نساء يرفضن إلا أن ينتجن / تضامن عبدالمحسن
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 09-05-2011
 
   
مفيدة سعيد
إحداهن أوقفها الزمن عن أداء الخدمة الوظيفية فتحدته بساعات العمل الفني
المرأة كالارض، فهي عطاء دائم وحركة دؤوب، ومثل السماء في صحوها وغضبها... فهي تشبه الطبيعة في كل شيء. تشبه الاشجار لأنها الأم، وتشبه البحر لأنها الحبيبة، وتشبه الورود لأنها الأبنة. ان توقفت عن الحركة شُل كيان الأسرة، وان توقف الزمن من حولها حركته بأناملها وحيويتها.
هذا ما تجسد بالفنانة مفيدة سعيد، التي افتتحت معرضها يوم 1 أيار الذي اختارته يوما عنوانه العمل والحركة والحياة، تقول:
- تفاجأت يوما بأني متقاعدة عن العمل وكأني توقفت عن الحياة، فصغاري قد كبروا وحلقوا بعيدا عني فكل صار له عشه، فتساءلت: هل اتوقف عن الحياة، هل ابقى انتظر عودة زوجي الى البيت يوميا بفارغ الصبر؟ وانا جالسة افكر وجدتني احدق في الحائط الذي امامي وقد كان خاليا من اي لوحة فقررت ان املأه بأي عمل فني، فأنا منذ زمن اقرأ عن الفن الكلاسيكي والفن الحديث وعن الكثير من الفنانين الرواد، وترسخت في ذهني امورً فنية كثيرة حتى صار بإمكاني قراءة اللوحة وتحليلها.
وتضيف: قررت ملئ هذا الفراغ على حائطي بفن الكولاج الذي اوجده الفنانون الالمان، اذ بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار المانيا قام الفنانون بابتكار ادوات للفن بعد حيرتهم لعدم توفر المواد الاولية، فاخذوا يصنعون من اي مادة موجودة بين ايديهم لوحة فنية. ولأن المرأة العراقية خلاقة ومنذ عقدين من الزمن، بدأت اربط بين ابتكار الفنان الالماني وبين الحائط الابيض، فليس غريبا على المرأة العراقية ان تبدع في اي مجال، فالخلق والابتكار صار صنعتها. فجمعت كل ما في بيتي من مواد مثل الخشب والورق المقوى والقماش وصنعت لوحة ادهشت زوجي حين عاد من العمل.
كانت هذه بدايتي الاولى، صرت ارتب بيتي بمزاجي واختار الالوان حسب ذوقي وصرت مولعة جدا بالاعمال الفنية حتى الهدايا، لم اعد اشتري اية هدية بل اصنعها بيدي وخاصة للاقرباء، فكانت تنال الاعجاب وكنت انال التشجيع. انتجت لوحات كثيرة وجميلة اثارت اعجاب الكثير حتى صرت ابيع منها، وحين دعتني اختي الى زيارتها في الامارات اخذت معي عدد من اللوحات وقد اعجب بها الاصدقاء في الوسط الفني والصحفي فبعت الكثير منها هناك ايضا.
تقول الفنانة مفيدة: بدأت عملي منذ عشر سنوات ولم استطع تركه فانا اجلس يوميا عشر ساعات واكثر في انتاج لوحة، وهنا تدخلت ابنتها وقالت حتى انها لم تترك لنا في البيت قطعة قماش او خشب فهي تستغل كل قطعة موجودة في البيت، فعملها هو عبارة عن قطعة خشبية تغلفها بقطعة قماش وتثبت عليها ما تريد كأن يكونوا اشخاص يرقصون الدبكة تصنعهم من الورق المقوى وتلبسهم ازياء مختلفة من القماش وتشغله بالنمنم والبلك والخرز او شخص يرتدي العباءة وبقربه اركيلة او شناشيل او البيت الريفي المصنوع من القش، ترى كل العراق في لوحاتها من الشمال الى الاهوار ترى خارطة العراق مرسومة بطريقة مختلفة مختلقة من القماش والخرز والنمنم وفي ركن آخر صنعت باقات رائعة من الورود، حقائب، علب، بسط جداريات، ولم تنس ان تصنع (كوشة العرسان) بحس فني رائع.
هذا معرضها الذي اقامته في مقر الحزب الشيوعي العراقي، وهذه الفنانة الدؤوب التي خلقت من مواد بسيطة وبألوان زاهية لوحات تحمل حياة متفائلة، كما عبرت هي بذلك، فلوحة راقصة للكرد، ولوحة لبلام، وطاووس حتى علبة تقديم الجكليت كانت من صنعها.
امرأة من مواليد 1945 اوقفها الزمن عن اداء الخدمة الوظيفية بأسم التقاعد فتحدته بساعات العمل الفني واستمرت في العطاء، وعندما تراها تشعر بانك امام فتاة مليئة بالحياة فهي مهتمة جدا باناقتها، وضحكتها مجلجلة وصوتها حيوي.
بينما كانت الفنانة مفيدة سعيد تحدثني عن تجربتها، كنت افكر بكل النساء اللواتي قمن بعمل خلاّق ممن اعرفهن، فالوقت متاح للجميع ليس مثل العمل الوظيفي العقل المدبر تملكه كل النساء.
اما أم آية فهي انموذج آخر لإمرأة احتارت في دخل اسرتها القليل، والطلبات المتزايدة للاولاد الذين يكبرون. هذه المرأة اكملت دراستها ولم تجد وظيفة ومنعتها عزة نفسها من السؤال، فكان ان تقبلت طلب الجيران بايواء اطفالهم لحين عودتهم من العمل، كان عملا مضن في بدايته، ولكنها ام تحب الاطفال فاعتنت بهؤلاء الذين اسمتهم "مأانة ولم تسمهم "عملاً" فهي تعتني بهم مثلما تفعل امهم وتزيد، واحيانا تغالي في تدليلهم ايضا، وكان زوجها خير معين لها في انجاح مشروعها هذا وهي الان تفكر بتطويره الى روضة نموذجية.
ليس على المرء ان يمر في هذه الحياة دون عمل يخلده حتى وان كان عملا صغيرا، فهاتان المرأتان وإن اختلفتا في انتماءاتهما ومبادئهما وحجم عملهما الذي تقدمانه ونوعه، لكنهما تركن بصمة في الاذهان قادتهما اليها الصدفة، الفراغ، او الحاجة، والاهم من هذا وذاك التحدي واظهار القوة الكامنة في داخلهما وتحويلها الى ابداع. فكم امرأة تملك مثل هذه الطاقة؟ كثيرات. ولكن كم امرأة تحول هذه الطاقة الكامنة الى عمل منتج؟

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced