العراقيون يدفعون أطرافهم ثمن حروب لا تنتهي
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 11-02-2010
 
   
الشرق الاوسط
في جولة بسيطة في شوارع بغداد، تلتقط عينا أي مراقب صورا لمعاقين امتهنوا التسول بعدما ضاقت بهم سبل الحياة إثر فقدانهم لأطرافهم السفلى أو العليا بفعل الحروب أو المخلفات التي زرعت في أرض العراق، لتحصد كثيرا من أبنائه وتترك آخرين بلا أطراف أو من دون عضو من أعضائه المهمة. وعلى الرغم من الاختلافات بين المنظمات والمؤسسات الحكومية حول الأرقام الحقيقية للمعاقين في العراق، فإن تلك النظرة تشير دون أدنى شك إلى أن المعاقين ظاهرة عراقية ولدتها الحروب في بلد يقترب عدد سكانه من 28 مليون نسمة.
وفي دراسة أعدتها منظمة المعاقين الدولية بالتعاون مع وزارتي العمل والصحة العراقيتين، تبين أن عدد المعاقين في العراق وصل لأكثر من مليون معاق، وأن شدة إعاقتهم تتراوح بين العجز الكلي والمحدود. وأكدت الدراسة أن حجم المأساة التي يمر بها العراق جراء أعمال العنف والتفجيرات اليومية التي شهدها خلال الأعوام الماضية، خلفت معاقين أيضا إضافة إلى الحروب التي مر بها العراق على مر عقدين من الزمن.
وذكرت الدراسة أن هناك معاقا واحدا من بين كل 25 عراقيا. وحددت الدراسة عدد المعاقين العراقيين المنسوبين إلى هيئة رعاية معاقي الحرب بـ43600 معاق منهم 5600 من ذوي العجز الكلي، فيما يبلغ عدد المعاقين مبتوري الأعضاء 100 ألف، وعدد المكفوفين أكثر من 100 ألف، في حين يقدر عدد المهددين بالعمى وضعف الإبصار بنحو 205 آلاف.
وتقول التقارير التي أعدتها منظمات إنسانية محلية إن كثيرا من المعاقين يعانون من اضطرابات نفسية باتت تؤثر على علاقتهم الأسرية، وأنهم يجدون أنفسهم فجأة وقد تحولوا إلى عالة على عوائلهم بعد أن كانوا يعيلونها فيتحولون إلى الغضب الدائم من كل شيء. المسؤول في قسم التأهيل في وزارة الصحة العراقية جاسب لطيف، قال في تصريحات صحافية سابقة، إن عدد المعاقين في العراق يزيد على المليون بسبب الحروب وأعمال العنف الأخيرة، وأن قسمه وفر عشرات آلاف الأطراف الصناعية للمعاقين في الأعوام القليلة الماضية، فضلا عن عمليات التأهيل الطبي والنفسي والمجتمعي إلى زيادة قابلية الفرد المعاق على تأمين متطلبات حياته. فيما أشارت تصريحات أخرى لوزارة الصحة إلى وجود زيادة لافتة للنظر في أعداد المعاقين بعد عام 2003 بنحو 30%.
رئيس جمعية المعاقين العراقية موفق الخفاجي أكد في آخر تقرير أعدته الجمعية أنها تقدم بعض المساعدات لنحو 60 ألف معاق تشتمل على تقديم خدمات لحالات الإعاقة الجسدية الشديدة فقط ولا يمكنها توسيع دائرة الرعاية للمعاقين الآخرين بسبب قلة الدعم سواء الحكومي أو من المنظمات الدولية.
زاحم جهاد مطر مدير المنظمة العراقية للتطهير من الألغام، يؤكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هناك 25 مليون لغم أرضي في العراق، و800 ألف عراقي تعرضوا للإعاقة بسبب هذه الألغام. وكشف عن زيارته الأخيرة لمنطقة القائم في البصرة التي اكتشف أن فيها 47 معاقا انفجرت فيهم ألغام مؤخرا فيما توفي عدد آخر من مواطني هذه المنطقة.
ولكن مطر أشار إلى أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى وجود 300 ألف معاق في العراق وأن هناك من 15 إلى 20 ألف حادثة قتل أو تعويق سنويا من جراء الحروب أو القنابل والألغام من مخلفات تلك الحروب وأن 80% من هؤلاء المعاقين أصيبوا بعد عودة الحياة الطبيعية إلى مدنهم وقراهم. وأشار مطر إلى أن إقليم كردستان وحده يضم 60 ألف معاق من عام 1991 حتى 2004 وأن الرقم التقريبي لهذه السنوات في العراق هو 800 ألف معاق.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» في مدينتي العمارة والبصرة وبغداد أن أحداث التفجيرات أو انفلاق القنابل وانفجار الألغام تخلف عادة 5 معاقين في كل 10 ضحايا، أي أن نصف العدد من ضحايا تلك التفجيرات هم من المعاقين، مشيرا إلى أن المخلفات الحربية والألغام هي الآن الأكثر تاثيرا في خلق جيوش من المعاقين إذا لم يتم تطهير الأرض منها بالتعاون بين المؤسسات الحكومية والمنظمات المعنية بشؤون الألغام.
ويرى الدكتور علي العلاق، اختصاصي المفاصل والعلاج الطبيعي، أن «ضحايا الألغام لا يعانون من إعاقة بدنية مزمنة فحسب، بل من آثار نفسية ليست بالهينة فأغلبهم يعتقد أنه أصبح غير قادر على فعل أي شيء، أو يشعر أنه تحول إلى عالة على الجميع ومن ثم يصاب بالاكتئاب واليأس ويفقد كل بصيص للأمل في المستقبل».
من جهته يؤكد المهندس محمود الشيخ راضي وزير العمل والشؤون الاجتماعية أن وزارته عازمة على تذليل كافة الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تعاني منها شريحة المعاقين. ويقول الشيخ راضي إن العمل مع هذه الشريحة يتخطى مسألة الواجب الوظيفي للعاملين في هذا الحقل ليبلغ مرحلة العمل الإنساني النبيل التي تمنح المهام الوظيفية زخما إنسانيا يبث الأمل في حياة المعاقين. وتشير دراسات لمتخصصين في شؤون المعاقين إلى أن 30% من هؤلاء تعرضوا للإعاقة بعد عام 2003 نتيجة لأعمال العنف التي تعرضت لها البلاد بعد دخول القوات الأميركية وسقوط النظام. واختلفت التقديرات الخاصة بأعداد المعاقين في العراق، فهناك من يقول إن أعدادهم لا تقل عن ثلاثة ملايين، بينما يقول آخرون إنهم بحدود مليون إلى مليونين، في حين تنفي مصادر حكومية مثل هذه الأعداد وتتهم وسائل الإعلام بنشر أرقام غير دقيقة. ويؤكد رئيس تجمع المعاقين في العراق ونائب رئيس المنظمة العربية للمعاقين موفق الخفاجي أن عدد المعاقين في العراق لا يقل عن ثلاثة ملايين معاق. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن المعاقين يعانون التهميش وعدم الاهتمام، معبرا عن خيبة أمله من موقف المسؤولين في الحكومة العراقية من قضية المعاقين، حيث يقول إنه لم يتم تقديم العون لهم.
وتعتبر جماعة «ميرسي كور» التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، أن تقدير عدد المعاقين بمليونين فقط «متحفظ». وقالت إن تعدادا للسكان عام 1977 سجل أن نسبة المعاقين حينذاك بلغت 9 في المائة من سكان العراق الذين كانوا 12 مليون نسمة آنذاك أي نحو مليون. وتقدر الحكومة عدد السكان الآن بنحو 30 مليون نسمة.
وقالت تيانا توزر المتحدثة باسم جماعة «ميرسي كور»: «إذا وضعنا في الاعتبار أن العراق في حرب منذ عام 1977، خاض حرب إيران والعراق والقصف الأميركي والعقوبات وكلها ساهمت في إعاقة المزيد من الناس، فإن 2.7 مليون أو 10 في المائة من السكان تقدير متحفظ».
وتقول الحكومة إنها لا تستطيع مجاراة هذا العدد من المعاقين، ولا تملك وزارة الصحة سوى 21 مركزا لإعادة التأهيل و12 ورشة للأطراف الصناعية ولا تستطيع افتتاح المزيد لأنها تفتقر إلى الأطباء والفنيين. وأشارت إلى أن ربع الأشخاص الذين يحتاجون إلى أطراف صناعية فقط هم الذين يحصلون عليها لأن المواد الخام غير متوفرة.
ويرى مراقبون في شؤون المعاقين ضرورة تأسيس هيئة وطنية للمعاقين لضمان شمولية التنسيق بين كل الجهات المعنية لخدمة المعاقين ورفع مستوى التوعية بحقوقهم في مجالات تشريع القوانين الصحية والعمل والرواتب وسهولة انسيابية الحركة والتأهيل والتدريب والإسكان وأنظمة المرور والنظام الضريبي وتحفيز القطاع الخاص لتشغيل المعاقين ولا سيما المرأة المعاقة والتعليم للأطفال المعاقين والتعليم العالي للمعاقين. وتحاول المؤسسات الحكومية أن تعمل بالاتجاه الذي قد يخفف من العوائق النفسية التي تواجه المعاقين ومنها إنشاء معاهد أو مؤسسات رياضية أو إشراكهم ببطولات. وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد أصدرت المنهاج الرياضي الجديد الخاص بمعاهد المعاقين. وقالت مديرة قسم الإشراف في دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة التربوي، جيهان فتاح أن المنهاج ضم مقدمة عن القوانين الدولية الخاصة برياضات المعاقين وأساليب التدريب على الألعاب الملائمة لفئة المعاقين (بدنيا وذهنيا)، والتصنيف الطبي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة. وأضافت أن الدائرة ستعمم المنهاج على معاهد رعاية المعاقين التابعة للدائرة وعددها 17 معهدا للمعاقين ذهنيا، و29 معهد للمعاقين بدنيا، مشيرة إلى أن المنهاج يضم ألعاب القوى، وتنس الطاولة، وكرة القدم، وغيرها. وأوضحت فتاح أن المنهج أعد بالاعتماد على مصادر اللجنة البارالمبية الوطنية العراقية بالنسبة للإعاقات البدنية، ومصادر الأولمبياد الخاص بالنسبة لرياضة المعاقين ذهنيا، فضلا عن «دليل المعلم في تدريس التربية الرياضية» الصادر عن وزارة التربية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced