المعماريون العراقيون فـي المهجر.. رؤية متكاملة لبناء العراق
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 09-02-2016
 
   
لندن/ وحيدة المقدادي- المدى

عبر المهندسون المعماريون المجتمعون في لندن تحت مظلة (جمعية الكندي للمهندسين) عن رؤية متكاملة وحلول واقعية لحاجات العراق في البناء والإعمار بما يتلاءم مع ظروفه الاقتصادية والأمنية، وطبيعته الاجتماعية وخصائصه البيئية. وبحضور السفير العراقي لدى المملكة المتحدة ومشاركة أكثر من مائتي مهندس معماري من بريطانيا ودبي والعراق، دارت مؤخرا في لندن وقائع مؤتمر (الهندسة المعمارية في العراق) الذي بات تقليدا سنويا ثابتا في برنامج ( جمعية الكندي للمهندسين) التي تأسست في لندن في منتصف التسعينات وواصلت دورها كمركز جذب للكفاءات الهندسية العراقية المهاجرة، وجهة مؤثرة في التخطيط العمراني والنمو الاقتصادي في العراق.

تمت خلال المؤتمر مناقشة العديد من المشاريع المعمارية الراهنة والمستقبلية التي تمسُ حاجات العراق، واستهل الدكتور سجاد جياد من ( مركز البيان للدراسات والتخطيط) وقائع المؤتمر باستعراض مفصل لملامح الوضع الاقتصادي وسوق العمل في العراق ، مشيرا الى أن العراق يحتاج الى الكثير والكثير من الخبرات الإدارية  بل يحتاج الى تغيير عقلية وثقافة العمل، وأن (مركز البيان للدراسات والتخطيط) سيقدم خلال عام 2016 نحو 12 ورقة بحث حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية والصحية في العراق. وسيلي ذلك في عام 2017 تقرير شامل حول( مستقبل العراق) يشارك في اعداده 25 خبيرا عالميا. ولفت المتحدث أنظار المؤتمر الى أن عدد سكان العراق يقترب بسرعة من 37 مليون نسمة أغلبهم من فئة الشباب، وأن هؤلاء يحتاجون الى خبرات كبيرة في العمل والادارة لمساعدة الشركات الأجنبية العاملة في العراق في مهماتها وذلك للحد من استقدام العمالة الأجنبية من دول شرق أسيا وغيرها. كما شدد على أهمية تحريك القطاع الخاص نظرا لأن الحكومة، أية حكومة، ليس بمستطاعها القيام بكل شيء، ولابد للقطاع الخاص أن يمارس دورا أكبر في الاقتصاد، علما أن الحكومة ستقوم بمشروع التأهيل الذي يتضمن تدريب 900.000 مواطن على صنوف العمل وذلك بغية الاستغناء عن العمالة الأجنبية وتوفير فرص العمل للعراقيين. فالعراق حاليا بحاجة الى مالايقل عن 19 مليون وظيفة.

وتحدث السفير العراقي لدى المملكة المتحدة الدكتور صالح حسين علي التميمي، عن جهود العراق في جذب المستثمرين الأجانب وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار من خلال اصدارالتشريعات وتقديم التسهيلات، مشيرا الى اللقاءات المستمرة التي تعقدها السفارة مع رجال الأعمال والشركات البريطانية الراغبة بالاستثمار في العراق الأمر الذي كان من شأنه تصحيح نظرة المستثمرين و تشجيعهم على زيارة العراق والاستثمار فيه، كما نوّه سعادة السفير الى أن العراق كان ومايزال مصدرا للعقول والطاقات العلمية الفذة برغم ما يواجهه من ضغوط  وتحديات.

واستعرض الدكتور صبحي العزاوي، المعماري والباحث والكاتب والخطيب، ظاهرة المباني (الأيقونية) التاريخية البارزة التي تحفل بها أرض العراق في أطرافهِ الأربعة، والتي تتسم بالجمال والشموخ والابتكار الخلاق، فمن باب عشتار، الموجود في متحف برلين، الى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، وقصر الاخيضر الذي يتميز بوجود سرداب بعمق خمسة أمتار مُسجلا  لريادة العراقيين في هذا النوع من البناء، والى ملوية سامراء المبهرة الشامخة، والمدرسة المستنصرية والقشلة وغيرها من الشواهد العمرانية، مشيرا الى أن العراقيين لهم قصب السبق في استخدام الزجاج المزدوج في الشبابيك كوسيلة للمحافظة على خصوصية وحرمة البيوت ولمنع النور الشديد والضوضاء الخارجية وذلك قبل أن ينتشر هذا الابتكار في المدن الأوروبية تحت مسمى (دبل غليز) بعشرات السنين. وتعتبر دار (الأسترابادي) من أمثلة البيوت البغدادية القديمة الفارهة التي تتمتع بالشبابيك ذات الزجاج المزدوج.

وتحدث جيم هيفرين المدير العام لمؤسسة( زها حديد للمعمار)  نيابة عنها، مشيرا الى أن سيدة العمارة ماتزال تحتفظ بذاكرة حية عن وطنها الأم العراق، ولديها رؤية لتطوير وصيانة مدينة بغداد وخصوصا المواقع والمباني الأثرية المنتشرة فيها، مشيرا الى أن بغداد في هذا السياق هي كمدينة لندن في سرعة نموها وتطورها وأنها تحتاج الى خطة متناسقة  تأخذ بنظر الاعتبار تأريخها، ووجود نهر دجلة فيها الذي كان له دور  في رسم ملامح خريطتها وتشكيل هويتها. كما تحدث هيفرين عن تصاميم البنك المركزي العراقي الجديد الذي تضطلع به مؤسسة زها حديد لاسيما تطبيق معايير الأداء الوظيفي والشفافية والتواصل بين العاملين وسبل زيادة الانتاجية في هذا المبنى الحيوي.

ونقل المهندس المعماري منهل الحبوبي الحضور الى الجوانب الابداعية والفكرية  في التصميم المعماري مستندا في طروحاته االى المعمار العراقي الرافديني القديم الذي قام على أرض (ميسوبيتيميا)، وموضحا تأثير ذلك المعمار المتسم بالموسيقى الداخلية في المعمار العالمي المعاصر.

وتحدث المهندس المعماري علي الموسوي بإسهاب مفصل عن مشروع مدينة الشباب الرياضية في بغداد مقدما مفهوما متكاملا لحاجات الشباب والتي لاتقتصر على ملاعب كرة القدم كما قد يتبادر الى الأذهان لأول وهلة، بل هناك الحاجات الذهنية المكملة للحاجات البدنية . ومن هنا فإن المدينة الرياضية التي يعمل على تنفيذها تضم مرافق علمية وثقافية وفنية ومسرحا ومكتبة ومطاعم وحدائق غناء و دكاكين وأسواقا ومركزشرطة وأمن، بالاضافة الى العديد من المرافق الضرورية الأخرى التي يحتاجها الشباب خلال فترات تواجدهم في المدينة الرياضية، مؤكدا من خلال هذا التصميم الذي تنتظره شريحة الشباب في العراق على أهمية مراعاة عناصر الطبيعة والمناخ والبيئة والتراث المعماري التي تميز العراق.

وتحدث المهندس المعماري محمد الأعسم عن مشاريع تطوير المدن المقدسة الثلاث في العراق والتحديات العملية غير المعهودة التي تواجهها خطط التطوير لاسيما وأن هذه المدن الفريدة  ليس لها مثيل معماري في العالم يُركن اليه أو يُحتذى به.

بينما تحدث المهندس المعماري أكرم العكيلي عن جهود الحفاظ على هوية مدينة بغداد والتحديات التي تواجهها تلك الجهود لاسيما فيما يتعلق بما يجري على الساحة من تعامل عشوائي غير مسؤول مع النصب التاريخية والتماثيل القديمة في بغداد وبأسلوب يُسيء الى مستواها الفني وقيمتها الرمزية، كأن يتم طلاؤها بألوان صارخة، مشيرا الى أن هناك انتشارا مؤسفا للذوق المتردي في العاصمة  ولابد من التصدي لهذه الانحدار حفاظا على مكانة هذه المدينة التاريخية.

والملاحظ من مُجريات المؤتمر، أن عموم المعماريين العراقيين في المهجر يحملون في ذاكرتهم صورا بهية عن الوطن مستمدة من فترات بعيدة إلا أن زياراتهم اللاحقة للعراق  ومعالم الخراب التي تركتها السنوات العجاف جعلتهم عازمين على توظيف معارفهم وخبراتهم باتجاه اعادة بناء مدينتهم التي شهدت سنوات صباهم. فقد أسس المهندس العراقي المقيم في كندا الدكتور تغلب الوائلي مؤسسة (تراث) ليمارس من خلالها جهود إحياء مراكز بغداد القديمة.

كما يركز المهندس المعماري صفاء المعمار جهوده على صيانة منطقة العشّار وأسواق البصرة القديمة محاولا التوفيق بين التراث القديم ومتطلبات الحياة المعاصرة بالاستناد الى رؤيته الشخصية حول العناصر الثلاثة الأساسية  في التصميم المعماري وهي: الحاجات البشرية وثقافة المجتمع والعوامل البيئية.

وغمرت مشاعر العرفان والوفاء قاعة المؤتمر حين وقف الحضور دقيقة حداد على روح الأب الروحي للمعمار العراقي الحديث، المرحوم الدكتور محمد مكية ورفيق مهنته المهندس المعماري المرحوم حميد عبد، اللذيْن فارقا الحياة في الأشهر الماضية.

كما عاش الحضور لحظات دموع وفرح حينما بلغ المعماري الرائد الأستاذ رفعت الجادرجي منصة المؤتمر على الكرسي المتحرك ليتسلم من سعادة السفير العراقي الدكتور صالح حسين علي التميمي شهادة تقدير مدى الحياة عن كل ماقدمه للمعمار العراقي من عطاء متميز ونبوغ فكري وسيرة حافلة طبعت قرنا من الزمن العراقي.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced