د. عامر سكران: دورات الآسيوي ضعيفة ولجنة خبراء الأولمبية شكلية
تقييم أداء لاعبينا متراجع.. وإيفادات المدربين باتت مشروطة
برغم صعوبة مجاراة وقائع الرياضة العراقية اليوم وهي تواجه فوضى عارمة في جميع مفاصلها على المستويين الإداري الغارق بالأزمات الشخصية، والمادية التي تطاردها شبهات الفساد والتلكؤ في دعم الرياضيين، إلاّ أن أحوال الاتحادات المركزية تشهد هي الأخرى ضغطاً كبيراً ومحكّاً جدياً لمن يعمل لمرضاة نفسه وللعاملين معه الواثقين بقدراته على النجاح، ومن يقضي واجباته كيفما شاء من أجل تأكيد وجوده واستمراره في تقاضي الامتيازات بلا استحقاق.
اتحاد الجمناستك واحد من الاتحادات التي واجهت معاناة حقيقية في تأمين مستلزمات النهوض برياضيي منتخباتنا الوطنية، ومن دواعي فخر اللعبة، أن أبناءها لم يتخلّوا عنها ويواصلون خدمتها بما تجود الظروف حولهم من إمكانات الدعم الأولمبي لصناعة الأبطال برغم قلة عددهم، ويقف وراء الإدارة الفنية للعبة الكابتن د.عامر سكران، أحد نجومها السابقين، حيث يكمل الآن 45 عاماً، بعد أن تزامنت ممارسته الجمناستك أول مرة مع تأسيس الاتحاد عام 1973، واستمر فيها حتى تولى مهمة الإشراف على المنتخبات عام 1986 في مهمة مزدوجة، إعداد المدربين الأكفاء وصقل مهارات الرياضيين الموهوبين.
د. عامر، يعمل حالياً مديراً فنياً للمنتخبات الوطنية للجمناستك ومديراً للمركز الوطني لرعاية الموهبة الرياضية للعبة التابع لوزارة الشباب والرياضة، كشف لـ(المدى) عن صعوبة القيام بالواجبات الفنية في ظل جملة من الأسباب حدّدها في بداية حديثه قائلاً: إن لعبة الجمناستك ليست باللعبة السهلة مطلقاً، وإعداد اللاعب يحتاج الى أشهر طويلة حتى يصبح مؤهلاً وملمّاً بما مطلوب منه لتأدية الحركة وفق قانون اللعبة، ليتمكن من حصد النقاط التنافسية في البطولات المختلفة، فضلاً عن معاناتنا من عدم وجود قاعات تخصصية تحتوي أجهزة متطورة برغم مخاطباتنا لشركات عالمية للتعاقد مع أجود الأجهزة، كي تسهم في تطوير قدرات لاعبينا، وبعد ذلك لابد من البحث عن مدرب أجنبي ذي خبرة فنية وباع طويل في رياضة الجمناستك يختزل لنا الزمن ويطلق أكثر من بطل للتنافس القاري في الدرجة الأساس.
تغييرات القانون
وأضاف سكران، أن اتحادنا واجه مشكلة كبيرة مؤثرة في مسيرة منتخباتنا بسبب القانون الدولي للعبة، حيث استمرّت تدريباتنا على القانون القديم لمدة 12 عاماً وشغلتنا ظروف البلد عن مواكبة أبرز المتغيرات الحاصلة على جوهره، والحمد لله بجهود ذاتية منّي ومن رئيس الاتحاد إياد نجف، أمّنا نسخة حديثة من القانون الدولي 2017-2020 وتم توزيعه على جميع المدرّبين لغرض مواءمته مع أساليب التدريب حسب التعديل الأخير له، وللأسف فاتنا الكثير على صعيد المشاركات العربية والقارية التي كنا نتفاجأ بتغييرات مهمة على أغلب الفعاليات المُقامة خلالها، ما أثرت في درجات لاعبينا والأداء والمهارة والتقييم النهائي.
المدربون المحترفون
وتابع، هناك قول مفيد لمن يعمل على التخطيط للمستقبل وهو (أعمل بالممكن ولا تنسى الطموح) ولدينا عدد من المدربين تم اعتمادهم كونهم كانوا أبطالاً في الحقبة التي تلت جيلنا، وتم تصنيفهم حسب إمكانات كل مدرب للاستفادة منهم كونهم تدرّبوا أيام الثمانينيات والتسعينيات على يد مدربين روس وصينيين محترفين، وهم مع جنسيات أخرى كانوا وراء رُقي نتائج عموم رياضات العراق سابقاً.
تقييم واقعي
وأشار الى أن عملية تصنيف المدربين تعتمد ثلاث مهمات، هي مدرب ناشئين ومدرب شباب ومدرب متقدمين، وصراحة بعد مشاركتنا في بطولة شباب العرب في تونس التي حصلنا فيها على نتائج متقدمة، وكذلك بطولة آسيا في تايلاند، اجتمعت اللجنة الفنية وخرجت بتقييم واقعي مفاده أن مستوانا الفني متراجع جداً من ناحية الأداء الذي كان سبباً رئيساً في خسارة المنتخب الوطني، من دون أن نغمط حق لاعبينا بامتلاكهم مهارات عالية تضاهي المستويين العالمي والقاري بلا مبالغة، لهذا طلبنا من المدربين أن تكون سنة 2018 خاصة بتحسين الأداء وزيادة النقاط. كما طلبنا من كل مدرب، تقديم خطة مدروسة ومنهج تدريبي على أساس الإعداد البدني (عام وخاص) والفني والابتكارات والمهارات والاختبارات وإجراء بعض الفحوصات الطبية، ثم يتم إعلامنا بين الفينة والأخرى أي مستوى وصل تدريب اللاعب بحكم عملنا الرقابي كجهة فنية.
إيفاد مشروط
ولفت سكران الى أن ستراتيجية الاتحاد الجديدة تقضي بمكافأة المدرب التواصل مع لاعبيه في حال نجح بإعدادهم، أي لدينا ستة لاعبين في فئة عمرية معينة سنعمل لهم الاختبارات قبل دخولهم في بطولة قطر التي ستقام قريباً، فأيّ لاعب ينجح ويترشّح الى البطولة سيكون مدربه معه، هذا الإجراء يشجّع اللاعب ومدربه على بذل المزيد من الجهد لاجتياز اختبار الـتأهل تنفيذاً لقرار جديد يقضي بعدم إيفاد أي مدرب خارج العراق إلا من خلال تفوّق لاعبه في اختبار الاتحاد.
دورات ضعيفة
وأعترف د.عامر سكران، بأن الاتحاد المركزي لم يرسل أيّ مدرب الى دورة تدريبية تطويرية منذ عام 2011 حتى الآن، لأسباب خارجة عن إرادته، وبحكم انضمام الاتحاد لعضوية الاتحادات العربية والآسيوية والدولية، فتم إبلاغ الاتحادين العربي والقاري، أنه في حالة إقامة دورات تطويرية للمدربين إعلامنا بمواعيدها، لكن المشكلة أن الاتحاد الآسيوي يقيم دورات ضعيفة ليست بالمستوى المطلوب، علماً أن المحاضرين من المستوى الثالث ومضامين دوراتهم تعنى بالمستوى الأول، بينما تجد مدربينا متطورين وهذه المحاضرات لا تخدمهم، ونحتاج دورة دولية حتى لو استمرت ثلاثة أشهر، كي يكتسب المدرب المعرفة الواسعة وعند عودته للعراق يطلب منه الاتحاد إقامة دورات للمدربين الشباب في بغداد، وذلك يتوقف على وجود إدارة مجلس اتحاد قوي ليفتح علاقات مباشرة مع الاتحادين الدولي والقاري تصب في مصلحة لعبتنا.
النظام الانتخابي
وطالب سكران عموم الاتحادات الرياضية وليس الجمناستك فقط، الى اعتماد نظام انتخابي جديد يكون اللاعبون والمدربون والحكام المعتزلون إضافة الى نظرائهم المستمرين في العمل، عناصر مهمة في مجالس إدارات الاتحادات، ويجب أن يُراعي القانون قبل الجمعية العمومية تلك الشخصيات التي خدمت اللعبة وآثرت في مشهدها وحققت منجزات كبيرة، وصراحة، إذا تم إهمال الملاكات التدريبية التي تتمتع بالمعلومة الفنية والإدارية والتخطيطية المواكبة للعصر وبقي العمل نفسه من دون تغيير، سنعلن انسحابنا بلا تردد.
خطة .. ومقارنة
وعن استعدادات المنتخب الوطني لدورة الألعاب الآسيوية قال : تم تسلم منهاج الاتحاد الآسيوي لعام 2018، وفي ضوئه حدّدنا أهدافنا، لدينا بطولتان، الأولى عالمية في قطر ورشّح لها عدد من اللاعبين، وهناك أولمبياد الشباب في بوينس آيرس، اضافة الى دورة الألعاب الآسيوية، حيث اطلعنا على جدول الفعاليات فيها وقارنّاها مع مستويات لاعبينا ونتائجهم، والعمل جارٍ وفق خطتنا الجديدة لبيان مدى إمكانية حصولنا على المراكز المتقدمة.
خبراء الأولمبية
ووجّه سكران نقداً لاذعاً الى لجنة الخبراء في اللجنة الأولمبية الوطنية، وقال: عن أية لجنة نتحدث وخبرائها بحاجة الى لجنة خبراء عليا تقيّم عملهم! ولكي تتمكن هذه اللجنة من إنجاز عملها وتحصد نتائجها مستقبلاً، المفروض تكون مسؤولة عن الجانب الفني بكل مفاصل الاتحاد، وهنا أتساءل : ماذا قدم أعضاء اللجنة، هل زاروا المراكز التدريبية واطلعوا على مستويات المنتخبات؟! فالخبير المشرف على اتحاد الجمناستك د.صالح العزاوي، لم يعمل شيئاً للعبة مع تقديرنا لتاريخه وخبرته، لهذا لأن نتردد بالقول، إن وجود لجنة الخبراء شكلاً وليس مضموناً كما تعتقد الأولمبية، يأتي ضمن مساعي الأخيرة التظاهر أمام الإعلام بأن لديها كفاءات تخطّط للرياضة وتساند المكتب التنفيذي، فماذا فكّرتْ وكتبتْ وعمّمتْ هذه الكفاءات لكي ننفذه؟
صرفيات محدّدة
وعرّج سكران إلى المعوّقات التي تعترض مسير منتخبات الجمناستك، قائلاً: عندما نطالب الأولمبية بالمعسكرات والموافقة على صرف مبلغ لبطولة قوية، فإنها تحدّدنا بمبلغ 20 مليون دينار شهرياً، منها 11 مليوناً للرواتب ووقود السيارات وتبقى 9 لا تغطّي المعسكرات الداخلية أو البطولات المحلية، ونضطر إلى جمع مبالغ ثلاثة أشهر أو أكثر لإنفاقها في معسكر خارجي أو بطولة دولية مهمة، وغير ذلك، فإننا نعوّل على التخصيصات المركزية لتأهيل الرياضيين الى الدورات الكبرى، مثل الألعاب الآسيوية أو بطولة أولمبياد الشباب التأهيلية، فالأولمبية هي من تتكفّل بالصرفيات للبعثة المشاركة.
إصلاح جذري
وتمنى د.عامر سكران، في اختتام حديثه، أن تعتني اللجنة الأولمبية بالاتحادات بشكل عادل ولا تفضّل اتحاداً يتواجد رئيسه ضمن المكتب التنفيذي وتسهّل منحه السُلفة وتوافق بسرعة على معسكراته الخارجية وبطولاته الدولية، ولا تعمل بالمثل مع اتحاد آخر، مثل اتحادنا الذي تغيّرت سياسة الأولمبية تجاهه بعد خروج رئيسه إياد نجف من المكتب الحالي! وبناءً على ذلك، نطالب بإصلاح حقيقي أملاً بتغيير جذري للرياضة يشمل الجميع، وعلينا أن نتحمّل تبعات التغيير وخسائره الكبيرة ومشكلاته الجمّة ترقباً للحصول على ثمرة التغيير كي نكسب المستقبل ونواصل العمل بلا أزمات.