قضيــة ونقــاش: هل فقد التعليم مهمته... وتحوّل المعلم إلى رجل دين
نشر بواسطة: mod1
الإثنين 03-04-2017
 
   
المدى

يبدو اننا نعيش في بلد اختلطت فيه القوانين والنظم مع بعضها البعض بشكل مريب ومخيف، في زمن ليس ببعيد كان المعلم مصدر الثقافة والتحضر والتقدم للمجتمع، وكان بمثابة المربي الثاني بعد العائلة، بل ربما يكون فلتر التربية كما كان له دور في تقديم الاستشارة الاجتماعية للناس، وفك بعض الخلافات بين الجيران او الاصدقاء، اذ يعد حلقة وصل بين ابناء المدن او المحلات،

لكن بسبب سطوة الحكومات القمعية والدكتاتورية  وغلق ابواب التحضر والتقدم والانفتاح وانعدام وسائل الثقافة والاطلاع ومحاباة الافكار التقدمية والانسانية مع سطوة الاجهزة الامنية التي وصل الامر بها الى مسألة من يمسك الصحيفة المعارضة مع التشديد على الكتاب وصولاً الى قمع ومنع وسائل الاتصال الحديثة بداية ابتكارها وغلق الباب امام تطوير الامكانات، وصولا الى اتباع سياسية التجويع والفقر، حتى وصلنا اليوم مع شيوع عصر الحرية والديمقراطية كما تهلهل لها الاحزاب الحاكمة، نرى التردي الكبير في الجانب التربوي والتعليمي وعدم الاكتراث لجيل ولبنة المستقبل والكلام يطول في العوق الفكري الذي تنتهجه الحكومات والاحزاب لتسييس العقول لجانب الفئة والجهة التي يعتاشون عليها.

قبل ايام شاع في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمعلم يشرح للطلاب كيفية تغسيل الميت واقامة الصلاة عليه، الأمر الذي يبين وجود موجة غريبة، تريد ان تدخل الدين في كل نواحي الحياة، وهذه الموجة يتبناها الفاشلون والسذّج والبلهاء، اضافة الى تيار معروف يطمح لإقحامها لأغراض سياسية، هل يصح ان يتم دمج المعتقد الديني والتقاليد البالية بالمعاملات المدنية التي تتسم بالتحضر والانفتاح على العالم، وهناك جهات تخلط بين التعليم الاكاديمي والتعليم الديني (الحوزوي) فهم يشجعون بعض الشواذ الذين يريدون اقحام الدين بالمدنية عنوة بسبب فشلهم في ميدان العلم، مما يضطرهم الى العودة الى تراث الاجداد وتقديمه بصورة جديدة مع بقاء الفحوى، والمصيبة الكبرى ان البعض يدافع عن هؤلاء ويعتبرهم يقدمون منجزاً وخدمة للمجتمع لم يقدمها من سبقهم.

عن ذلك يقول المواطن احمد البابلي: شاهدت صوراً لمعلم كبير بالسن، في احدى المدارس يجمع عدداً من التلاميذ اعمارهم دون تسع سنوات ويشرح لهم كيفية تغسيل الميت واقامة صلاة الميت عليه، مستعيناً بدمية (عروسة). مضيفاً: الذي قهرني وجعلني ايأس من المستقبل، أن هناك الكثير ممن علّقوا على هذا المنشور لاموا صاحب المنشور، وقالوا له هذا افضل درس.. وانت غلطان لأنك تنتقده.. متابعاً: وبعضهم نصحه بحذف المنشور ظناً منه أن هذا المعلم يقدم خدمة للمجتمع.

وأضاف البابلي: أنا متأكد أن الذين علّقوا لا يعلمون أن تغسيل الميت، ليس من الأمور الواجب تعلمها لأن الشرع جوّز لذوي الميت تخويل المغسل بغسل ميتهم، وصلاة الميت لا تحتاج الى أن تتعلمها لأنك تقف خلف الامام وتردد الله اكبر فقط، والباقي واجب الامام. مبيناً: فوق كل هذا فإن المعلم ارتكب عدّة اخطاء بعمله هذا وهي، اولاً: خالف المنهج فلا يوجد في المنهج الدراسي للمرحلة الابتدائية، درس تعلم تغسيل الميت والصلاة عليه. ثانياً: جعل هؤلاء الاطفال ينظرون الى الحياة نظرة سوداوية لأنهم سيتركون التفكير بالمستقبل ويفكرون بالموت وفي نفس الوقت، لم يصلوا سن التكليف الشرعي. مستطرداً: فبدلاً من أن يحدثهم عن حب الحياة وبناء البلد والعلم والتقدم، التجأ الى تعليمهم كيفية غسل الميت، وكأن لسان حاله يقول لهم: نحن العراقيين "ما عدنه غير الموت فحضروا نفسكم هيج راح يصير بيكم". ثالثاً: خلط بين المناهج الدينية والمناهج الاكاديمية، حيث ان الاكاديمية ليس فيها دروس عملية سوى الدروس العلمية. فإذا به اخطأ خطأً مركباً حيث درّس مادة غير منهجية وطبقها عملياً. فيما بيّن المعلم هيثم محسن: نشرتُ مرّة اقتراحاً بإلغاء كتب التربية الإسلامية واستبدالها بكتب تربية أخلاقية؛ كوننا حالياً نحتاج إلى ما هو أوسع من الدين أعني (الأخلاق). مسترسلاً: صلاة الميت فرض كفاية وليس فرض عين، وهذه الصلاة ليست ضمن تعاليم منهج التربية الإسلامية. متسائلاً: فكيف تسمح الوزارة ومديرياتها، ومدير المدرسة بتشويه أرواح التلاميذ بهذا الهراء، وهل المدارس غايتها تخريج (الدفانين) أو غاسلي الموتى؟!.

اما المعلم نبيل نعمة فقد تساءل، ما من حامٍ لأبنائنا في المدارس مع وجود سلطة جاهلة، نظام جاهل، إنسان جاهل وإيمان قسري بالخراب. مضيفاً: المعلم الذي يؤمن بأن على التلاميذ في المرحلة الابتدائية، تعلم غسل الميت، يجب أن يودع في مصحٍ للأمراض النفسية، المعلم الذي لا يوجه المتعلمين لصنع الجمال وحب الحياة يجب الاستغناء عنه. مشدداً: أن هذا الأمر لا يقل خطورة عن داعش ومسمياتها، على (المؤسسة) التربوية والتعليمية النظر لمثل هذه الحادثة بعين مهنية، على العائلة أن تقول كلمتها كي تحمي أبناءها من الوقوع في متاهة المستقبل، فالمستقبل ليس لنا هو بكامل الزمن لهؤلاء الأطفال.

في حين ذكرت المعلمة تغريد هادي: ما الفائده من تعليم الاطفال مثل هكذا أمور، ألا يكفي ما نعيش من خراب وموت ودمار ومشاهد رعب تبث في الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. مستطردة: ناهيك عما نسمعه ويسمعه أولادنا من بعض خطباء الدين. داعية الى ضرورة مراقبة ومتابعة مثل هكذا تصرفات فردية ربما تتسع في التعليم الذي يعاني بالأصل من عدّة مشكلات خاصة في نقص المدارس والكوادر التدريسية والتعليمية.  

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced