من المفترض ان تبحث القوى السنية وشخصيات عشائرية ودينية، غدا الخميس، في اربيل عن خيارات جديدة لتسليح المقاتلين القبليين الذين يحاربون تنظيم "داعش" منذ 10 اشهر، بعد تسرب اليأس الى العشائر الكبيرة والتي تخسر اتباعها في حرب غير متكافئة مع التنظيم المتطرف. كما ستبحث الاطراف المجتمعة في كردستان التي يرجح ان يكون بينها مسؤولون رفيعو المستوى في الحكومة العراقية- بحسب اللجنة التحضيرية للمؤتمر- إمكانية الاستفادة من "الحشد الشعبي" المشكّل في الجنوب بعمليات تحرير المدن –السنية- المحتلة.
في حين رجحت شخصيات محلية ستحضر المؤتمر ان يكون هدفه توجيه رسالة الى الدول الغربية بوحدة موقف "القوى السنية" وبانها مهيأة لاستلام السلاح حتى لو لم يكن ذلك عن طريق الحكومة العراقية، على الرغم من ان واشنطن اكدت في اكثر من مناسبة رفضها لتسليح "العشائر" دون موافقة الجانب العراقي. بالمقابل لا يحظى ذلك المؤتمر بإجماع كل الأطراف السنية، فبعض العشائر على ما يبدو ترى الاجتماع بانه "سياسي" ويهدف لخدمة حزب معين خسر شعبيته بعد احتلال "داعش" لمناطق نفوذه، وتمهيدا لتأسيس "الإقليم السني"، مشيرين الى أن الراعي للمؤتمر هو رافع العيساوي وأثيل النجيفي ابرز الساسة السنة. فيما يقول احد الشخصيات الفاعلة فيما كان يعرف بـ"الحراك السني" بان حلفاءه لا يعارضون الاجتماع ذا الصبغة السياسية، لكن قوى الحراك بموازاة ذلك ستعقد اجتماعا قريبا لوضع خطة طريق شاملة لتحرير المدن. ويقول عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر خالد العلواني لـ"المدى" ان "المؤتمر الذي سيعقد في أربيل هو برعاية وزير المالية السابق رافع العيساوي ومحافظ نينوى اثيل النجيفي"، مؤكدا ان "الاجتماع ستحضره كل القوى السياسية وشيوخ العشائر ورجال الدين، كما ان المؤتمر سيحضره نائب رئيس الجمهورية لشؤون الامن اسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك، فيما يرحب الاجتماع بكل الشخصيات والاطراف المعارضة للعملية السياسية وكل ممثلي المحافظات الستة التي تقاتل (داعش) للمشاركة".ويضيف العلواني وهو المستشار الامني لمجلس النواب سليم الجبوري ان "المؤتمر هو لمناقشة الوضع الامني في المناطق التي تخضع لسيطرة المسلحين، والبحث في اليات اعادة تلك المدن الى حضن الدولة".
واشار العلواني وهو مرشح سابق عن قائمة "العيساوي" التابعة لكتلة متحدون الى ان "المؤتمر سيبحث قضية تشكيل الحرس الوطني، وايجاد وسائل بديلة لتسليح العشائر المقاتلة فيما لو استمرت الحكومة بالتباطؤ في تسليحها، وامكانية الاستفادة من الحشد الشعبي في عمليات تحرير المدن المحتلة من التنظيم المتطرف من عدمه".
وكان زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" اعلن في وقت سابق، استعداد "سرايا السلام" وهو تشكيل مسلح تابع للتيار تم تأسيسه عقب سقوط الموصل في حزيران الماضي، للحفاظ على المقدسات والعتبات الدينية، بإعطاء نصف سلاح "السرايا" الى مقاتلي العشائر في الانبار، واستعداده أيضاً في حال حدث تنسيق بين الطرفين الى نقل مقاتليه الى الانبار لمقاتلة "داعش" واختلاط الدم الشيعي بالسني كما جاء في بيان سابق لـ"الصدر".
في موازاة ذلك ينفي عضو مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع، وهو احد المدعوين لحضور المؤتمر في تصريح لـ"المدى"، ان يكون قد وجهت دعوات لـ"جماعات مسلحة" خارجة عن القانون. مشيرا الى ان المؤتمر سيوجه رسائل الى الحكومة العراقية والدول الغربية بضرورة تسليح العشائر في اطار قانوني.
لكن بالمقابل لا يستبعد العضو المشارك في المؤتمر ان يكون "الاجتماع رسالة ضغط الى الحكومة بان القوى السنية ربما ستطلب الحصول على السلاح للعشائر دون موافقتها"، لافتا الى ان رغبة "الولايات المتحدة في تسليح العشائر السنية ليس أمراً سرياً، وهي تبحث عن موقف سني موحد، وهو ما قد يقدمه مؤتمر مكافحة الارهاب والتطرف في أربيل".
ويضيف الوكاع "نجح الضغط الغربي مؤخرا على بعض الاطراف في الحكومة التي كانت تعرقل تقديم مشروع قانون لتشكيل الحرس الوطني، بحيث حثت الحكومة في الايام الاخيرة، الخطى باتجاه اكمال المشروع الذي من المفترض ان يتجه بعد ذلك الى البرلمان". لكن في العاصمة الاردنية عمان يقول الشيخ سعد ابو ريشة في اتصال هاتفي مع "المدى" ان "الاجتماع المزمع عقده في اربيل هو سياسي بالدرجة الاولى، ويهدف لخدمة وتلميع حزب معين تراجعت شعبيته في الآونة الأخيرة عقب احتلال المسلحين لمدنهم". ويضيف ابو ريشة وهو احد شيوخ العشائر الذي التقى في تشرين الاول الماضي بالعاصمة الاردنية عمان رئيس الحكومة حيدر العبادي بان "المؤتمر ستحضره السفارة الأميركية والبريطانية في بغداد، وهو بمثابة تمهيد لاعلان الاقليم السني".
ويشير ابو ريشة الى ان "المؤتمر هو لتهيئة الرأي العام لتشكيل الاقليم السني، بعد ان وصلت القوى السنية الى طريق مسدود في تحرير مدنها والحصول على السلاح". لافتا الى امكانية نجاح مشروع الإقليم في ظل الانقسام السياسي وبحث كل طرف عن مصالحه الحزبية والفئوية وغياب الهوية الوطنية. بالمقابل يقول ابو ريشة ان "اغلب العشائر في الانبار وباقي المحافظات السنية ستقاطع هذا المؤتمر ولن تحضره".
الى ذلك لا يبعد توصيف احد الفاعلين فيما كان يعرف بـ"الحراك السني" ناجح الميزان في تصريح لـ"المدى" عن ان المؤتمر ذو صبغة سياسية ترعاه متحدون والحزب الاسلامي. ويقول الميزان ان المجموعة التي ينتمي اليها وهي تسمى باتباع "المشروع العربي" والتي تضم عددا من الشخصيات العشائرية والسياسية ابرزهم علي حاتم السليمان، "لا تعارض المؤتمر وتتمنى ان يخرج بنتائج وتوصيات إيجابية يمكن التعامل والتعاون معهم بعد ذلك"، لكنه يؤكد بان مجموعته "لا تؤمن بحلول أمنية مؤقتة ولديها وجهة نظر وخارطة طريق ستعلن عنها خلال اقل من شهر عبر مؤتمر موسع لوضع حل شامل لتحرير المدن من المسلحين وطرد جميع الغرباء من المحافظات السنية".