رحيل الشاعر يفتوشينكو.. نهاية الحلم
نشر بواسطة: mod1
الإثنين 03-04-2017
 
   
عبدالله حبه - المدى

توفي في الولايات المتحدة  في 1 نيسان 2017 عن عمر يناهز 85 عاماً الشاعر والممثل والمخرج السينمائي الروسي يفجيني يفتوشينكو الذي ذاع صيته في الستينيات من القرن الماضي، لكونه يتلو اشعاره بنفسه في أمسيات شعرية كانت تقام في المتحف التكنولوجي وغيره من الصالات  بموسكو. وكانت تقام هناك أمسيات شعرية لآخرين منهم  روبرت روجدستفينسكي وبيلا احمدولينا (زوجته الأولى) واندريه فوزنيسينسكي وبولات أكوجافا. كما كان يفتوشينكو يجوب مدن الاتحاد السوفيتي حيث يلقي أشعاره ولهذا عرفه القاصي والداني آنذاك، وجذب انتباه الناشرين الأجانب فترجمت اشعاره وصدرت بمختلف اللغات. علماً أنني كنت مع بعض الزملاء في أيام الدراسة، نتبع أخباره لمعرفة اين سيقيم أمسيته الشعرية التالية. وتراه ينتقي بعناية الزي الذي يبدو فيه فتارة يرتدي القميص الروسي التقليدي المزخرف وتاره يضع ربطة العنق – الفراشة وأخرى بملابس كلاسيكية قديمة. وتناول في اشعاره المواضيع المحلية أو الأجنبية. وقد ترجمت أنا شخصياً مجموعة أشعاره عن جيفارو ونضال شعوب أمريكا اللاتينية.  

ولد يفجيني يفتوشينكو  في 18 تموز1932 في بلدة زيما بمقاطعة اركوتسك في سيبيريا، وانتقل الى موسكو مع أمه حين كان في سن 12 عاماً . وقد لقي مشاكل في المدرسة ولم يمنح شهادة، لكنه أصدر اول مجموعة شعرية له في عام 1952 . والتحق بمعهد غوركي الادبي، لكنه فصل منه بسبب "عدم انضباطه" سياسياً، حيث دعم نشر رواية الكاتب فلاديمير دودينتسيف " لا نحيا بالخبز وحده".. وفيما بعد كتب في سيرته الذاتية :" انني قبلت في المعهد الأدبي حتى بدون شهادة المدرسة وفي الوقت نفسه قبلت في اتحاد الكتاب السوفيت".  وكان من أصغر اعضاء اتحاد الكتاب سناً.

وفي فترة 1955 – 1962 أصدر  مجموعات شعرية عدة جلبت له الشهرة منها     " الثلج الثالث" و" شارع انتوزياتسوف" و"الوعد" و" التفاحة " و"رقة " و"بابي يار" و" الأم والقنبلة الذرية"وغيرها.  

وتزامن صعود نجمه مع فترة الدفء الخروشوفية حيث اطلقت الحريات نسبياً في مجال الإبداع في الاتحاد السوفيتي. ويومذاك نشر قصيدته التي نالت استحسان السلطات "محطة براتسكايا الكهرمائية" التي تغنّى فيها بعمل بناة هذه المحطة الضخمة في سيبيريا. وعموماً كرس العديد من قصائده الى العاملين في مشاريع البناء السوفيتية لمسايرة نهج قيادة الحزب في مجال الأدب. لكنه، اختار لاحقاً أيضاً  مواضيع القصائد ذات المغزى السياسي، مثل  " أيتام ستالين" و" برافدا" و" بابي يار" التي تضمنت نقداً للنظام السوفيتي في الواقع. واتسمت اشعاره بغياب العمق في الشكل والمحتوى، بينما تفيض بالتلاعب بالألفاظ والنزعة الخطابية على غرار أشعار ماياكوفسكي. واتهمه بعض الكتاب بالنرجسية ومدح الذات وتقليد ماياكوفسكي. وفعلاً فقد عمل لاحقاً في السينما والمسرح، كما فعل ماياكوفسكي ، وفي الاعوام الاخيرة أصدر رواية كبيرة. واشار النقاد الى انه ساير السلطات مهما تغيّرت القيادات من أجل تأمين المصالح الذاتية. لكن يفتوشينكو، كان دوماً يكرر انه لا ينتمي الى  أيّ حزب أو ايديولوجية أو جماعة . وكتب أوّل مجموعة شعرية عن ستالين قائلاً :

..يسهد  في سكون الليل

ويفكر في البلاد ، وفي أنا ،

ويدنو من النافذة . ويمعن النظر في الشمس، فيبتسم بحنان.

بينما أنا أحلم ، ويراودني في النوم

أطيب حلم.

لكنه في الأعوام التالية غير موقفه من ستالين ونشر في عام 1962 قصيدته " أيتام ستالين " حينما رفع جثمان ستالين من الضريح في الساحة الحمراء التي يدين فيها عبادة الفرد. وفي تلك الفترة نشر قصائد ذات مغزى انتقادي، منها  حول القتل الجماعي لليهود في أيام الاحتلال النازي " بابي يار" (1961) و"رسالة الى يسينين"(1965) حول أوضاع الفلاحين و" الدبابات تسير في براغ" (1968) حول احتلال تشيكوسلوفاكيا من قبل القوات السوفيتية.

ومع ذلك تولى يفتوشينكو عدّة مناصب في سكرتارية اتحاد الكتاب السوفيت، ولدى تفكك الاتحاد السوفيتي، تولى في عام 1991منصب سكرتير ادارة رابطة اتحادات الكتّاب. ثم تولى رئاسة رابطة الكتاب لدعم البيريسترويكا. وفي عام 1991 غادر الى الولايات المتحدة مع زوجته الرابعة وأولاده الخمسة حيث التحق للعمل في جامعة تالسا  بولاية اوكلاهوما الامريكية وتوفي هناك.وفي الأعوام الأخيرة كان غالباً مايزور موسكو وأسّس في قرية الأدباء "بيريديلكينا"  بضواحي موسكو متحفاً يضمّ  لوحات أهداها له بيكاسو وشاغال، ولوحات بعض الفنانين المعاصرين الآخرين في مبنى شيّد الى جوار بيته الريفي هناك. وأوصى أن يُدفن جثمانه بعد موته في قرية الأدباء وفي روسيا بالذات.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced