منظمات المجتمع المدني..غياب الوعي والحاجة الى التمويل والاستقلالية!
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 28-06-2010
 
   
اسعد فاضل – المدى

ترتبط نشأة وتطور ونشاط المنظمات الأهلية ومنظمات  المجتمع المدني بالظروف المجتمعية التي تشكل السياق العام الذي تنشط في إطاره مؤسسات المجتمع المدني وتعكس في خصائصها سلباً وإيجابا ما هو سائد في البيئة المجتمعية المحيطة بها ولذلك يمكن القول بوجود معوقات  موضوعية وأخرى ذاتية بصورة عامة،

واما في الوضع العراقي فله خصوصية، حيث عانى المجتمع العراقي ولاكثر من ثلاثة عقود من الزمن من هيمنة السلطة الحاكمة على المؤسسات، هذا النظام الدكتاتوري الذي لا يؤمن بحرية الرأي ولا بالديمقراطية، ولا باحترام حقوق الانسان، وبعد 2003  تغير الحال في البلاد، ودخول البلاد في عهد جديد تميز بالحرية والديمقراطية والتعددية، ولكن هنالك الكثير من المعوقات التي تقف حائلا دون تطور هذه المنظمات من حيث التمويل، والتدريب، والادارة الناجحة، ووضوح الاهداف، واخرها  مسودة « قانون منظمات المجتمع المدني « فباتت هذه المنظات مكبلة بقيود تحد من حريتها في العمل المؤسساتي، وصحيفة « المدى « استطلعت اراء المعنيين بهذا الموضوع:
العلاقة بين المجتمع المدني والحكومة 
تقول عائشة غزال المساري رئيسة لجنة مؤسسات المجتمع المدني في مجلس محافظة بغداد: منظمات المجتمع المدني حجر الزاوية في النضال الشعبي من أجل إقامة مجتمع أكثر مدنية وحرية ورفاهية وعدالة  وهي تلعب الدور الثاني بعد دور الحكومة في التعبئة الشعبية لتحقيق مهمات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  وتأمين حياة لائقة للمواطن و يمكن أن تساهم في إعادة بناء الفرد والمجتمع وزرع الثقة في نفسه وتنشر مبادئ العمل الإنساني والخيري.
وأشارات في حديثها الى حداثة التجربة العراقية  في هذا المجال ودخول بعض الطارئين على هذا الموضوع  والذين سعوا إلى أن تتحول هذه المنظمات إلى وسائل للكسب غير المشروع،حيث ظهرت منظمات حصلت على تمويل ودعم من بعض الجهات إلا إنها لم تقدم شيئا  في اتجاه الأهداف التي حصلت بموجبها على التمويل. فكانت عملية انحراف كبيرة لبعض المنظمات عن أهدافها لصالح أفراد بعينهم حين تدخل الأموال في جيوبهم نتيجة لغياب آليات المساءلة والشفافية في عمل بعض المنظمات، فالتمويل الذي جاء من الخارج لدعم منظمات المجتمع المدني  كان في احيان كثيرة يذهب إلى منظمات وهمية فتحرم منه بعض المنظمات الفاعلة، ما اثر سلبا على عمل هذه المنظمات وزاد من النظرة السلبية لعملها فبقيت المنظمات المدنية الحقيقية والفاعلة  بعيدة عن مصادر التمويل معتمدة على نفسها  وقد شكل هذا الأمر وضعا صعبا أمام المنظمات الفاعلة. وأكدت ان الكثير منها قد اختفت من الساحة وبقيت المنظمات التي هي فعلا خدمت المجتمع في كل الاتجاهات، وهنا يكون دور لجنة مؤسسات المجتمع المدني في البحث عن مصادر التمويل الداخلي المتمثل بدعم الحكومة المحلية إلى النشاطات التي تخدم المواطن والبحث عن التمويل الخارجي من الدول المانحة لتقديم الدعم وتوجيهها بالمسار الصحيح عن طريق رقابتنا نحن في المجلس، لذلك ونحن بدورنا وضعنا خطة لإجراء مسح ميداني وإحصاء عدد المنظمات وإقامة علاقة وثيقة بينها وبين الحكومة المحلية واطلاع بقية لجان مجلس المحافظة على مشاريع المنظمات المدنية وتسويق مشاريعها كما إن اللجنة شرعت  بتصنيف المؤسسات الاجتماعية وفق نشاطها وأهدافها ووضعنا ثلاثة تصنيفات عامة لذلك وهي «المؤسسات الفاعلة والناشطة،المؤسسات الخاملة، المؤسسات الوهمية «.
وأضافت « كما وضعت اللجنة تصنيفا لأول عشر منظمات فاعلة في المجتمع  من اجل تكريمها وتقديم الدعم لها  من قبل الحكومة، ودور منظمات المجتمع المدني الفاعلة هو دور لايمكن أن ننكره وقد قدم خدمة كبيرة في توعية المجتمع ولجنة مؤسسات المجتمع المدني في مجلس المحافظة  مساندة لهذا الدور وطموحنا  ان تكون المنظمات رافدا مهما في تطوير العمل الديمقراطي والإنساني وجعله بعيدا عن كل هيمنة حتى من قبل الدولة وجعل التمويل الذي يكون من إطراف عدة والذي ربما يكون سببا في هيمنة الطرف الممول على المنظمة  وفق قوانين تشمل كل الإجراءات التي تتعلق  بتنظيم عمل جميع المنظمات غير المرتبطة بالحكومة  وطموحنا أن تكون هذه القوانين  ذات صفة تشريعية من قبل الحكومة المحلية ومجلس النواب العراقي  «.
ضعف تطور وأداء المنظمات
ويرى علي محسن مدير معهد التنمية والتطوير: ان هنالك معوقات كثيرة تقف امام عمل مؤسسات المجتمع المدني حيث قال: ان حداثة التوجه السياسي الداعم للمجتمع المدني وفقاً لحداثة  التحول الديمقراطي في الدولة والمجتمع، وقصور التشريعات والقوانين المنظمة لها وضعف الطبقة الوسطى وتآكل مقوماتها بفعل الأزمات الاقتصادية،وتدني مستويات الوعي الاجتماعي والثقافي العام خاصة في الريف.
واضاف علي: ان المعوقات الذاتية للمؤسسات نستطيع ان نجملها ب:  ضعف التأهيل للكوادر العاملة في مؤسسات المجتمع المدني وهو يعبر عن قصور وإهمال لأهمية التدريب والتأهيل العلمي والثقافي والمهاراتي لنشطاء المجتمع المدني قيادات وأعضاء. وشخصنة العمل المؤسساتي وارتباط الجمعية أو المؤسسة بشخص الرئيس أو القيادي الأول فيها، وهو ما يولد الصراع والتناحر بين قيادات مؤسسات المجتمع المدني، ويعبر عن غياب أو ضعف الممارسة الديمقراطيه داخل تلك المؤسسات.
معوقات قانونية
الباحثة القانونية والخبيرة في مجال العمل المؤسساتي المحامية زينب محمد تقول «ان مسودة القانون الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني  مجحفة جدا بحق مؤسسات المجتمع المدني، ولا تتناسب والتحول الديمقراطي الذي حدث في العراق، اذ ان فيها خرقا واضحا للدستور العراقي، متسائلة فيما اذا كانت هناك مادة واحدة فقط، فيها أي دور تعزيزي لمنظمات المجتمع المدني، ففي الوقت الذي يعطيها حق التشريع والتأسيس، فانه يأخذها بمواد اخرى يفرض عليها شروطا، اذ لايجوز عمل شيء والتحرك الا بموافقة ووصاية دائرة منظمات غير حكومية، كما لايمكن فتح فرع او ممارسة نشاط او الحصول على دعم مادي الابموافقة تلك الدائرة، كما ذكرت ان هناك فقرات خاصة بالمنظمات غير الحكومية العاملة في العراق التي تحد من عملها، واكدت ان اللجنة قد بلغت رسميا وغير رسمي، من منظمات غير حكومية دولية عاملة في العراق، بانها ستغادر العراق في حال تم التصديق على المقترح الحالي للقانون، اذ بدأت هذه المنظمات بالتراجع عن حجم المساعدات المقدمة، اذ يجب تغيير وحذف العديد من فقرات القانون، والتي لا تعبر عن طموح معظم المنظمات في العراق.
فيما اوضحت في معرض حديثها: ان من اول عيوب القانون، انه قاصر عن ايضاح العديد من المفاهيم، المتعلقة بمعرفة الجهة التي تتولى مسؤولية المنظمات المدنية، فضلا عن انه لم يوضح في ما اذا كانت النقابات والاتحادات تدخل ضمنها ام لا؟ مشيرة الى ان هناك فقرة اخرى، هي العقوبة بالحبس ثلاث سنوات  للعمل في المنظمات التي رد طلب تأسيسها، كما لاتعتقد ان هذه المادة موجودة في اي قانون اخر، متسائلة عن ماذا سيدخل المرء السجن وبناء على ماذا، على عمل تطوعي قام به، وهل اذا كان العمل لايتلاءم مع قناعة السلطة، وعدت ذلك  اضعافا متعمدا لتلك المنظمات ما سيجعلها تحاول ان تنشأ على وفق اهداف ترضي عنها السلطة، والا تم رفض انشائها وتعرض افرادها للحبس والسجن، وهذا تقليل من فاعلية الدور المفترض ان تقوم به، وان تصبح اداة جديدة للحكومة خاضعة، وليست ندا كما انه لا يجوز لمجتمع ديمقراطي، ان يحاسب ويسجن المرء نتيجة لاعماله التطوعية.
وأكدت إن المسودة المقترحة  عقيمة وان اصحاب المؤسسات شعروا بخيبة امل تجاهها، لما تضمنته من قيود من المفروض،  ان تطبق على المؤسسات الحكومية لا مؤسسات المجتمع المدني، اذ اعطت المسودة الصورة غير المناسبة , حيث اجازت للدولة مراقبة مؤسسات المجتمع المدني، والمفروض وحسب ما متعارف عليه دوليا ان مؤسسات المجتمع المدني، هي اداة رقابية بصورة غير مباشرة على الاجهزة التنفيذية للدولة.
فضلا عن إن الكثير من مواد وفقرات مسودة القانون، هي مواد قد زج بها في المسودة  كقانون العقوبات والجنايات, وقانون مراقبة الاموال والسماح لديوان الرقابة المالية، بتدقيق سجلات المنظمات الحسابية وهنا وقفة حقيقية اقف عندها وهي: ان سلطة الدولة بتدقيق الاموال،يجب ان يكون في حالة ان الحكومة هي  الجهة المانحة للاموال، وهذا ما متعارف عليه مع مؤسسات الدولة الرسمية، من ان ديوان الرقابة يقوم سنويا بتدقيق سجلاتها المحاسبية، هذا فضلا عن المواد والفقرات التي تجبر المنظمات على الاستئذان المسبق، للتعاقد أو للتعـاون أو المشاركـة أو المساهمة مـع المنظمات المحليـة أو الدوليـة، كشرط أساس للقيـام بتلك المساهمات بعد حصولهم علـى الإذن، لإتمام تلك المساهمات بين المنظمة المحلية والمنظمة المانحة، كما اوضحت:  إن تحديد أكثر من جهة لارتباط دائرة المنظمات غير الحكومية، من الأمور التي تربك العمل وتشتت الجهود وتكثر القرارات والروتين والضياع بين مؤسسات الارتباط، وغيرها من البنود التي لا تنسجم اصلا مع روحية ومفهوم المجتمع المدني الحديث  الذي من المفروض ان يكون حرا و مستقلا كي يكون فاعلا ومتطورا ويؤدي دوره في المجتمع وعلى اكمل وجه.
وأشارت الى  ان القانون قد نظم عمل المنظمات غير الحكومية الأجنبية  في العراق، اذ نصت المادة 26 منه على ان يسجل فرع المنظمة غير الحكومية، الأجنبية في العراق وفق أحكام هذا القانون وكأنها منظمة عراقية، ولولا نقاط الخلاف التي تجتاح هذا القانون، والتي معظمها توحي بتدخل الحكومة في عمل المنظمات، عن طريق دائرة المنظمات غير الحكومية، او ديوان الرقابة المالية او غيرها، فضلا عن وضع ضوابط صعبة لإيداع الموارد المالية وسحبها، واشتراط موافقة الدائرة المذكورة على قبول المنح والمساعدات، من داخل او خارج البلاد وغير ذلك من قيود تعصف بهذا القانون، لكان عمل المنظمات الأجنبية طبيعيا ولا مشكلة فيه، اذ لا بد من تنظيم عملها بما ينسجم مع عمل غيرها من المنظمات المدنية العراقية، بل يفترض وضع قواعـد جذب لهذه المنظمات، للعمل فـي العراق اذا كانت ذات نفـع عام وضرورية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced