بعد بيعها في أسواق "الهرج".. الكتب بين امتهان العامة وإحباط المثقفين
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 29-05-2009
 
   
الديوانية (آكانيوز)-
يتعرض الكتاب اليوم في العديد من المدن العراقية إلى مظاهر ابتذال وامتهان وإساءة كبيرة، وهو يباع بالعشرات في أسواق "الهرج" ربما تفوق ما تعرض له على أيدي المغول أو التتار الذين اغرقوا نهر دجلة بأمهات الكتب العريقة.
وتتجسد صور ابتذال الكتاب والإساءة إليه، بأبشع صورها برأي المثقفين على الأقل، من خلال قيام بعض الباعة بافتراش أرصفة الأسواق، وهم ينادون بعلو صوتهم لجذب أكبر عدد من الزبائن، (الله يديمك يا رخص.. تلث كتب بألف)، أو (الحك يا ولد.. كتاب بربع).. على غرار (حاجة بربع) التي قد تكون هذه (الحاجة) مجرد مشط أو فرشاة أسنان أو قلم جاف أو حتى صابونة من النوع الرديء.
وتكمن المفارقة العجيبة، بين الامتهان والابتذال الواضح للكتاب وما يتعرض له على أيدي هؤلاء الباعة، وبين ما تعرض له من كارثة ألمت بأمهات الكتب على أيدي المغول، انه في الحالة الثانية بقي الكتاب محترما ومتمتعا بهيبته بل دفع ما أقدم عليه المغول أو التتار، بالمؤلفين والكتاب والعلماء إلى معاودة الكتابة والتأليف من جديد، وربما بدافع أكبر وهمة لا تدانيها همة، أما اليوم فأن الكتاب ومن خلال طريقة البيع هذه بات يفقد هيبته ومكانته، إلى الحد الذي أصبحت أوراقه وسيلة لـ (لف) اللحم والخضار في الأسواق الشعبية، أو الكرزات أو الحلويات، إذ لا تخلو (بسطيّة) الباعة منها.
حسين سلمان طالب جامعي، وعاشق للكتاب والمكتبات أكثر من عشقه للفتيات أنفسهن، قال لوكالة كردستان للأنباء(آكانيوز) إنه "في الوقت الذي يسعدني أن تنخفض أسعار بعض الكتب إلى هذه الدرجة، بحيث يباع كل ثلاثة أو أربعة كتب بألف دينار، لأن ذلك يتيح لي شراء أكثر عدد من الكتب، إلا انه في الوقت نفسه يؤلمني كثيرا طريقة عرض الكتب أو بيعها بهذه الطريقة المهينة والمبتذلة".

وأما شيخ الأدباء والمؤرخين في الديوانية الباحث عبد الكاظم البديري فوصف هذه الطريقة في بيع الكتب بأنها"استهتار بالقيم والأخلاق الأدبية، لأنه ينبغي أن يبقى الكتاب دائما وأبدا ذلك الإكسير الذي يحمل كنه الحياة ويبثه في عروقنا، ليميّز بيننا وبين الآخرين الذين ليس لهم علاقة أو صلة مع الكتاب".
واستطرد متسائلا "ألسنا نحن أمة (اقرأ)؟.، أو ليس القراءة وليدة الكتاب أو هي نتاجه؟. أو بعد هذا الاستهتار ببيع الكتب تبقى للكتاب هيبة ومكانة، فيكون للكاتب والقارئ معا، ذات الهيبة والمكانة؟!".
وأختتم حديثه بالإجابة على تساؤله الأخير قائلاً "لا أظن ذلك، في ظل طغيان الفديو الكليب والستلايت وألعاب الكومبيوتر".
ودعا مدير البيت الثقافي في القادسية ماجد البصري من خلال وكالة كردستان للأنباء(آكانيوز)، كافة "الجهات ذات العلاقة وخاصة الطبقات المثقفة ورواد الكتب والمكتبات للعمل على منع انتشار هذه الظاهرة غير الحضارية بأي وسيلة مشروعة، أو على الأقل مقاطعة باعة الكتب بهذه الطريقة المبتذلة والعمل على نشر الوعي الثقافي والإكثار من إقامة المعرض الخاصة بالكتب، وتنبيه القارئ إلى السلبيات التي تنطوي عليها عملية بيع الكتب بهذه الطريقة المهينة، كأضعف الإيمان".
من جانبه قال حسين الشريفي أحد باعة الكتب في النجف على طريقة (حاجة بربع) إنه " لا يرى أي ابتذال في البيع بهذه الصورة".. مستطرداً "بل على العكس تماما انها تتيح الفرصة لأكبر عدد من القراء إمكانية اقتناء الكتب وشرائها، والوسيلة لا تهم ما دام الهدف مشروعاً وجيداً".
ويبدو أن هذه الظاهرة غير الحضارية، باتت خطراً محدقا بواقع الكتاب والمكتبات ولا يرتضيها معظم القراء ولا حتى الكتّاب الذين بذلوا جهودا استثنائية في تأليف كتبهم، لتباع مؤخرا بهذه الطريقة الهابطة، وكأن الكتاب مجرد (علبة كبريت) أو (مشط) ليسا حتى من منشئ أصلي بل (تقليد).. انها ظاهرة تؤشر حالة سلبية مثلما تؤشر تراجع الاهتمام بالثقافة والقراءة في ظل طغيان الفديو كليب والفضائيات وألعاب الكومبيوتر، والسطحية في مختلف جوانب حياتنا.. مثلما تؤكد الحاجة الملحة للإكثار من معارض الكتب المتخصصة التي تشارك فيها دور النشر لعرض النتاجات الفكرية المحلية والعربية والأجنبية بصورة لائقة ومحترمة.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced