مرَّ عقدين على رحيلك
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 01-08-2017
 
   
بلقيس شرارة - المدى

عندما مسكت القلم لأكتب عن شقيقتي حياة، تراقصت أمام ناظري حفنة من الصور، وعادت الذكريات الحزينة تدق أجراسها، وبرزت صور الألم الحية مكدسة طافية في فجوات الدماغ، فلحظة الألم لا تخبو بسرعة ولا تتيه بين أوراق الماضي بل تبقى راسخة في الإدراك لتعود بسرعة إلى الحاضر ثانية.

في مثل هذا اليوم فارقتنا شقيقتي حياة شرارة منذ عقدين 1/8/1997- 1/8/2017، تغير خلالها العالم تماماً، فقد انتقلنا إلى عالم المعلومات، إنه طوفان جارف من الأجهزة اللوحية والشاشات والازرار بين أيدينا.    

خلال هذين العقدين، انتهى عهد صدام حسين الذي عانت منه حياة، وكان سبباً مهماً في إنهاء حياتها، لكننا نعاني اليوم من التشرذم الذي حل في العراق. فقد تفتت العلاقات بن الناس وحلت الانقسامات الطائفية والعنصرية، في البلد الذي نشأت به حياة، فلن تتعرف على عراق اليوم. فالوطن والمواطنة أصبحت مفردات غريبة في قاموسنا. والانتماء أصبح للطائفة والعشيرة بدل الوطن، أصبح الدين سلعة يتاجر بها ويزايد عليها من قبل ميليشيات بأسماء مختلفة عمت أجواء العالم العربي، وأصبحت الانقسامات في أوطاننا التي لم نكن نحلم بها هي القاعدة، وهو المستنقع الذي سقط به العراق ويحتاج إلى معجزة للخروج منه.

فالعالم المتقدم يخطو بسرعة نحو المستقبل، ونحن نعيش في الماضي، والفجوة أصبحت كبيرة، إلا بحركة علمية شاملة تنقله من التخلف إلى العالم المتمدن. إن عالمنا ومعظم بلداننا العربية، ترزح وتعاني من التخلف والتدهور الذي لحق بها، فقد تراجعت إلى العصور الوسطى التي مرت بها أوربا منذ أربعة قرون. فالحروب الدينية والطائفية مزقت بلداننا. والعراق يمر اليوم، في خريف دائم من الجهل، لا ندري متى تظهر براعم ربيع المعرفة فيه. وأصبحت حياة العراقيين جحيماً لا يطاق ومعاناة دائمة لا تنقطع من تفخيخ وقتل الأبرياء.

كنتِ يا حياة تتوقين إلى عالم خال من الاستغلال والظلم الذي كرستِ حياتك له، لقد كافحتِ في اعلاء قيم الحرية والمساواة والروابط الإنسانية المحضة بين البشر، إنه حلم، ونعلم جميعنا اليوم اننا كنا نحلم بهذه الأفكار التي كنت تؤمنين بها، وتكريس هذه المبادئ السامية في بناء عالم بلا استغلال الانسان لأخيه الانسان.

إن حب الحياة يجعلنا أن ننسى الموت، بالرغم من أننا نعلم جميعاً ان الموت فريضة علينا ولا ندري متى نؤديها، لكن خيبة الأمل وحسك الفاجع بالحياة، ومعاناتك من عالم الكوابيس والظلمة التي هيمنت عليك آنذاك، ومحاصرة شبح الموت، الذي لم تستطيعي التخلص منه، فأسرعت في تأدية هذه الفريضة عندما كنت في اوج انتاجك الأدبي. كان تعبيراً عنيفاً في انهاء حياتك ووداعاً قاسياً لنا. لكن رغم هذا فأنت معنا دائماً يا حياة، من خلال كتاباتك، وكتبك التي جمعت وطبعت في مجموعة واحدة تطل علينا من رفوف المكتبة، فلن ننساك بالرغم من مرور عقدين على فراقك لنا. ما زلت معنا وما زالت ذكراك حية تلاحقنا دائماً وأبداً.

 
   
 

Guestالمصيفي الركابي

المجد والخلود للانسانة و الاديبة - الراحلة
حياة شـــــــرارة




 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced