«جميلة» إيتماتوف.. حق العشق معادل لحق الحياة
نشر بواسطة: mod1
السبت 20-09-2014
 
   
لينا هويان الحسن / السفير

لا مكان للحكمة في قصص الحب. الحب العاطفة المهيئة للاشتعال دونما سبب واضح، وفي توقيت غير ملائم بالمطلق بين شخصين مكبلين بأعتى القيود الاجتماعية، تماماً، كما حدث مع البطلة الشهيرة التي ابتدعها جنكيز ايتماتوف «جميلة».

يمكن اعتبار هذه الرواية الصغيرة الحجم «79» نموذجاً لحكاية الحب التي تبرعم في بدن صخرة قاسية وجافة ربما لهذا السبب احتفى بها الأديب الفرنسي الشهير «أراغون» لدى ترجمته «جميلة» للغة الفرنسية وقال عنها: «أروع قصة حب في العالم»، فكانت السبب المباشر لشهرة الرواية. أعمال ايتماتوف منتشرة في وقتنا الحاضر عبر ما يزيد على تسعين لغة في العالم. ومؤخرا قام بترجمتها هفال يوسف للعربية، وصدرت عن دار الساقي، بيروت. والجدير بالذكر أن هذه الرواية سبق أن عربت وصدرت عن دار علاء الدين، دمشق.

ايتماتوف رسم لنا صورة روائية لريف وطنه «قرقيزيا» في ظل الحكم السوفياتي، من خلال ما يروية الفتى اليافع «سعيد».

بطل الرواية الفنان التشكيلي «سعيد» الذي يسرد لنا الرواية بعد مرور سنوات طويلة على أحداثها، حيث يعود إلى ريعان شبابه يوم كان يعمل في «الكولخوز»، تعاونيات سوفييتية انشئت لتنظيم العمل الفلاحي، وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية خَلَت القرى من غالب شبانها ورجالها وكان الشقيق الأكبر لسعيد من بين الشبان الذين يقاتلون في الجبهة، بينما اجبرت تعاونيات السوفييت «الكولخوز» النساء على القيام بأعمال شاقة بذريعة تأمين الخبز لرجالهن على الجبهة. هكذا وجدت الزوجة الشابة «جميلة» نفسها في خضم عمل قاس، فترتب عليها أن تعمل طوال النهار في جرّ عربات القمح، تحت انظار الفتى اليافع والشقيق الأصغر لزوجها «سعيد»، وبنفس الوقت برفقة دانيار الحزين الذي يعاني من إعاقة في إحدى ساقيه، لهذا تم تسريحه من الخدمة العسكرية، وعمل في الكولخوز.

جميلة التي كانت محط أنظار كل ذكور القرية والمحروسة بعناية سعيد اليافع لم تمنع نفسها من الوقوع في غرام دانيار، وبتواطؤ غير مقصود من قبل سعيد.

جميلة فلاحة شابة وقوية وحسناء وتعرف أنه لا مكان لبطولة في مجابهة مجتمع متمسك بالتقاليد، لا مزاح في قضايا العشق. لهذا قررت الهرب مع من تهوى، لا تريد أن يغفر لها أحد، فقط أرادت أن تحب.

ايتماتوف يطرح مسألة الحب في «جميلة» وفق مبدأ حقيقة أن التمسك بحق الإنسان بالعشق معادل تماما لحقه بالحياة نفسها، بينما التمرد هو المتمم الأساسي لكرامة الإنسان.

ايتماتوف الذي كرّس حرفته الروائية في نص آخاذ يقدم صورة مجتمع بعيد منسي في وطنه النائي «قرقيزيا». تميز دائماً، قلمه بذكاء اللعب على الكلمات على متن الحيّز الضيّق الذي كانت تسمح به الرقابة السوفياتيّة. تحديدا في عتمات عصر بريجينيف.

ايتماتوف المولود سنة 1928 في زمن مارست فيه السلطة السوفياتيّة تعسفا كبيرا بحق شعوب وسط آسيا، عاش تجربة حياتية قاسية نتلمس جزءا كبيرا منها من خلال «جميلة»، فالتشابه كبير بين سعيد بطل الرواية الشاب اليافع وايتماتوف اليافع، عندما نعلم أنه خلال طفولته كان وفي خضمّ الحرب العالميّة الثانية سنة 1942، ولكونه الوحيد الذي كان يجيد القراءة والكتابة بينما الكهول جميعهم يؤدّون الخدمة العسكريّة في الجبهة، أوكلت له خطّة سكرتير الحزب في قريته، وكان من بين مهمّاته آنذاك نقل أخبار الموت إلى المترمّلات وعائلات الذين وقعوا في المعارك. هذا الظرف الحياتي تحديدا هو الظرف الذي نعيشه في روايته جميلة.

قدم ايتماتوف، في «جميلة»، إضافة إلى حكاية الحب الساحرة التي تتضمنها، المناخ الاجتماعي الذي كان سائداً بين أفراد جيل، معظم رجاله ترعرعوا في المعاطف العسكرية.

لينا هويان الحسن

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced