على امتداد نهر (البو) في مدينة بارم الايطالية حيث الهوس والولع بالسياسة ولد الكاتب جيوفاني جاريشي (1908ـ 1968) من أسرة متوسطة بين شعب ودود وكريم ومضياف وتسود في أوساطه روح الدعابة والفكاهة.
عملت والدته في التعليم لسنوات طويلة أما والده فاستطاع أن يجوب إيطالية كلها بسيارة كانت في ذلك الوقت تدعى الآلة الشيطانية كونها تسير من تلقاء نفسها. درس الحقوق واحترف رسم الكاريكاتير وفي عام 1926 أفلست عائلته ولم يستطع مواصلة دراسته فعمل بوظائف بسيطة متعددة إلى أن عمل في صحيفة محلية وفي عام 1929 أصبح رئيساً لتحرير مجلة ساخرة. ثم انتقل إلى ميلانو وعمل في مجلة (ألبيرتولدو) الفكاهية حيث سمح له بالرسم فقط.وخلال الحرب العالمية الثانية انتقد (موسوليني) والحكومة واستدعي للجيش والذي ساعده لتجنب المتاعب مع السلطات الفاشية وانتهى به الأمر ضابط مدفعية، وعندما انهار النظام الفاشي ووقعت الهدنة مع قوات الحلفاء اعتقل وسجن في معسكرات الاعتقال في بولندا لمدة ثلاث سنوات ثم عاد باكتئاب وانهيار عصبي ألزمه منزله لفترة.
وبعد الحرب أسس مجلة (كانديدو) الساخرة بعد أن أصبحت إيطاليا (جمهورية) وساهم في تحريرها حيث غرق في السياسة. فانتقد الشيوعيين ورسم الشيوعي بأنف ذي ثلاث فتحات مما جعله عرضة للانتقاد اللاذع وبذلك حاز على شهرة في كافة المجلات والصحف.
وفي عام 1954 وجهت له تهمة القذف بعد أن نشر في زمن الحرب سخرية طالت رئيس الوزراء السابق وبعد محاكمته رفض استئناف الحكم وقضى تقريباً عام في السجن وستة أشهر أخرى تحت المراقبة.
تدهورت حالته الصحية عام (1956) فقضى بعض الوقت في سويسرا للعلاج وتقاعد من منصب رئيس تحرير (كانديدو) عام (1957).
(الدون كاميليو) مجموعة قصص أحرزت نجاحاً باهراً في إيطالية وقد أعيد طبعها للمرة السابعة فهناك (دون كاميليو ورعيته الرفيق دون كاميليو دون كاميليو معضلة...) أما روايته (عالم دون كاميليو الصغير) التي تدور في قرية إيطالية منتصف الأربعينات من القرن الماضي فهي ذات طابع تهكمي فكاهي وهي عبارة عن سرد مواقف وقصص قصيرة تأتي أحداثها بعد الحرب العالمية الثانية .
حيث انقسم المجتمع الإيطالي إلى فئتين الشيوعية الحديثة ويمثلها عمدة المدينة (بيبون) الميكانيكي القوي البنية والفئة الثانية فئة الإقطاعيين وملاكين الأراضي والرعية الكاثولوكية (الرجعية) ويمثلها الكاهن (دون كاميليو).
وقد وصفه الكاتب في بداية الرواية «من أولئك الناس الذين لا يضعون لسانهم في جيبهم» أما الشخصية الثالثة في الرواية فهو (المسيح) المصلوب في الكنيسة الذي يتحدث ويتحاور مع الكاهن في مقابلات ومساجلات تدعو إلى الضحك.
وفي بداية الرواية يقدم الكاتب اعتذاراً طريفاً عن أي إساءة قد سببتها الرواية لأي كاهن أو شيوعي فهو لم يقصد إساءة أي نوع من البشر وأن هدف الرواية هو الضحك البريء!
عالم دون كاميليو الصغير كوميديا ساحرة وعلاقة غريبة بعض الشيء جدال ومعارك بين صديقين حميمين صداقة العمر خدما سوية في المقاومة السرية خلال الحرب العالمية الثانية لكن تسود بينهما علاقة حب وكراهية في نفس الوقت وصراع يستلزم ملاكمة حقيقية لتسوية الخلافات والتي تبدأ مع انتخاب مجلس القرية (بيبون) عمدة لها، مما أدى إلى انقسام القرية إلى قسمين الفقراء مع (بيبون) وملاك الأراضي الأغنياء مع الكاهن الكاره للشيوعية.
يختلف الكاهن دون كاميليو وبيبون العمدة على كل صغيرة وكبيرة في القرية (على موقع بيت الشعب على كيفية حل إضراب العمال) ولكنهما غالباً ما يتفقان بعد جدال على حل هذه المشاكل ويواجهانها سوية ولكن كل على طريقته أما الكفة الراجحة فكانت دائماً للكاهن الذي يأخذ نصائحه من السيد المسيح.
القصص التي نقرأها في هذه الرواية هي قصص حقيقية كحقيقة الحياة نفسها غالباً ما يتكرر حدوثها في واقع الحياة اليومية تفوق الخيال أحياناً، بحيث نرى الكاهن متنكراً بملابس لاعب رياضي أو أنه يعاقب أحداً بلكمة على وجهه أو يخفي تحت معطفه بندقية ليفجر شيئاً ما ثم يعود للكنيسة للمثول أمام المسيح المصلوب ويطلب الغفران على أفعاله المشينة.
وكانت السينما الفرنسية قد حولت رواية (عالم دون كاميليو الصغير) لفيلم سينمائي قام بدور الكاهن الممثل الفرنسي الكوميدي (فيرناندل) وقام بدور بيبون الممثل (فينو سيرفي).
الكتاب: عالم دون كاميليو الصغير
تأليف: جيوفاني جاريشي
الناشر: ببلتيكا -ميلانو
الصفحات: 350 صفحة
القطع: المتوسط
مرات القراءة: 3055 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ
عالم دون كاميليو الصغير
