ريبورتاج : عيد الفقراء بلا ألوان ولا ألعاب... ومتنزهات الحكومة معطّلة
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 08-09-2017
 
   
رؤى زهير شكر - المدى

على مقربة من محل كبير لبيع الملابس، يقف الصبي حسن ذو العشرة أعوام ماسكاً بيده مجموعة أكياس ملونة عارضاً إياها على المتبضعين، لكنَّ عينيه كانتا تحومان حول ألوان الملابس وأشكالها المنوّعة، حسن يجهد نفسه بالبيع قبل حلول أيام العيد علّهُ يستطيع توفير مبلغ مالي يمكنه من شراء ملابس للعيد كبقية الأطفال، لكن كيف يمكنه ذلك وسط حاجة عائلته لكل دينار يجنيه من بيع الأكياس، إذ ينتقل بعد ذلك الى سوق بيع الفواكه والخضار في بغداد بعد أن يشبع عينيه ومخيلته من ألوان وأشكال الملابس.

بين أروقة سوق الملابس والبسطيات في بغداد الجديدة تتناثر حكايات الفقر والحرمان، إن كان عبر من يروم المساعدة أو من يبحث عن البسطيات التي تبيع بأسعار مخفضّة أو من يستعين بالمجمعات والبالات، فيما تبدو الصورة أكثر مرارةً في الجانب الآخر، حيث ينعم البعض بالمولات والماركات العالمية، بينما الأطفال الفقراء يبحثون عن ألعاب بدائية علّها تعوضهم تعب العمل، لكن حتى تلك المتنزهات والألعاب بعيدة عنهم.

أم علي أرملة ولديها أربعة اطفال أكبرهم بعمر 13 عاماً، يعمل في سوق الخضار (عتال) يستخدم عربة صغيرة، بينما هي تجوب البسطيات بحثاً عن قطع لأولادها الثلاثة بينهم بنت، لكنها كلما اشترت حاجة عادت وأحصت ما تبقى لديها من مال. فيما اكتفى أبو باسم بشراء ملابس لاثنين من أولاده، والثلاثة البقية يتناوبون على ملابس أخيهم الأصغر، وحسب قوله، إنه اشترى في عيد الفطر لأولاده الثلاثة واليوم يشتري للآخرين فمرتّبه التي يتقاضاه لايكفي.

في سوق البسطيات الذي احترق قبل أسابيع، كان الكثير من الناس الفقراء يجدون ضالتهم بما يعرض فيها من ملابس، حسبما بيَّنت وفاء أربعينية تعمل عاملة خدمة في احدى الشركات الأهلية، تسلمت راتبها الشهري وعزلت منه مبلغاً لشراء ملابس لولديها، أتمت الشراء لكنها عادت وتساءلت، انتهيت من مشكلة لكن كيف بالأخرى؟ وتعني الألعاب التي هي الأخرى تحتاج لمبالغ ليست بالقليلة بعد أن تحولت مدن الألعاب الحكومية الى أهلية وارتفعت اجور الالعاب الى اضعاف، ما يعني الاكتفاء بما يتوفر في المتنزهات والحدائق العامة في الاحياء السكنية وهي الأخرى دون اهتمام وصيانة.

ها قد حلَّ العيد وتبادل الناس التهاني والاماني بالسعادة المؤجلة والامان المسافر والاستقرار الذي يأبى ذلك، عدت الى ما قالته وفاء، وأين ستذهب بولديها أيام العيد، مدن الألعاب معظمها أهلي، وسعر اللعبة يتراوح بين 3 الى 4 آلاف دينار، ما يعني أن الأسرة التي لديها ثلاثة اطفال بحاجة الى 50 ألف دينار لصعود الألعاب، ناهيك عن المصاريف الأخرى. ولأن مدينة الألعاب "الرصافة" الواقعة على القناة قرب نصب الشهيد، قد تحولت هي الاخرى الى مدينة ترفيهية مستثمرة، فضّل الفقراء الاكتفاء بما توفر من متنزهات حكومية غير مؤهلة وبعض الألعاب البلاستيكية المعطّلة والمكسرة غير الصالحة للاستخدام، ومنهم من فضّل البقاء في البيت والاكتفاء بزيارة الأهل والأقرباء وإدخار العيدية لأيام الدراسة التي على الأبواب. وبسبب غياب المتنزهات، اكتفى الكثير من الأطفال بالألعاب البلاستيكية ومنها النارية التي أدت الى إصابات العديد منهم، حسبما ذكرت مصادر طبية، ويبقى حلم الفقراء في العيد أن ينعموا بمدن الألعاب ومتنزهات أسوة بأقرانهم.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced