الملائكة يصلّون عليكِ ، والخائبون والخائبات ..
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 21-04-2011
 
   
عبد العظيم فنجان
" إن على الجَمال أن يكون متشنجا ، أو لا يكون .. "

بريتون

1

أشتاقكِ حتى وأنا أشتاقكِ ، وبعد أن أشتاقكِ يحصل أن يحاصرني الشوقُ ثانية ، كأنني لم أفِ اشتياقكِ حقَّ أن يكون شوقا يعكسُ نورَ صعقتي بجمال اشتياقكِ ..

2

لأنكِ صحو العصافير على البراري ، ويقظة اللمعان على البلور .
لأنكِ تمطرين طفولة وموسيقى ، طفولة وأنهار ، طفولة ويأس ، طفولة وحيرة .
لأنكِ صباح يجذب إليه حنان العطور ، ونكهة الأعياد .
لأنكِ وعي بكر ، ونبوغ حار .

لأنكِ امرأة .
لأنكِ امرأة وامرأة اخرى ، وثالثة ورابعة .. حتى ينتهي العد ، ويتحول الكون إلى أصفار ..

لأنكِ ميادين من النوم ، وشوارع من الرغبة .
لأنكِ ذاهبة لأنكِ قادمة لأنكِ لابثة في مكانكِ ، لأنكِ متوارية ، لأنكِ شاخصة ، لأنكِ كل هذا ونقيضه ، لأن كل هذا لا يشبهكِ ، لأنكِ أنتِ ..

لأنكِ قوية كساق زهرة ، لأنكِ مكسورة كريح .
لأنكِ تبتكرين الأعياد والشبابيك والمصابيح .
لأنكِ تشرقين على القلب من جهته العميقة .
لأنكِ تلاطفين المحزون ، وتلاعبين قلق العالم .
لأنكِ ناصعة اليقظة .
لأنكِ الجمرة التي تأتي عارية لتطرد البرد .
لأنكِ الخيال الذي يُفسد على الموت أعماله .
لأنكِ انشقاق الندى عن الماء .
لأنكِ سنوات من السنابل ، وشعركِ قرون من القمح .
لأنكِ عاصمة الدهشة ، ووطن السائرين في نومهم .
لأنكِ قتيلة تقتلُ كلّ قتل ، وتذرفُ الدموع على قاتليها .
لأنك مغفرة متاحة للجميع .
لأنكِ وردة هائمة ، وعاصفة من العطر تنهض من قدميكِ .
لأنكِ خاطفة كعمر ، لأنكِ أزلية كلحظة سُكر .
لأنكِ ذاهبة إلى قدميكِ وعائدة بمواكب من النسيم .
لأنكِ تجدلين من قبلاتكِ مجرة من النيازك ، وسلالا من النجوم .

3

لأنهم يقتلونكَ عندما تُشعرينهم بالهزيمة .
لأنهم يشعرون بالقلق من نبوغ حواسكِ .
لأنهم يجدونكِ أمامهم : هم الذين وضعوكِ الخلف.
لأنهم يقايضون بكِ رضا النثر ، ويسلبونكِ حرّية الموت حبا في القصيدة .
لأنهم يساومون بكِ الأفكار ، ويسممون حياتكِ بأفكار اخرى .
لأنهم يتلصلصون على حرية نومكِ .
لأنهم يعتقلون الأحلام ، والرغبة ، والحب .
لأنهم يعرضونكِ كإنسان ، ويصفعونكِ كطفلة وقحة .
لأنهم يطاردون ضحكتكِ .
لأنهم يجرحون وحدتكِ ، ويعزلون عزلتكِ عن عزلة المتوحد ..

أضمكِ إلى القلب ، فأنتِ قلبه .
أسكنكِ لأنكِ مأهولة بي .
افرّقكِ لأنكِ الشعاع الذي يضيء الباطن .
أتبعكِ لأنكِ هائمة في مرايا تعكسني عاشقا يلملم آثاركِ في الكتب ، في الممكن ، وفي غياهب المطلق .
أهربُ مني فأجدني نائما في أحضانكِ .
أكتبكِ وأمحوكِ ، فلستُ أعرف كيف أكتبكِ ، فأنتِ الشعر ومأزق الكتابة .
لا أعرفُ كيف احبكِ وأنا ملطخ ببياضكِ .
اريدُ أن أكتبكِ بقلم الرصاص ، ثم أنكسرُ مثل قلم الرصاص .
اريدُ أن أنكسرَ وأنا أرسمُ حقول الحنان في صوتكِ :
اريدُ أن أنكسر انكساركِ :
اريدُ أن أنكسر مثل جرّة ، وانكسر مثل مكسور ينكسر ، ولا يجمعني إلا بياضكِ .

4

كلُّ عصفور تقولينه يأتي بالصباح مغسولا بنشوة العشب ، إذ يلاعب الندى .
كلُّ عصفور تقولينه يكسر القفص ، ويفتح الافق للمحزون وللأسير ..
كلُّ شجرة تقولينها تكسو النظرَ بالجنة .
كلُّ جنة هي شجرة تقولينها :
هي شجرة تقولينها
فتصير جنة لا يقوى على العيش فيها إلا مَن شاهدك تقولين قولكِ .

كلُّ ما تقولينه سفرٌ في الينابيع ، ووصولٌ إلى المطلق .
كلُّ مطلقُ له براءة وجهكِ .
كلُّ جمال هو وجهكِ ، وكلُّ وجهكِ قول لا يمكن كتابته .

حافظي على العاصفة التي تلعبُ بين ذراعيكِ ، فبين طياتها ريشتي التي لا يهمها سوى أن تكتب قولكِ ، ولأنكسر بعدها ، فكلّ نبي مكسور ، كلُ نبيل مكسور ،
كلُّ عصفور مكسور ، وكلُّ عاشق مغامر مكسور ، وكلُّ مكسور ينتصرُ على انكساره عندما يشرقُ وجهكِ ..

5

حفيفُ غرائزكِ ، يأخذني إلى حدائقكِ المسحورة ، حيثُ فمكِ الذي يتّقن غرس القبلة تلو القبلة ، فيخرج البستان عن طوره .
يخرجُ البستان عن طوره ، فيصير شجرة .
الشجرة تصير غصنا .
الغصنُ ينقسم بين الورقة والثمرة ،
بفمكِ تقدّمين لي الثمرة ، وبفمكِ ، على الورقة ، أرسمُ فمكِ ..

فمكِ ينتظر أن أكون شريكه في خلق أطورا اخرى : طبقات اخرى من الأرض ، لتنبتُ شجرة الرغبة ، عالية جدا ، لكنها سهلة الصعود مثلكِ ، وعصية على السهولة ، مثلكِ أيضا .

نومكِ ناصع البياض ينتظر أن اكون فارسا .
ينتظر أن اكون فارسا يضع رأسه على كتفيكِ ، ويبكي .
ينسى روحه عندكِ ، ويذهب إلى الميدان ، فلا يُقتل ، ولا يموت ، ولا يعيش .

في القليل من النشوة : نشوتكِ
في الأقل من العراك : عراك عصفور مع قشة ، يمكن أن ينبجس الماء من ينابيع تنتظر إيقاظها بلمسة عبقرية ، تعرفُ يداكِ كيف تصوغها ، ونحن غارقين في صحراء يأسنا .

6

أنتِ الدرّة التي يعجز اللمعان ، كلُّ اللمعان ، أن يشي بجوهرها :
مركزُ الرغبة ، والباقياتُ الصالحات من الحب ، أنتِ .
سفكٌ لدم النشوة ، وإباحة الطيران في فضاء الروح ، أنتِ ..
أنتِ مختصر سلالات من العشق :
تكثيفٌ للدوار ، أنتِ .
أنتِ كتبٌ غير مقروءة ، يحفظها الأميون عن ظهر قلب :
جرعاتٌ قليلة يأخذها العالم منكِ فيعود طفلا :
بللٌ منكِ ويفورُ التنورُ ، ويبدأ الطوفان :
طوفان جمالكِ .
شوارعٌ خلفية أنتِ ، وهذيان أزقة منسية تجلسُ الصبايا تحت نور مصابيحها .

7

كلّ شجرة تدّعي أنكِ الثمرة التي نفختْ فيها من روحها .
كلّ عاصفة تدعي أنكِ وكرُ نسورها .
كلّ ريح تدعي أنكِ رئة الهواء .
كلّ غيمة تدعي انكِ من أمطارها .
كلّ مطر يدعي أنكِ دموعه .
كلّ نار تدعي انكِ شعلتها .
كلّ شعلة تدعي أنكِ الشرارة .
كلّ قصيدة تدعي أنكِ المعنى .
كلّ النساء تدعي أنكِ حبيبتي .
كلّ حبيبة تدعي أنكِ محض فكرة .
كلّ فكرة تدعي أنكِ جوهرها .
كلّ جوهر يدعي أنكِ قلبه .
كلّ قلب يدعي أنكِ مركز ثقله .

8

لأن صوتكِ يأتي من براري البساطة .
لأنه يشع كنوم أبيض .
لأنه يمسكُ بخيط البراءة ، كما يمسك العصفور بجناحيه .
لأنه طليق كريح تنحتُ الطريق الذي تسلكه الريشة إلى قلب الهواء .
لأنه حقل يغزو مناجل حصاده .
لأنه يترنم بالأقاصي ، ويجتمع بالبعيد .
لأنه مما يجعل المشي ممكنا تحت منع التجوال ، وفي ساعة الخطر .
لأنه الوصول إلى الدليل .

9

لأن ضحكتكِ جميعُ اللغات ، وحزنكِ جميعُ الصمت .
لأن شرقكِ ينقله عصفورُ إلى الغرب ، ويأتي بغربكِ عصفورٌ من الشرق .
لأن في صوتكِ خلاصة الخجل ، وفي وجهكِ براءة الشيطان .
لأن العشب يختلسُ النظر إلى مراعي ابطيكِ ، كي يطول الربيع .
لأن السماء ، كل السماء ، تختصرها تلويحتكِ من بعيد .
لأنكِ سفرٌ العاشق إلى كل مكان ، لأنكِ عودة المشتاق من كل مكان .
لأنكِ أماكن مأهولة بأماكن لا تدل عليكِ .
لأن أماكن وجودك نفسها أماكن غيابكِ .
لأنني أجهل ما احبه فيكِ أحبكِ ،لأمارس جهلا يقودني إلى معرفة تقودني إلى غموضكِ .
لأنني احبكِ اناديكِ من كل مكان ، وأعرف أنكِ لستِ في مكان ، رغم أن كلَّ مكان يناديكِ ..


10

أشتاقكِ حتى وأنا أشتاقكِ ، وبعد أن أشتاقكِ يحصلُ أن يحاصرني الشوقُ ثانية ، كأنني لم أفِ اشتياقكِ حقَّ أن يكون شوقا يعكسُ نورَ صعقتي بجمال اشتياقكِ ..

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced