اتهمت وثائق ويكيليكس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان باستخدام تنظيم داعش لابتزاز دول المنطقة، وخاصة دول الجوار منها وبالذات العراق.

وقالت التسريبات التى نشرت نسخا من البريد الإلكترونى لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا إن إردوغان استغل التنظيم لتهديد العراقيين، رغم أنهم من المفترض فى خانة الأصدقاء، وسعى لجعل داعش مخلب قط فى وجه حزب العمال الكردستانى مقابل وقف تدفق الإرهابيين إلى العراق ومحاصرتهم وقطع إمدادات السلاح والرجال التى يحصلون عليها عبر تركيا.

كما أرسل الرئيس التركي، بحسب ويكليكس، وفودا إلى بغداد للقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، وإلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق للقاء رئيس الأقليم مسعود برزاني، لمساومتهما على مساعدة العراق ضد أكراد تركيا مقابل كبح جماح داعش.

بارزاني يقبل بعرض اردوغان

وأشارت الوثيقة إلى أن بارزاني اضطر للقبول بمقايضة أردوغان وطرد مسلحي حزب العمال الكردستاني PKK من معسكراتهم فى جبال الإقليم مقابل وقف تدفق الإرهابيين من تركيا إلى العراق وإقليم كردستان العراق.

وساعد هذا فى تحقيق الأكراد انتصارات كبيرة على داعش وطرده من جميع مناطق الإقليم بعد أن كان قد وصل على بعد ٤٠ كيلومترا من إربيل.

الاخوان للمشاركة بحكم سوريا مقابل السلام

وتعكس الوثائق حجم التعاون والتنسيق الذى كان يدور فى الخفاء بين أردوغان وتنظيم داعش، وتؤكد جميع المعلومات السابقة بشأن تورط النظام التركي فى علاقات مشبوهة مع الإرهابيين، وأنه سبب رئيسي فى الحرب الأهلية فى سوريا ونجاح داعش فى احتلال ثلث العراق تقريبا وإعلان قيام خلافته المزعومة.

كما قايض الرئيس التركي نظام الرئيس السورى بشار الأسد وأرسل مسؤولين عسكريين لإجراء مفاوضات معه فى دمشق، من أجل منح جماعة الإخوان حصة من الحكم فى سوريا، مقابل القضاء على المعارضة المسلحة ووأد التمرد ضِد الحكومة السورية.

وقالت الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس إن أردوغان الذى يهاجم الأسد ويطالب بإسقاطه، كان يعقد معه صفقات فى الخفاء ويرسل باستمرار مسؤولين أتراكا إلى دمشق للتفاوض معه حول مستقبل الإخوان ومنحهم امتيازات سياسية.

وأرسل أردغان اثنين من جنرالاته رفيعى المستوى والمقربين منه وهما دوجي برنجيك وإسماعيل حاكي بيكين، للقاء الأسد، وتم الاتفاق على بعض التفاصيل الخاصة بالتعاون العسكرى بين البلدين، وكانت تلك الزيارة بداية لزيارات أخرى قام بها مسؤولون أتراك لسوريا، وامتدت حتى العام الحالي.

وأكدت الوثائق أن حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا رتب تلك الزيارات وطرح أجندة المباحثات وفرص تمكين الإخوان من الحكم في سوريا.

وتوافدت وفود أردوغان على دمشق فى يناير وإبريل ومايو من العام الجاري، ولعب الأسد دورا فى الوساطة بين أردوغان والرئيس الروسى فلاديمير بوتين لتحسين العلاقات بينهما، عقب تدهورها بعد إسقاط تركيا مقاتلة روسية.

تهريب أموال القذافي

وقالت وثائق ويكيليكس إن نظام أردوغان تورط مع جماعة الإخوان فى ليبيا فى جرائم تهريب أموال الشعب الليبي إلى الخارج.

ونقلت الوثائق عما قالت إنه رسائل من البريد الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا أن عبدالحكيم بلحاج، القيادى الإخواني والمدرج على القوائم الدولية كأخطر الإرهابيين فى ليبيا، كان طلب فى عام ٢٠١٣ من أردوغان مساعدته فى نقل وتحويل ١٥ مليون دولار إلى تركيا.

ويشير الموقع إلى أن هذا المبلغ هو حصته من ٧٥ مليون دولار عثر عليها مع مجموعة مسلحة فى مقر العقيد الليبي السابق معمر القذافى، بعد اقتحام المقر.

ولم يفصح الإخوان عن تلك الأموال بل اكتفوا بتهريبها إلى الخارج.

وكشفت المراسلات أن بلحاج طلب فى رسالته التوجه إلى إسبانيا، حيث خبأ الأموال لدى شركة صيرفة مرتبطة بتركيا هناك، ونقلها إلى تركيا بقصد الاستثمار مقابل حصوله على ٢٥٪ عمولة.

وتنشر ويكليكس 294.548 بريدا إلكترونيا مُسربا من حزب العدالة والتنمية عُرفت بـ  "رسائل أردوغان"، يعود أقدمها إلى عام 2010، أما أحدثها فكان بتاريخ 6 يوليو/ تموز 2016، أي قبل محاولة الانقلاب بأسبوع واحد فقط، حيث أعلنت ويكليكس عن تأخير ميعاد نشر الرسائل المحدد له مُسبقا، فقد حصلت على تلك الرسائل قبل الانقلاب بعدة أيام.

وتحتوي الوثائق والمراسلات المنشورة على مسائل حساسة تخص الشأن الداخلي التركي، إلا أن ويكليكس أكدت بأن مصدر تلك التسريبات لا يمت بصلة لمدبري الانقلاب وليست له علاقة بالأحزاب المعارضة كذلك، مما يطرح علامة تعجب حول مصدر التسريبات التي يعود أحدث تاريخ فيها إلى قبيل الانقلاب بأسبوع واحد فقط!

ويحتوي الجزء الأول من التسريبات على 762 عنوانا بريديا يبدأ أصحابه بحرف "A" وينتهي الترتيب بحرف الـ "i"، وتختص الرسائل بمعلومات من حزب العدالة والتنمية تخص بنية السلطة السياسية في تركيا.

تعرض موقع ويكيليكس للهجوم الإلكتروني عن طريق القرصنة، بعد نشر أول دفعة من الرسائل المسربة على الموقع.

وصرّحت ويكليكس على موقعها وعلى حسابها على تويتر بأنها لا تؤيد الانقلاب ولا تؤيد حزب العدالة والتنمية كذلك، ولا تتخذ موقفًا من القضية أو تنحاز لأحد أطرافها، فهي فقط تريد نشر الحقيقة، والتي لا يرغب الكثير في ظهورها، كما هو من الواضح من عمليات القرصنة والهجوم على الموقع منذ نشر التسريبات وحتى الآن.انتهى29 / م ن ح