تخضع للتقاليدالمجتمعية والتشدد الديني! حفلات التخرج الجامعي كرنفالات فرح تغتالها التعليمات والضوابط؟
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 04-04-2017
 
   
محمد المحمودي- المدى

أربع سنوات هي رحلة الطالب العراقي لنيل شهادة البكلوريوس، رحلةُ مصحوبة بشتى أنواع المتاعبِ والمضايقات، من شظف العيش الذي تعيشه معظم الأسر العراقية مروراً بزحمة الشوارع والوضع الأمني، وصولاً الى الرقابة والوصاية إن كانت باسم السماء، أو الأعراف والتقاليد الاجتماعية، التي تتخذها بعض الجامعات مسوغاً لفرض قرارات على الطالب، متجاهلين التنوع الذي يتصف به المجتمع الجامعي، بين قرارات تحديد نوع الملابس للجنسين، ومنع الهواتف النقّالة من الدخول الى الجامعات والتدخل في زينة الطالبات، يكمل الطالب رحلته تلك. ولم يكتفوا بذلك، بل وصل بهم الأمر الى آخر مراحل دورة حياة الطالب الجامعي والتدخل في حفلة التخرج، والتي تعد طقساً عالمياً، لكن عمادة بعض الكليات ورئاسات الجامعات، أخذت تتدخل وتفرض على الطلبة شروطاً معينة للاحتفال.

إقصاءُ وفرض للرأي

يتحدث الاستاذ علي المطوري  لـ(المدى) عن أهمية حفلات التخرج في دول العالم، حيث اكمل دراسة الماجستير في روسيا: يحتفي الجميع بحفلة التخرج وسط مشاركة الاساتذة والطلبة، وتتنوع الفعاليات تبعاً للمجتمع، مبيناً: أنها تعكس روحاً إنسانية غاية في الروعة، حيث تترجم لحظات الوداع ونهاية رحلة الأربع سنوات، مقاعد الدراسة التي جمعتهم وخلّدت ذكرياتهم، مستدركاً: لكن الأمر هنا مختلف تماماً، لأسباب عديدة أهمها فرض الرأي والتوجه على الآخرين ومحاولة تهميشهم، بالتالي محاولة قتل الفرحة في نفوس الطلبة.

هاني حسن طالب في المرحلة الرابعة كلية الهندسة بيّن لـ(المدى) منذ دخولي للجامعة، وانا اسمع وأشاهد تلك الاعتراضات التي تصاحب حفلات التخرج . مستطرداً: في تلك الحفلات لا يوجد ما يخدش الحياء أو ينتهك العرف الاجتماعي. مؤكداً: أن الجميع ملتزم بالضوابط والأخلاقيات المتفق عليها، وكل كلية تحاول أن تحتفل بالطريقة التي تناسبها مع الالتزام بالحدود العامة.

واسترسل حسن: نحن نعيش في وسط تعددي من حيث الدين والعرق والطبقية ومن المنطقي احترام رأي وطقوس الآخرين الاحتفالية. مضيفاً: قبل أيام في احدى الكليات تمت تهيئة اجواء الحفلة على مدى ثلاثة أيام من إعداد الديكور ووضع الزينة ودعوة الضيوف، لكن الطلبة تفاجأوا بمنع من العمادة وفرضها عقوبات على كل من يحتفل بذريعة مخالفتها للضوابط "التي لم تحدد أصلاً ". موضحاً: أن القصد من المنع كان حسب ما تسرب عدم السماح بالاختلاط بين الجنسين. مضيفاً: كما تم منع رفع بوستر الدفعة لوجود صور لشباب وبنات بحجة مخالفة الدين الاسلامي. متسائلاً، عن حرية وحق ممن هم على دين آخر.

أما الطالب وسام كريم، فقد تحدث عن التوبيخ والاتهام بعدم الشعور بالمسؤولية لدى الطلبة، من قبل الأساتذة الذي يعتبرون تلك الاحتفالات، أمراً ساذجاً ويدل على تدني الوعي ونوعاً من الضياع والسطحية التي باتت صفة لمعظم طلبة الجامعة. مضيفاً: أن الاساتذة، يطالبون بجمع  تلك الأموال للتبرع الى القوات الأمنية  والنازحين، الأمر الذي آثار استغراب الطلبة. مشدداً: أن تلك مسؤولية انسانية تقع على عاتق الجميع، لكن هذا لا يعني أن يجعلوها ذريعة لوأد أية فعالية تتعارض مع توجهاتهم. مؤكداً، قمنا بواجبنا تجاه القوات الأمنية والنازحين من خلال حملات تبرع بالدم والوقفات التضامنية، وأقامت مهرجانات للاحتفال بالانتصارات وجمع التبرعات للنازحين.

اجتهادات شخصية وقرارات متعجرفة

الدكتور فرحان الناصر أستاذ جامعي تحدث لـ(المدى) لاحظت خلال تنقلي بين أغلب الجامعات العراقية، أن العلاقة بين الطالب والكادر التدريسي معقّدة، منوهاً الى أن ذلك عكس ما موجود في كبريات الجامعات العالمية التي تعمل على بناء علاقة وطيدة بين الطلبة والكادر التدريسي. مع التأكيد على أن يسود نظام من التعاون والزمالة. مؤكداً: أن الحفلات التي تخضع لتوجهات عمادة الكلية وإن القرارات المشددة والتضييق ما هو الا انعكاس لفراغ ثقافي ومعرفي لدى السلطة الاكاديمية.

وبيّن الناصر: هناك كليات تعطي مساحة رائعة لطلبتها، إذ تسمح لهم بممارسة افراحهم بالطريقة التي يريدونها مع مشاركتهم بروح أبوية رائعة، مستدركاً: لكن للأسف، هناك البعض من العمادات تنسف كل السنوات التي قضوها مع الطلبة في كنف الكليات بقرارات متسرعة متعجرفة تحرم الطلبة من تنظيم حفلات التخرج كما يريدون. مشدداً: وهذا دليل غياب الرؤية الواعية والنضج الذي يفترض أن يكون موازياً للمسؤولية الإدارية مؤكداً: أن هكذا تصرفات تزيد من الفراغ بين الطالب والكلية وتنفرهم من الحياة الجامعية.

تكاليف باهظة وطلبة يكتفون بحفلات الجامعة

عن تكاليف الحفلات وأنواعها تحدث الطالب سلوان محسن لــ(المدى) في ظل المحددات والضغوط التي تمارسها الكليات على الطلبة ومحاولة منهم لتوفير أفضل الظروف للاحتفال يلجأ الطلاب الى إقامة حفلاتهم خارج الكلية في قاعة احتفالات أهلية. مسترسلاً: الامر الذي يتطلب أجوراً عالية بالإضافة قد تصل تذكرة الشخص الواحد الى (75) الف دينار، ناهيك عن التفاصيل الأخرى. مستطرداً مع تقدم السنوات وتطور الحفلات وتنظيمها والتي تتنوع فقراتها على أيام مثل الحفلة التنكرية" والتي تقوم كل مرحلة بالتنكر بزي معين قد يكون فلكلورياً أو تضامنياً مع شريحة معينة كمرضى السرطان على سبيل المثال.

وأضاف محسن: ان هذا الأمر يعد بعداً معنوياً كبيراً للطلبة وتجمعهم بزي موحّد مع بعضهم لتوثّق ذكراهم بعد التخرج" . لافتاً: الى فقرة "الزفة" التي يخرجون ليجوبوا الشوارع بسيارات مزيّنة". منوهاً: الى أن بعض الطلبة ممن لاتسمح لهم ظروفهم المالية الاشتراك بالحفلات الخاصة، يكتفون بحفلات التخرج الجامعية. مشيراً: الى أن ذلك يحزن زملاءهم الطلبة الذين يبادر بعضهم لتكفل مصاريف زملائهم، وهذا بحد ذاته عنوان رسالة محبة وصداقة عظيمة.

الدكتور علي السراي استاذ جامعي اوضح لــ(المدى) أقدر مشاعر الطلبة في ايامهم الاخيرة في الكلية، وما لها من أثر نفسي بالوقت الذي لن يجدوا فيه وظائف وهم في قمة الحيوية والنشاط، مردفاً: لذلك اعمل على إعطائهم فسحة من الحرية لممارسة احتفالاتهم بالطريقة المناسبة ضمن الالتزام بالذوق العام، مستدركاً: لكن للأسف، اجد بعضهم يستغل تلك الفسحة ورغبتي بالفرح معهم  بشيء من الاسفاف وقلة الذوق، بالتالي هذا أمر مزعج و غير مقبول.

وأضاف السراي: من جانب آخر، فإن ذلك الانفتاح على الطلبة يزعج الكثير من الاساتذة وعمداء الكليات الأخرى، لمقارنتهم بين طلبتنا وطلبة الكليات الأخرى. مؤكداً: أن التشددّ على حفلات التخرج غير قانوني ولا توجد أية تعليمات وزارية بهذا الجانب، مسترسلاً: بعض الكليات الأهلية تجري فيها حفلات التخرج بكل حرية وانسيابية دون أي تعكير مع مشاركة الكادر التدريسي. .

فرحة بعض الطلاب وانزعاج الآخرين

ينتظر الطلاب بفارغ الصبر حفلة التخرج، من أجل أن يعيشوا تلك الساعات من الاحتفال التي سوف توثّق جزءاً مهماً من حياتهم وتصبح ذكريات جميلة فيما بعد، عندما يأخذهم التعب ومسؤوليات الحياة التي لا تنقضي! في العراق تأخذ حفلات التخرج اشكالاً متعددة ومتنوعة، كما بيّن ذلك الباحث الاجتماعي عزيز مهدي، الذي بيّن أن الجامعات والكليات في كردستان تقيم احتفالاتها بعيداً عن أي ضغوطات أو ممنوعات إن كانت من قبل الأساتذة أو عمداء الكليات ورئاسات الجامعات. مستطرداً: أما في بعض مدن الوسط والفرات الأوسط وخاصة ما يعرف بالمدن الدينية، فيدخل التشدد والميل الديني والتقاليد الاجتماعية، الأمر الذي يدفع الطلبة الى تنظيم حفلات تخرجهم بعيداً عن الجامعات والاكتفاء بحفلات بسيطة أو تقليدية.

وأكد مهدي: أما في جامعات المدن الجنوبية، فالأمر هنا أشبه بالقمع إن كان الديني أم العشائري الذي يمنع ممارسات الكثير من الفعاليات إن كانت الزي التنكري أم حفلات الغناء . مؤكداً: على إصدار تعليمات مشددة بهذا الشأن على أن لا تخرج حفلات التخرج عن الذوق العام والعادات والتقاليد في تلك المناطق وأن تكون بدون موسيقى أو صخب أو أزياء مخلّة كما يرونها. مردفاً: إلا أن بعض الكليات الاهلية في تلك المدن يستطيع طلابها في حفلات التخرج الغناء والرقص والملابس الغريبة والملونة لكن  بحدود معينة ايضاً، لأن هذه الجامعات لاتريد أن تفقد رأس مالها والمتمثلة بالطلبة من العوائل الغنية أو الميسورة الحال.

وأوضح الباحث الاجتماعي: اما في جامعات بغداد، فالأمر مختلف جداً، اذ تقام الكثير من حفلات التخرج حسب رغبة الطلبة وما يرونها يليق بهم. مشيراً: الى أن بعض الحفلات تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامات الطلبة وحتى عوائلهم التي يشارك بعضهم بتلك الحفلات. لافتاً: الى تنوع تلك الحفلات وتعدد اشكالها إن كانت التنكرية أم الغنائية أم ما يسمى مؤخراً بالزفة، اذ يستقل الطلبة سياراتهم أو سيارات عوائلهم ويجوبون شوارع العاصمة فرحين بالتخرج الذي للأسف، يكون نهايته الجلوس في البيت بالنسبة للطالبات والبحث عن عمل في أية سوق بالنسبة للطلاب بعيداً عن اختصاصهم.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced