الحب حسب التوقيت البغدادي ..
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 22-05-2011
 
   
عبد العظيم فنجان
" إن على الجمال أن يكون متشنجا ، أو لا يكون .. "

بريتون



لم يتغلب جمالُ هذه المرأة على جمالكِ ، رغم أنها أكثر جمالا منكِ ، وهو ما يربكني عندما تضبطني جالسا في داخلكِ : أتلوى من اليأس ، أو متشعبا في مزاجكِ الذي يتدبلُ ، حسب طقس عائلة مولعة بنشركِ على حبل الزواج ، كلما خطر في خيالها شبحٌ تعتقد أنه الملاكُ المخلص ، الذي على يديه ستكونين اما صالحة :
تنجببين أولادا يذهبون إلى الحروب ، أو يتشردون بين المنافي ، ثم لا تجد مَن تفيض بحنانها عليه سوى الكراسي الفارغة : تنظفينها ، بنظراتكِ ، من الغبار ، وأنتِ جالسة في زاوية المطبخ .

آه ،
تضبطني هذه المرأة الجميلة متلبسا بالخيانة العظمى : أتلصلصُ عليكِ من ثقوب تصنعها مخيلتي بمهارة ، فأرى حسراتي تحوم حول رأسكِ ، كطيور مهاجرة تبحث ، وسط المياه ، عن جزيرة ما ..
ألمحُ حياتي تتحول إلى دخان ينفذُ من مسامكِ : جسدكِ دخانٌ عبثا تحاول الجدران أن تمسكه : أن تمنعه من الطيران في كل اتجاه ، ليقع في مصيدة الحب ، حسب التوقيت البغدادي :

تتسللين عبر الأسلاك الشائكة ،
تخترقين المفخخات ، الحواجز ، ومنع التجوال :
تجلسين إلى جواري فوق سياج العالم ، ونضحك بمرارة ، لأن الهاوية تلّوح لنا ، من بين أقدامنا ، بشغف جائع ينتظر رغيفا من الخبز ، منذ أول مجاعة .

تنتظرنا هاوية يجب أن ننتظر قرونا طويلة لترتد من قعرها أصداء صرختنا ، أثناء ذلك تشنقني ، هذه المرأة الجميلة ، بحبل عروضها السخية : ستطبع كلّ قصائدي المكتوبة بحبر دموعكِ ، إن أنا قلتُ لها الكلمة التي تنتظرُ ،

لكن ..
ماذا تريد هذه المرأة الفاتنة من قصائدي التي تحبكِ ؟!
إنني ، إضافة إلى كذبي عليكِ ، لا أتقن الصدق إلا معكِ : أدعي أنني بخير في كل مرة ، رغم أنني أفتح نافذتي فأجد الصباح جاهزا لأخذي إلى المخفر ، حيث ينتظرني دائنون مذ أن فرّ آدم من الجنة مصحوبا بديون عليَّ ان اسددها إلى هذه المرأة الناعمة ، المرأة الجميلة ، التي تفتح جميع نوافذها لتسمعني أقول الكلمة المعجزة ، ولا أقولها .
لا أقول لها : احبكِ ، لأنني احبُ غربتي فيكِ .
شقائي وتشردي يتحولان إلى منحةٍ مباركةٍ عندما أشعرُ أنني احبكِ ، كما أنكِ تحبينني هكذا : هائما في الكتبِ ، غارقا في الموسيقى والأغاني والسُكر ، أو نائما على المصاطب : تعشقينني مفلسا ، وترنُّ ضحكتكِ في جميع الجهات عندما أطلبُ منكِ الزواج .

عندما أطلبُ منكِ الزواج تستفيق القبيلة من نومها ، تُغلق الحدود بوجه العصافير ، وتعلنُ امكِ النفير .

ـ لن أتزوجكَ قط ، لأنني تزوجتكَ قبل أن تولد

أنا امكَ ، أيها الولد

وأنا طفلتكَ ، أيها الأب .

دعنا نعيش على هامش اؤلئك ، لنكون مركزا لنا ..

هكذا تسحبين البساط من تحت الجميع ، فتنتهي المعركة بهدوء :
دائما تنتهي المعركة بهدوء : تذهبين إلى الأرق ، وأذهب لأسكر في الحانات ، فيما يعجز جمالُ هذه المرأة الجميلة أن يتغلب على جمالكِ ، رغم أنه يجرجرني إلى هزيمة طفرتْ معي إلى العالم منذ صرخة الولادة .

لا أعرف لماذا أنتِ جميلة ، كامرأة جميلة جدا ، رغم أن هذه المرأة أكثر جمالا منكِ ؟!
ينقصها شيء ما لا أعرفه ، أنا الذي أعرفكِ كما يعرف الطفلُ شكلَ أجفانه .
أعرفكِ ، كما لا أعرفني عندما أكون ممزقا بين صداقة البرق وخصومات الغيوم .
أعرفكِ كما لا اعرفكِ عندما تفتحين أزرار قميصك ، ليطير الحمام .
أعرفكِ عندما تسرقين رصيد هاتفكِ من هاتف آخر ، لتخبريني أن الحمام لم يعد إلى الآن لينام تحت قميصكِ .
هذا ما يجعل من هذه المرأة الجميلة ، هذه المرأة الغنية ، امرأة لا أضعف منها ، رغم أنني لا أعرف عاصفة أنحف من عظامكِ :

لماذا أنتِ جميلة ؟!

أهمس في إذن الهواء ، فتبتسم المرأة : هذه المرأة التي تبتسم لأنها تريد أن تبتسم ، كأن كآبة هذا الكون الذي في داخلي ، لا تعني لها شيئا .

يا إلهي
ينقصها شيءٌ ما ، هذه المرأة ، التي لا اطلبُ منها سوى أن تصبر على قلبي ليحسم الأمر : لماذا لا تبدو جميلة مثلما أنتِ ؟!
ربما ينقصها أن تسرقَ علبة سجائري :
تدخن ، وترفع صوتها بالغناء ، من النافذة ، فينزعج الجيران : أصيحُ بها ، فتمد رأسها إلى الشارع : هل الرجال قوامون على النساء حتى في الغناء ؟!
ينقصها شيء آخر ، ربما ، هذه المرأة اللطيفة : هذه المرأة التي تقيس كلامي بالمسطرة ، وتكلمني من وراء منديل ، خشية أن اصيبها بعدواي .
ينقصها أن تفاجئني وهي مريضة :

ـ أنا مريضة بكَ ، ولا اريد منكَ سوى أن تلف وجهي بأنفاسكَ لأتمتع بموت عميق ..

آه ،
لم يتغلب الجمال كله على جمالكِ ،
ولا اعرف ماذا فيكِ لأنجو من هذا الدوران حولكِ : احجّ اليكِ ، بلا موسم ، وأرمي كل جمال ، سواك ، بالحجارة .

ربما
كان وجهكِ البريء ،
وجهكِ الشيطاني ،
وجهكِ الذي لا أجد له وصفا .

ربما
كان كذبكِ ،
ربما صدقكِ ،
ربما حزنكِ الطويل ، هذا الذي يشدني إلى عمود الشوق ، ويجلدني بسوطه .

آه ،
لو أعرف لماذا أنتِ جميلة .
ربما هي الكتبُ التي أفسدتْ عليكِ كل زواج ،
مثلما خرّبت حياتي ..



ربما ..

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced