الكاتبة التركية آسلي أردوغان: لقد أزعجت الحكومة لأحباطي التابوهات مثل التعذيب والإغتصاب والقضية ا
نشر بواسطة: iwladmins
الإثنين 01-01-2018
 
   
حاورها : ايركوت توكمان - ترجمة : خضير اللامي

بعد حصولها على درجة الماجستير في الفيزياء، وكتابة اطروحتها في موضوع ما يُسّمى"جُسَيْمات هيغز بوسن Boson Particle Higgs، اشتغلت الكاتبة التركية، آسلي أردوغان المولودة في اسطنبول العام 1967، على هذه الجسيمات، ثم انتقلت الى ريو دي جانيرو، Rio De Janeiro. بعد طبع روايتها الأولى،"الرجل القوقعة، 1994،"The Shell Man، تخّلت عن سيرتها العلمية، وكرّست نفسها للكتابة الأدبية حسب. وكانت روايتها الأولى، المدينة ذات العباءة القرمزية.."The City in Crimson Cloak , 2001، التي جلبتْ لها اهتمام العالم بها. ومع هذه الرواية، التي وُصفت أحيانا، بالكلاسيكية الحديثة، أختيرت اردوغان بوصفها واحدة من بين"خمسين كاتباً وكاتبة مستقبلية."قامت مجلة لير Lire الفرنسية بتنظيم أهميتهم، وعند العودة الى تركيا، شرعت اردوغان بكتابة العمود، في الصحف المعارضة. وبعد فشل محاولة الانقلاب التركي، العام 2016، اُعتقلت اردوغان بذريعة أنها كانت مستشارة أدبية لصحيفة كردية. لكن اطلق سراحها بعد حملة عالمية واسعة لحقوق الانسان، بيد أنّ جلسات محاكمتها استمرت.

وفي تموز July، 2017، قلدتها الحكومة الفرنسية وسام شرف، بيد أنًّ عدم الموافقة على سفرها لتسّلُم الجائزة بعد مكالمة هاتفية من الجهات التركية حال دون ذلك. وقد التقيناها في احدى جزر (الأمراء) قرب اسطنبول في حوار معها..

** إنكِ قلتِ أنًّ كتبكِ، تبدأ من روايتك الأولى،"الرجل القوقعة، The Shell Man."التي جاءت بصيغة روايات وقصص قصيرة ؛ ولكنْ من الصعوبة بمكان وضعها في فصيلة جنس محدد، وقد ذكرتِ أيضا أنك تسردين نفسكِ بوصفها سيرة ذاتية. كيف تعللين هذه المفاضلات؟

آسلي اردوغان : انا لستُ "روائية" ولستُ كاتبة قصة بالمعنى التقليدي لهذا التعريف ؛ فالعنصر الأساس، والمهم في أدبي هو اللغة ذاتها. فأنا استخدم اسلوب السرد الذي يعتمد على الصور، والإستعارات، وبطريقة مكثًّفة ومُختَرِقة، وقد وصفها ناقد بأنها :)وابل من النيران المتقاطعة.(فهي قريبة من الشعر، وحتى من الموسيقى إنْ صح التعبير، فالكلمات تؤثر، وتُحفِّز،"ويتصادى بعضها في بعض ؛ وتضفي ظلالاً غامضة في زواياها، والصوت معبأ بالايحاءات، كلما ترادفت العبارات، بينما يكون الغموض والفراغ، دليلان ينيران كما ضوء."

واكثرمن ذلك، أنني سبقتُ تقاليد السرد القصصي الرئيسية، فناً، ومسرحة، وشخصنة، وهوية. ففي كتابي الأخير، البناء الحجري ومكانات أخرى، The Stone Building and Other Places، فإنَّ الساردين لم يكونوا شخصيات نموذجية لتلك القصص التي تكون مواضيعها او حتى شخصياتها، تملك حدودا محددة ؛ فإنّها تظهر ثم تختفي أكثر، كما أعضاء فرقة كورس تراجيدية، يقومون بخطوات قصة موحدة. أو أنهم الى حد ما، كما قواقع جوفاء، يُصدرون أصواتاً مختلفة تمر من خلال تلك القواقع. وأحياناً كما صرخة، او ضحكات مدويَّة في نفق...

حين سُئلت قبل سنين مضت،"هل أنك تكتبين عن نفسك في كتبك؟"واجهت حيرة كبيرة في كتاباتي نصف الساخرة :"نعم، كل ما وجدت فرصة لذلك؟"فالذات غيرموجودة، لكن ينبغي أن نخلقها. ينبغي أن نبدع، نبني ونبدع ونعيد البناء. وانطلقتُ من قولي :"أنا ساردة ذاتي او أناي"ولسنوات طويلة كنت يائسة تماما وأدور بين ما قيل وما لم يقل، بين ما قد فُقد الآن، وما لم يُولد حتى الآن. ولكن على كل حال، تتغير المدارات حسب. وشرعتُ بالكتابة ذات مرة، وخلالها جعلتني أشعر بشيء شبيه ربما بسعادة عابرة : إذ رحت أجرّب شعورا ممتلئا، عندما انتهيت من كتابة"المدينة ذات العباءة القرمزية،"الطبعة الانجليزية، شعرت كما لو أنني عشت حياتي كلها لذلك الموضوع، لأكتب هذا الكتاب الوحيد – كان كما لو أنَّ كل شيء اكتشف معناه التام. ولمرة واحدة وللأبد، قد وُجد في قصتي هذي. ولكي أكون متأكدة تماماً من ذلك كانت حياة قصيرة"عابرة"لكنها كانت حقيقية لا تُقارن.

** "إنَّ المدن تحتل مكانة خاصة في دواخلك ؛ أنها تسحبك الى دوامة وتربطك بآلام، وأنها بالطبع، تدفعك في نهاية الأمر للكتابة، والحصيلة الأكثر وضوحاً لذلك هي روايتك المدينة ذات العباءة القرمزية. ومن خلال لوحة، فإنك تقارنين علاقتك بمدينة ريو دي جانيرو، مع ذلك المحبوب : أي أنك مرتبطة بآلام الحب، أنك ذلك الجريح الذي لا يغادرك. ألم تقولي ذلك، ألم تفكري أبداً بكتابة رواية عن اسطنبول، المدينة التي ترعرعتِ فيها؟

اردوغان : البطل الرئيس ل"المدينة ذات العباءة القرمزية."هو : مدينة ريو دي جانيرو، و"نهر جانوس"الإله ذو الوجه المزدوج ؛ وجه ينظر للماضي وآخر ينظر للمستقبل. وتبدو المدينة كما متاهة، تنطلق الى اكثر من بعديْن، وتتوزع في الفضاء، كما في زمن، حافلة بنهايات ميتة، وبقع عمياء، وأصداء مرعبة، ونبوءات خارقة للطبيعة، ومدينة ريو دي جانيرو بوضوح، هي استعارة للواقع الخارجي ؛ وعالم داخلي ينعكس بظلاله عليها. وفي الحقيقة، أنَّ الاشتباك المستمر لعوالم الداخل والخارج، يُضبٍب مفهومنا عن الواقعية، اذ إنها استعارة حياة، كما هي استعارة موت.

واوزكار بطل رئيسي في قصة أخرى، في رواية"المدينة ذات العباءة القرمزية."رواية غير كاملة داخل رواية، هي أوهما رواية إعادة تفسير لإسطورة أورفيوس التي كتبتها هيروديت نفسها. وكلمة أوزكار تعني"الحرية"في اللغة التركية، وقد قطعتُ منتصف المنعطف للرواية حين وجدتُ إسما لها وادركتُ تأكيد المعضلة. والحرية قد تكون ضد القدر. وإنَّ اوزكار وريو هما وجهان كما لو أنهما مرآتان تعكسان احداهما الأخرى. ولكنهما ايضا متنافستان خطيرتان في لعبة شطرنج قدرية، وكتابة أوزكار هي الموسيقى التي تفتح بوابات أرض الموت، والتي تحمل الموت ايضا باستمرار الى الحياة، والحياة تحمل الموت في اليوم الذي وصلتُ فيه الى ريو دي جانيرو. واذا ادركت أنَّ هذه المدينة تحمل في داخلها اسطورة فربما اكون فيها انا فقط، أورفيوس.

لكن اسطنبول، المدينة التي ولدتُ وترعرعتُ فيها، هي من الصعوبة بمكان أنْ تبني مثل لعبة تلك المرآة ؛ لأنها تتطلب مواجهة عميقة جدا. وحين كتبت الرواية كنت في الثلاثين من عمري، وبعد عقدين من السنين ؛ شعرت أنه ينبغي عليَّ أن أقطع الطريق الذي كنت أسير فيه نحو الموت، والآن عدت الى الحياة، وربما ولدتُ من جديد. كنت أشتغل على رواية عن اسطنبول لسنين عدَّة. وفي ذلك الوقت، فإنَّ كل ما استطيع قوله، هو بناء صخرة جرداء، حجيراتها وانفاقها هما اللتان ندخل من خلالهما الى رواية البناء الحجري)ترجمة : سيفنتش توركان، التي من المؤمل ان تصدر في تشرين الثاني 2017 عن دار ستي لايت) و تتضمن استعارات عن اسطنبول.

** اُتهمتِ بالارهاب العام 2016، وسُجنتِ لأربعة أشهر ونصف، واُطلق سراحك بشروط الآن. لكن منعك من السفر بقي ساري المفعول. وخلال هذا الوقت ؛ تدفق التضامن معك عالمياً، وفي تركيا نفسها ايضا للدفاع عن حريتك. باختصار، مالذي ربحت فيه وما الذي خسرت فيه في السجن؟

إردوغان : بكل بساطة، أُدرج اسمي على قائمة الإرهاب بطريقة رمزية تماماً من قبل"لجنة استشارية."بذريعة دعم صحيفة، اوزغورغونديم، özgur Gundem الكردية ؛ في هذه الاثناء قصفت الشرطة منزلي، ووضعتني قيد الإعتقال لمدة 136 يوماً، وطالبت النيابة العامة بعقوبة السجن المشدد مدى الحياة، وعلى مدى خمس سنوات كان اسمي قيد قائمة"المستشارين". وعلى كل حال، لم يلتفت احد لمئات القضايا المدرجة في ادراج المحكمة ضد الصحيفة التي تحركت لمؤازرتي او مستشاري قضيتي من أمثال اللغوي نيكمي البي Necmiye Alpay. ومؤسس حزب عالم البيئة وحزب الخضر بيلغي كونتيب Bilge Contepe، ورجب زاراكولي ناشر وحاصل على جائزة نوبل للسلام. ناهيك عن قانون الصحافة الواضح تماما، أذ يقر أن المستشارين ليس لديهم صفة شرعية للصحيفة. وباختصار، أن هذه القضية سياسية بامتياز، فضلا عن أنها اعتباطية، وبالتالي أن أمر الاعتقال غير قانوني من الجهات العليا. ويعتقد كثير من الناس أن المقصود به الحاق الضرر بجميع الكتّاب والمفكرين. والهدف كله من ذلك التدخل ؛ هو القضية الكردية.

دعنا نواجه ذلك الأمر : ففي تركيا اليوم ؛ من الممكن أنْ نتصور إعتقال إمرأة على أرضية ارهاب لأنها تكتب روايات وتنظم قصائد نثرية وجودية، وتُرجمت أعمالها الأدبية الى عشرين لغة تقريبا، وحاصلة على عديد من الجوائز المحلية والعالمية – كل هذا، بذريعة هي مستشارة ادبية لصحيفة معارضة، رغم إنها صحيفة شرعية أصلاً. فضلا عن ذلك كله، نشرتُ العديد من الأعمدة والأعمال الأدبية التي بدأت مع صحيفة فكرية يسارية Radical، قبل ثمانية عشرعاماً، واستمر صدورها مع ثماني صحف متنوعة فضلا عن مجلة، لم يُفتح ضدها أيِّ ملف مخالفة ؛ ولا أيّ من مقالاتي المنشورة فيها بما فيها تلك المنشورة في صحيفة اوزغور مندم، بما فيها ايضا ملفاتي الأدبية كما يحدث اليوم! إنني أدرك أنني قد أزعجت الحكومة، لأحباطي التابوهات، مثل التعذيب، والإغتصاب، والإعتقالات، واختراقات حقوق الانسان، وحقوق المرأة، والقضية الكردية، والإبادة الجماعية للأرمن الخ..

ولا يفوتني هنا، أن اذكر أنني تعرضت الى اطلاق رصاص، ناهيك عن مكالمات التهديد الهاتفية لسنين عدة. وصموني فيها بكلمات شائنة ومهينة، فضلا عن اتهمامي بالتعاون مع الإرهاب، بخاصة اذا وضعنا في الإعتبار ؛ أنني لست ميّالة للعنف أصلا! وفي الواقع، وبوصفي كاتبة مقالات، فإنني حاولت أنْ ابني نظرية اللاعنف، في نظام يفرِّخ بإستمرار العنف، بيد أنني أوضحات ما أملاه عليّ الإستنكاف الضميري قبل ثلاث سنوات ؛ ومن هنا، رفضت أن حمل السلاح! فما هي جريمتي الفعلية التي لا تُنسى؟! هل لأنني رفعتُ صوتي من اجل الضحايا... كل الضحايا... نعم، فأنا كتبت ليس عن السجن والنساء والاكراد حسب ؛ بل عن المهاجرين الأفارقة والعنصرية والحرب والعسكرة والأرمن، والأطفال المتشردين والمثليين والأرمن والرومانيين والبوسنيين والفلسطينيين الخ ؛ محاولة بذلك مدّ الجسور"بيننا"و"الآخر"في مساهماتي المحدودة وشعوري بمسؤوليتي، بوصفي كاتبة تناضل من أجل تشكيل ضمير فردي وجمعي في آن..

وبعد أن زجتني السلطات الأمنية في السجن ؛ وجدتني فجأة بين جدران، بطريقة غيرمتوقعة، وغير مهيأة لها، جدران، أسلاك شائكة، واقفال، واصفاد... ولم امتلك الشجاعة حتى الآن، لأتساءل مع نفسي كيف أواجه مثل هذه الصدمة المرعبة؟! ليس ثمة مِنْ عزاء أو تعويض أوامكانية لأقلب هذه المعادلة. دعني اقول لك : قبلتُ وقيّمتُ مكافآت التأييد بوصفها من مبادرات التضامن، ليس معي حسب، لكن مع الكتّاب الآخرين والصحفيين المضطًهدين بسبب مواقفهم. أنا منزعجة من حقيقة تلك الشهرة، التي حاولتُ تجنبها لزمن طويل، والتي هبطت عليَّ من السماء. إنني اشعر بمرارة السخرية في عمودي الادبي، لكنني أعرف تماما، أنني لم أستطع البقاء على قيد الحياة دون هذا التضامن. وإنني أحتفي جدا لهذه الحياة.

ليس هذا حسب ؛ بيد أنَّ ثمة حكاية قصيرة : تحت عنوان) دولة الطوارئ)OHAL، تتضمن منع أغطية النوم، والوسائد، واللوحات الزيتية، ونباتات الأصص في الزنزانة، أما المزهريات، والنباتات التي ازدهرت عبر عقد من السنين، فقد أُهملت وتعفنت خارج باحة السجن. واختفى نبات الريحان والحبق تدريجيا داخل دورات المياه، بعد أن أُكتشف خلال احدى دورات التفتيش الروتينية. وبهذا، فإنك لن تجد أية تربة في السجن، ولا أشجار، ولا خضرة، ولا لون ؛ إنما تجد يباس الحياة وجدبها حسب.. ولكن، حاولنا انتاج ما يشبه التربة من خلال تجفيف أوراق الشاي لعدة اسابيع، واضفنا اليها قشور البيض لتكتسب قليلا من السماد. لكن، يا للعجب، تبرعم أخيرا نبات قبيح جدا، ومع هذا، قد انتفضنا وغمرنا شعور بالإرتياح، ورحنا نسقيه بمياه الأمطار. وترعرع كصولجان أمير صغير. لكن، واحسرتاه! فقد قُطع هو الآخر، وحكم عليه بالموت!. وقبل ايام قليلة من موعد المحاكمة، اعتذرت لأصدقائي في الزنزانة. كما أدركت ماذا فعلت بحديثي عن الانتحار في بداية ايام سجني، إذ كنت مستغرقة بذكرياتي عن الموت ؛ بينما كنت اتصارع في كل هذا الوقت بقوة لأحافظ على نبتة حية صغيرة.."

** بوصفكِ كاتبة، مَن الذي حاول أن يكون مدافعا صارما، وصوتا لأولئك الذين كانوا مغتربين. كيف تفكرين أنّ العنف والصدمات ستشكل ثيمات لكتاباتك من الآ ن فصاعدا؟

أردوغان : منذ كتابي الأول "معجزة شجرة الماندرين." Miraculous Mandarin، قصة المرأة ذات العين الواحدة، شرعتْ كتاباتي تتمحور مليّا حول مواضيع كما الرياح، غياب، فراغ ؛ أو وعي بفناء الجنس البشري ؛ ضياع، عنف، تفسخ ؛ تعذيب، وخيانات. وكان بحثي الأساس هو أن أسرد ما لا يمكن سرده. وأنّى لي أن اذهب اقصى ما يمكن أنْ تحمله التجربة الإنسانية. وفي كتاباتي، خاصة، المقدس والمحرم منها، يقفان جنبا الى جنب، واحيانا يأتيان في جملة واحدة، ويتداخلان بطريقة عفوية. يأتي هذا حتى في مقالاتي التي احاول أن ابقى فيها، في حدود الادب، واحاول حسب، ضمن مقاييس الادب في سرد غير المسرود كما قلت، وقصص الضحايا غير المسموعة. واعتقد أن ًّهذا بدون صوت، أو صرخة ضحايا سيذهب في مهب الريح، فإنًّ كلمتنا هنا ينبغي أنْ تكون، هي العالم، وستكون ايضا اكثر تكريسا للمعنى.) ولكني الآن، واحسرتاه! أنا الضحية..

وحين كنت مودعة في زنزانة، مساحتها لا تتجاوز ثمانية أمتارمربعة، كان معي ثلاث نساء أخريات، كنت أحيانا، أعيد الى ذاكرتي، جُملي، واستعاراتي. هل انا غرّيرة الى حد اتخيل ذلك الملاك الذي انشطر وجهه الى نصفين غير متساويين عن طريق ندبة.) بناية الحجر؟(. فإنه أي الملاك قد اجتاز ليلة انسانية من نهاية الى اخرى، وصولا الى البناء الحجري، مركز الأمن، ويداه مليئتان بالهدايا. جالبا هدية لكل سجين. من شخص ما، ذكريات الطفولة، طفولة أخرى، مِن رائحة البحر، صوت البحر، او الريح الى شخص آخر. في ليلة مظلمة كنت أفكر فيها كثيرا؟ في أي كلمة تجري الى كلمات أخرى؟ هل كان بإمكاني أن اشخص ندبته على وجهي؟

** هل تعتقدين أنَّ بلاغة الأنثى كانت تشكل خلفية لكتاباتك؟ أم أنها هي نزعة مؤلفة حسب؟

اردوغان : اعترف بذلك تماما، الى أنْ قرأت التحليل المدهش للكاتب الاسترالي روث غلوكير Ruth Kluger - لرواية المدينة ذات الرداء القرمزي ؛ الذي كان هو الآخر رهينا في معسكرات الإعتقال الجماعي سابقا، وقد ناقشته بأنني اخترت بقصد ثيمة الشذوذ الجنسي، واللغة الديونيسية Dionysian، في هذه الرواية. وعلى كل حال، وفضلا عنْ موسيقى أورفيوس، فإنًّ كلوغير قد سمع ايضا اغنية بيرسيفون Persephone، الملكة والسجين في العالم السفلي حيث قال :"اسلي اردوغان تصور الخطر، أنه السقوط العظيم، الدمار التام، الذي هو حتى الان ثيمة الادب ؛ إذ الرجال وحدهم يستطيعون العيش حتى النهاية، دون مشاركة إحساس المؤنث وصوته."وبهذه المادة المترفة، استيقظتُ في ليلتي تلك، وادركتُ كم كنت أنا صماء لصوت الانثى في داخلى. وكتابي الآخر، صمت الحياة، In The Silence of Life، قد وُلد بعد اكتشاف متأخر. والمواجهة كانت مؤلمة مع هذا الصوت، والبحث عن لغة الأنثى. فثمة فصل شاسع بين الصور، وواقعية ظروف النساء. فقصة"أنثانا"تتشكل من فراغ هذه الهاوية. إنه جهد أنثوي بذاته في محاولة لإيجاد مرآة أو صوت لهذه الإساءة. ورغم ذلك، وحتى في كتاباتي الادبية القليلة، فضلا عن مقالاتي، بقيتُ واضحة قي الايديولوجيا، او المقتربات الآيديولوجية باعطاء دروس، ووعظ. والكتابة لديّ إما أنْ تكون تكوينا أو صرخة. بل اؤكد، أنها الصرخة التي تدين العنف للابد.

** وعلى حدِّ علمي، أنكِ شرعت بكتابة الرواية قبل دخولك السجن، وجزء مِنْ هذه الرواية تصف سجناً، لكنك لم تكتبِ ذلك القسم من الرواية. والان وانتِ في الخارج، ما هو مضمون هذه الرواية، ومتى ستنتهي؟ هل أنتِ قلقة من الرقابة الذاتية؟

اردوغان : كنت اشتغل على رواية اسطنبول لسنوات عديدة، ويقع قسم من أحداثها في السجن، أنها تزامن غريب، وربما لم يكن غريبا جدا، ذلك مشهد التعذيب الذي هو شبيه بالمشهد الذي تخيلته حقا قد حدث لي في الزنزانة، وحتى هذا اليوم، كتبتُ فصلاً واحداً حسب، تحت مراقبتي الذاتية. ولا اتذكر أني طبعت قصة قد كتبتها كان صوتها الشخص الأول مُغتَصَبا، وهو في الوقت ذاته ضحية التعذيب. وخشية إساءة ضحايا الإغتصاب، وباختصار، أنني ضحيتُ بقصتي لتصحيحات سياسية. بيد أنني حتى الآن، تعلمت ذلك من الكتابة أنًّ ثمة ثيمات أكيدة لا يمكنكَ إدخالها، وإن فعلتَ ذلك، فهنا، ليس ثمة مساومة. ويأتي ذات يوم ستَعبْر فيه منعطفا لا عودة منه، وستواجه في نهايته العنف حتما، وهذه هي النقطة التي يجب أنْ تتجاوزها، فليس ثمة متسع أمامك للتردد، فإمّا النفاق على الذات أو الإشفاق عليها. وعليك أنْ تدفع بنفسك والقارئ معك، وبالطبع تصاحبك اللغة عبر جميع الحدود والنهايات.

المدى

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced