فيلم (آسف على الإزعاج ) قيمة فنية كبيرة
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 16-04-2010
 
   
موقع الطريق

فيلم (أسف على الإزعاج) أجبرني ان اكتب عنه لما يمثله من نقله في السينما المصرية من وجهة نظري. المتتبع للسينما المصرية يحس بتطور كبير حصل للسينما المصرية بعد سنوات التسعينات والتي شهدت انحدارا مخيفا للسينما المصرية من ناحية القيمة وعدد الأفلام المنتجة خلال السنة الواحدة . واليوم تشهد السينما انفتاحاً اكبر من ناحية القضايا المطروحة بعد ان كان مقص الرقابة يقف إمام الكثير من القضايا وخصوصا التي تتعلق بالسياسة والحكم .
فلم (أسف على الإزعاج) يمثل نوعية من الأفلام قليل جدا ما يتم طرحها من قبل السينما العربية بسبب سيطرة المنتجين الباحثين عن الربح، لذلك فنوعية الفلم يكون فيه الكثير من الفرض على صانعي الأفلام لكن هنا يمثل كسراً لهذا القيد الموضوع من قبل الممولين .. الفيلم من بطولة احمد حلمي الذي يظهر بشكل جديد ويؤكد انه اليوم نجم السينما المصرية, ومنة شلبي التي تؤكد تألقها الدائم , وكضيف شرف النجمين محمود حميدة ودلال عبد العزيز , وهو من إنتاج شركة الإخوة المتحدين للسينما والمنتج وليد صبري , ومن تأليف أيمن بهجت والموسيقا التصويرية عمرو إسماعيل وإخراج خالد مرعي .يعرض قصة تناولتها السينما الغربية كثيرا وهي الحالات النفسية ودور العائلة والغور في شخصية المتوهم وكيف يعيش .
يبدأ الفيلم بمشهد شخصية البطل ( حسن صلاح الدين ) ويمثلها النجم احمد حلمي وهو شاب يعمل في المطار بعنوان مهندس ميكانيكي لكن بداية الفيلم توحي للمشاهد ان هناك غموضاً كبيراً سوف يلاقيه المتابع لمجريات الفيلم فالمشهد الأول حسن يكتب رسالة لرئيس الدولة يبعث له شكوى عن تعامل الناس معاه بنوع من الاحتقار والاهانات التي تلاحقه اين ما حل وبشكل مباشر. ثم يكمل المشهد برنة موبايله المرعبة والتي تجعل للمتلقي في بحر التساؤلات , ترى من هو حسن ؟؟
وهكذا يذهب لوضع الرسالة في البريد كي تصل للرئيس شكواه وفي طريقه يرسم لنا المخرج صورة جميلة فيكون في باب العمارة البواب وهو يقرأ صحيفة وهو يقول ان الدنيا انقلبت وتغير حالها، فيقوم (حسن) بتعديل الجريدة حيث ان البواب كان ماسكاً الصحيفة بالمقلوب وهذا تعبير عن واقع المجتمع الذي ينظر للحياة من منظار مقلوب، وليس ان الدنيا سيئة بل المشكلة أساسها في المجتمع الذي يجب ان يعدل من واقعه كي يمكنه ان يرى الدنيا بشكل أفضل ويمكنه ان يكون رقماً مهماً في هذا العالم إما باستمراره بواقعه فانه يمثل مجرد نكتة لا تضحك ..
ثم تبين المشاهد التالية شخصية البطل فهو إنسان طبيعي يعيش مع والدته وأبيه الذي يظهر فجأة فيكون حوار الأب النصح ومراجعة للنفس , وتشعر بان والده قريب من نفس البطل جدا , حيث يبين لك الفيلم ان البطل يكثر من محادثة والده , ويأخذ بالنصائح منه وهو يظهر فجأة لكن لا يبين نوعية شغل الأب فقط انه كان طياراً !!!
وكانت هناك فتاة يشاهدها باستمرار في (الكوفي شوب) وكان يحلم ان يكلمها لكن لم يعرف لذلك سبيلاً بسبب تركيبته النفسية , وحاول في ذلك المشهد ان يكلمها لكن فكرته عنها كانت ضعيفة ولم يتم التجاوب من قبل ( منه شلبي ) فرجع الى كرسيه وامسك القلم وبدأ يرسمها في مشهد ذي قيمة رومانسية كبيرة ... ثم ترك الورقة على طاولته وخرج .. وعاد الى أبيه يحدثه عن كيفية تعامل الناس الفض والمهين معه فكان الأب ينصحه يحاول إخراجه مما هو فيه .
يبين مشهد آخر حيث يقف إمام نافذة محل لبيع الدراجات ويتذكر طلبه وهو صغير ان تشتري أمه له دراجة هوائية، لكن أمه ترفض لسبب لا يبينه الفيلم سيرا مع اكمال اللغز الى لحظة الانكشاف . وطلبه الملح من أمه ورفضها القاطع لخوفها الكبير على ابنها، وهنا تبدأ توضح شيئا فشيئا فكرة العقدة النفسية التي تتملك البطل ..و مع توالي المشاهد يكشف لنا المخرج ان البطل مريض نفسيا بفعل أمر ما يبقى يخفيه عنا الى الوقت الذي يريده الكاتب ...حيث يتصور (حسن) ان الناس تعامله بخشونة وإهانة حيث يكتشف الأمر مصادفة، حيث كان جالساً في الكوفي شوب وأمامه الحاسوب (لأب توب) الخاصة به حيث كان مشغل الكامرة وهي تصوره وهو محتار مما هو فيه ؟؟ وفي هذه اللحظة يرسم المخرج صورة فنية متقنة حيث يتضح ان النادل يتقدم من خلف (حسن) وهو جالس إمام حاسبته ويضربه على قفاه بنوع من الاهانة مما يتسبب باندفاع حسن وارتمائه على طاولته ويصطدم وجهه بمشهد كامرتة التي صورة ما جرى فلا يوجد النادل ولا قام بشيء مما يعني انه يتخيل فقط ؟؟ وهنا تبدأ دموعه تتساقط بسبب انكشاف واقعه الذي يحيط به وهو مجرد أوهام ؟
مشهد آخر رائع جدا ويستحق الكاتب كل الثناء عليه , ينطق بتفسير فلسفي للواقع المصري حيث كان (حسن ) جالساً مع رجل أعمى على القهوة فطلب من الأعمى ان يحدثه عن قصة محزنة لأنه كان يريد ان يشعر ببعض الحزن , فقال الأعمى له بعد حوار فيه بعض الكوميديا وبشكل تهكمي : (صار لي وأنا جالس على القهوة 25 سنة انتظر التعيين ,وقد قيل سابقا ان كل واحد ينتظر قطاره لكن الحقيقة ان هناك أكثر من قطار، والناس تظن انه مجرد قطار واحد !! ويكمل كلامه بقوله: وانأ منتظر قطار الشغل راحت مني سنين عمري فما أن جمعت بعض المال وجدت ان قطار الزواج قد فات , ثم وانأ أحاول ان الحق بقطار الزواج وإذا بقطار العمر قد فات . وهكذا وجدت ان الحياة تختفي بالتدريج مثل البصر الذي راح مني . وهنا الكاتب أبدع في وضع فكرة توضح حقيقة ما يعيشه الإنسان المصري بسبب فشل السياسات الاقتصادية مما تسبب بضياع عمر الشباب في خضم الحياة الصعبة..
وبعد سلسلة مشاهد يتضح في موقف درامي مع أمه التي جاءت بدكتور نفساني كي يعالجه على أساس انه مؤجر يريد ان يؤجر لديهم في العمارة، فيكشف الأمر ويتشاجر مع والدته وخلال المشاجرة كان يشرك والده فصاحت أمه به ان والدك ميت !!. وهنا ينكشف الغموض عن الأب وينصدم المتلقي بهذه الانعطافه في الفيلم بعد ان بقي يشعر المشاهد ان الأب حي, وهذه نقطة كبيرة للفيلم. وهنا يهرب من البيت وهو يرمق شبح والده ويتبين انه صُدِمَ نفسيا عند وفاة والده، وكان شديد التعلق به ومن تلك اللحظة بدأ مرضه النفسي وبالتوالي تتضح له الكثير من الأمور أنها مجرد أوهام من أهمها قصته مع البطلة وما كان الا مجرد وهم كان فقط هو يراه ؟ويتضح له ذلك من خلال مشهد رائع .
وأغنية شيرين التي جاءت في الإعلان عن الفيلم في الفضائيات والتي تمثل جزءً من الفيلم هي أغنية معبّرة وجميلة ومرتبطة بالفيلم وأحسن صانعو الفيلم في اختيار الكلمات والصوت وهي تمثل قيمة مضافة للفيلم
لكن بحسب أهل علم النفس، فانه لا يمكن الربط بين حالتين الأولى جعلوا من محور الفيلم مرضاً عصابياً الصدمة وهي ان يتعرض الإنسان الى صدمة نفسية عند فقد عزيز عليه وتستمر حسب نوع وتركيبة الإنسان فالمرهف الحس والعاطفي تكون عنده اكبر مدة، لكن عملية اختلاق الشخصيات الوهمية والتكلم وسماع صوت غير موجودة هذا مرض آخر وهو الهذيان وهو صعب العلاج .وهنا يكمن الخطأ في الربط وجعل المرضين شيئاً واحداً والسبب تقليد السينما الأمريكية من دون تمحيص لحقيقة المرض النفسي.
بالمحصلة في نهاية الفيلم هو يدخل مصحاً عقلياً ويشفى , ثم ينتقل لنا بصور للمستقبل حيث يتزوج حسن ويرزق بطفلين وزوجته معه لكن يبقى يتخيل صورة الأب ثم إلام التي يوضح أنها ماتت في لقطة مأخوذة من فيلم عقل جميل للفنان العالمي (رسل كرو) الذي يشفى من مرضه لكن يبقى يتخيل الشخصيات الوهمية الى نهاية الفيلم .
في المحصلة نحن إمام فيلم متكامل ترى فيه احمد حلمي بشكل جديد وشخصية تختلف عن أدواره السابقة ونجح في هذا الدور وأصبح اليوم هو النجم الأول في مصر لما تمثله أفلامه من قيمة.ونحن كم نحلم ان تكون لنا سينما بمثل جودة هذه الأفلام .

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced