أكدت أطراف سُنية أنّ زيارة سليم الجبوري وأسامة النجيفي الى واشنطن تركزت على إقناع الإدارة الأمريكية بتأجيل الانتخابات لمدة عام واحد. وكشفت الاطراف أن رئيس البرلمان ونائب رئيس الجمهورية عرضا مطلبهما لتأجيل الانتخابات مقابل ضمان وجود أميركي في المحافظات السنية. وفيما تعترف الأطراف السنية بتراجع نسب تحديث السجل الانتخابي في المناطق السنية، عزت مباحثات النجيفي والجبوري في واشنطن إلى تراجع شعبيتيهما في الشارع السني وأن إجراء الانتخابات في موعدها بات يمثل لهما "انتحاراً سياسياً".

وكان كل من رئيس مجلس النواب ونائب رئيس الجمهورية قد زارا الولايات المتحدة الأمريكية بشكل منفرد خلال الاسابيع الماضية بترتيب من شركات علاقات عامة رتّبت لهما لقاءات مع مسؤولين أمريكان ومحاضرات في مراكز للأبحاث.

وتشترط الكتلة السنية عودة مليوني نازح مقابل مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها منتصف شهر أيار القادم" معترفة بأنها قامت بمفاتحة أطراف دولية كالأمم المتحدة والولايات المتحدة لتأجيل الانتخابات في المحافظات الغربية.

وكشفت (المدى)، في 28 أيلول الماضي، عن طلب تقدمت به القوى السنية إلى بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) تدعو فيه الى تأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر، متذرعة بتأخر إعمار المحافظات الغربية، وعدم عودة جميع النازحين إلى مناطقهم.

ويقول النائب عن تحالف القوى طلال الزوبعي إنّ "من أهم المحاور الأساسية التي تناولتها زيارتا الجبوري والنجيفي إلى واشنطن هي ملفّ تأجيل الانتخابات المقبلة، وعودة النازحين واستقرار المدن التي استولت عليها داعش".

وأضاف النائب الزوبعي، خلال تصريح لـ(المدى) أمس، ان "المعلومات التي تسربت من هاتين الزيارتين تشير الى دفع واشنطن لإقناع الشركاء السياسيين بتأجيل الانتخابات"، مشيراً الى أن النجيفي والجبوري طالبا واشنطن بتأجيل الانتخابات لمدة سنة أو أكثر.

ويؤكد النائب السني وجود شبه اتفاق بين الجانب الأمريكي مع الأطراف السنية التي زارت واشنطن مؤخرا على تأجيل الانتخابات. لكنه أشار إلى صعوبة تحقيق ذلك، نظراً الى أن فقرات الدستور لاتجيز تأجيل الانتخابات.

ويضيف النائب عن مناطق حزام بغداد أن "تأجيل الانتخابات ليس مطلبا للمكون السني بقدر ما هو مطلب لبعض الشخصيات". وحول ما إذا كان سيناريو التأجيل يعرض مقابل إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمة، ينفي الزوبعي وجود برنامج واضح لواشنطن حول هذا الملف. لكنه يستدرك بالقول "هناك حديث عن قواعد أمريكية في الحبانية وقاعدة في عين الأسد في الانبار وبلد في صلاح الدين والقيارة في محافظة نينوى".

وأكد عضو اتحاد القوى أن هناك "معلومات مسربة من المحادثات التي أجراها الجبوري والنجيفي في واشنطن" .

وينوه الى أن "هذه المعلومات مازالت غير مؤكدة وهي بحاجة إلى تأكيد أميركي لتوضح خططها لإنشاء قواعد أمريكية في هذه المناطق".

ولفت النائب طلال الزوبي إلى أن "من ضمن أهداف هاتين الزيارتين هي البحث عن زعامة للمكون السني وتندرج ضمن باب المنافسة بين النجيفي والجبوري".

وبعد أيام من انتهاء زيارة الجبوري الى واشنطن، التي أعقبت زيارة النجيفي، عقدت هيئة القيادة لتحالف القوى اجتماعاً ناقشت فيه المواضيع السياسية والأمنية التي تهم الشأن العراقي وفي مقدمتها ملف الانتخابات القادمة وإعمار المدن المحررة وإعادة النازحين إليها.

ويقول النائب رعد الدهلكي، القيادي في تحالف القوى، لـ(المدى)، إنّ "هذا الاجتماع ناقش موضوع تأجيل الانتخابات وعودة النازحين ووضع العراق في مرحلة بعد داعش". وأكد أنّ "الانتخابات كانت من أكثر الملفات التي ركز عليها المجتمعون".

وأضاف الدهلكي، عضو كتلة (ديالى هويتنا) التي يتزعمها رئيس البرلمان سليم الجبوري، إن "الكثير من الكتل تتكلم في الكواليس بشيء مغاير ومخالف عما تتحدث به في الإعلام في ما يخص ملف الانتخابات". ويؤكد أن أغلب الكتل تؤيد تأجيل الانتخابات عن موعدها في أيار المقبل.

ويلفت النائب عن ديالى الى "نية اتحاد القوى العراقية لإرسال رسائل لكل سفراء الدول في بغداد يشرح فيها ظروف المواطنين والمخاوف الخطيرة من إقامة الانتخابات المقبلة في مواعيدها المحددة، والعمل على تأجيلها".

وبشأن الغطاء الدستوري التي تعتمد عليه القوى السنية لتأجيل الانتخابات، يقول الدهلكي إنّ "الدستور حدد الدورة البرلمانية بأربع سنوات تقويمية، لكنه لم يحدد فترة عمر للحكومة". وأعرب عن اعتقاده "بوجود مخرج قانوني يبيح للحكومة الاستمرار بمهام تنفيذية وتشريعية أسوة بحكومة إياد علاوي السابقة". ويؤكد النائب عن ديالى أنّ"تأجيل الانتخابات طرح على طاولة النقاش في الزيارة التي قام بها كل من النجيفي والجبوري إلى واشنطن"، وتحدث عن "شبه مقبوليّة" من قبل الإدارة الأمريكية لفكرة تأجيل الانتخابات.

وفيما نفى الدهلكي امتلاكه معلومات حول مناقشة القادة السنة موضوع القواعد العسكرية مع الجانب الأمريكي، أكد أن "وجود قواعد أمريكية على الأراضي العراقية أمر مرهون بموافقة الحكومة".

بدوره يعلق النائب عن نينوى عبدالرحمن اللويزي على زيارتي النجيفي والجبوري الى واشنطن،ويقول لـ(المدى) ان "الشخصيات التي توصف بأنها زعامات سنية تشعر بتراجع شعبيتها إثر التهجير والنزوح الذي ضرب المحافظات السنية، وهذا ما اضطرها إلى التفكير بتأجيل الانتخابات عبر استدعاء العامل الخارجي والضغط الدولي على الحكومة والحلفاء السياسيين".

واضاف اللويزي "هذه الزعامات باتت تعتقد ان إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها المحددة يعد انتحارا سياسيا في الوقت الحالي"، ورأى انها "بدأت تحاول تغليف قضية الانتخابات وربطها بعدم عودة النازحين كحجة لسيناريو تأجيل الاقتراع إلى مواعيد جديدة".

ويرى النائب عن نينوى المبررات التي تقدمها القوى السنية لتأجيل الانتخابات أنها "تخفي وراءها أزمة حقيقية تكاد تكون شخصية أكثر ما تكون متعلقة بمكون". وأوضح اللويزي ان "سليم الجبوري وأسامة النجيفي وبعض الزعامات السنية الأخرى تقود حملة شعارها (السُنة مهجّرون ولم يُحدّثوا سجلات ناخبيهم) بهدف تأجيل الانتخابات". ويضيف النائب عن نينوى "لا أنفي تدني نسب إقبال الناس في المناطق الغربية على تحديث سجل الناخبين، الذي لم تتجاوز نسبته في نينوى 5%". ورجح أن تكون سفرة النجيفي والجبوري إلى واشنطن "من اجل استدعاء العامل الخارجي والضغط الدولي على الحكومة والحلفاء السياسيين". ويلفت اللويزي إلى دلائل يرى انها تؤكد صحة المعلومات التي طرحها استنادا إلى مواقف الجبوري خلال زيارته الى واشنطن، مشيرا الى انه "انتقد الحشد الشعبي ضمناً وتحدث عن تأجيل الانتخابات وألمح إلى وجود ترحيب سني بوجود الأمريكان".

ويصف رئيس لجنة شؤون الأعضاء البرلمانية تصريحات الجبوري في واشنطن "بالغريبة وغير المألوفة"، مبيناً أنها "من جهة مجاملة للولايات المتحدة الأمريكية ومن جهة تمثل انقلاباً في الموقف". ورأى أن "الهدف الأساس من هذه الزيارة تأجيل الانتخابات".

وينوه اللويزي الى ان "حديث الجبوري عن قبول سني بوجود أمريكي يشير ضمناً إلى تعهد أو التزام بوجود أمريكي في المناطق السنية، سواء على شكل قواعد أو غيرها". ولم يستبعد ان تكون التصريحات جاءت على خلفية اتفاق حول إنشاء قواعد أمريكية في المحافظات السنية على أقل تقدير.