مواقع التواصل الاجتماعي.. ساحة جديدة للتسقيط السياسي أبطالها الجيوش الإلكترونية
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 25-04-2017
 
   
محمد المحمودي - المدى

يبدو أن رائعة جورج أورويل رواية 1984 تحاكي جميع الأنظمة التي تمارس دور الرقابة والوصاية على مجتمعاتها رغم الفارق الزمني، بعد عام 2010 تحول الفيس بوك في العراق  الى صانع رأي عام ومحرك فعلي لردود الفعل تجاه أيّ حدث، بالتالي تفوق أو حدَّ من تأثير الإعلام المرئي والمقروء, لذلك وجد المتنافسون في عراق ما بعد 2003 ضرورة ضبط إيقاعه والسيطرة على طقسه، الأخ الأكبر هنا بنسخ عديدة لكنهم يعملون جميعاً بذات النسق، حيث ينشرون شرطة الفكر في العالم الافتراضي ليرصدوا لهم اتجاه رياح المدوّنين، ليعملوا على رفع أشرعتهم بالوقت المناسب، أموال وطاقة مجنّدة من خزينة الدولة تخدم أحزاباً و شخصيات وفق رؤيا فيس بوكية يروّجون لها .

تهديد بالتصفية

الشاب حسام حسن يروي لـ(المدى) تجربته مع الفيس بوك والتي بدأت في أواخر 2010 كمدوّن عادي ينشر على الحائط الخاص به ما يروق له من الشعر والموسيقى والاغاني يشارك بها بعض اصدقائه ببعض المواضيع. مضيفاً بسبب تفاعلي وكثرة استخدامي للملتقى الأزرق، توسّعت دائرة معارفي الافتراضية لتشمل شباباً وفتيات من انحاء العراق كافة، مردفاً، أنا وبعض الاصدقاء نتفاعل مع كل حدث ننشر نؤيّد وندين ونشجب ونناقش حتى تسبب الأمر بخلافات حادة مع الآخرين.

واستطرد حسن:  خلال هذه الفترة عرض عليَّ أحد الاصدقاء العمل لصالح جهة معينة مقابل راتب شهري 700$ لكنني رفضت الأمر، لأنه يخالف متبنياتي وموقفي من الأمر. مستدركاً: لكن الأمر انتهى بالتهديد بعدم التعرض لتلك الجهة وإلا القتل سيكون نهايتك. موضحاً:  في بعض الاحيان لا يعرض العمل بالمنع من النشر والتفاعل مع الآخرين بهذا الجانب، وهذه الحالة قد يكونون على علم مسبق بتوجهات المدوّن ومدى ممانعته أو لا يحتاجون سوى إيقاف أزراره الكي بوردية.

الاعتزال أفضل من قطعة نعي

عن آلية الاختيار، تحدثت شهلاء البغدادي لــ(المدى) بوجود 3 ملايين مدون تقريباً، بحسب آخر الاحصائيات، فلابد من وجود معايير ليخضع المدوّن بموجبها لرقابة شرطة الفكر، حيث بيّنت ان العتبة التي تجعل المدون ضمن دائرة المراقبة وتؤهله ليعمل معهم هي وصوله للحد المحدد من الاصدقاء ضمن قوانين العم مارك (5000) بالإضافة الى ما لا يقل عن عشرة آلاف متابع, مؤكدة، وجود بعض الاستثناءات للكُتاب وإعلاميين مؤثرين في الرأي العام. متابعة: أن المسألة تبدأ بعرض العمل لصالح الجهة مقابل راتب شهري والرفض يحولك الى عدو.

واسترسلت البغدادي: تعدد طرق التهديد بين تلفيق القضايا الكيدية قانونياً أو التشهير أو الاتهام  بالتعرض لرمز مجتمعي أو مقدس وبالتالي تتعدد دوائر استهدافك. مردفة: هناك من يملكون مقومات تجعلهم يقفون بالضد من تلك الضغوطات كانتمائهم لحزب أو انتماء ذويهم بالإضافة الى وجود عشيرة تقف خلفهم. مستدركة:  أما أنا فاخترت الاعتزال لأن وضعي  سيكون بخطر، وربما  ينتهي الأمر بقطعة سوداء في بداية زقاقنا ونعي افتراضي ضمن هاشتاك يتلاشى بعد أيام .

صُنّاع رأي عام برواتب خيالية

جمال السومري وهو مدوّن باسم مستعار، تربو صفحته على (30) ألف متابع، تحدث لــ(المدى) المسألة اكبر من مجرد مدونين يتسلمون رواتب مقابل تسويق بضاعة رؤسائهم، مبيناً: أن جميع المضاربين في بورصة السياسة لديهم أذرع الكترونية تتنوع بين صفحات الإعجاب (بيج) والصفحات الشخصية، مردفاً: أن الصفحات الشخصية غالباً ما تكون لمدونين معروفين أدباء وكتّاب واعلاميين، يتم الاتفاق معهم على  سعر محدد للمنشور (200 - 400)$ أو تذييل جميع المنشورات بهاشاتك معين.

وأضاف السومري: أما صفحات المتابعين، فتدار من خلال مدونين يمتازون بكثرة المتابعين وثقافة وعي هؤلاء يتم إدراجهم كمسؤولين (أدمنية) في صفحات ممولة، متابعاً: بعد أن يتم إدخالهم بدورات متعددة ويتلقون خلالها محاضرات بالإعلام وطرق صناعة ونشر الاشاعة والتأثير في المتلقي، كذلك دورات تخصصية في المونتاج والتصميم. لافتاً: الى تجهيزهم بأجهزة حديثة واشتراكات شهرية للأنترنت بحزم فائقة السرعة.

وبشأن الأجور التي يتقاضوها، بيّن انه تتراوح بين (3000- 5000)$، مبيناً معظم هؤلاء هم موظفون في الدولة العراقية، ويتسلمون رواتبهم من الميزانية العامة تتوزع عناوينهم الوظيفية بين المكتب الاعلامي وموظفي المكاتب الفرعية للجهة التي يعملون بها، بالتالي كل جهة تبوّبهم وفق هيكليتها ويعملون من منازلهم منوهاً: الى عدد آخر من المدونين الذين دخل الجيوش الالكترونية لنشاطهم في مواقع التواصل الاجتماعي وكثُر اصدقاؤهم ومتابعوهم والترويج لما ينشروه.

كتائب ثانوية وحرب افتراضية

أما عن الواجبات المطلوبة من المدون، فقد بيّن السومري انه تتم بعدّة طرق، فبين من يريد أن يكتب ما يحلو له، لكن مع وضع خطوط حمر لا يقترب منها، وبين آخر يريد ان يوجّهك باتجاهات محددة بين فترة وأخرى وفقاً لرؤيته ومصالحه. لافتاً: إلى دعوة بعض الجهات والمراكز الفكرية التي تتخذ من الاسماء البرّاقة والحديث عن الحرية والسلام والديمقراطية عنواناً لها. مضيفاً: أن  كل الجهات تشترك بعامل واحد هو تضليل الرأي العام وإغراقه ببالونات اختبار تحول بينه وبين مطالبهم الحقيقية.

واستطرد المدوّن: بالإضافة الى ذلك، تعمل الجيوش الالكترونية على تكوين كتائب لها من خلال صغار المدونين مبيناً: أن معظمهم يكون من المراهقين والشباب البسطاء، وهم المادة الاساسية، اذ يكون الهدف الرئيس لدخولهم للنافذة الافتراضية هو الهروب من الواقع والبحث عن صداقات بأعمارهم، وذلك لا يتوفر إلا بوجود عدد كبير من الأصدقاء والمتابعين، لا يراعى فيهم معيار النوعية بقدر الكمية. مشدداً: يعمل المجندون في تلك الجيوش على مصادقة هؤلاء الشباب والترويج لهم، بالتالي يزداد عدد متابعيهم، من ثم يستخدموهم للدفاع عنهم في ما لو احتاجوا لهم حين يشتد وطيس الحرب الافتراضية.

ونوّه السومري: الى انهم يدفعون بهم على شكل مجاميع مدعومة بصور وإشاعات تبث في جميع الصفحات، بالتالي تلك الهجمات "التي كثيراً ما ترافق حدثاً مهماً يشغل الفيس بوك". موضحاً: انها تخلق ردة فعل وتصنع رأياً عاماً يناسب الجهة الداعمة للصفحة، لافتاً: اضافة الى رواتب الكوادر العاملة على الصفحات هناك التسويق الاعلاني للبيج، من خلال دفع مبالغ لإدارة الفيس بوك، ويعتمد سعر الترويج الواحد للمنشور على عدد المدونين المراد الوصول إليهم .

الأسماء الطائفية عناوين فاعلة  

وبشأن الأسماء والعناوين التي تستخدم، بيّن فهد فائق لـ(المدى) أن الصفحات عادة إما تكون باسم علني وهذا يمثل الواجهة الاعلامية للجهة "هذا لا يعني أن لا تمتلك الجهة الى جانب الصفحة الرسمية صفحات من النوع الثاني "أي الأسماء المستعارة أو الوهمية". متابعاً: او يكون اسماً وهمياً يناغي وجدان الفئة المستهدفة ويعزف على وتر ايدلوجي أو مذهبي أو عرقي، ليعمل على تمرير خطابات وعظية، وهي بالتالي تخدم مصالحه كي تدس السم بالعسل وتهاجم عن  بعد،  مردفاً:  وقد يستدعي الأمر من بعض الصفحات التثقيف والنشر لجهة معينة تختلف معها في الأصل وتمرر من خلال الصفحة بعض المنشورات المحرجة أو المسيئة لها أو لجمهورها، حيث تلاقي رواجاً عند  قليلي الوعي من الفقراء والبسطاء، مشيراً: الى الذين دخلوا  الفيس بوك حديثاً، فتنالهم اللغة الصفراء بسهولة فتكون مصدراً لمعلوماتهم ومن خلالها تتشكل رؤيتهم للمشهد بأكمله، بالتالي تحويل رؤية الجمهور الى ضبابية، وهذا غاية وديدن تلك الجيوش .

صناعة الجيوش بدعم خارجي

الكاتب والإعلامي احمد الشيخ ماجد، تحدث لــ(المدى) أن وسائل التواصل الاجتماعي، الآن هي جزء كبير من صناعة الرأي والتحكم بالوعي السياسي.. مؤكداً: أن الجيوش الإلكترونية الآن هي المتحكّم بهذا الفضاء الكبير.. وهدفها هو تشويه الحقائق وتزييفها.. وتضليل الناس، والعمل على التجهيل المتعمَّد. مردفاً: وذلك لأهداف شتى، منها الانتخابات، وتسميم عقول الناس بالتطاحن الطائفي، وكذلك لتنفيذ أجندات خارجية لها أهداف في هذا البلد...

وبيّن الشيخ: تعمل الجيوش الإلكترونية الآن لمحاربة كل خطاب ومشروع وطني، لأنه يضر بمصالح أسيادها ومن ينجح في صناعة الجيوش، هم أصحاب الميليشيات، وأتباع الخارج لغسيل الأدمغة، وتدمير الوعي الوطني هنا، مشدداً: على ضرورة العمل على ممانعة التجهيل المجتمعي الممنهج الذي تمارسه تلك الجيوش من قبل النخب الوطنية التي ترفض أن تبيع نفسها وصناعة رأي عام يعي الحقيقة ..

الواتس آب المطبخ الرئيس

عن الإعداد الرئيس لتلك الجيوش، تحدث مصطفى العراقي لـ(المدى) برنامج المحادثة الشهير الواتس آب هو مركز قيادة تلك الجيوش حيث يتم إنشاء كروبات سرية يجتمع فيها المدراء المباشرون لإدارة تلك الجيوش. مؤكداً: أنه يتم فيها تحضير المادة الأساسية المراد نشرها في الصفحات التابعة لهم ,بالإضافة لمناقشة ترتيبات العمل وترشيح الادمنية من خلال تلك الكروبات، مستدركاً: لكن هناك كروبات تضم عددا كبيرا من الشخصيات السياسية، وموظفي الدرجات الخاصة يكتفي بعضهم بالمشاهدة، وقد تحدث مشادات ومناكفات نتيجة لمواجهات صفحاتهم على الفيس بوك.

وأضاف العراقي: أن عمل تلك الجيوش يكون على شكل موجات معتمداً على الأحداث وتماسها مع مصالحهم. لافتاً: ازدادت وتيرة العمل وحساسيته بعد دخول داعش للموصل، من حيث مواجهة الماكنة الاعلامية لداعش أو محاولة المزايدة على  انتصارات القوات الأمنية، مضيفاً: تعمل في بعض الاحيان تلك الجيوش على بث بالونات اختبار عن خطوات مزمع اتخاذها من قبل رعاتها وذلك لجس نبض الشارع أو التمهيد لتلك الخطوات محاولةً تبرير ما تريد ومحاربة ما لا يروق لها.

وأشار المدوّن: الى أن عدداً من الجيوش الالكترونية في طور التكوين والتزايد خصوصاً مع اقتراب طقوس الدعاية الانتخابية، إذ تعد هذه الجيوش نقلة نوعية في آلية الدعاية الانتخابية مقارنة بالأساليب السابقة التي باتت مكشوفة للجميع،  منوهاً الى أن تلك الجيوش تعد جزءاً من الحرب الباردة في العالم، والبعض منها على تواصل مع دول اقليمية، مشدداً ضرورة محاربتها ولا بد من وجود تيار ممانع لها يعي حقيقتها ويثقف بالضد منها لتوعية الشعب .

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced