الزهايمر.. معاناة ومشاكل اجتماعية ووداع بطيء
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 14-03-2018
 
   
طريق الشعب

عندما يتحول المسن الى طفل صغير!

مَنْ منا لا ينسى؟ ربما لم يمر يوم على أحدنا دون أن ينسى موعدا أو عملا كان ينوي القيام به، أو حاجة تركها في مكان ما. النسيان ظاهرة بشرية قد ترقى إلى أن تكون غريزة، ولقد صنفها كثير من علماء النفس والتربية بأنها نوع من أنواع الدفاع السلبي عن النفس، وهو ترك الإنسان ضبط ما استُودِع إما لضعف قلبه وإما عن غفلة وغم أو عن قصد حتى يحذف من قلبه ذكره.

علماء النفس والتربية يصنفونه بأنه نعمة ونقمة، إذ وضعوه تحت عنوان: فقد الذاكرة، وكل شيء تهمله الذاكرة أو تغفله من ذهول فهو طبيعي، وهناك نسيان قصدي يتعمده الشخص وهو ليس نسيانا بقدر ما هو تناسٍ لما لا يريد أن يذكره، وكذلك يوجد نسيان أو فقد الذاكرة النفسي وهو نسيان تدفع إليه الضغوط والمواقف الانفعالية، وفقدان الذاكرة النفسي طريقة لا شعورية يحمي بها الإنسان نفسه من الذكريات والانفعالات والأفكار والظروف المؤلمة.

والنسيان قد يكون نعمة، كنسيان الألم والأحزان التي حدثت في الماضي، ونسيان إساءة الغير لك، ونسيان عمل خيري قمت به فهو أيضا نعمة، ونسيان بعض المواقف السلبية التي أثرت على حياتك نعمة، لأننا لا نستطيع أن نتعلم شيئا جديدا إلا إذا نسينا مؤقتا تجاربنا وذكرياتنا الماضية، ولولا هذا النوع من النسيان لما استطاع الإنسان أن يتكيف مع المواقف الجديدة أو الطارئة والحياة والناس.

لقطة مرحة

يروى أن شخصا كثير النسيان ذهب الى عيادة طبيب اختصاصي وروى له معاناته من النسيان. سأله الطبيب عن طبيعة نسيانه ليتعرف على درجة خطورته فذكر له حالات شديدة. اقتنع الطبيب وسأله: "ابني، هاي الحالة اشكد صارلهه عندك"؟ فرد عليه المريض:" يا حاله؟"

التسهيمر

اذا كان النسيان هكذا، فماذا عن معاناة المرضى المصابين بما هو أشد خطورة منه؟ الزهايمر. ذلك المرض الخطير الذي يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم، وقد يتطور ليحدث تغييرات في شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو قد يصاب بالهلوسة أو بحالة من حالات الجنون المؤقت.

عملية الإصابة بمرض الخرف يمكن أن تكون عملية طويلة، يرافقها فقدان تدريجي لمهارات ادراكية، مثل: الذاكرة، المفهوم المكاني، المفهوم الزمني وغيرها، وكذلك فقدان مهارات القيام بأعمال تلقائية وبأعمال معرفة على أنها "اعتيادية". في المراحل الأولى، علامات عملية الإصابة بالخرف لا تجد تعبيرا لها بشكل قاطع وواضح، والشخص، مثل أفراد أسرته والأشخاص في محيطه أيضاً يرون "حالات الخلل" في الذاكرة، في الالمام وما شابه كحالة عرضية، تعب، أو كعبء عاطفي وغير ذلك. مع ذلك، عندما تتفاقم هذه الحالات من الضياع، وإحداث "حالات الخلل" تتكرر أكثر فأكثر، يبدأ الشخص بالفهم أن شيئاً ما قد تشوش، وتبدأ عملية الشعور بالثقة بالذات تتضعضع، تتضرر الصورة الذاتية وتنشأ أحاسيس غضب وخوف من المحيط.

الخرف أو الزهايمر من الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي، ويبدأ حدوثه بأعراض بسيطة كنسيان المواعيد، ثمّ تتطوّر إلى فقد الذاكرة بشكل تام إلى جانب عدم القدرة على القيام بالمهام الأساسية للإنسان كالتعلم أو التركيز، وهو من أكثر أسباب الخرف شيوعاً بين الناس، وقد سمّي بهذا الاسم نسبة للعالم الذي وصفه وهو "ألتسهيمر" الألماني الجنسية.

يرى بعض المختصين أن أسباب الإصابة بالزهايمر لم تعرف بعد ولكن بيّنت الدراسات والأبحاث التي جرت في الخمسة عشر عاماً الأخيرة أنّه من الممكن أن تساهم الأسباب الآتية في حدوث المرض: التقدم بالسن تزيد احتمالية الإصابة بالزهايمر بين الأفراد الذين تعدّت أعمارهم سن الخامسة والستين، ويصيب حوالي خمسين في المائة ممن تعدت أعمارهم الخامسة والثمانين عاماً، ويرجع ذلك إلى ترسّب بعض البروتينات النشوية في الخلايا العصبية التي تكوّن مركز الذاكرة بالتزامن مع تقدم العمر، فينتج عن ذلك حدوث خلل في وظائف تلك الخلايا. وهناك الأسباب الوراثية حيث يحدث هذا المرض من جراء تفاعل بين العوامل الجينية وغير الجينية، مما يزيد خطر احتمالية الإصابة بالمرض عند الأشخاص الحاملين لجيناته إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف أكثر من غيرهم. وكذلك أمراض الأوعية الدموية لا سيّما الأمراض المؤثّرة على الأوعية الدموية الموجودة في المخ، وتشير بعض الدراسات إلى أنّ العوامل التي ترفع احتمالية الإصابة بأمراض القلب بمختلف أنواعها كارتفاع الكولسترول أو ضغط الدم الذي يرفع احتمالية الإصابة بالزهايمر. كما أن ضربات الرأس تضاعف احتمالية حدوث المرض عند الأشخاص الذين يتعرضون لإصابات دماغية بشكل كبير، كما هو الحال مع لاعبي رياضة الملاكمة.

ويرى عدد من المختصين أن مريض الزهايمر يمر بثلاث مراحل، وتتباين الأعراض التي يعاني منها المريض في كل مرحلة على النحو الآتي: ينسى المريض مواعيده بشكل واضح، ثمّ تزداد حدّة النسيان؛ فيبدأ المريض بترديد جمل وكلمات لا تحمل معنى، إلى جانب نسيانه عددا من الكلمات المعروفة بالنسبة له. لا يستطيع المريض في هذه المرحلة إنجاز مهام بسيطة مثل: فكّ أزرار القميص، كما يلاقي صعوبة في فهم الكلمات، لذا فإنّه كثيراً ما يصاب بنوبات من الإحباط والغضب أيضاً. تعتبر المرحلة الأكثر صعوبة؛ إذ يعجز المريض عن القيام بأيّ مهمة لوحده، فيحتاج لمساعدة الآخرين في كل شيء، حتى في الذهاب إلى دورة المياه.

هل أترك أبي؟

"من هذا"؟ سؤال يوجهه لابنته بعد ان اختصر الزمن المسافات وذهب شريط الذكريات باحثا عن طفولته البعيدة، وهو ينظر مطولا إلى صور قديمة معلقة على حائط غرفته، ويكرر السؤال: من هذا؟

عاد طفلا يبحث جاهدا لاكتشاف ما حوله تماما كما كان في زمن طفولته ناسيا أنه أب وجد، وان ابنه هو غريب وحفيده ربما ابن الجيران!

كانت تجاهد دموعها كثيرا، وهى ترى أباها قد نسى تفاصيل كثيرة من ماضيه. تفاصيل حكاها لها مرات عديدة وهي صغيرة. وتكرر الابنة لأبيها حكايات سردتها كثيرا بعد أن أصابه مرض "الزهايمر" منذ عامين.. واضطرت الى التخلي عن عملها لرعايته.. عبثا كان يتذكر الأسماء، تحاول مساعدته على التذكر إلا أنه يعجز تماما، وبعد دقائق يحمر وجهه، وتبدو عليه كل علامات الاضطراب، تبتسم بعطف، وتُطمئِنه بأنه سيتذكرها.

لا شك أنه أمر قاس جدا على المحيطين بالمريض رؤية شخص عزيز يفقد أدنى القدرات على العناية بنفسه أو عدم التحكم في قضاء حاجته أو معرفة ما يدور حوله أو تعرفه على أبنائه وأحفاده، لكن الأكثر قسوة من ذلك هو الصبر والتحمل لإعادة رد الجميل لهذا المريض، خاصة وأن الطب لا يملك أي حلول ناجعة لمثل هذه الحالات.

يقول "منذر" وهو ابن أحد المرضى: "إن مشكلة هذا المرض "الصامت" ليست في المريض، وإنما في كونه مشكلة لأسرته، ولا سيما من قدر له أن يكون المرافق الدائم له، فالألم مضاعف هنا: ألم على المصاب، وآخر على ما سيحدث لاحقا من متاعب نفسية وجسدية في رعايته. وبصراحة بالغة فان رعاية مريض الزهايمر صعبة، إذ ليس هناك مجال لتركه لأي وقت دون رعاية. للأسف أعيد له نفس الكلام عشرات المرات، وأغلق الأبواب لعشرات المرات، حتى أصبحت أعيش على المهدئات بسبب تلك المعاناة الرهيبة. لم يخطر في بالي أن تكون آخر مراحل حياة والدي بهذا الشكل، بعد ان تسلل هذا المرض الى دماغه ليبدأ رحلة من النسيان والتيه. وقد كانت رحلة الألم التي عاشتها قاسية خاصة بعد تركي أنا وأسرتي لمنزلي للإقامة مع والدي في منزله لغرض الاعتناء به ربما هي أصعب من رحلة أبي مع مرضه".

ويضيف: "كنا نتظاهر أمامه أن ما يحدث معه شيء عابر، كان ينسى بعض الأحيان أسماءنا ويحاول جاهدا استرجاعها.. كنا نترك الحديث له ونستمع إليه وهو يضحك ولا يلبث أن يبكي، فنحاول معه من جديد. عاد أبي طفلاً صغيراً حتى أنني أشعر بأنه ابني وليس والدي حيث أنه يحتاج لمن يرعاه ويعتني بشؤونه حتى الصغيرة منها. لكن المشكلة تتزايد بمرور الوقت، حيث بدأ المرض يؤثر في قدرات والدي العقلية بشكل سريع، ما يدفعه الى القيام بأمور خارجة عن المألوف مثل إلقاء الكثير من متعلقات المنزل داخل سلة المهملات"!

منذر يقول بما يشبه الهمس المقرون بالألم: "لا أعرف هل أترك والدي الذي أحبه، حفاظا على منزلي وزوجتي وصحتي، أم أستمر في رعايته"؟

لا بد من رعايتهم

عن كيفية تعامل الأسرة مع الضغوط النفسية والاجتماعية الناجمة عن تحمل مشقة ومسؤولية متابعة المريض يقول المختصون بعلم الاجتماع الطبي: "تعد التقنيات والأساليب التالية ذات جدوى وأهمية في التخفيف من الضغوط التي من الممكن أن تعاني منها أسرة مريض الزهايمر، وذلك لما لهذا المرض من آثار على مقدم الخدمة تتمثل بالعبء الجسدي كعجز المريض عن العناية الذاتية بنفسه كالاستحمام، كما ان الاعباء النفسية والاجتماعية هنا أيضاً لا يمكن تجاهلها كشتم المريض وتوبيخ الأسرة بالإضافة إلى الصراخ المستمر تعد من أهم العوامل التي من الممكن أن تسبب الأذى النفسي لأسرة المريض، أضف الى ذلك إلى أن الكثير من الأسر ستنقطع عن التواصل مع المجتمع الخارجي المتمثل بالأقارب والأصدقاء في المناسبات والأعياد المختلفة وذلك في سبيل البقاء مع المريض وتقديم الرعاية له حيث سيكون ثمن هذه الرعاية متمثلاً بالعزلة الاجتماعية.

وهناك عدة أساليب تعمل على التخفيف من حدة أثر وجود مريض يعاني من الزهايمر في الأسرة ومنها أنه يجب على أسرة المريض تفهم احتياجات المريض وتبعات المرض ومراحل تطوره وذلك للتخفيف من حدة القلق والتوتر الذي من الممكن أن تعانيه الأسرة ولوم النفس والشعور بالذنب على اعتبار أنهم قصروا في خدمة المريض وتقديم الرعاية المطلوبة. كما أن مسؤولية رعاية مريض الزهايمر يجب أن تقسم على جميع أفراد الأسرة فإذا كان الأبناء متزوجون فيجب أن تقسم أيام الشهر وتوزع بالتساوي عليهم، وذلك حرصاً على تقديم رعاية قصوى للمريض وعدم ارهاق وتحميل طرف للمسؤولية دون الأخر، حتى أن ذلك فيه مصلحة المريض أيضاً وذلك بضمان تقديم خدمات ذات جودة نابعة من راحة الأسرة وعدم ارهاقها. كما تعد جماعات الدعم النفسي والاجتماعي لأسر المرضى الذين يعانون من الزهايمر ذات فعالية عالية، والتي تتبع بالعادة للعيادات والمستشفيات التي يراجعها المريض، أو لجمعيات خاصة بالمرضى وأسرهم، حيث يدير هذه الجماعات الاختصاصي الاجتماعي والنفسي، وتهدف إلى تبادل الخبرات بين الأسر بالإضافة إلى تزويدهم بالاستراتيجيات والأساليب ذات العلاقة بالتعامل مع الضغوط المختلفة الناجمة عن سلوك مريض الزهايمر والتي من الممكن أن يتعرض لها مقدم الرعاية، كما يقوم قائد المجموعة بتزويد أفراد الأسرة بآليات وتقنيات الاسترخاء. بالإضافة الى ذلك تشجع على ممارسة التمارين الرياضية وتقنيات الاسترخاء، حيث أن ممارسة الرياضة تعد من أهم الأساليب التي تعمل على التخفيف من الضغط النفسي وتحسين المزاج، وكما ينصح بممارستها للمريض اذا ما تمكن من ذلك فهي أيضاً مهمة لأسرة المريض وذلك كأحد أساليب ووسائل التخلص من الطاقة والشحنات السلبية التي تعتري مقدم الخدمة نتيجة لانعكاسات مرض الزهايمر وسلوكيات المريض، ومن المفيد جداً للمريض وأسرته اذا ما مارسوا الرياضة معاً فكلاهما سيعد علاجاً ومصدر دعم للآخر.

وفي هذا السياق يذهب مراقبون الى انه وإن كانت معاناة هؤلاء الأسر معاناةً لرد الجميل لأشخاص مقربين خانتهم ذاكرتهم وتاهوا في عالم النسيان ، إلا أنهم جادوا بزهرة حياتهم من أجلنا والآن حان الوقت لرد بعض من هذا الفضل الكبير.

ألم مزدوج

رؤية شخص عزيز يفقد أدنى القدرات على العناية بنفسه أو التحكم في تبوله أو معرفة ما يدور حوله أو تعرفه على أبنائه وأحفاده.. لا شك أنه أمر قاس جدا على المحيطين به. لكن أكثر قسوة من ذلك هو كيفية الصبر والتحمل لإعادة رد الجميل لهذا المريض، خاصة وأن الطب لا يملك أية حلول ناجعة لمثل هذه الحالات.

مشكلة مرض ألزهايمر ليست في المريض، وإنما في كونه مشكلة لأسرته، ولا سيما من قدر له أن يكون المرافق الدائم له.. فالألم مضاعف هنا: ألم على المصاب، وآخر على ما سيحدث لاحقا من متاعب نفسية وجسدية في رعايته.. في ظل تأكيدات الطب على أنه مع تدهور حالة مريض "الزهايمر" ينسى كل ما حوله، ويتحول إلى طفل صغير يحتاج لمن يرعاه.

وبعيدا عن مشاعر الحزن الدائم التي تنتاب المرافق الرئيس للمريض - وهم في الغالب أبناؤه والبنات بشكل خاص كما يؤكد الأطباء - فإن معظم العائلات التي يكون لديها مريض "ألزهايمر" ترفض مجرد التفكير في أنه مريض. و مع تطور الحالة المرضية قد تنتج مشاعر الإحراج من تصرفاته في الشارع أو في أي مكان آخر، والخوف من عدم معرفته بما يتحدث به أو من ملاحظة الناس أنه لم يعرفهم. والأصعب من ذلك كله هو الإحساس بالتوتر والقلق الذي يعانيه المرافق الشخصي للمريض.

هذا الواقع يدفع البعض من الأسر إلى التخلي عن مريضهم، إما لعدم معرفتهم بكيفية التعامل معه، أو لعدم توفر الإمكانات المادية لتوفير الرعاية اللازمة له. وغالبا ما تتصور أسرته أنه يعاني من أمراض الشيخوخة، فتتركه هائما في دنياه الغامضة.

الأسرة بداية التصحيح

"ألزهايمر" من الأمراض العصبية الآخذة في الانتشار لأسباب طبية واجتماعية ونفسية عديدة، وإذا كان مكان المصابين ليس البقاء في المستشفيات أو دور العناية الصحية، بقية أعمارهم. فمريض "ألزهايمر" قد لا يفيده دواء لإبطاء مرضه، بل تكفيه في أحسن الأحوال المعاملة الجيدة والعناية الأسرية الدائمة، والمتابعة الصحية السليمة، بما يساهم في استقرار الحالة العصبية للمريض.

ان واقع علاجات مرض "الزهايمر" عصي على الأدوية. فالوسط الطبي، يؤكد حقيقة أنه ليس هناك أي وسيلة علاجية لمنع الإصابة به ولا الشفاء منه، لكن يمكن إبطاؤه، وأدوية الإبطاء هذه مكلفة جدا.

وتبقى حالة مرضى الزهايمر من الحالات التي تؤرق العائلة في تعاملها معها، خصوصًا وأن هذا المرض يعيد صاحبه إلى نقطة البداية منزوع الذكريات الماضية وغريبًا في الدار. يقول الشاب باسم: "لدي تجربة سابقة مريرة مع والدي الذي كان لا يعرف أبناءه وأهله وينسى أدق تفاصيل الحياة الماضية مع أسرته بل ويعيش في عالم آخر". وبحسب المتحدث، كان الوضع مؤلمًا جدًا على الأبناء الذين غالبًا ما تكثر استفساراتهم ويتضح عجزهم عن التأقلم مع التغيير الطارئ على البيت.

تجربة مرض والد باسم مع الزهايمر كانت قاسية وطويلة وامتدت على مدى سبع سنوات كاملة، يقول عنها بحسرة واضحة: "والدي نسينا جميعًا، بل أكثر من ذلك نسي حتى بيته وغرفته وتفاصيل الحي الذي ولد فيه وأصدقاءه وجيرانه القدامى". وتصبح الحالة مستعصية لدى الكثيرين عندما تتحول إلى عداء بين المريض وأسرته أو إلى حالة أشبه بالغربة داخل عائلته.

ويواصل باسم تذكر مرض والده: "كان الوالد يخرج أحيانًا من البيت في غياب أعين أولاده ولا يرجع إلا بعد جهد جهيد من البحث والتقصي"، والأمر من ذلك، يؤكد المتحدث أن "والده لا يعرف أبناءه" ويتصرف وكأنه طفل صغير، يجب إسكاته بلعبة أو مسايرته حتى يهدأ. ويضيف أن التعامل مع مريض الزهايمر، يحتاج تضحية من جميع أفراد العائلة، لأن الذاكرة منعدمة أو ضعيفة جدًا كما لا يمكن توقع تصرفات المريض ويحتاج إذًا مراقبة من الجميع ورعاية خاصة".

وصايا وارشادات

هناك أخطاء كبيرة ترتكبها العائلة خلال تعاملها مع كبار السن الذين يعانون بعض الأمراض. يقول بعض المختصين: "يهمل الكثيرون جانبًا في حياة كبار السن، وهو تركهم في وحدة وعزلة، فضلًا عن أنهم يمنعون كبار السن من أداء بعض الوظائف والأشغال التي تعودوا عليها من قبل، فمثلًا بالنسبة للنساء اللواتي تعودن على شغل البيت من الواجب تركهن يقمن به من جانب كمتنفس ومن جهة أخرى هو إثبات لبقائهن في لياقة حسنة رغم تقدمهن في السن، ومن الأجدر أيضًا السماح لهذه الفئة بالخروج من البيت والتعامل اليومي مع الجيران ومع الأفراد خارج جدران البيوت المغلقة عليهم. ويجب أن تمنح الفرصة للمتقدمين في السن الذين يعانون بعض الأمراض الدائمة، لقضاء بعض الحاجيات من السوق والمحلات حتى تمنحهم نفسًا آخر لحياتهم اليومية ولكي لا يصابوا بالكآبة والانطواء على النفس.

ان وجود مريض عقلي في الأسرة واقع صعب وحقيقة تفرض على أفرادها أن لا يبقى المريض وحيدًا في البيت ويجب التعامل معه بحذر كبير خصوصًا وأن المريض يجد نفسه غريب عن الديار، لا يأبه لما يحدث في محيطه.

ان رعاية مريض الزهايمر مهمة شاقة، ومن الصعب أن يتولاها شخص بمفرده، فليس بمقدور أي شخص رعاية غيره لمدة 24 ساعة يوميًا طوال أيام الأسبوع. فإذا كنت تعتني بشخص عزيز عليك مصاب بمرض الزهايمر، فسيلزم تفهّم الضغط النفسي الذي ستواجهه، ومعرفة كيفية طلب المساعدة وهي أولا: قد تتمكن من تلبية احتياجاته بنفسك، وهذه القدرة قد تستمر لأشهر أو ربما سنوات، بناءً على مقدار سرعة تطور المرض وصحتك العقلية والبدنية. وفي النهاية، رغم ذلك، سيحتاج الشخص العزيز عليك إلى مساعدة إضافية في المهام اليومية، مثل تناول الطعام والاستحمام واستخدام المرحاض.

وكما أن مطالب رعاية مريض الزهايمر بدنيًا تزداد، فإن الرعاية العاطفية تزداد بالمثل. إن المعاناة من السلوكيات المرتبطة بالخرف يمكن أن تجهد مهارات التكيف لأغلب المرضى ومقدار تفهّم مقدم الرعاية الصحية لمصابي الزهايمر.

ثانيا: مرض الزهايمر من الأمراض التي تتطور تدريجيًا بأعراض تتفاقم بمرور الوقت، وتحمل عبء المسؤولية وحدك، يمكن أن يقلل من جودة الرعاية التي تقدمها. فإذا كنت مقدم الرعاية الصحية الأولية للشخص المقرب إليك، فتحدث إلى عائلتك حول مشاركة جزء من المسؤولية.

ولتجنب إرهاق مقدم الرعاية الصحية، فمن الضروري الحصول على الدعم أيضًا، ومن هنا تبدأ المساعدة:

* كن واقعيًا

رعاية مريض الزهايمر تفرض تحديات كبيرة، ويوجد الكثير من الأمور التي يمكنك القيام بها بنفسك، لكن تذكّر أن طلب المساعدة لا يعني أنك غير مؤهل أو أناني.

* انتبه للتوقيت

فالشخص المرهق أو المجهد قد لا يتمكن من المساعدة، لذا فكر في طلب المساعدة من شخص آخر أو انتظار الوقت المناسب.

* اطرح الفكرة

اطلب المساعدة، وتجنب طرح فكرة المساعدة بأن تتلفظ بكلمات مثل إنها مجرد فكرة.

* اقترح مهام محددة

تذكر قائمة بالأمور التي تحتاج إلى المساعدة فيها، وبالتالي تكون مستعدًا لعرض الاقتراحات إذا قدم أحد الأشخاص يد المساعدة، فربما يستطيع أحد الجيران القيام بأعمال فناء المنزل أو شراء الطعام من البقالة، بينما يستطيع أحد الأقارب القيام بفرز الفواتير أو ملء أوراق التأمين. أما أحد الأصدقاء فقد يأخذ هذا الشخص العزيز عليك للتمشية يوميًا.

* مراعاة القدرات والاهتمامات

إذا كان الشخص الذي يعرض المساعدة يستمتع بالطهي، فاطلب منه المساعدة في إعداد الطعام، ويمكن أن يقدم أحد الجيران الذي يفضل القيادة وسيلة مواصلات لحضور زيارات الطبيب، وبإمكان أحد الأصدقاء الذين يستمتعون بالكتب أن يقرأ للمريض.

قد يساورك القلق من عدم وجود شخص يرغب في مساعدتك، لكنك لن تعرف حتى تسأل، فعلى الرغم من رفض البعض، تذكّر أنه يحتمل أن يرغب معظم الأصدقاء والمقربين إليك في تقديم يد المساعدة، لكنهم لا يعرفون الوسيلة.

كيف نحمي أنفسنا

من الزهايمر؟

اتباع أسلوب حياة صحي بسيط يعد هو الأسلوب الأمثل لمكافحة الإصابة بمرض الزهايمر وفقاً لدراسة حديثة فان من أبرز تلك الوسائل: ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، واستمرار التعليم خلال كل المراحل العمرية والإقلاع عن التدخين، والتخلص من السمنة والسيطرة على ضغط الدم المرتفع ومرض السكر.

كما أن الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه، وتجنب صدمات الرأس قدر الإمكان، وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية وأخيراً الحصول على القدر الكافي من النوم، هي من الأساليب الأخرى التي تساعد على تجنب الإصابة بمثل هذا المرض الخطير.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced