وسط تحذيرات مسبقة أطلقها مكتب رئيس الوزراء من وجود مندسين يريدون تعكير صفو الأمن في وقت تحتدم فيه المعارك لتحرير الفلوجة، أقدمت وزارة الداخلية التي أنيط بها مسؤولية حماية أمن العاصمة، على اتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة في مسعى واضح إلى الحد من تدفق المتظاهرين إلى ساحة التحرير، في جهد اقرب إلى منع التظاهرة التي اعتاد المحتجون على إقامتها كل يوم جمعة ابتداء من أواخر تموز 2015.
فقد سُدت كافة الجسور والطرق المؤدية إلى الساحة، ولم تبق السلطات إلا منفذا واحدا مؤدياً إلى ساحة التحرير من جهة ساحة الطيران، وقد شهد كثافة ووجودا امنيا كبيرا، وكأن المنطقة في حالة حرب.
ونقلاً عن شهود عيان فان القوات الأمنية قد احتلت أيضا البنايات التي تطل على ساحة التحرير والشوارع المؤدية إليها.
وحسب رواية المشاركين في تظاهرة يوم الجمعة فان المحتجين كانوا يحملون الورود والشموع والحلوى والإعلام العراقية، وهتافاتهم تشيد بالقوات المسلحة وتتضامن معها في المعركة ضد الإرهاب وداعش.
العنف ضد المحتجين
ولكن في هذه الأجواء من الحماسة واللقاء والتعاطف بين المتظاهرين وقوات الأمن، بدأت عناصر أمنٍ متمركزون خلف كتل كونكيريتية نُصبت على جسر الجمهورية، في رمي المتظاهرين السلميين المحتشدين في ساحة التحرير بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل الاحمر، وقيل ايضاً ان الرصاص الحي قد أستخدم، حيث سقط العديد من المواطنين، بين مصاب ومغمى عليه. وفيما قال مكتب رئيس الوزراء أن ذلك جاء رداً على محاولة عبور الأسلاك الشائكة عند جسر الجمهورية من قبل عدد محدود من المتظاهرين، يقول عدد من الذين تواجدوا في الساحة ان محاولة العبور وتجاوز الحواجز جاءت ردة فعل على استفزاز القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرة. ولاحقاً تطورت الاحداث على نحو سريع واخذ اللجوء الى استخدام العنف من جانب القوات الحكومية في الاتساع، والملفت انه تواصل حتى بعد ان اخذت الحشود في التفرق والانسحاب، وهذه المرة جاء الرمي ايضا من البنايات المحيطة بساحة التحرير وليس فقط من القوات المحتشدة على جسر الجمهورية.
ومن اللافت انه لم يسمح وحسب شهود عيان لسيارات الاسعاف بالدخول واخلاء المصابين الا بعد ان ازداد العدد وتفاقمت حالة العديد منهم.
هذا وأقرت المصادر الأمنية استخدامها للغاز المسيل للدموع بذريعة "تفريق متظاهرين حاولوا العبور الى المنطقة الخضراء"، فيما لم يؤيد رواية المصادر الحكومية عن استخدام شعل نارية ضد القوات الامنية، أحد من المتظاهرين او مراسلو الفضائيات الذين وثقوا ما حصل.
وخلص العديد من المراقبين إلى أن أحداث يوم الجمعة والاستخدام الواسع للعنف، وما سبقه من إجراءات وتحذيرات يؤشر إلى ضيق الحكومة والقوى المتنفذة من استمرار التظاهرات المطالبة بالاصلاح، ما يشكل حرجاً جدياً لهم.