إليكِ.. عيناكِ إفترستا عقلي
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 08-06-2010
 
   
مزهر بن مدلول
من غرفتي الباردة، المكتظةِ بالأحلام والنعاس.. من وجهي، الذي رسمتهُُ ضرباتُ الزمن، وقسوةُ الغياب..
من رائحةِ القتلِ العميم، وكرنفال الفزع.. يارأسَ يوحنا المعمدان، الذي تريده سالومي عاهرة القيصر..
من إنهياراتِ العالمِ المتحالفِ مع الشياطين.. ياغيوماً سوداء، تهطلُ مطراً من غبار..
من تحتِ كلّ هذا الحطام، الموغل في التراب والعظام..
إقتطفتُ لكِ، فجراً ندياً مشرقا، إقتطفتهُ قبل بزوغه، قبلَ أن تستيقظ البواخرُ الحربيةُ الهاجعةُ على سواحل البلاد..
علّني، في حيلتي أقتفي صمتكِ، الذي إستحالَ الى فوضى عارمةٍ، وحريقٍ هائلٍ، أضرمهُ فلمٌ مرعبٌ في خرابِ مدينةٍ افريقيةٍ تقعُ في جغرافيةِ الموت..
ربما تقولين عني..
بأنيّ طفلٌ، أدمنَ على ملعقةِ الذهبِ في فمهِ، أو أنيّ، طائشٌ ومجنون، وربما كنتُ رجلاً مسحوراً بموروث الخساراتِ الدامية..
أو تقولينَ، أنيّ دانتس الفرنسي، الذي طعنَ (بوشكين) بسكينٍ في بطنه، أو حتى تظنين، بأنيّ خرجتُ من مغارة العناكبِ، إحتجاجاً على هذيان الفيلسوف نيتشة..
لكنّ الذي لاتستطيعينَ أن تقوليه، هو ذلك المغزى الثاقب، الذي يطلُّ بلا هوادةٍ من نظراتكِ، غزا كل هواجسي، ولملمَ شتاتَ قصائدي، ودثّرني بمدارٍ راقصٍ من الأحلامِ والطيوف..
تلكَ أحلامٌ، لها شلالاتُ دموع، تجرفني في كل حين، الى داخلي المسكون بالمقابر..
الى ذلك الجرح الأزلي، جرحٌ مكابرٌ، يلعقُ في روحِ مهيار الباهلي، ويأكلُ من كبدِ وأحشاءِ الوردةِ البيضاء (اسيا الخضر)، المفتونةُ عبثاً (بسيمون دي بوفوار)..

لم أكن (طرطوف)، ذلك الجنيُّ، الذي تجسدَ بثياب عابدٍ فقير كما تتوهمين، بل كنتُ جالساً الى جانب موليير لحظة كتابة المسرحية، لكي أغوصُ في قلب أرغون وهو يقول (لقد قُضي الأمر، أنيّ أتنكرُ لكل أهل الخير)..
هل حقا قُضي الأمر..؟.؟.؟
فأنا، كما انتِ تعلمين، جئتُ من وادي (هني بني)، الذي سقطتْ في جوفهِ السماء، ولم ينج منهُ احدٌ سواي..
كان المشهدُ بربرياً، وقد أفقدني الحيلةَ والتركيزَ والضوابطَ المُحكمة، الموتُُ يحومُ في الأرجاء، يمرُّ من أمامي ولايبالي بي، يسخرُ مني كما تسخرُ الريحُ من اوراق الخريف الصفراء..
بينما كنتِ في ذلك الحين، تتنزهين في قصر فرساي، تجلسين على كرسي ماري انطوانيت، مشغولةٌ بالكعكةِ المحلاة، التي يتقاطرُعسلها من بين اصابعك..
أما أنا ياعزيزتي، فلمْ أكن سوى جندياً عادياً، عيّنني (ليوناردفرانك) حارسا على مشجب المبادئ، وأمضيتَ في ذلك المكان الخالي من التأمل، كلّ ذاكرتي وجسدي..
ولكنّ الحقيقة البالغة السطوع، والتي تشبهُ الى حدٍ ما بريقَ عينيكِ.. هي تلك الكلمات التي لاصوتَ لها ولاحروف، والتي وجدتْ لها مرتعاً أخضراً في رأسي، فكانتْ الأكثرَ إيلاماً والاشدّ رعباً من ايِّ حربٍ اخرى..
تعرفين يا كاتيا، ياصافية الروح، بأننا نحن الجنود العاديون أضعنا أهدافنا، وصرنا نتخبطُ في فظاظتنا، ليس لأننا نشعر بأننا مجرد وقود لحروب الطغاة، بل هي انقاضُ الاحاسيس، التي منعتنا من إستعادة قراءة رسائل الحب..
الحبّ، الذي مازالتْ شرارتهُ ملتهبة.. الحبُّ العميق، الذي طار بنا ذات نهار،الى سفوح جبال غرين وشمسها الدافئة..
أشجاننا أمتزجتْ بأشجانِ الطبيعةِ وفي نبضِ عروقها..
مداعبةُ الموجةُ للموجةِ..
كنتِ تتفجرينَ بالغبطةِ.. وكانَ قلبي مشتعلاً مثلَ قلب (جوته).

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced