الحكومة لا تولي الاهتمام اللازم بالمصابين..مرض التوحد يتفشى بين أطفالنا
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 19-08-2011
 
   
سها الشيخلي
التقيته في احد مطارات اوروبا، كنت منشغلا بدفع حقائبي الثقيلة في صالة  الانتظار، وفجأة رأيته يهم بالدخول الى القاعة ويجلس بالقرب مني. ترددت  كثيرا قبل أن أتحدث معه، لاسيما وان أكثـر المسافرين لا يرغبون بالحديث مع  غرباء في المطارات.
كانت سنوات العمر قد تركت علامات في وجهه، ورعشة يده التي تبرز منها العروق، امسك بجهاز "الموبايل" وبدت عليه صعوبة ايجاد الرقم الذي يريد الاتصال به ،محاولا البحث في سترته البنية عن نظاراته –كما اعتقد-  حينها استثمرت الفرصة لأتقرب منه ، وقلت "هل أساعدك في الاتصال"؟ استغرب سؤالي ولهجتي العراقية ، وسألني "أنت عراقي " ، فقلت " بالتأكيد يا دكتور سعد " . زادت علامات الاستغراب والدهشة، ولم البث أن بحثت له عن "سارة" التي كان يريد الاتصال بها كما اخبرني حتى سألني "كيف تعرفني"؟ .
نظر نحوي  الطفل هشام البالغ من العمر 8 سنوات بوجوم وحزن وأنا أمد له يدي لمصافحته وعندما سألته عن نتيجته في المدرسة وضع أصبعه في أذنه وأدار لي ظهره، في حين لف الحزن واليأس امه، فهو الولد الوحيد بين أربع بنات ، ومن الغريب ان البنات الأربعة كلهن متفوقات في الدراسة وعلى درجة كبيرة من الذكاء، همست لي أمه إن ابنها مصاب بمرض يطلق عليه بـ(التوحد) وهو شائع في الفترة الأخيرة ويصيب البنين أربعة اضعاف ما يصيب البنات.

أم هشام تتحدث
قالت أم هشام: إن الطبيب المشرف على علاج هشام قد اخبرها بان مرض التوحد    يعتبر  من الإمراض المحيرة والتي ما زالت قيد البحث والدراسة ومراجعة الطرق التشخيصية والعلاجية،  أكتشف تزايده في العراق مؤخرا، وان سبب الزيادة هو تلوث البيئة بالمعادن السامة مثل الزئبق والرصاص الذي انتشر في الاونة الاخيرة اي بعد الاحتلال الامريكي للعراق وكثرة تواجد مخلفات كل من الجيش الأمريكي والجيش العراقي ولمدة طويلة في الساحات والشوارع والتي تم بيعها كمواد خردة (سكراب).
وتشير أم هشام الى انها اكتشفت مرض ابنها في العام الاول من عمره  من خلال سلوكيات الطفل، حيث كان يقوم  بحركات متكررة واهتمامات محددة،  مع ضعف التواصل الاجتماعي واللغوي منذ السنة الأولى، أو في حالات أخرى كان  هشام  يمر بمرحلة تطور طبيعية، كالسير والتسنين  الا انه صار  يفقد المهارات اللغوية او الاجتماعية بعد بلوغه عامه  الثاني،وتواصل ام هشام حديثها حيث تقول: وقال رافد الخزاعي أستاذ الطب الباطني في الجامعة المستنصرية  لإحدى وسائل الاعلام  إن من علامات المرض، هي عدم تواصل المصاب مع الآخرين مع صعوبة في التنفس، وملاحظة تغييرات سلوكية، وهو من الامراض القابلة للشفاء، كما انه ليس من الامراض الوراثية، ويأتي عادة نتيجة السموم في البيئة (المواد المشعة).
ويحتاج تشخيص المرض وعلاجه الى أخصائيين باطنيين، وكذلك في مجال الغدد الصماء، ونفسانيين وسلوكيين ومتخصصين في التربية او التعليم، فضلا عن مطالبات المكتبة العربية، ولا يوجد في العراق طبيب متخصص في معالجة هذا المرض، لكن هناك طبيبا عربيا واحدا في الكويت، يذهب ذوو المرضى بمرضاهم اليه للعلاج، كما توجد مدرسة واحدة في العراق، في العاصمة بغداد، وهي مخصصة لمرضى التوحد.
وأوضح الخزاعي أن تشخيص المرض يتم عبر توجيه نحو 400 سؤال الى المصاب، للكشف عن اصابته بالتوحد او بأمراض نفسية اخرى، ومن تلك الاسئلة اسمه واسم والديه، ففي معظم الاحيان لا يعرف الطفل المصاب بالتوحد أو( الانعزالية) اسم والديه، بل أحيانا لا يعرفهم تماما، وبالتالي فأن التوحد ليس (ضرب من الجنون)، ولا التشوه الذي يصيب الأطفال ،او الذين يطلق عليهم عبارة (منغولي)، وانما هو من الامراض النفسية، ويجب أن يعامل الطفل المصاب بالتوحد، معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأردف أن التوحد هو إحدى حالات الاعاقة التي تعوق من استيعاب المخ للمعلومات وكيفية معالجتها وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الطفل في كيفية الاتصال بمن حوله واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي، ويعتبر من أكثر الأمراض شيوعًا التي تصيب الجهاز التطوري للطفل.
وتشير ام هشام الى ان الدكتور الخزاعي قد ذكر  أن من اسباب المرض هي العوامل والملوثات في بيئة الطفل مثل التعرض للسموم كالمعادن السامة مثل الزئبق والرصاص والالتهابات والفيروسات، وتؤكد ام هشام أن خلف بيتهم كانت أكداس من السكراب ومخلفات الجيش وقد تكون هي السبب في إصابة ابنها بهذا المرض وقد كان في عامه الأول فقد ولد هشام عام 2003 ، وان الطبيب المعالج لهشام قد اخبرها ان الاسباب الاخرى قد تكون  اخذ المضادات الحيوية بكثرة، بالإضافة الى وجود قابلية جينية وراثية لدى الطفل تكون اسبابها مجهولة، لكن الأبحاث الحالية تربطه بالاختلافات البيولوجية والعصبية للمخ، وأردف وتعود بنا أم هشام الى ما قاله الدكتور الخزاعي عن الأعراض.
حيث يقول الخزاعي  لكن الأعراض التي تصل إلى حد العجز وعدم المقدرة على التحكم في السلوك والتصرفات يكون سببها خللا ما في أحد أجزاء المخ، كما يلاحظ أن الأطفال الذين يعانون من التوحد يعانون من حساسية من مادة الكازين (توجد في لبن وحليب الأبقار والماعز) وكذلك الجلوتين وهي مادة بروتينية موجودة في القمح والشعير والشوفان.
ويجري فحص التوحد في الدول المتقدمة بشكل مبكر عندما يبلغ الطفل من العمر 18 شهرا في مراكز متخصصة.
وذلك باستعمال اختبارات عالمية معتمدة في تشخيص التوحد، ويعتمد التشخيص الدقيق الوحيد على الملاحظة المباشرة لسلوك الفرد وعلاقاته بالآخرين ومعدلات نموه.
ولا مانع من اللجوء في بعض الأحيان إلى الاختبارات الطبية لأن هناك العديد من الأنماط السلوكية يشترك فيها التوحد مع الاضطرابات السلوكية الأخرى.
ولا يكفي السلوك بمفرده وإنما مراحل نمو الطفل الطبيعية هامة للغاية، ومن الطرق العلاجية المستخدمة والتي تأتي بنتائج جيدة هي تطبيقها منذ الوهلة الأولى لظهور الأعراض مع تطبيع البرنامج التعليمي المكثف، والتعليم والتدخل المبكر.
وقال الخزاعي ( الحديث ما زال لام هشام ) إن عدد الساعات التعليمية التي يحتاجها الطفل تقدر بنحو 40 ساعة أسبوعيا، ويفضل  عدم ترك الطفل في فراغ او مشاهدة التلفاز او الفيديو لساعات طويلة، واضاف لا بد من أن يكون هناك تنظيم للوقت واستغلاله في التعليم وتطبيق برنامج منزلي هادف، كما يوجد عدد من الأدوية التي لها تأثير فعال في علاج سلوك الطفل الذي يعاني من التوحد ومن هذا السلوك، فرط النشاط، والقلق، ونقص القدرة على التركيز والاندفاع، والهدف من الأدوية هو تخفيف حدة هذا السلوك كي يستطيع الطفل ممارسة حياته التعليمية والاجتماعية بشكل سوي إلى حد ما ولدى وصف أي دواء للآباء لابد من ضمان الأمان الكامل لأبنائهم.
إهمال للمرضى
الدكتورة أشواق عبد الرحيم رئيسة منظمة أطفال اليوم أشارت الى ان الاهمال يطال كل المرضى فكيف اذا كانوا مرضى نفسيين ، فالحكومة وخاصة وزارة الصحة لا تولي الاهتمام اللازم للأطفال المرضى بمرض التوحد فليست هناك رعاية حتى لو كانت في أدنى مستوياتها ، كما ان البلد يخلو من معاهد ترعى هؤلاء الاطفال فالكل في نظر الوزارات المعنية ومنها على وجه الخصوص وزارتا الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية تنظر للجميع بدون استثناء على انهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ، بل ازيدك علما ( الحديث ما زال للدكتورة عبد الرحيم ) ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تنظر الى المسنين على انهم من ذوي الاحتياجات الخاصة في حين انهم ليسوا مرضى بل هم في كامل قواهم الصحية الا ان ذويهم تخلوا عنهم لاسباب  هي بالتأكيد ليست صحية في اغلبها بل اجتماعية ، لذا تطالب الدكتورة عبد الرحيم إيجاد مدارس خاصة ومعاهد رعاية  لمرضى التوحد فهي الكفيلة في التخفيف عن معاناتهم ومعاناة ذويهم .
الدكتور عماد الصالحي رئيس منظمة ابناء النهرين طالب الجهات المعنية الاهتمام بالطفولة وخاصة المرضى منهم والذين يعانون من الامراض النفسية وفتح صفوفا لها في وزارة التربية للحالات البسيطة منهم ، كما طالب وزارة الصحة باستيراد الادوية اللازمة للاطفال المرضى وفتح مشافٍ خاصة بالأمراض النفسية، فقسم الاطفال في مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية والعصبية غير كاف ، كما طالب اهل المريض بعدم النظر الى الامراض النفسية بكونها امراضا تسيء الى تاريخ العائلة ومكانتها الاجتماعية بل التفهم الكبير للمرض النفسي والعقلي وتقبلها حالها حال الامراض الاخرى التي تصيب المعدة او العيون ، فالامر لا يحتاج الى الحزن العميق والتكتم الشديد على المرض.

الإحصائيات المفقودة
أستاذ علم الاجتماع الدكتور  سعيد رشيد يؤكد ان الاحصائيات تكاد تكون معدومة للدوائر ذات العلاقة بمرضى التوحد ذلك لان اية احصائيات نطلبها لا نجدها ليس للمرضى فقط بل لكل الإحصائيات ، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان الإدارات التي تتولى قيادة اغلب الوزارات والدوائر غير مؤهلة وليست صاحبة اختصاص والادهى من ذلك انها جاهلة بأهمية الإحصائيات التي تؤشر انخفاضا او زيادة أي مؤشر يهم حياة المجتمع ، وعن مشاعر المريض وحياته الاجتماعية يشير الدكتور رشيد الى ان من الصعوبة إدماج المريض مع مجتمعه ، ذلك لأنه بطبيعته انعزالي ويحب الوحدة ، إلا أن الدور الاكبر ينصب على جهود أسرته في اشراكه في الحياة الاجتماعية للأسرة وعدم اعتباره فردا غير سوي او ربما يشعروه من انه اصبح عالة عليهم مما يزيد من سوء  حالته النفسية ، وهنا تجدر الاشارة الى ان دور الام في حياة الطفل اهم من ادوار بقية أفراد الأسرة وهي وحدها القادرة على عدم شعوره بالوحدة او الاغتراب من مجتمعه ، وهناك حالات الى جانب العقاقير المهدئة منها استطاعة فيها الأم في تحسن حالة المريض .

هل توجد رعاية صحية للمرضى؟
مرض التوحد قد تم تشخيصه في العراق بنسب اعتيادية في ما قبل عام 2003، فقد اشارت تقارير عن دراسة اجراها معهد الدراسات في جامعة كامبردج عن مرضى التوحد في العراق بظهور حالات التوحد، إلى ان تقريرا نشر مؤخرا عن دراسة اجريت في الجامعة المذكورة اكدت ان مرض التوحد قد انتشر بنسبة كبيرة مقارنة بالتي سبقت الاحتلال واكدت الإحصائيات التي نشرت في التقرير ان مرض التوحد قد زادت ظاهرته بشكل كبير ومفاجئ حتى وصل عدد الحالات الى 75حالة لكل عشرة آلاف شخص من الأعمار ما بين 5- 11سن.
وتقول السيدة نبراس إن "5% من المتوحدين قادرون على الإبداع في مجالات الحياة المختلفة في حال تلقيهم الرعاية التأهيلية، وبتلقيهم الرعاية المناسبة والتدريب نكتشف الأطفال ذوي الابداع الخلاق، وهناك امثلة كثيرة شخصت بانها حالة توحد امثال بيتهوفن، وايضا  آينشتاين كان بعض العلماء يعتقدون انه كان حالة توحد، بالإضافة الى كثيرين آخرين ممن أبدعوا في الموسيقى او الفن او أي مجال آخر".
الظروف التي مر بها العراق ابتداء من تزعزع الامن وتحديد حركة السكان داخل مناطقها وجرائم الميليشيات، وانتهاء بالاوضاع الخدمية السيئة من انقطاع للكهرباء وعدم توفرها سوى لساعة او ساعتين كان احد العوائق في طريق تثقيف العائلة العراقية في معرفة ماهية هذا المرض وكيفية التعامل معه ، وبهذا الشأن اكدت السيدة نبراس بانه فعلا كان عائقا كبيرا قائلة ً:
" الظرف الذي مر به العراق لم يمكن الناس من التعرف على المرض ولا تشخيصه او حتى كيفية التعامل معه، إلا ان الأوضاع الأمنية بمرور الوقت أصبحت أكثر استقرارا مما مكن وسائل الإعلام من التحرك بصورة أوسع لمعرفة المرض ونقل المعرفة بدورهم الى الناس، فوسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة جعلتنا في تواصل مع العوائل وتدريبها على التعامل مع مرضاها، فأكثر من 20 جريدة واكثر من 35 قناة فضائية عربية وأجنبية زارتنا، مما كوّن نوعا من التعاون بيننا وبين هذه الوسائل في توضيح ابعاد مرض التوحد ومايحيط به من علامات استفهام، الامر الذي ادى الى حصول تثقيف كبير بشأن حالة التوحد واصبح وعي الناس اكبر بهذا المرض، واليوم بتوفر اجهزة الستلايت في المنازل حصل انفتاح ثقافي كبير جعل العوائل بمجرد مشاهدتهم للبرامج المعروضة حول التوحد  قادرين على تشخيص الحالة اذا وجدت لدى احد أفرادها، وفعلا بدأ الناس يتوافدون علينا للاستفسار والسؤال عن هذا المرض ، حتى ان العوائل في الريف بدأت تتصل بنا بسبب تشخيصها لحالات لديها يشكون بها انها حاله من حالات التوحد".
وفي العراق، تعتبر الرعاية الرسمية لهذا المرض حديثة، بحداثة تأسيس المركز الاول في العراق عام 2002، لهذا لا توجد احصاءات رسمية حقيقية لعدد الحالات في القطر، ولم يتم الى الان وضع برامج حكومية رسمية ومنهجية منظمة بخصوص تشخيص التوحد وعلاجه، ولم توفر الرعاية المناسبة لأصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة من حالات التوحد، وقد يعود السبب ايضا الى الأوضاع التي تلت عام 2003.
إلا ان مركز رامي لرعاية التوحد كان قد تلقى دعما كبيرا من جهات عدة حكومية وغير حكومية وحول نوع ومدى تعاون ودعم الحكومة ومؤسساتها لمركز الرامي باعتباره المركز الرسمي في العراق الخاص برعاية المتوحدين قالت السيدة نبراس:
"المركز وخلال فترة معينة سابقة تلقى دعما كبيرا من الحكومة ومؤسساتها ومن منظمات اخرى ايضا، فقد كان هناك تعاون وقبول من قبل مؤسسات الدولة ونشاطات كانت مستمرة بين المركز والوزارات المعنية بهذا الشأن، وحصلت استجابة بفضل الله في كثير من الامور، وقد لا يكون حجم الاستجابة من قبل هذه المؤسسات كبيرا إلا انه اسهم بشكل ظاهر في التطوير والارتقاء بمرحلة المتوحد الى مراحل اكثر تحسنا، بالإضافة الى مناهج وخطط التدريب المستمرة التي تتلقاها الحالات في مركزنا وصلت بالكثير منهم الى مرحلة جعلتهم قادرين على القراءة والكتابة في مركزنا.
وتم افتتاح مدرسة ابتدائية لطلبة التوحد من خلال مناشدتنا .. كما ان دور العوائل في مساعدة ابنائهم من التوحديين يعد احد اركان الارتقاء بمستوى هذه الحالة وحسب السيدة نبراس فان مركز رامي استطاع ادخال بعض الأمهات في دورات تأهيلية لارشادهن في كيفية التعامل مع الحالة ورعايتها.
ان رعاية حالات التوحد يتطلب مختصين وذوي خبرة في هذا المجال ، فكل حالة من حالات التوحد تحتاج لعناية وتدريب تختلف طريقتها باختلاف مستوى الحالة المرضية، مما يتطلب وجود كوادر متخصصة قادرة على التعامل مع جميع مستويات التوحد.
وتكلمت السيدة نبراس بهذا الشأن قائلة :
"ليست هناك كوادر متخصصة علميا ومهنيا في مرض التوحد، ولكننا قمنا بتدريب معلمات متطوعات من خلال ادخالهن في دورات داخل وخارج القطر لاكسابهن الكفاءة العلمية والمهنية  في رعاية هذه الحالات"

نفسي أم عضوي؟
طبيب الأمراض النفسية والعصبية الدكتور لؤي فتوح سألته المدى هل المرض نفسي أم عضوي ، وما هي الأعمار التي تصاب به فقال: التوحد عبارة عن اضطراب معقد في وظائف الدماغ المسؤولة عن التعامل والتواصل الاجتماعي، وهذا الاضطراب ينتج عن اختلال  بين مراكز الدماغ المختلفة المسؤولة عن هذه الوظائف. ولا يعرف السبب بالتحديد، لكن هناك نظريات تقول بوجود أسباب عضوية لها علاقة بالنواقل العصبية التي تنقل التعليمات الدماغية داخل مراكز الدماغ المختلفة. وهناك نظريات اخرى تفترض وجود سبب نفسي. وعليه فإن الطب لا يزال بحاجة الى تعلم الكثير عن هذا المرض ، وعادة ما تبدأ الأعراض في عمر 18 شهرا. وفي جميع الاحوال لا تتعدى عمر الثلاث سنوات  وغالبا ما ترافق الأعراض المريض طيلة حياته مع بعض التحسن، أو قد تسوء احيانا. لهذا فإن المتابعة الطبية ضرورية جدا. ويمكن ان يقلل التعليم الخاص من المضاعفات والتوحد كما يشير الدكتور فتوح
ـ لا يعني قلة الذكاء، لكن معظم الأطفال الذين يعانون منه يكون معدل ذكائهم أقل بنسب متفاوتة عن المعدل المقبول للعمر.
الا ان ربع هؤلاء الاطفال يكون معامل الذكاء IQ لديهم اكثر من المعدل الطبيعي اي ان درجة ذكائهم تكون عالية! ومن الغريب ان نسبة 10% من هؤلاء الاطفال يكونون اذكياء في مادة الرياضيات! كما ان هناك علاقة طردية بين اعراض المرض ومعدل الذكاء، أي ان المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة يكون معدل الذكاء لديهم اقل. وكلما كان معدل الذكاء لدى الطفل منخفضا نحتاج الى خبرة أعلى لتشخيص التوحد.
ويؤكد الدكتور فتوح:  يوجد طيف واسع لأعراض المرض يتراوح بين أعراض طفيفة بحيث يعيش الشخص حياة طبيعية لا تقوده أو تقود أهله لطلب المساعدة الطبية،أو يعاني المريض من اعراض شديدة طيلة حياته ويصبح معتمدا على غيره للتمكن من العيش. وعليه فإن الطب الحديث يعتبر التوحد مجموعة من الاضطرابات يسميها حرفياً «اضطرابات طيف التوحد» Autism Spectrum Disorders. وهي عدم القدرة على تبادل الافكار والآراء أو المعلومات عن طريق الكلام أو الكتابة أو الاشارات. ولا يستطيع الطفل المصاب النظر الى الآخرين عينا بعين ووجهاً لوجه. وعندما يقوم الطبيب بفحص الطفل فانه يناديه باسمه يشير الى لعبة في الغرفة ويقول له (انظر هناك لعبة). لكن الطفل المريض لا يستجيب ولا ينظر.
وقد يفقد الطفل منذ البداية القدرة على التصريح Protodeclarative pointing أو الإشارة بإصبعه إلى الاشياء التي تثير انتباهه، أو ترديد اسمها. وقد يفحص الطبيب هذه المسألة بالطلب من الطفل الاشارة الى المصباح مثلاً... فالطفل العادي يقوم بالاشارة الى المصباح وفي الوقت نفسه ينظر الى وجه الطبيب. لكن الطفل المصاب بالتوحد لا يفعل هذا. وتكون هذه الاعراض مصحوبة بتأخر الكلام.
و يبكي من دون سبب معروف للآخرين. واحيانا لا يستجيب الى أي طلب ، وهذه حالة يجدر بالطب ان يدرسها في المستقبل لعله يجد العلاج .

الصحة: أرقام الإعلام غير دقيقة
في اتصال هاتفي أجرته المدى مع الدكتور عماد عبد الرزاق المستشار الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة اشار الى  ان خبر الزيادة  في حالات مرض التوحد في العراق الوارد عن لسان الدكتور رافد الخزاعي غير دقيق ذلك لان الخزاعي لا حق له بالتصريح عن مرض التوحد كونه لا  يحمل اختصاصا للطب النفسي بل فقط اختصاصه الطب الباطني في الجامعة المستنصرية ، واوضح الدكتور عبد الرزاق ان على وسائل الاعلام ان تتوخى الدقة في نشرها للاخبار مهما كان مصدرها .
وختاما نود الاشارة الى ان وزارة الصحة تهمل صحة الفرد مهما كان عمره بعدم متابعة اي مرض يشار اليه في الصحف المحلية ، وان مستشفياتها تشهد تردي الخدمات الصحية بكل اشكالها ، مع نقص حاد في عدد المستشفيات وندرة كبيرة في الادوية والمستلزمات الطبية  وهذه حقيقة يعرفها القاصي والداني وليست بخافية على احد.
مع وزارة العمل
وأوضح مدير عام دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة فارس عزيز للمدى ان للدائرة 17 معهدا خاصا لذوي العوق العقلي والنفسي ، وان مرضى التوحد يندرجون ضمن مرضى العوق العقلي والنفسي كونه مرضا يصيب اجزاء من الدماغ كما تشير التقارير الطبية ، لذلك الخدمات التي تقدمها تلك المعاهد هي فقط خدمات صحية اما التعليمية فان المرضى غير مشمولين بالتعليم ، ويشير عزيز الى ان للوزارة معهدا هو دار الحنان ويقدم خدمات إيوائية وصحية لمرضى متوسط وشديد العوق ، ولدينا فروع له في المحافظات .

التعليم العام
وأكد مدير التعليم العام عادل عبد الرحيم أن مرضى التوحد غير مشمولين بالتربية الخاصة كون المرض ناجما عن قصور عمل الدماغ او جزء منه ،وان الطفل لا يستجيب للتعليم ويعاني من حالة نفسية وعقلية تعيقه عن الدراسة كما ان المريض يمتاز بشرود الذهن ، ولدينا صفوف التربية الخاصة تشمل الحالات البسيطة من العوق منها على سبيل المثال قصر النظر او قليلو الذكاء ، ويقترح مدير عام التعليم تشكيل لجان خاصة من الوزارات المعنية لدراسة الموضوع وفتح صفوف للحالات البسيطة من هذا المرض ، كما على اللجنة المقترحة الاستفادة من تجارب الدول الاخرى في مد يد العون للاطفال المرضى .

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced