بعد 75 عاماً على الفرهود..المجهول يرافق ممتلكات اليهود المجمّدة!
نشر بواسطة: mod1
الأحد 21-05-2017
 
   
علي الكرملي - المدى

"حلو الفرهود كون يصير يومية" هذا ما كان يردده البعض وهم يحملون السكاكين والسيوف أمام بيوت اليهود العراقيين في أول الشهر الخامس من عام 1941 حيث تم قتل المئات واغتصاب العشرات من اليهوديات أمام الأزواج والآباء والأبناء، وحرق وتدمير البيوت والمحال التجارية وسرقة ما يمكن سرقته من الأموال والحاجيات الثمينة التي تزيّن بيوت اليهود العراقيين. ولم يتوقف الفرهود إلا بعد دخول الجيش البريطاني الى بغداد وإطلاق النار على الذين امتدت أيديهم لبيوت المسلمين أيضاً بعد الانتهاء من بيوت اليهود. منذ واقعة "الفرهود" التي تعرضت لها الطائفة اليهودية في العراق وما يزال حتى الآن مصير الآلاف من عقارات أبناء هذا المكون مجهولاً، إذ لا توجد حتى إحصائية رسمية أو غير رسمية لعدد تلك العقارات أو مصيرها في الوقت الحالي بشكل قانوني.

التمسك بالجذور العراقية

ليڤانا دانيال، مواطنة يهودية من أصل عراقي، تقول لـ(المدى) إن "نصف أملاكنا قد ذهبت إلى الحكومة والنصف الآخر استولى عليها الجيران أيام الفرهود"، منوهةً الى أن "هذا ما سمعته وما زالت تسمعه من والدها" الذي كان يئن أنين المشتاق لحبيبه عندما يذكر وطنه العراق و ماحدث به".

واشارات دانيال: الى أنه "لم يتذوق طعم النوم حتى الصباح وهو يبكي على حال وطنه إبان الحرب على العراق عام 2003"، مردفة: إلى يومنا هذا نسمع الغناء العراقي الأصيل وفنانيه الكبار أمثال ناظم الغزالي وسليمة مراد وسعدون جابر وآخرون، وإلى الآن نتمسك بجذورنا وعاداتنا وطقوسنا العراقية الجميلة ونفرح بمناسباتنا وفق الطقوس العراقية التي عرفناها.

6 أشخاص فقط

أما الباحثة في شؤون الأقليات أسراء طارق، فقد اكدت لـ(المدى) أن "الطائفة اليهودية كانت من أكثر الطوائف سكاناً في العراق، اذ كان عددهم يتجاوز الـ 150 ألف نسمة آنذاك"، موضحةً، أن "الحكومة العراقية قامت بإصدار قانونين واجراءات تعسفية من أجل تهجيرهم أو إرغامهم على التهجير القسري، وهما قانونا (اسقاط الجنسية عنهم، وقانون تجميد أموالهم وعقاراتهم)".

وبيّنت طارق، أن عددهم في بغداد لا يتجاوز الـ "6" أشخاص حالياً، بينما عددهم في كردستان العراق هو بالمئات كما يتمتعون بتمثيل رسمي في وزارة الأوقاف بحكومة الإقليم، مشيرة إلى أن، ممتلكاتهم بقيت بأسمائهم بعد التهجير، ولكن الحكومة قامت بتأجيرها وتأخذ بدل الإيجار عنها.

الدستور العراقي يمنع عودة اليهود

بدوره يقول مستشار الأمم المتحدة لشؤون الأقليات في العراق، ورئيس مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية" الدكتور سعد سلوم، : إننا لا نمتلك أية احصاءات رسمية أو دولية عن عدد عقارات اليهود المحتجزة والمجمدة في بغداد، مشككاً في امتلاك الحكومة لإحصائيات بهذا الخصوص. موضحاً: أن المنظمات المعنية بحقوق الاقليات لا تستطيع الدفاع عن أيّ اقلية مالم يوجد لديها ممثل رسمي أو ممثل ديني، لافتاً الى أن، الطائفة اليهودية لا يوجد لديها ممثل سياسي ولا ديني، فقد واجهتنا صعوبة في الدفاع عن ملفاتها وخاصة فيما يخص حرية الدين والمعتقد وملفاتها العقارية وحتى ملفات أوقافها الدينية.

وفيما يخص امكانية أن يسترجع اليهود عقاراتهم، بيّن مستشار الأمم المتحدة لشؤون الأقليات في العراق، أن "وزارة الهجرة الاسرائيلية قد قامت بحملة للمطالبة بتعويضات عن ممتلكاتهم، ولكن لجنة يهود بغداد رفضت تلك الحملة"، داعية الى "التحقيق في عنف تعرضوا له بعيد تأسيس اسرائيل، في العراق شمل تفجير معابد يهودية في بغداد عام 1950 بهدف ترغيمهم على الهجرة"، مطالبةً بـ"فتح تحقيق لمعرفة اسباب تهجيرهم ومحاسبة ومقاضاة دولتي العراق واسرائيل لأنهما تسببتا في ابادة طائفة بأكملها من بلد هي كانت تقطنه منذ أكثر من 2500 عام".

وتابع سلوم، أن "الطائفة اليهودية في العراق قد انتهت رسمياً ولا أمل بعودتها، وبدليلين، الأول أن الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 قد نصّ في الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن (الديانات في العراق هي أربع «الإسلام، المسيحية، الايزيدية والمندائية» وبالتالي هذا يوضح أن اليهود قد استبعدت بشكل رسمي من العراق. مسترسلاً: أما الدليل الآخر، فلا يوجد هناك في العراق وقف ديني خاص بالطائفة المبادة على غرار تلك الديانات الأربع التي تمتلك اوقافاً، وبهذا فإن اليهود اليوم قد أضحى لا مكان لهم في العراق رسمياً.

العقارات المجمّدة مهملة ومهدّمة

أما مفتش عام وزارة العدل الاسبق، جمال الأسدي، فقد أشار الى عدم امتلاك الوزارة لأية احصائية دقيقة لعدد العقارات اليهودية، ولكن حسب الاحصائيات الخاصة، فإن عددها في العراق لايتجاوز الـ خمسة آلاف عقار.

ولفت الأسدي: الى، أن ملكية هذه العقارات سميّت بالعقارات المجمّدة ولم تُصادر لغاية اليوم، بل بقيت تحت تصرف الدولة بالاستغلال أو الإيجار من خلال تأسيس مديرية لإدارة أموالهم المجمّدة في وزارة المالية، موضحاً، أن هذه العقارات بقيت في السجلات العقارية باسم أصحابها مع وضع اشارات الحجز عليها.

وزاد الأسدي، أن "التعامل مع هذه العقارات بعد سقوط النظام السابق ظل في نفس اسلوب ماسبق ولم يتغير شيء، لكن ما تغير هو تزايد الاهمال من الدولة تجاه التصرف بها"، لافتاً الى أن "الكثير منها تعرض الى التساقط من جراء ماعانته من إهمال ولا مبالاة ومرور مدة زمنية طويلة وهي متروكة أو عرضة للاستغلال بدون إدامة".

اليهود جزء من التنوع العراقي

تجميد عقارات اليهود لا يتوافق ابداً وحقوق الإنسان، هذا ما اكدته عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية، شيرين رضا، مضيفة أن "القانون شرُع في زمن الحكم الملكي"، واصفةً إياه بـ"الظالم للغاية".

وشددت شيرين، على ضرورة "وجود قانون ومشروع يلغي بعض قوانين الأنظمة السابقة المثيرة للجدل قبل عام 2003"، مشيرة الى أن "هنالك لجنة ماضية في هذا الاطار وتعمل على تشريع قانون يلغي القوانين المثيرة للجدل التي شرعتها الأنظمة السابقة منذ الحكم الملكي وحتى 2003 في قادم الجلسات التي يعقدها مجلس النواب".

ونوّهت رضا الى، أن "من حق أي شخص يهودي المطالبة باسترجاع حقوقه وممتلكاته من أي جهة أو شخص استولى عليها لأنها هي حقهم المتأصل"، مستدركة بالقول:" اذ ما شرع قانون الغاء القوانين السابقة ومن ضمنها قانون تجميد ممتلكاتهم، فإنه سيضمن لهم استرجاع حقوقهم بصفة رسمية وبشكل اكثر سهولة".

كما بيّنت عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية أن "من حق الطائفة اليهودية العيش في وطنهم الأم العراق فهم جزء منه مثل باقي الأديان والأقليات وهم جزء لا يتجزأ منه"، معتبرةً أن "أساس العراق هو التنوع واليهود جزء من ذلك التنوع".

تشريعات تعيد الأملاك والأموال

قانونياً.. يرى المحامي والقانوني ليث عبد الرضا، إن حل مشكلة أموال وممتلكات اليهود تكمن بشقين؛ إما اصدار قرار أو قانون يلغي تجميد تلك الأموال ويعيد لهم املاكهم، منوهاً وفي حال استحالة إعادتها كأن تكون قد تم تمليكها إلى المواطنين؛ فيتم تعويضهم عنها تعويضاً عادلاً وبالأسعار الحالية.

وأضاف عبد الرضا بحديثه لـ(المدى) أما الشق الثاني فهو تشكيل هيئة تقوم بإصدار قانون خاص بها على غرار قانون الدعاوى الملكية الذي أعطى الحق لكل مواطن عراقي باسترجاع أمواله التي صادرها النظام السابق، والذي استثناهم منه". مؤكداً: بذلك يكون باستطاعتهم استرجاع أموالهم عن طريق اللجوء إلى القضاء (لأن اللجوء له حق مكفول للجميع)، متطرقاً إلى أنه من المُستحسن أن تتم لقاءات بينهم وبين ممثلين عن الحكومة للوصول إلى حلول، خصوصاً وأنهم إلى الآن لم يقطعوا صلتهم بالعراق. ورغم كل ذلك، الا أن حلم عودة اليهود الى وطنهم ما زال يراودهم بلهفة الحنين والشوق، ويتضح ذلك جلياً في الرسالة التي نشرها نائب رئيس الكونغرس اليهودي الاوروبي "ادوين شكر" حيث وجّه فيها كلمة للشعب العراقي يعرب فيها عن حنين اليهود العراقيين وحبهم الى وطنهم، وانهم لم ينسوه أبداً ولكنهم كانوا ضحية سياسة التفريق والطائفية، وقد استثمر "شكر" الذي يعدّ من أبرز الناشطين في الحفاظ على التراث اليهودي العراقي، تزامن حلول رأس السنة الهجريّة الجديدة 1438 في التقويم الإسلامي مع رأس السنة العبريّة الجديدة 5777، كمؤشّر رمزيّ على إمكان تحقيق لقاء يهودي - إسلامي بعد عقود من العداء والكراهية، من خلال إطلاق رسالته في هذه المناسبة المقدّسة إلى المسلمين واليهود معاً.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced