كثيرات هن النساء العراقيات اللواتي يعانين من العنف الأسري بمختلف اشكاله، حيث يتصدر العراق الدول العربية في هذا المجال، حسب التصنيف الاخير للعام 2015، من قبل هيئة الامم المتحدة للنساء، في حين تغيب الحلول الفعلية.
46% من النساء المتزوجات معنفات
“يسجل العراق في كل يوم حالة عنف اسري وتحرش جنسي”، بحسب عضو لجنة المرأة النيابية في البرلمان العراقي، ريزان دلير. من جهتها، أوضحت وزارة التخطيط / الجهاز المركزي للإحصاء، في بيان لها، اصدرته مؤخرا ان العراق واحد من أكثر البلدان التي تحصل فيها انتهاكات لحقوق المرأة، وبأشكال مختلفة، حيث تتعرض 46% من النساء العراقيات المتزوجات ما بين سن (15 – 54) الى العنف الاسري.
وعن أسباب العنف المسلط على المرأة، يؤكد الباحث النفسي والاجتماعي سعد عبد محمد، انها عديدية، فقد تكون اسبابا اجتماعية بسبب التربية أو التقاليد الاجتماعية، او اقتصادية بسبب الفقر والبطالة او نفسية بسبب انحراف في السلوك الاجتماعي أو من جراء تناول المخدرات والخمر. ويشير الى ان العنف له علاقة قوية بدوافع الاستبداد والتسلط، وانه يمكن ان يكون جسديا عبر الضرب أو لفظيا عبر السب والشتم والتحقير او جنسيا.
وللعنف أضرار كبيرة على الضحية سواءا من الناحية الجسدية، اذ قد تصاب بعاهة او تشويه او قد تتعرض الى القتل، او نفسية، فقد تشعر بالخوف أو الاكتئاب، مما قد يدفعها أحيانا الى الانتحار. في هذا الصدد يبين عبد محمد، ان الكثير من الضحايا يعانين من حالات الاكتئاب والأرق والهوس وأحيانا يُصبن بالجنون، مما يدفعهن الى انهاء حياتهن. ويضيف أن آثار العنف لا تنعكس فقط على المرأة وانما على الأسرة وعلى المجتمع بشكل عام.
التوعية و تفعيل القانون لحماية النساء
إن الوقاية من العنف ومقاومته تكون عبر توعية المجتمع وتعزيز المناهج الدراسية بمواد ترسخ ثقافة حقوق الانسان وعبر نشر مفاهيم حقوق المراة بين افراد المجتمع، علاوة على تعريف النساء بالقوانين المحلية والدولية التي تحمي حقوقهن، حسبما توضحه الناشطة فريال الكعبي. وتؤكد ايضا على ضرورة فتح مراكز ايواء وتأهيل للنساء ضحايا العنف ممن لا يجدن المأوى، مع مساعدتهن في إيجاد العمل المناسب، الى جانب تقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية والترفيهية لهن.
من جهتها، انتقدت الناشطة انتصار جبر موقف الجهات الحكومية المختصة بشؤون المرأة بعدم اتخاذها اجراءات وآليات حقيقية للحد من العنف ضد المراة، فيما دعا الخبير القانوني عباس الربيعي الى ضرورة تعديل او اضافة بعض الفقرات الى التشريعات العراقية التي لا تتناسب مع التطورات التي يشهدها مجتمعنا بعد 2003 وخاصة قانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الرعاية الاجتماعية. يعتبر الربيعي أن هناك إهمال وعدم تفعيل للكثير من القوانين وعدم ملائمة بعض المواد الدستورية مع القوانين العراقية النافذة، موضحا أن في إقليم كردستان، اوقف العمل بالكثير من المواد في قانون الأحوال الشخصية، بعد 2003، وعدل البعض منها بشكل يتناسب مع مقتضيات الدولة المدنية وحماية المرأة.