فريال حسين تسرد سيرتها المهنية في مجال الاعلام
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 31-03-2017
 
   
المدى

أخطر المهن هي الصحافة، مع انها السلطة الرابعة في المجتمعات المتطورة، وقد تكون الأولى بعض الأحيان ، عندما تتسبب في سقوط انظمة من خلال تحريض الناس ضدها. لهذا فالضحايا من الإعلاميين في المناطق الملتهبة تزداد مع تطور الأحداث وتعقّد مراحلها. اما في الأنظمة التي لاتعترف بالرأي الآخر، وخاصة المختلف معها، فمصير الإعلامي  معلّق بشعرة أدق من شعرة معاوية بن أبي سفيان.

كان سؤال الأمسية الأخيرة للمقهى العراقي في لندن، يوم الأحد المصادف 26  آذار2017، يتمحور حول هذه الإشكالية،الإعلام والنظام .

بدأت الأمسية بتقديم الفنان والشاعر والإعلامي العراقي فلاح هاشم، منوهاً في مستهل حديثه، الى الخسارة التي منيت بها الثقافة العراقية برحيل رائدة من رواد السينما والمسرح وشخصية اجتماعية مهمة ومناضلة، تعرضت لشتى أنواع المحن والمعاناة الفنانة الكبيرة، ناهدة الرماح، وكذلك الى رحيل الملحن الفريد جورج. بعدها تطرق الى تعرفه الى السيدة فريال حسين، من خلال عملهما في نفس المؤسسة الإعلامية، وكذلك نوّه الى الوضع السائد، آنذاك، وكيف كان المبدعون يحاولون السير بين الألغام، خوفاً من كلمة عفوية قد تؤدي بصاحبها الى غرف الاعتقال وربما الموت تحت التعذيب، بسبب  الخوف من النظام من أية نأمة أو همسة قد تشير ولو من بعيد، وعلى سبيل المزحة، الى صورته الكريهة وقسوته اللا متناهية .

ثم تحدثت الضيفة السيدة فريال حسين، عن تجربتها التي بدأت بصدف وفرص ليست على البال. فهي خريجة كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، وتهوى الترجمة وعملت وقتها في صحافة الأطفال  كمترجمة لقصص الأطفال الأجنبية، ولكنها أثناء زيارتها لصديقتها الفنانة سناء التميمي، التي كانت تعمل وقتها في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العراقية. شاهدها أحد المخرجين العاملين هناك، وأعجب بشكلها العام وصوتها الواضح والهادئ، وسألها إن كانت ترغب في العمل في المؤسسة؟ لكنها استغربت من سؤاله، لأنها لم تخطر في بالها مثل هذه الفكرة. إلا أن إلحاح المخرج وصديقاتها العاملات هناك،  قررت أن تجرب مهنة الظهور على الشاشة الصغيرة، وهذا كان بعد إجراء اختبار سريع لها حصلت فيه على موافقة مدير المؤسسة والطاقم الفني الذي استمع الى إلقائها وطريقة تقديمها، فكان اليوم التالي لهذا الاختبار، هو بداية عملها في هذه المؤسسة وأروقتها، التي وصفها مقدم الأمسية الفنان فلاح هاشم، بالدهاليز.

كان برنامج حروفنا الجميلة، أول تجربة لها في هذا المجال، وقد حصل على الجائزة الأولى في مهرجان التلفزيون العربي في القاهرة. لكن القفزة المهمة في عملها، هي عندما كلّفها الفنان الراحل نوري الراوي بمشاركته في برنامجه الشهير (آفاق الفن)، لأنها كانت من المهتمات بالفنون والثقافة عموماً، فكان هذا البرنامج، هو البداية التي أفضت الى برامج  مهمة ومتميزة وذات أثر كبير، وحظيت بتقدير وقبول وإعجاب المثقفين والفنانين والنقاد. وقدّمت بعد ذلك  برنامج (لوحة وفنان) الذي شغلت حلقاته اكثر من 200 ساعة تلفزيونية، غطت مساحة واسعة من تاريخ الفن العراقي والفنانين، إبتداءً من الروّاد وحتى الفنانين الشباب  في حينها، لكن هذا الجهد تبدد بعد الاحتلال، عندما سطى  السرّاق والمخربون، وضمن برنامج مخطط، لينهب أرشيف المؤسسة ومحتوياتها الثمينة، وينسف ذاكرة شعب ووطن أصبح نهباً لكل من هبّ ودب. كما قدمت الإعلامية، فريال، برنامج المجلة الثقافية التي كانت تستضيف فيه المثقفين والفنانين العراقيين، من مختلف المشارب والأجناس الإبداعية. لكنها لم تنج من الملاحقة والمحاصرة والتضييق. حتّى تم فصلها لأسباب سياسية. وفي الخارج، بعد أن تمكنت من النجاة والخروج من مصيدة النظام، توجهت للعمل في مؤسسات الإعلام التي تعارض النظام فساهمت في ربط مثقفي الداخل بمثقفي الخارج، من خلال تقديمها للعديد منهم عبر وسائل الإعلام التي زاولت نشاطها فيها.

لقد كانت تجربة الإعلامية السيدة فريال حسين، تجربة غنية تداخل فيها الذين عملوا معها في الداخل والخارج، وقدموا شهادات قيمة عن دورها المحوري في البرامج التي عملت فيها أو التي اشرفت عليها وقدمتها بنفسها. وقد حاورت أهم الشخصيات الثقافية العراقية وقدمتهم بطريقة ملفتة  للنظر، سعت جاهدة الى أن تعطي عرضاً يتناسب مع شخصية الضيف المختار للحلقة المقدمة، فهي لاتكتفي بتقديم ضيفها، ولكن تقدم معه ناقداً ملمّاً بحياة ونشاط الضيف، ليوسع مدى التعرف عليه ويغني المشاهدين بتفاصيل جديدة حوله وحول نشاطه أو عمله الذي عرف به. وكان الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا، من اكثر النقّاد مرافقة لها في التعريف بهذه الشخصية أو تلك. كما سنحت لها الفرصة لمرافقة الكاتب الإيطالي الكبير  ألبرتو مورافيا  صاحب  رواية (إمراتان ) - التي تحولت الى فيلم مثّلته الفنانة الإيطالية الشهيرة صوفيا لورين في سبعينيات القرن الماضي -  في جولته الى مواقع المعارك التي حدثت أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وما لحق من خراب لبلدنا العزيز نتيجة لحماقة النظام. وقد خرجت  السيدة فريال، من هذه الرفقة بإهدائها القسم العلوي من عصا ألبيرتو مورافيا،  التي تحطمت خلال تلك الجولات بين الخرائب والدمار الشامل االذي لحق بالعراق.

كان سردها لهذه المسيرة والمتاعب التي تعرضت لها، قد جعلت  جمهور المقهى متحفزاً لسماع المزيد، وكان معها المزيد فعلاً، لكن الوقت له قوانينه وشغيّلة المقهى لايستطيعون تجاوزه والذي سمحت لهم فيه مالية المقهى المترنحة، والتي تعتمد على العاملين وبعض المتبرعين من جمهور المقهى الكريم، لهذا فقد اختتمت الأمسية بمداخلات للعديد من الحاضرين، تطرقوا فيها الى تجربتهم  المؤلمة مع مؤسسات النظام الإعلامية.

كان جمهور المقهى كعادته حيوي وحماسي وسعيد بهذه المواضيع وهو يطالب العاملين فيه بالمزيد منها، لكن اعين هؤلاء بصيرة واليد قصيرة على مايبدو كما يقال، حيث ضيق الوقت وقلة العدد وضعف الحال، لايسمح باكثر من هذا . إلا أن شغيلة المقهى يبدو عليهم التصميم في المواصلة والإستمرار، كما فهمت من احد المساهمين الفاعلين في نشاطه .

شكراً لكل من ساهم في هذه الأنشطة وهو يحاول ان يعطي صورة حقيقية عن ثقافة الوطن ومثقفيه و يختار الوجه الأنصع والأكثر حيوية وحداثة ومواكبة لعصرنا الراهن،  فكل الظلام الذي يحيط بعراقنا الحبيب لا يمكنه ان يطفيء شموع المعرفة والإبداع والجمال من نفوس العراقيين .

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced