الغائب قبل الوقت
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 20-05-2009
 
   
أدونيس
أسألتَني؟ مُتْ أوّلاً، أو فَاشْتعِل كالجُرح

واهبطْ في رمادي

واسألْ... أتَسألُ عن بلادي؟

جسدي بلادي.

من أنتَ؟ هل واكبتَ هَرْولةَ الكواكبِ

وانْحدرتَ مع السّيولِ

طلعتَ في شفتَيْ جدارٍ

زَهْرةً؟

ألَبِسْتَ أجنحةَ الفَراشةِ، غبْتَ في أحشاء صَخْرهْ

وبسطتَ راحتَكَ، افترشْتَ الشّمسَ،

صِرْتَ هسيسَ غابَهْ

أسمعتَ أجراسَ الجبالِ تَرنُّ في عُنُقِ السّحابَهْ؟

مَن أنتَ؟ آ ، ها... ذاتَ مرّهْ

كنّا، مشينا ذات مرّه:

أنتَ عبدُ الطّريقْ

خِرْقةٌ في الطّريقْ.

أنتَ جبّانَةٌ وعاده...

وأنا الفتْح والرّياده...

وتحت أهدابي مَدى أحضنَهْ

تَشْبَحُ، والأشباحُ والأمكنَهْ

قوافِلٌ للخبز والبقولْ

والزّهَرُ الطّالعُ والأنهارُ والسّهولْ

أحصنةٌ تشبحُ، والصّهيلْ

جرحٌ، وللجبالِ وَسْوَساتٌ...

نسَجتُ من معارجي

أجنحةٌ للصّبرِ

واحتضنتُ الينبوعَ والجُمانةَ البيضاءَ والمرايا:

يا شَجر الأيام أيّ شمسٍ

لبستَ في مداري

يا شجَر الدّوارِ،-

وقلتُ - هذي نارُنا، وهذا

سُرادِقُ الأخوّهْ

والزّمن الأعجفُ قرنُ ثَوْرٍ يَموتُ

والنبوّهْ،-

يا فُقراءَ العالم النبوّهْ

فقرٌ،

وكلُّ فقرٍ

أوّلهُ الفضاءُ -

...- رافقيهِ

يا نجمَة السّؤالِ، علّميهِ الإعصارَ والهبوطَ

في الأعالي...

وليس لي إلا دمي ووجهي

وليس لي حنينٌ

إلا لِنار الحلُم

انجحرَتَ؟

من أنتَ؟

آ ، ها ... ذاتَ مرّهْ....

مُتْ أولاً...

وُلِدتُ في عباءةِ النّبيْ

وجهيَ نارُ زوجةٍ

تحلمُ: كيف تسقطُ السّيوفُ

كيف يرجعُ الجنديّ...

وجهيَ مثلُ كوكبٍ

يحضُن كلّ جامدٍ وميّتٍ وحَيّ.

أحلمُ باسْم العُشبْ

حين يصيرُ الخبزُ كالجحيمْ

حين يصيرُ الورقُ الميّتُ في كتابِه القديمْ

مدينةٌ لِلرُّعبْ

أحلمُ باسْم الطينْ

كي أمحوَ الرّكامْ

كي أغمرَ الزّمانَ أستعينْ

بِالنَّسَم الأوّلِ، أستعيدْ

مزماريَ الأوّلَ

كي أغيّر الكلامْ.

والحلمُ اللّونُ وقوسُ اللّونْ

بعدَ رمادِ الكونْ

يُوقظُ هذا الزّمنَ النّائِمَ في بُحيرة الجَليد

أخرسَ كالمسمارْ

يُفرغه كجُرْنِ

يُسلمه للنّارْ

لِلزّمنِ الطّالع من خميرة الأجيالْ

في قدم الأطفالْ-

ألزّارعينَ بذْرةَ البَكارهْ

ألحاملين الضّوءَ والشّرارهْ.

غَسلتُ راحتيّ من حياتي -

من هذه الفراشهْ

صالَحتُ بين الدّهرْ والهشاشَهْ

كي أهجر الأيامَ، كي أستقبل الأيّامْ

أعجنها كالخبزْ

أسلها من صدأ التّاريخ والكلامْ

أذوب في نسيجها خرارةً أو رمزْ،

ففي دمي دهرٌ من السّبايا

دهْرٌ من الخطايا

يجرفُه موتي، وحولَ وجهي

حَضارةٌ تموتْ.

وها أنا كالنّهرْ

أجهل كيف أُمسك الضّفافْ

أجهل غيرَ النّبع والمصبّ والمطافْ

حيثُ تجيء الشّمسْ

كالعُشبةِ السّاحرة السّوداءْ

حيثُ تشبّ الشّمسْ

كالفرسِ الحمراءْ

حيثُ تصيرُ الشّمْسْ

عَرّافة الشّقاءِ والسّعادَهْ

عَرّافةً أو أسداً، أو نسرْ

ينامُ كالقلاده

فوقَ جبين الدّهرْ.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced