تارا الجاف..قيثارة سومر الدافئة
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 11-08-2011
 
   
نبيل عبد الأمير الربيعي
من معالم مدينة أور وآثارها ودولتها التي حكمت بلاد ما بين النهرين,قيثارتها السومرية, وهي من الرموز التراثية التي تمثل تراث العراق الفني,تلك الآلة الموسيقية التي لها إيقاع جمالي فني رائع , من شكلها الهندسي وبراعة مقدمتها ورأس الثور ,تلك الأوتار التي تعني ما مرت بها سومر من ترف وبذخ اجتماعي وسعة اطلاع بالفنون الموسيقية والفنون الخزفية وصناعة التماثيل والأختام الاصطوانية ,آله لها رهبة عند إلقاء نظرنا
عليها وهيبة في خيال الكائن الإنساني الرافديني,تضاف لها صناعة من مادة الذهب والفضة بأيد ماهرة وذوق عالي ومرصعة بالصدف البحري,حيث تمتلك هذه القيثارة من12-15 وتراً لشكلها المثلث القائم الزاوية,استخدمت في هياكل المعابد لنغمتها الصوفية الحزينة ,أول ما اكتشفت قبل أكثر من 5000 سنه في مقبرة ملكية في أور تعطي ,لعازفها الشعور بمهابة لشكلها ونغماتها الدافئة بما فيها من خشوع ومخاطبة الروح والعقل .
تعد الموسيقى غذاء الروح وقد اهتم بها العلماء في الدولة العباسية في سنوات ازدهارها ,لكن بعض المتخلفين قد حاربها وعدها رجساً شيطانياًُ, ولو نعود للماضي الزاهر نرى الفارابي من علماء المسلمين في القرون الماضية قد اهتم بالموسيقى لمعالجة الأمراض النفسية , في فترة الخمسينات من القرن الماضي كانت العوائل ذات الدخل العالي ومن الطبقات المثقفة تهتم بتعليم أبنائها اللغات إضافة لتعلم الموسيقى ليبقى الحس المرهف يصاحب الأبناء ذكوراً أو أناث ,ولو تتابع كل جرائم العالم لما اكتشفت إن بين نزلاء السجون الإجرامية فنان قام بجرم بجميع المجالات الفنية من تشكيل إلى موسيقى وخط ومسرح ونحت ..الخ. وفي فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي كانت وزارة المعارف سابقاً تهتم بدرس الموسيقى والفنون الأخرى إلا ان ناسفي الشديد قد أهملت هذه الفنون بسبب محاربتها من بعض المتعلمين الجهلة في مجال التعليم, واستغلال درس الفنية والتربية الرياضية لإكمال المناهج العلمية.
لقد اهتمت عائلة تارا الجاف ذات المستوى المعيشي والتعليمي العالي الذي هو جزء من ثقافتها بتعليم الأبناء الموسيقى واللغات الأجنبية, تنحدر تارا الجاف من أب عراقي كوردي وأم تركمانية تقول تارا الجاف للكاتبة أمل بورتر عند زيارتها بسفرة مدرسية للمتحف الوطني العراقي ومشاهدتها للقيثارة السومرية: (في رحلة مدرسية إلى المتحف العراقي فجأة التصقت عيناي وتسمرت وأنا صبية صغيرة بالقيثارة إذ سحرتني واستولت على مخيلتي , رحت أدور خلف القاعدة عرضها, وكأني أدور في عوالم سحرية لم أفهمها . كنت أعرف الموسيقى إذ تربيت على حب الموسيقى الكلاسيكسية الغربية بحكم عمل أبي في الخارجية العراقية وتجواله بين عواصم موسيقية أوروبية , حيث ألفن متاح ومباح وإصرار أمي وأبي على أن نتعلم الموسيقى كجزء أساس من ثقافتنا العامة . منذ تلك اللحظة ظلت القيثارة في أعماق قلبي مختزنة في كياني).
تارا الجاف من مواليد بغداد , سافرت مع عائلتها للإقامة في لندن عام1976 حيث عمل والدها في السلك الدبلوماسي, لأب من حلبجة كردي القومية وأم تركمانية مما أعطاها إتقان اللغتين إضافة إلى اللغة الإنكليزية. تقدم تارا الجاف الخدمة بالعزف على القيثارة للمرضى بهدف تقليل الضغط النفسي ولترويحهم, فقد أصدرت أكثر من البوم موسيقي للعزف على آلة القيثارة السومرية , إذ تعد من القلائل من الفنانات والموسيقيات اللاتي يعزفن على هذه الآلة , مع صوتها الرقيق الدافيء لتشكل ألحاناً موسيقية رومانسية. لقد جربت العزف على عدة آلات موسيقية , ومنها الماندولين والجرانكو الشيلية والكيتار والبزق الكردي و القيثارة .
فقد ابتكرت أسلوباً خاصاً بها للعزف والمزج بين الشعر الهورماني والسوراني والأغاني الشعبية الكردية, كانت تعشق سمفونيات بحيرة البجع لجايكوفسكي وشهرزاد واليسكي لكورساكوف سن العمر الخامسة وبداياتها الفنية في المدرسة الموسيقية في بغداد لطلاب بمختلف الديانات والقوميات , مما أتاح لها التواصل مع التراث العراقي ولكن البعث لم يترك هذه المدرسة تنموا بعيداً عن سموم وأفكار الشاذة مما اضطرت العائلة للهجرة إلى انكلترا , فما كان منها إلا احتضان الآلة الموسيقية لنسيان وضع العراق.
لنغمات القيثارة متعة صوفية من التشذيب وشد وإرخاء الوتر لخروج النغمات الأنيقة فقد كانت فكرتها من استخدام القوس في الصيد والحروب لتخرج النغمات بعد الضرب على وتر القوس وارخائه لتولد انغام موسيقية أثناء استراحاتهم في الصيد والهروب أثناء الحروب, مما نتج عن صناعة الآلةالسومرية من عصور خلت.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced