاب، يشارك فيه الكاتب والروائي الإيطالي الشهير امبرتو ايكو. والناقد السينمائي الفرنسي جان كلود كاريير، والصحفي الفرنسي أيضا جان فيليب دو توناك. هذا العمل هو قبل شيء كتاب عن الكتب، وعن تاريخ الكتب، منذ تلك المخطوطات القديمة المدوّنة على أوراق البردي من قبل المصريين القدماء وحتى الكتاب الإلكتروني الذي يشكل أحد ثمرات الثورة الرقمية الهائلة التي يعيشها العالم اليوم. أي كتاب عن «مغامرة» الكتاب على مدى يزيد عن خمسة آلاف سنة.

ولكنه ليس تاريخا أكاديميا «جامدا» ولكنه بالأحرى عمل «حي» فيه الكثير من الذاتية الخاصّة بالمؤلفين أنفسهم. وهي محددة أيضا بأزمة وأمكنة وأشخاص حقيقيين وأحيانا شخوص أبدعتهم مخيلة الأدباء والكتاب.وكتاب يشرح فيه امبرتو ايكو والمؤلفين الآخرين آليات إنتاج الروائع الأدبية التي تستحق فعليا صفة «الخالدة. الإلياذة والأوديسة وألف ليلة وليلة يقرؤها البشر منذ آلاف السنوات ومستقبلها يبدو أنه لآلاف السنوات الأخرى. ويتم التأكيد في هذا السياق أن «الظروف» تساهم في صناعة الروائع حيث يمكن لو أنها جاءت في زمن آخر ما كان لها أن تأخذ المكانة التي أخذتها.

ومن الجوانب التي تأخذ حيّزا هاما في هذا الكتاب هناك جانب «الحكايةس، وتحديدا الحكاية التي تثير قليلا من الفرح والابتسام. الحكاية الطريقة مثل محاولة شرح «لماذا احتاجت الدجاجات إلى قرن كامل من أجل تعلم أنه لا ينبغي اجتياز الطريق» أو كيف أن «معرفتنا بالماضي تعود أحيانا إلى حمقى أو إلى خصوم». وكتاب قد يبدو «خفيفا» ولكنه يشكل في هذا «الزمن الثقيل»، محاولة لخوض «رياضة ذهنية» قد تقلل من قتامة الزمن الراهن.

ومن المواضيع الأساسية التي يتم التطرّق إليها في هذا الكتاب مقولة «اختفاء الكتاب». هذه المقولة التي يرددها كُثر خلال السنوات الأخيرة. ذلك على أساس أن الثورة الرقمية تهدده.

وكانت قد أُقيمت مئات الندوات حول هذا الموضوع في مختلف أنحاء العالم، وكانت النغمة واحدة هي أن التقدم التقني «الرقمي» سوف يغيّر من طبيعة النشر، إذ سيغدو «الورق» من متاع الماضي.

أمام مثل هذه الأطروحة يردد امبرتو ايكو ما كان قد قاله دائما داخل مثل هذه الندوات وخارجها ومفاده أن الكتاب مثل العديد من الأدوات التي أصبحت أساسية في حياة البشر مثل الملعقة والمقصّ وعجلة السيارة وغير ذلك من الأشياء التي جرت صناعتها مرة واحدة وإلى الأبد ،إذ من الصعب صناعة ما هو أفضل منها في ميدانها.

الكتاب قد يتطور، قد تتغير آليات صناعته وربما قد تتغير مادة الورق، ولكنه سوف يبقى بمفهومه العام قائما. ثم يتم التأكيد على مدى ما يتميز فيه الكتاب من استخدام عملي، ابتداء من سهولة نقله دون عناء ودون أن يأخذ حيّزا واسعا ودون أن يشكّل عبئا إضافيا. ويمكن استخدامه في كل الأمكنة وفي كل الأزمنة. وتمكن قراءته تحت ضوء المصباح الكهربائي وفي وضح النهار وبواسطة شمعة صغيرة.

ويتم الحديث في هذا السياق عما تتم تسميته بسمتعة» الكتاب. إنها متعة حسية غامرة. مجرد اقتناء عدد من الكتب يشكل متعة ومتعة «لمسها» كبيرة وكذلك متعة تصفحها أو كتابة بعض التعليقات على هامشها، أو حتى طي إحدى زوايا إحدى الصفحات للدلالة عن موعد «ممكن» إذا عاد الشوق من جديد لنفس الفكرة. ويتحدث امبرتو ايكو عن متعة العودة إلى تلك الصفحات القديمة التي كان قد جرى تصفحها ذات يوم «وقراءتها من جديد». كل هذه الأمور تولّد إحساسا عميقا غامرا لا يمكن أن يعوّضه شيء.

أما اقتناء «حاسوب»، فهو «اختراع رائع» دون شك. وهو بالتأكيد أيضا شديد الفائدة. ويمكن للمرء بواسطة مستودع التخزين الهائل الذي لا يتجاوز وزنه عدّة عشرات قليلة من الغرامات أن ينقل موسوعة كاملة يضعها تحت تصرفه باستمرار. ولكن هذا لا يلغي أن للكتاب طعم آخر. هذا دون الحنين إلى فترة أوراق البردي.


ثم إن الكتاب يتسم بالثبات وليس بالتغير في البرمجة ،مثلما هو الأمر بالنسبة للحاسوب. بالطبع لا يمكن للمرء أن يبقى حياديا أمام إمكانية الاطلاع على موسوعة كاملة عبر قرص صغير.

لكن التأكيد على بقاء الكتاب واستمراره، بل وتفوقه على «الحوامل» الجديدة التي أوجدتها الثورة الرقمية، لا يمنع المساهمين في هذا الكتاب من التأكيد على الأخطار التي تواجه الثقافة نفسها فيما هو أبعد من الكتاب. ذلك أنه إذا قد وصلتنا معارف الآخرين عبر الموسوعات وغيرها فإنه كان قد جرى التحقق من صحة المعلومات الموجودة فيه واستعراض جميع النظرات مما يسمح بإقامة حوارات حقيقية. الأمر مختلف بالنسبة للانترنت حيث يتم جمع كل شيء، دون تحقق ودون تراتبية. وهكذا يجمع كل مستخدم للانترنت «موسوعة» فردية خاصة فيه، ويعتبر ما فيها كحقائق.

بكل الحالات يتم التأكيد في الآراء المقدّمة أن الكتاب يبقى بين مختلف حوامل الأفكار هو الأكثر تأهيلا وقدرة على المقاومة والاستمرار.

المؤلفون في سطور 

امبرتو ايكو هو أديب وناقد أدبي وفيلسوف إيطالي شهير وصاحب رواية «اسم الوردة». يترأس حاليا المدرسة العليا للدراسات الإنسانية في جامعة بولونيا الإيطالية.وجان كلود كاريير، ناقد سينمائي وكاتب سيناريو العديد من الأفلام الشهيرة من بينها «الطنبور». وفيليب دو توناك، صحفي وكاتب. له العديد من الكتب من بينها «موسوعة المعارف»، وهو الذي «قاد» الحوارات التي يمثل هذا الكتاب ثمرة لها.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced